السبت، 27 أبريل 2013

يبن الهداة الغر- في مولد الإمام الحسين عليه السلام

يبْن الهداة الغرّ

نظمها سماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني

في ذكرى مولد الامام الحسين عليه السلام

………………………………….

 

أكاد للوجد ومرّ الفراق

أطير شوقاً نحو أرض العراق

أكاد للسكرة رغم الوثاق

أجبّ ذا الكون بخطف البراق

* * *

دعني ولا تعتب على العاشقين

يا صاح فالحب لباب اليقين

وهو سبيل الحق للسالكين

وفي دنا الأوهام حبلٌ متين

* * *

فاشرب كؤوس الخلد قبل الفوات

واطرب ولاتخش دنو الممات

فسكرة الوجد سبيل النجاة

فلا تبح سرّ الهوى للـغفاة

* * *

إني أيا صاح شربت المدام

من قبل أنفاق الدجى والظلام

شربتها في المهد قبل الفطام

وبعد ذا من كأس خير الأنام

* * *

والله لو قطعني الماكرون

وداس أشلائي السرى الغافلون

ما حِدت عن قوم هم الصادقون

منهم حسين السبط والعالمون

* * *

يا راسم الدرب لركب الأباة

نحن على نهجك يبن الهداة

يا صرخة فوق عروش الطغاة

يا ثورة الحق على المحدثات

* * *

لم تنسك الأيام يبن البتول

ولم يدانيك ظلام الأفول

فأنت فوق الأفْق يبن الفحول

وفوق طيشٍ لسهام العذول

* * *

أنت سلامٌ فوق سفر الدهور

أنت هدير فوق جور القصور

أنت نسيم فوق ماء البحور

أنت قضاء فوق زحف الشرور

* *

يبْن الهداة الغرّ يبن الكرام

قد لعبت بالدين أيدي اللئام

وعاد باسم الحق جند الظلام

وأودع السجن دعاة السلام

* * *

لو جئت ذا اليوم لقال الشقاء

هذا كفورٌ أين منه القضاء

ولستبيحت منك باسم السماء

والحق يا مولاي حتى الدماء

* * *

زماننا هذا زمان عجيب

فيه حماة الشاة فهدٌ وذيب

وفيه للعلياء شمرٌ خطيب

فيا لعمري كل شيء مريب

* * *

وعود كذب كبريق السراب

وعيش ذلٍ فوق ربع الخراب

سبائك التبر لشيخٍ وشاب

ومن أبى فالسيف مسك الخطاب

* * *

قد ألبس الشك لباس اليقين

وصيّرالكفرإلى الناس دين

وقيل بعد المكر للغافلين

هذا سبيل الحق والسالكين

* * *

أين الهدى والعدل أين الوداد

أين التقى والطيب أين السداد

نشكو إليك الله رب العباد

مانحن فيه اليوم باسم الرشاد

 

…………………………………………………………………..

@ يا نور الله الزاكي الأزهر- في مولد الإمام الحسن المجتبى

يا نور الله الزاكي الأزهر

نظمها سماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني

في مولد الإمام الحسن المجتبى عليه السلام (شعر شعبي)

*****************************

محتار بوصفك واتفكّرْ … يامن نبعك نبع الكوثرْ

 

ياجود الهادي وإحسانهْ .. يانور الله الزاكي الأزهرْ

 

ياوارث كل بحر علومهْ .. وكل منهاجه العالي الأنورْ

 

يبن الطود البي نتباههْ .. ذاك الشافع يوم المحشرْ

 

ذاك المعروف بصولاتهْ .. المايوم ابسوح الحق أدبرْ

 

حقّك لو تطرب يا شيعيْ .. إبمولود إبن الزهرة الأكبرْ

 

ذاك البشّر بيه الباريْ .. وسمّا لأهل الودّ إبْشبَّرْ

 

يعني الحُسن بكل أبعادهْ .. وكل ما بي من طيب الجوهرْ

 

مدري شلون القايس بينهْ .. وبين الماكر ذاك المُغتَرْ

 

فرعون الشام ودجّالهْ .. الطاغوت البي كل شر يفخرْ

 

…………………………………………………………..

@ أيا حجة الرحمن-حول المهدي المنتظر عج

أيا حجة الرحمن

نظمها سماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني

حول الامام المهدي المنتظر (عج)

……………………………………

قد جاء يركع في محرابكَ القدرُ .. وأنت للمجد أهلٌ أيّها القمرُ

وقد أتتكَ ودمع العين منهملٌ .. تشكو إليك أساها الآيُ والسّورُ

فذا هو الحق بعد العز مضطهدٌ .. قد نال منه لجهل الأمّة الشرر

والعدل أضحى شعارا يستعان به .. مكرا إذا ما تهاوتْ في الوغى الزبر

والعلم قد صار في كفّ الهوى شَرَكا .. به النفاق لحكم الجور ينتصر

والمتقون ذوو الألباب في نكدٍ .. من الحياة هو الإعصار والكدر

فارْفعْ بعزمك سيف الحقّ منتصرا .. فالدين قد كاد للأهواء يندثر

قد راح يلعب فيه الماكرون ومَنْ .. قد هزّهُ لدجى أحلامه البطر

ونحن فوق ربى الأعواد مدرسة .. تتلى بها من عظيم الحكمةِ الدرر

لكنما الفعل من أجل الهوى شطط .. والعزم للوهن مفلولٌ ومحتضر

فإنقذ أيا حجة الرحمن أمّة مَنْ .. قد كان للحق نورا فيه يُفتخر

حتى مَ يبْن الكرام الغرّ منتهبٌ .. منكم تراث بأيدٍ كفها قذر

حتى مَ نحن نعيش الذلّ في وطن .. قد راح يُرْهِبُ فيه المؤمنَ الشررُ

حتى مَ صبرُك والأوغاد قد هدمتْ .. كم من عروش بها الآفاق تزدهر

حتى مَ يلعب بإسْم الدين طاغية .. ويدّعي الحقّ وهو الكفر والغرر

حتى مَ في كعبة العشاق يحكم مَنْ .. هو الضلالة والأحقاد والضرر

 

………………………………………………………………

@ محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم

نظمها سماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني

في مقام خاتم الانبياء المصطفى صلى الله عليه وعلى آله الأطهار

………………………………………………………………..

 

محمّد سيدٌ للعرب والعجمِ .. وصاحبُ الراية البيضاء للقيمِ

 

محمّدٌ ذاك نور الله أرسله .. للعالمين ضياءٌ في سما القِدم

 

محمّدٌ المصطفى الهادي إلى قمم .. هي الرشاد لعرش الله ذي النعم

 

محمّدٌ يا له من معجز جمعتْ .. فيه المظاهر طراً في سنا الكلم

 

محمّدٌ مَنْ بليل الوصل شرّفه .. ربّ البريّة بالآيات والحكم

 

محمّدٌ مَنْ لقربٍ في معارجه .. ساد الخلائق في إشراقة العِظم

 

محمّدٌ مَنْ سمى في أفق طالعهِ .. فراح يرسم شرع الله للأنم

 

محمّدٌ مَنْ بآفاق الخلود لهُ .. عرشٌ تفرّد بالإحسان والشيم

 

محمّدٌ فوق ما للعقل من عظم .. وفوق ما لفؤاد الصبّ من نغم

 

محمّدٌ الحبّ نورُ الله أنزله .. للعالمين سلاما دائم السيم

 

………………………………………………………………

@ طربت لمولد عرشها العلياء

طربت لمولد عرشها العلياء

نظمها سماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني

في مولد خاتم الأنبياء والمرسلين (ص) وفي ختامهاالكلام عن المهدي المنتظر

****************************

طربتْ لمولدِ عرشِها العلياءُ .. وتفاخرتْ بوليدِها الغبراءُ

وأتتْ كأسْراب الحمام يقودها .. نحو الحبيب مليكِها السُفراءُ

فهوت على دار السلام ملائكٌ .. لتزفّ بشرى الحقّ وهيَ ثناءُ

وتسابقتْ في قربها نحو الهدى .. لمزيدِ فيضٍ صفوةٌ أمناءُ

لتنالَ من عرش الخلود صحيفة .. من بعض أحْرفِها الجنانُ سناءُ

فمحمّدٌ عرشٌ ولوحُ صحائفٍ .. قلم الوجود بنورهِ وضّاءُ

جمع الكلام بكلمةٍ في طيّها .. طرّ العوالم ألفُها والياءُ

روْحٌ وريحانٌ وقدسُ حضيرةٍ .. لسناء طلعتِها الوجودُ بهاءُ

اِختارهُ لهدى العوالم ربّهُ .. والكونُ لمْ تنطق به الأسماءُ

فله الولاية في ميادين العلا .. ولعظمَها كشفتْ له الأنباءُ

بل كان ظلاً للحقيقة كلها .. قطبا يدور بأفقه الإنشاءُ

فهو السلام بما له من خلوةٍ .. ليلُ الوصال وفعله الأنواءُ

قد كان في كلّ العوالم رحمة .. تهدي إلى الرضوان فهوَ عطاء

فمحمّدٌ سفر السلام لِمَنْ هوى .. قرباً به عند الإله رواءُ

وهو الذي في العالمين مشفعٌ .. يوم الحساب إذ القلوب هواءُ

قد كان للسلاكِ طيفَ معارج .. سبعُ الطباق لفيضهنّ غناءُ

النهجُ منه لدى اللبيب مدارسٌ .. والفعل منه عدالة وبناءُ

قد كان في نفق الظلام منارة .. أفق السماء بنورها وضاءُ

قد كان رباً للمعارف كلها .. باذن الإلهِ فمَنْ هُمُ العُظماءُ

فالخلق منه بما رواه مليكهُ .. عِظمٌ هو الآياتُ والأسماءُ

فدنا لأقواس اللقاء وقلبهُ .. لسناء ذات الحقّ منه فناءُ

لا يرتقي لسماءها مَنْ في الورى .. فهي المشيئة والحجابُ قضاءُ

فبحقهِ وبحقّ حيدرة العلا .. وبحقّ شمسٍ إسْمُها الزهراءُ

ندعوك يا ربّ المواهبِ كلِها .. بدعاء من هم سادةٌ أمَناءُ

فاسْلكْ بنا في كلّ مسلكِ ظلمةٍ .. نحو السلام ففي السلام رواءُ

واجْعلْ لنا من أمرنا رشدا لما .. نطقت به الآيات فهيَ علاءَ

@ صباح لا يدانيه الظلام

صباح لا يدانيه الظلام

نظمها سماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني

في الإمام المهدي المنتظر عج

*********************


صباحٌ لا يدانيه الظلامُ .. وجسـمٌ لا يعانقه السقامُ

 

وصرح قد تجلى فوق عرشِ .. لآفاق المنى فهو النظام

 

فذاك النور في أفق رفيع .. بعيد الغور إنْ رفع اللثام

 

له يومٌ به الأكوان طراً .. ستلقى مجـدها فهو التمام

 

فيا حسناء كفي اللوم عني .. إذا ما هبّ للعود الغرام

 

فإني هائمٌ لكنّ وجدي .. فريدٌ لا يخالطه المدام

 

فكم قد عشتُ في ليل طويل .. طروبا والهوى عرشٌ يقام

 

فناغيتُ الثريا في علاها .. وناغتني بما فيه المرام

 

فأسْهرْتُ العيون رهين شوق .. عقودا والسرى تعِبوا فناموا

 

فيا لله كم قد بات قلبي .. حزينا وهو صبّ مستهام

 

يطوف الكون في سفر المعالي .. بحورا ما بها ورق حرام

 

فقد شاهـدْتُ في أطياف خلدٍ .. شموسا لا يحاكيها الكلام

 

ستبدو ليلة المعراج حقا .. بصبح العدل إنْ حَكمَ الكرام

 

بطلعة قائم من آل طه .. سديد الرأي سيفٌ لا يضام

 

فذاك ابْن البتولة خير فخر .. سميّ المصطفى فهو السلامُ

 

@ حتى إذا ما أتى يوم الغدير ضحىً

حتى إذا ما أتى يومُ الغدير ضحاً

نظمها سماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني

في ذكرى يوم الغدير لعام 1999

……………………

 فكم سرى الليل في ركب الهوى لضمي .. وسامَرتْ أنجم العلياء ذا سقمِ

وعانقتْ شهبٌ قلباً لذي شغفٍ .. فبات مصطحبا للبؤس والوصم

وكم روى الواله المشتاق من ألمٍ .. وجد الصبابة حتى صار كالرمم

أيرتوي من حديث الوجد ذو شجنٍ .. والقلب منه بسهم الناعسات رمي

عدّي جوابا لدى الرحمن إن سئلتْ .. ريم الفلا عن قتيل في ربى الأجم

ملكت نفسا فجودي بالوصال على .. من ظنّ جودا وصال الطرف للعصم

أفديك بالمال بل بالنفس يا حلماً .. طاف الخيال فأضحى غاية الهمم

يا ناعس الطرف لي يوم الحساب غداً .. عتْبٌ على من يداوي الجرح بالضرم

فلست من حبّ عذراء أتوب ولا .. أخاف من لهَب النيران والحمم

خادعْتُ نفسي إذا ما قلت عن غضبٍ .. إني أتوب عن الحسناء في الخيم

أحبّها حبّ من لا يبتغي عوضا .. ولا وصالا إذا جفتْ يدُ الكرم

يا لائمي لا تلمْ عبد الهوى أبدا .. فالقلب في شغل والسمع في صمم

دعني أهيم بوادي العاشقين ولا .. تعْتبْ عليّ فما في النور من ظلم

ما كان ذنبا هيام المرء في نغمٍ .. والحقّ حقاً بنى ذا الكون بالرحم

بالحبّ سارتْ سماوات الإله معاً .. وحقق الحقّ ما في الكون من عظم

فالحبّ خير سبيل خطّه قدرٌ .. لو أنصف العقل في رأي وفي كلم

لو كنتُ أعلم أنّ الحبّ منقصة .. ما كنتُ أطربُ من حسن لذي نغم

طربْتُ من طيفِ مَنْ أهواهُ مبتسما .. صبّاً أهبّ إلى العلياء والقمم

طربْتُ حتى رمتني الناس من طربي .. بالجهل والهزل والأوهام والحلم

وكيف لا تطرب الألبابُ من عظم .. لولاه ما تمّ نور الله في النظم

طربْت من ذكر خير الناس كلِهُمُ .. من بعد طه سميّ المجد والسيم

علِقتُ طيفا سرى من أنجم بدمي .. مددْت طرفاً له من ساحة القِدم

علقتُه فجرى ينمو بلا قدر .. والنفس في حُجُبٍ والفلك في عدم

حتى إذا ما أتى يومُ الغدير ضحاً .. تناغمتْ نبرات الوجد والشيم

يومٌ به تمّم الرحمن منهجه .. ونزّه الشرع من أوهام ذي الوصم

علِقتُ خير نجيٍ للأمين ومَنْ .. أرجوهُ في كرَب الأهوال والندم

سناءُه من سناء الحقّ طلعته .. وقوله قولُ طه سيّدُ الأنم

هامتْ إلى قِمَم العلياء أنفسنا .. وما اسْتكانتْ إلى دانٍ من الحشم

تسعى إلى كلّ مجدٍ في سماء علاً .. يهدي إلى الرشد تواقاً إلى الحكم

يا عصمةً لذوي الألباب منزلها .. عند الإله قريبُ العهد والعصم

ذاكَ الوصيّ الذي لولا ولايته .. لأصبح الدين جسماً غير ذي نسم

وصاحب الحوض في يوم الصراط غداً .. يسقي الهداة كؤوس الخلد والنعم

وقاسم النار والجنات إن جُمِعَتْ .. طرّ الخلائق من عُربٍ ومن عجم

فحيدرٌ ما له في الخلق من شبهٍ .. غير البشير حبيب الله ذي الهمم

فحيدر المرتضى نار على علمٍ .. يضيء كالشمس في الإصباح والغسم

إنْ عدّ أهل التقى كانت إمامته .. للمتقين سبيلا واضح السيم

نمّو إليه جميعا فهو قائدُهمْ .. إلى الجنان بعزم ثابتِ القدم

وإنّ عنديَ من وجد الفؤاد جوىً .. بثثته لأمين الله في الأمم

ذاك بْنَ طه سميّ المصطفى علماً .. للمكرمات حباه الله للقيم

يبْنَ البتولة ضاق الصدر من ألمٍ .. يحز بالنفس حز السيف بالعظم

يبْنَ البتولة إنّ الحقّ مهتضم .. والصالحون أسارى البغي والتهم

يبْنَ البتولة أرضُ الله قد مُلئتْ .. بالجور والظلم والعدوان والقتم

يبْنَ البتولةِ كم مِن ظالم نصبتْ .. له الأسنة في حلٍّ وفي حرم

وراح يضرب أركان الهدى قزمٌ .. يبغي الغواية في عربٍ وفي عجم

يبْنَ البتولةِ ضاع الحق في شبهٍ .. من الدعاة باسم الحق والقلم

يبْنَ البتولةِ ساد الناكثون ومَنْ .. للقاسطين بأيام الفخار نمي

يبْنَ البتولة قلّ الآمرون بما .. جاءت به الرسل من حسنٍ ومن شيم

يبْنَ البتولة كم من ناسكٍ لعبتْ .. به العتاة باسْم السِّلمِ والسَّلّم

يبْنَ البتولة طال الإنتظار فما .. عاد التصبّر يجدي في لظى الدهم

يبْنَ البتولة لا كهفٌ نلوذ به .. ولا عمادٌ ولاعهدٌ لذي ذِمم

يبْنَ البتولةِ قمْ واسعِفْ لنا أمما .. ضاعتْ بتيهٍ من الأوهام والسأم

يبْنَ البتولةِ إن جاوزتُ في قدري .. حدّ العتاب فذا عطبٌ من اللمم

أو كان شقشقة من جاهلٍ هدرتْ .. يضيق ذرعاً من الأقدار والنظم

لله تجري مقادير الأمور وما .. في الكون من شططٍ في نظرةِ الحكمِ

……………………………………………………………………

@ ذاك الغدير بخمٍ والحجيج به

ذاك الغدير بخمٍ والحجيج به

نظمها سماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني في عيد الغدير الأغر

……………………

أمِن لهيب الهوى في عتمة الظلمِ .. سهرتَ ليلكَ والآفاق كالضرمِ

فرحتَ تسعى لإخفاء الهوى ولهاً .. تسامر الأنجم العلياء في الغسم

تعيش عزلة عشاق على طلل .. تقادَم العهد منه فهو كالرمم

ظننت سرّكَ لا دمع يبوح به .. ولا يُدلّ على الأشجان بالسقم

فكيف تخفي عن العشاق ما نطقتْ .. به السماوات والأرضون في القدم

والحبّ نورٌ من الرحمن أورثه .. قلباً تسامى لوصلٍ فهو في القمم

وراحَ يطرب من أنغامه زُمر .. من الملائك صفاً غير مخترم

وكيف لا والجوى طيفٌ له نصبتْ .. معالم الحق فوق العرش كالعلم

كلا فإنيَ لا أخفي شجون هوى .. للنفس عن فتية تصبو إلى السلم

إني أبوح بما في النفس من طربٍ .. للوالهين ذوي الأفهام والحكم

ولست أنكر ما تروي العيون وما .. قد بات مُتضحا من شدة الألم

إني أعيش غراما لست أكتمه .. ولا أريد له عذرا لدى الأنم

وكيف يعتذر العشاق عن شجن .. والحبّ سلمُ ذي الأنغام والهمم

إني أعوذ بربّ الكون من شططٍ .. يدعو لستر الهوى خوفا من التهم

دعْ من يلوذ بأوهام ملفقة .. يموت غيظا من العشاق للعظم

محّضتُ حبيَ للأطياب من مضر .. آل الرسول ذوي الألباب والعصم

فرحْتُ أطرب من ذكرى الوصيّ ومَنْ .. هو الوليد ببيت الله ذي الحرم

إمُامنا القائد الهادي إلى قمم .. هي السلام بيوم الحشر والندم

وهو الشفيع بيوم الدين إنْ نسفتْ .. مظاهر الشرك والأوهام والوصم

دعا إلى الحق في جهد وفي عظم .. حتى توارى الدجى من سطوة الخُدُم

وراح يزحف نحو الكفر في زمر .. من التقاة بيوم الكرب والصوم

حتى أحال جيوش البغي في وضحٍ .. من النهار إلى تلٍ من الركم

فأشرق البيت بالآلاء مبتشرا .. بطلعة الوتر بعد الحق ذي النعم

وغرّد الطير في أوكاره فرحاً .. يكاد يفصح لولا لكْنة العجم

واستبشر الوالهون الغرّ من نبأ .. سِفر الوجود به قد تمّ للنسم

سرى بطيفٍ له فوق العروش علاً .. شمساً بجنب غدير خير معتصم

ذاك الغدير بخمٍّ والحجيج به .. كالسيل منحدراً من قمّة القمم

لولم يصب بسفوح الأرض ما انكدرتْ .. منه المعالم حتى صار كالفحم

فأوقف المصطفى سيل الحجيج ومَنْ .. قد جاز ناداه للتوديع والذمم

وأنزلَ الله بلغ ما أمرتَ به .. ولا تخف دَنسَ الأوغاد واللمم

فأنتَ في عاصمٍ فوق الدنا عظماً .. لايرتقي لعلاه الطيش بالغسم

فبات يصغي ذوي الألباب وانغمستْ .. عصابة البغي في تيهٍ من الصمم

كأنها من شقاق في بواطنها .. تساق للموت من إشراقة الحكم

لكنّ طه مضى فيما دعاه له .. ربّ العباد بعزم ثابت القدم

فقال يا قوم هلا قد أتيتُ لكمْ .. بكلّ خير من الرحمن ذي الكرم

وكنتُ خير نبيّ قاد أمته .. بصالح الأمر في الدارين للسلم

فمَنْ رآني لنهج الحق أسوته .. فذاك بعدي علىّ الطهر ذي الهمم

ومن رآني له موْلاً ومعتمدا .. فحيدر الغرّ بعدي مرشد القلم

فانصرْ أيا ربّ من كانت مودته .. فرضاً تلاه عظيم الآي للأنم

فليس من عجبٍ إنْ بات في طربٍ .. كلّ الوجود لذكرى خير معتصم

من خطه البارئ الرحمن في حجبٍ .. أنوار قدسٍ سرتْ من ساحة القدم

وخصّه بعظيم القرب فانحدرتْ .. منه المعالم كالأطياف للهرم

فاق الملائك قدساً في حضيرته .. وساد ما ساد بالعرفان والنظم

فكان للحق فرقانا يفصله .. وفي التجلي هو القرآن للفهم

نفس الحبيب بنصّ الآي منزلة .. فالحسن نورٌ تجلى غير منقسم

وهو الخليل لخير الخلق إن سمعتْ .. أُذن الأنام بلا وقر ولا صمم

وهو الذي كان للألباب قاطبة .. باب النبيين للعرفان والحكم

وهو الذي إن أتاه الصادقون غداً .. عادوا من الحوض بالتنسيم والسنم

لله ماذا أقول اليوم في عمدٍ .. هوالغمام لبحر الجود والكرم

لا يرتقي لعلاه الطير إن خفقتْ .. له الجناح لآفاق من العظم

وهو الإمام الذي لولا ولايته .. كان السلام خيالا في دجى الظلم

وهو الذي قد تجلى بعد مهبطه .. حتى يشرّف ركن البيت والحرم

فراح يفخر بيت الله مبتهجا .. بما تشرف من إطلالة الرحم

قد كان كلمة حقّ لا مثيل لها .. إلا ابْنُ آمنةٍ في قمّة القمم

أخطأت إنْ قلتُ ذاك الطود معجزة .. وهو الوسيط لأمر الله في القدم

صلى عليه مليك الكون في زمرٍ .. من الملائكِ في الإصباح والغسم

قد تمّم الله في يوم الغدير به .. مناهج الرّسْلِ من عرب ومن عجم

وهو الذي ورث الأمجاد قاطبة .. من آدم الغرّ حتى سيّد الأنم

إن جاء طه لتنزيل الكتاب .. يكون إلا بتأويلٍ من الفهم

العالمون بأمر الله أورثهمْ .. علم الكتاب وما في اللوح والقلم

سلْ عنه خيبر والأحزاب قاطبة .. وسلْ حنيناً وبدراً عن لظى الحمم

وسلْ فراشاً لطه عند هجرته .. من بات درعاً يقي المختار في الضرم

وسلْ كتاب الهدى فيما تلى صحفاً .. من صاحب العرش في حق السنا العلم

وسلْ أحاديث صدق كلها سور .. تروى بحقّ أمين الله ذي الشمم

وسلْ قلوبا لعشاق لهم سمر .. حتى الصباح بذكر الآي والعصم

قد جاز من رسل عزا ومن عظم … فلكون منه سلام غير مخترم

منزه عن بلوغ العقل منزلة .. فكيف يهبط في وادٍ لذي صمم

وهو الذي قوّم الإسلام حين أتى .. بالسيف يهدم عرش الكفر والدهم

وهو الذي تمّم الرحمن منهجه .. يوم الغدير به في واضح الكلم

لولاه ما أصبحت آياته سلماً .. حيث الولاية للتبيين والنظم

إن لم يكن كان دين الله في حجب .. من الظلام بطيّات من العدم

دعْ مَنْ يغالط نفساً سوّلتْ شبُها .. حتى رأى الليل صبحا من شقى اللمم

سرى بأنفاق وهْم ظنها قمما .. فراح ينسب صفو المزن للصنم

@ لذكراك يا طيف الخيال -قصيدة في المهدي المنتظر عج

لذكراك يا طيف الخيال

نظمها سماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني

في الامام المنتظر عج

………………………………………………………………….

إذا ما رماني الليل أرقني الفكرُ .. لذكراك يا طيف الخيال فلا صبرُ

أبيت على جمر الغضاء مسهّدا .. أسامر نجم الليل إن أفل البدر

وإن أصبحتْ مني العيون سواهرا .. تعاودني منك الخواطر والبُشر

فأنت بجنح الليل أحلام صبوتي .. أطوف بها الآفاق إن هالني الهجر

تعالى نقضّي العمر يا خير مونس .. بوصل غرام من صبابته الخمر

نعيش بأنغام الطفولة لا السرى .. بمقياس عقلٍ قد يدنّسه المكر

ونمشي على شاطي السلام بضحكة .. كطفلين هبّا لم ينلْ منهما الذعر

ونقطف من غصن المودة وردة .. تشعّ لها الأفلاك لا البيض والسمر

ونروي أحاديث الغرام صبابة .. يموج لسرّ من صحائفها البحر

ونسبك ما يملي الفؤاد لدى الهوى .. قلائد فخر من معالمها التبر

ونروي بدمع العين للشوق إن جرى .. مرابع أرض جفّ من جمرها القطر

ونطوي بلا خوف من الجور والشقى .. أقاليم سبع لم ينلْ سفحها الغدر

لنسعد في آفــــــاق عدلٍ وعزةٍ .. ركائزها التوحيد لا المكر والقسر

بصمصام طود من سلالة أحمدٍ .. هو القائم المهدي والثائر الوتر

……………………………………………………………..

@ بزوغ الشمس في ظهور المهدي المنتظر عج

بزوغ الشمس (في ظهور المهدي المنتظر)

نظمها سماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني

*********************


ما حديث الوجد وهمٌ أو جزعْ .. أو خرافات أمان للطمعْ

 

بل ولا كان خيالا سالكا .. بذوي الأوهام في تيه البدع

 

لا ولا كان سبيلا للدجى .. يفضح المرء إذا النقع إرتفع

 

كيف لا وهو ينابيع الندى .. من سما العرفان من قبل الفزع

 

وهو نور الله في قلب التقى .. إنْ تجافى الليل والغيم إنقشع

 

إنه حبّ لآل المصطفى .. ولحكم العدل إنْ صبحٌ طلع

 

صبح آياتٍ وفخر وعلا——–يملأ الأرض رشادا إنْ وقع

 

بيد القائم ذاك المرتجى .. لبزوغ الشمس من بعد الجزعْ

………………………………………………………….

الخميس، 25 أبريل 2013

@ ما معنى قوله تعالى (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله)؟



كتبت من محاضرة صوتية ألقاها الشيخ في الكويت
السؤال الآخر في المقام هو أن هناك ما يبدو منه التعارض بين بعض الروايات أو الآيات في المقام، من جملة ذلك ما ورد في سورة البقرة الآية 284 حيث يقول الحق تعالى : (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله) هذه الآية وما شابهها من الآيات الأخرى كقوله تعالى يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم أو آثم قلبه، عند قراءتها يرد تساءل وهو: كيف يمكن أن نجمع بين كون الحق تعالى يحاسب الإنسان على ما يجري في قلبه ونفسه والحال أن هناك أخبار أو آيات أخر تقول على أن المؤاخذة لا تكون على ما يكنّ الإنسان ما لم يفعل، ما لم يقم بشيء الله تعالى لا يحاسبه وأن الجزاء بالعقاب على الأعمال لا على النيات وأن نية ارتكاب الذنب ليس ذنبا إذا كانت هناك أدلة كثيرة وأخبار لعل هناك آيات تدل على أن الله تعالى لا يؤاخذ الإنسان بضميره ونيته وفي مجال آخر يقول : يحاسبكم سواء أبديتم الشيء أو أخفيتموه فهل يمكن الجمع بين هذه الأمور أو لا يمكن الجمع بينهما؟
        أولاً يجب أن نلتفت على أن الأمور جميعا تدور مدار النية والقصد، كم من شيوعي ومشرك حاقد على الإسلام والمسلمين لو أتيحت له الفرص لقتل المسلمين جميعا وهو يبطن ذلك ويتربص الفرص لتطبيق هذا الأمر لكن الفرص قد لا تكون مؤاتية له، الشرك والكفر اعتقاد في النفس والضمير ولا يمكن أن نقول بأن المشرك مالم يفعل شيئا لا يحاسبه الله تعالى ويعتبره يوم القيامة مؤمنا.
        الأمور التي ترجع إلى العقيدة والمعتقد إذا اعتقد بها كانت إثماً، من اعتقد بأنه لا رب، من اعتقد بأن هناك شركاء لله تعالى، من كذب رسول الله (ص) أو كذب الأنبياء أيمكن أن نقول مادامت هذه نية واعتقاد في باطنه لا تترتب عليها الآثار؟ بعض الأمور ليست فعلا خارجيا حتى تصدر أو لا تصدر، المعتقد ليس فعلا، المعتقد جزم بالشيء واعتقاد به فإذن الثواب والعقاب يكون على كثير من الأمور ولو لم يستعقبها فعل كالمعتقدات وكالأمور التي يسعى الإنسان من أجل تحقيقها، إنسان يحب أولياء الله تعالى ويحب الطيبين ويحاول بكل جهده أن يقوم بما هو من وظيفته بأزاءهم وهناك من يبغض المؤمنين فلا يمكن أن نقول من أحب رسول الله (ص) ومن بغضه لا يثاب ولا يعاقب ما لم يفعل فلا يضر برسول الله (ص)، هذه أمور لا تقاس بمقا ييس الفعل الخارجي فالحب والبغض، الإيمان والكفر، النفاق والكثير من الأمور الأخرى لا ربط لها بالفعل.
        هناك شبهة واحدة يجب أن نلتفت إليها، من حاول أن يقتل شخصا مؤمنا وصمم على هذه الجريمة وما تمكن أن يقتل ذلك الإنسان أيحاسب بحساب القتلة أم لا؟ نقول كلا، فعل القتل ما صدر منه حتى يحاسب على فعل القتل فتقام عليه الحدود للقتل ولا يقام عليه الحد، من كان مصمما أن يشرب الخمر فذهب إلى السوق باحثا عن الخمر لكنه لم يحصل عليه، أيمكن أن يجلد لشرب الخمر؟ نقول كلا شرب الخمر فعل خارجي لابد أن يقدم عليه لكن من كان مصمما على أن يتجاوز الحد الإلهي فيشرب الخمر فهو فاسق في باطنه، من صمم أن يغتصب أموال الناس أو يرتكب أي جريمة صيرته في الباطن فاسقا، إذا كنا نحن موظفين أن نعامل الناس على حسب الظواهر عدالة وفسقا فالله تعالى عالم بمكنون سرائر الناس فيحاسبهم يوم القيامة على ما أكنّو من الأمور، فمن كان يصلي ليله ونهاره رياءا لمصلحة من المصالح وكان في باطنه كافرا لا يعتقد بالله تعالى، فنحن بحسب الظاهر نقول إنه يصلي ويصوم ونحكم عليه بحكم الإسلام وندخله في ميادين المسلمين أما يوم القيامة فهل الله تعالى يحاسبه حساب المؤمنين الزهاد المصلين؟ بل يحاسبه على ما يعلم منه من الكفر والإلحاد والنفاق فإذن لا تختلط الأمور.
        من حيث الدنيا فهناك أحكام تجري بحسب الظاهر ولا يجوز لأي إنسان أن يعامل أحدا على الباطن حتى حينما جاء أبوسفيان وتشهد الشهادتين الرسول الكريم قبل إسلامه بحسب الظاهر وما راح يبحث عن نية أبي سفيان وإن كان يعلم على أنه لا يحمل إلا الكفر، فالحكم ظاهرا شيء وترتيب الآثار على من عمل عملا شيء آخر.
        من نوى أن يقتل شخصا ولم يستطع لا يعاقب عقاب من قتل لكن الله تعالى سوف يحاسبه يوم القيامة على نيته الخبيثة التي كانت تتربص بالمؤمنين وما تمكنت منهم.
        فإذن لايقع خلط بين ما يقال بأن الأمور لا تترتب إلا على الفعل، كل أمر كان يتبعه فعل كأن صمم أن يقتل مؤمنا فإن قتل المؤمن يقتل بذلك المؤمن وإن لم يقتل مؤمنا لا يقتل لكنه في باطنه يريد ويحب قتل المؤمنين وهو عند الله مجرم.
        ورد في نهج البلاغة (وبما في الصدور يجازى العباد) الإنسان الذي في باطنه يحمل الكفر نقول لأنه ما قام بفعلة ظاهرة لا يحاسبه الله على كفره؟ نقول الله تعالى يحاسبه على كفره لأن الكفر معتقد باطني.
        هناك روايات أخرى تقول(إنما الأعمال بالنيات) نعم إن كل فعل يفعله الإنسان يكون تابعا لنيته فلو كان نائما وعمل عملا بدون شعور ولا علم لا يمتدح عليه ولا يذم لأن الفعل بما هو فعل لا يأخذ صفة ما لم يكن تابعا للمعتقد.
        شخصان اشتركا في معركة ، اشترك عبدالله بن أبي سلول وهو منافق يريد الغنيمة و اشترك علي (ع) ببعد المعرفة وخلوص النية حتى قال رسول الله (ص) في حقه (ضربة علي يوم الخندق تساوي عمل الثقلين) فالعمل بما هو يقيد بالنية فمن خرج مجاهدا يطلب حمارا كان جهاده على حمار ومن خرج مجاهدا يطلب امرأة يتزوجها كان ثوابه على ذلك ومن خرج لوجه الله تعالى كان ثوابه على الله تعالى، فإذن هذه الروايات لا تتنافى مع الموضوع.
        ثم يقول (ص): (وإنما لكل امرئ ما نوى ولا عمل الا بنية) نعم العمل إذا لم يكن بنية كعمل المجنون، والنائم لا يقيّم بقيمة، العمل يقيّم إذا رجع إلى نية والنية تختلف باختلاف النفس ومعارفها وإدراكها وخلوصها لله تعالى.
        وأما ما ورد (يحشر الناس على نياتهم يوم القيامة) فنقول نعم الناس لا يحشرون على أعمالهم بل على نياتهم، حينما بنى مسجدا ماذا كان يقصد من هذا المسجد، أبناه لوجه الله أم بناه للشهرة والسمعة وإذا كان بناه لوجه الله تعالى في أي بعد من المعرفة؟ وبأي بعد من الخلوص؟ شخصان كل واحد منهما يبني مسجدا، هذا يدخل بواسطته الجنات العاليات وهذا يبني مسجدا وهو من الجهال فلا يمكن أن نقيّم الفعل بما هو فعل، رب شخص أهدى إلى شخص تمرة واحدة كانت تعادل مسجدا بناها شخص برياء أو بجهل أو ما شاكل هذه الأمور حتى وصل أمر المساجد في زمان رسول الله (ص) أنه أحرق مسجد ضرار فلا قيمة لمسجد بما هو مسجد، القيمة لمن يقوم بالمسجد ولمن يعمل عمل المسجد فإذن لا مانع بين هذه الأمور وليست متخالفة مع بعضها البعض.
        هناك أمر آخر في المقام وهي الوساوس التي تمر على الإنسان، الخواطر النفسية التي قد تمر على الإنسان هذه هل يعاقب الله تعالى عليها الإنسان أم لا؟
        قالوا هذه خارجة عن نطاق القدرة وما كان خارجا عن نطاق القدرة يصبح ما لا يطاق والله تعالى لا يحاسب الإنسان على ما لا يطاق، أنا ربما أردت أو لم أرد تمرّ على في بعض الأحيان خواطر طيبة وربما تمر على في بعض الأحيان خواطر غير طيبة فمرور الخواطر لأنه بلا إرادة واختيار لا يمكن أن يترتب عليه العقاب إلا أن يقول قائل مرورها بما هو خارج عن الإختيار وما كان خارجا عن الإختيار لا تترتب عليه المثوبة ولا العقوبة لكن رب خاطرة كانت تابعة لمصادر خطورها لأنه هو في كثير من الموارد يفكر في الأمور غير الطيبة فتمر عليه الخواطر غير الطيبة ولو بدون اختيار ولأن الثاني من الطيبين تمر عليه دائما الخواطر الطيبة فيمكن أن تدخل الأمور بلحاظ أسبابها لا بلحاظ نفسها لأنه بلحاظ نفسها خارجة عن الإختيار وما كان خارجا عن الإختيار التكليف به يكون تكليفا بما لا يطاق والله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها لكن لقائل أن يقول لو أراد الله تعالى أن يعاقب على بعض الخواطر التي لها منشأ وسبب بواسطته أصبحت تخطر على هذا، ربما يمكن أن يعاقب الله تعالى عليه لكن الله أرحم الراحمين ولا يريد سببا للعقاب وإنما يريد أي مستمسك للعبد حتى يعطيه ثوابا فمن باب اللطف والمنة الإلهية لا نتصور أن الله تعالى يعاقب شخصا على الخواطر ولو كانت سيئة.
        آخر الكلام في المقام: هناك حديث مشهور ولا أظن أن أحدا لم يسمع به عن رسول الله (ص) وهو الحديث المعروف بحديث الرفع: (رفع عن أمتي تسع خصال الخطأ والنسيان ومالا يعلمون وما لا يطيقون وما اضطروا إليه وما استكرهوا عليه والطيرة في الخلق والوسوسة في الفكر في الخلق والحسد مالم يظهر بلسان أو يد) هذه الأمور وردت في روايات كثيرة عن رسول الله (ص) في بعض الروايات تسع وفي البعض سبع خصال رفعت عن أمتي.
         أرجو التوجه: كيف يمكن أن يرفع النسيان؟ ليس المراد أن النسيان يرفع أي المؤاخذة عليه رفعت أو آثارها المترتبة عليها رفعت ، هناك سؤال وهو إذا كانت هذه الأمور مرفوعة لسان الحديث لسان منة على الخلق وفي كل مكان كان الشيء منتفيا نحو السالبة بانتفاء الموضوع لا يكون منة، أنا كيف يمن الله تعالى عليّ على لسان رسوله بأن رفع عني حكم النسيان والنسيان ليس بيدي فكيف يمن الله تعالى عليّ برفع حكم النسيان والإضطرار مثلا، أنا مضطر إذا لم آكل الميتة فسوف أموت، أنا واقع في التقية و............... كيف يكون الحديث منة والمنة لا تكون إلا في أمر يمكن أن يكون يؤخذ الإنسان به حتى يمن عليه، المنة هي رفع شيء حتى تكون تمنناً
        نقول: في مثل هذه الأمور لو كانت سالبة بانتفاء الموضوع لما ورد الحديث عنها بالمنة، أنت قد تنسى لكن لو جعلت مذكرة لما نسيت ولو كنت مهتما بهذا الأمر اهتمامك بمالك وولدك وعائلتك لما نسيت فنسيانك مسبب عن أسباب،فالرسول (ص) يريد أن يقول النسيان في كثير من الموارد ينشأ عن عدم الإهتمام بذلك الشيء فإذن حتى في مسائل الإضطرار لعلها في بعض الأحيان لو جاء الأنسان بأسباب وتحذر كل الحذر عن بعض الأمور لما أصيب ببعض ما اضطر عليه فيريد الرسول (ص) أن يشير هاهنا في حديث المنة وهو حديث الرفع أن الكثير من هذه الأمور كان الإنسان قادرا أن يحذر منها لكن منة من الله تعالى وإن كان الإنسان ربما لو كان مهتما لما وقع الكثير من هذه الأمور، فليس هناك من تعارض بين كل هذه الروايات وكل واحدة منها في مجالها الخاص والحمد لله رب العالمين.

@ هل أن التوبة ترفع جميع ما تقدم من الذنوب؟



(التوبة)
كتبت من محاضرة صوتية ألقاها الشيخ في الكويت قبل سنوات
من جملة الأسئلة السؤال عن مسألة التوبة، هل أن التوبة ترفع جميع ما تقدم من الذنوب وتجعل الذنوب جميعا بحكم العدم أو أن التوبة ليس فيها ذلك الدليل الذي يدل على ذهاب كل ما تقدم، الروايات الواردة المنسوبة إلى الرسول (ص) تقول: (التائب عن ذنب كمن لاذنب له) فإذا كان التائب عن ذنب كمن لاذنب له فهل المراد من هذا على أن بالتوبة تصبح الذنوب معدومة زائلة عن النفس أو أن المراد بذلك أن الأمر يرجع إلى حكم شرعي وإذا رجع الأمر إلى حكم شرعي فلا يكون مرتفعا إلاّ ما رجع إلى الشرع أي أن ما كان من الأحكام مترتبة على الذنوب، الله تعالى بلطفه يجعلها كالعدم فالذي يرجع هو الحكم أم الواقع فلا يكون مرتفعا لأن الذي يرجع إلى الشارع هو الأمر الشرعي وهي الأحكام فمن تاب عن أي معصية لله تعالى من باب اللطف الإلهي بالعباد يرفع الأحكام المترتبة على ما ارتكب من الآثام والذنوب أما ما كان أمرا تكوينيا وهي ظلمة النفس بواسطة الذنوب التي ارتكبها الإنسان فليس من المعقول أن تكون مرتفعة فنقول أولا وقبل كل شيء ما المراد من التوبة؟
      تاب أي رجع فالتوبة رجوع إلى الله سبحانه وتعالى وإذا كانت التوبة رجوعا إلى الله تعالى فهل المراد منها أنها توبة في مقابل ذنب أو هي أعم من ذلك؟
      مما لاشك فيه أن التوبة لا تقيد بذنب فلعل المرتكب لذنب كترك واجب أو إقدام على محرم يتوب من هذه الذنوب فيسمى تائبا ولعل التارك لسبل المغضوب عليهم والضالين المتوجه إلى الصراط المستقيم يسمى تائبا لأنه ترك فرق الضالين وترك فرق المغضوب عليهم وتوجه إلى الصراط المستقيم فيسمى أيضا بالتائب وكذلك من سار بحسب خطى النفس من المسولة والنفس الأمارة بالسوء والنفس اللوامة إلى النفس المطمئنة يسمى تائبا لأنه سار بخطى الكمال من مرحلة إلى مرحلة أخرى حتى وصل إلى النفس المطمئنة، النفس ما دامت حية تؤنب الإنسان وتلومه على كل ذنب وخطيئة لكن إذا وصلت إلى مرحلة توجه الجرائم بعنوان الحسن والطيب تسمى مسولة فإذا تمكن أن يطهر النفس من هذه المراحل النفسية حتى وصل إلى مرحلة النفس المطمئنة يكون أيضا تائبا من مرحلة عائدا إلى ما أراد الله تعالى وهي النفس المطمئنة وهكذا ربما لا يكون ذنبا فمن سار من علم اليقين إلى عين اليقين وإلى حق اليقين يسمى تائبا.
      سير في مراتب اليقين،علم اليقين معرفة الحقائق بالدليل والبرهان ثم قد تترقى النفس من معرفة الحقائق بالدليل والبرهان إلى مرحلة عين اليقين لتصبح تشاهد الحقائق مشاهدة وهو سبيل العرفاء والأول هو سبيل الفلاسفة للوصول إلى الحقائق ثم بعد مرحلة من الزمن ورياضة نفسانية مستمرة تتوصل النفس إلى حق اليقين أي تصبح مثالا لتجسيد الشريعة بعلمها وعملها وهذه أيضا توبة لكنها ليست توبة من ظلمة إلى نور وإنما هي سير في خطى النور مرحلة بعد مرحلة أخرى، التوبة يقينا تحتاج إلى الندم ومن لايكون نادما لا يسمى تائبا وهي تتوقف على شروط فمن رأى من نفسه توبة إلى الله تعالى وهو اغتصب مالا ولم يرجع ذلك المال فهو كاذب في توبته، من استدان من أناس مالا ولم يرجعه فهو كاذب في توبته من ادعى التوبة وما قضى صلاتا فائتة فهو كاذب في دعواه.
      فإذن التوبة بشرطها وشروطها ومن جملة شروطها أن يصلح ما أفسد فلو كان اتهم شخصا بأمر فأذهب كرامته والآن يريد أن يتوب من شرائط التوبة أن يسعى من أجل إعادة كرامة من هتك كرامته أو من افترى عليه أو من اغتابه و....
      الآية الشريفة تقول (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبوا من قريب) الكثير يظن أنه لو ارتكب الجرائم والآثام سنين طوال ثم تاب تقبل توبته وهو عارف بأنه ببصيرة ودراية تامة يرتكب الآثام فهل تعتبر هذه توبة، كلمة إنما تشير إلى أن كلمة التوبة لا تكون لكل لاعب، الله تعالى لا يفتح الأبواب أمام المتلاعبين لكي يرتكبوا كل جريمة وإذا وصلوا إلى سن العجز أظهروا الندامة والتوبة وهناك أحاديث عن الإمام الصادق (ع) يسئله السائل يبن رسول الله هل من الممكن أن يرتكب الإنسان الآثام تلو الآثام ثم إذا بلغ من السن مبلغا وعجز عن ارتكابها تاب إلى الله قال (ع): لن يوفقوا، وكلمة لن نافية ولعلها تشير إلى نفي أبدي لأن الإنسان الذي يعمل السيئة بمعرفة ودراية فإذا وصل إلى مرحلة من العمر حاول أن يتراجع، وحاول أن يظهر التوبة ولو كان في باطنه مريدا لها يقول الإمام الصادق (ع) إنه لن يوفق لأن القلب إذا قسى والنفس إذا اسودت بالآثام من الصعب أن يتمكن الإنسان أن يرجع قساوة القلب إلى اللين وأن يرجع سواد النفس والقلب إلى البياض مرة ثانية، فالكثير من هؤلاء الذين يرتكبون الآثام ويرتكبون الفسق والفسوق والعدوان يظنون أنه بعد سن طويل حينما يصلون إلى التقاعد والكبر يرجعون إلى الله، فالكثير منهم شاهدناهم يصلحون خطأ بخطأ آخر، يأتي وبدون معرفة ولا علم يؤيد جمعا أو جمعية يظنها مؤمنة وهو يؤيد جمع المنافقين والمنحرفين لأنه بعد هذا السن يريد أن يعود إلى الله تعالى بجهل ومن شرط التوبة العلم، الخشية من الله تعالى لا تكون إلا للعلماء فكيف يتمكن آثم قضى حياته في الظلمات حينما عجز يريد أن يرجع إلى الله مرة ثانية ويظن أن بكثرة صلاة وصوم أصبح من التائبين والراجعين إلى الله تعالى فلعله اشترك في مسجد يكثر الصلاة فيه وكان إمام المسجد من أمثال الحجاج بن يوسف الثقفي ، ولهذا السبب يقول الإمام الصادق (ع) لن يوفقوا.
      هناك رواية ترتبط بمحل بحثنا وهي (حسنات الأبرار سيئات المقربين) إذا اعتبرت حسنات الأبرار سيئات بالنسبة للمقربين ويقينا يلام الإنسان على السيئة فإذا كانت حسنات الأبرار تعتبر سيئة بالنسبة للمقربين فلابد أن نلتفت على أن المراد من التوبة هي العود إلى الله باختلاف مراتب العائدين فتوبة رسول الله (ص) ليست توبة عن ذنب كما يتصور الجهال، بل كل إنسان توبته بما تناسبه، التائبون في المراتب العالية هم الذين يرجعون عن كل ما سوى الله إلى الله تعالى وليس معنى هذا أنهم يعيشون عزلة وزهداً بل معناه أنهم يستخدمون كل شيء يوصلهم إلى الله تعالى.
      فمن استخدم الجماهير للوصول إلى دعوة حق أو استخدم الأموال أو استخدم كل أداة جعلها الله تعالى على وجه الأرض لكي يتوصل بها إلى الله ويخدم شرع الله كان يسير في ركاب الحق فما يرجع إلى الله يرفعه الله تعالى في التوبة وما يرجع إلى النفس يحتاج إلى طهارة وسير وتكامل بالعلم حتى يتمكن أن يصل من مرحلة إلى مرحلة أخرى.
      كأن قائلا يقول إذن ما يرجع إلى العباد لا تفيد في حقه التوبة؟ اغتصب أموالا فذهب إلى من اغتصب الأموال منه فامتنع من براءة ذمته وهو ليس قادرا أن يرجع الأموال من بعد ما أضاعها بشهواته، إدّعى على الإنسان بطلانا وإفتراءاً والآن يريد أن يتوب وقد مات من افترى عليه، كيف يتمكن أن يتدارك ما تجاوز من الأمر، شهد شهادة باطلة ساقت إنسانا إلى قتل، وآخر إلى جلد وثالث إلى انتهاك حرمات، وحصل على الكثير من المهانات بواسطة شهادة باطلة من هذا فأين موضع التوبة من مثل هذه الحقوق التي ترجع إلى خلق الله تعالى ولاترجع إلى الله سبحانه، لو كان حكما لرفعه الله أما ما كان يرجع إلى العباد فما هو حكمه؟
      هناك روايات تقول إن الله تعالى يوم القيامة إذا وجد من عبده توبة نصوحة بشرطها وشرائطها ومن جملة شروط التوبة أن يكون عارفا بالمعروف وعارفا بالمنكر حتى يبتعد عن المنكرات ويتقرب بالمعروف وحتى يحقق ما أفسد فإذا عمل بكل موجبات التوبة عملا صحيحا سالما لكن ماذا إذا الطرف الثاني ما أبرءه الذمة أو أنه مات أو .........
      هناك روايات تقول إن الله تعالى يوم الحساب يقول للشخص الثاني الذي افترى عليه هذا، يا فلان أخيّرك بين أن يدخل النار ويعذب وبين قصر وحور لك فإن وجده لا يرضى زاده في العطا وهكذا يزيده في العطا حتى يرضى فإن الإنسان لعله يتصور أن يوم القيامة يعيش بروحية عالم الدنيا، في عالم الدنيا لعله لا يرضى لو أعطاه الدنيا بما فيها، يقول آذاني ولابد أن يؤذى، قتل ولدي لابد وأن يقتل، اتهمني لابد وأن يجازى بعمله أما في يوم القيامة فإن كل إنسان لا يفكر إلا في نفسه وفي خلاص رقبته من النار والحساب فإذا وجد أن إدخال من اعتدى عليه لا يثمر ثمرة إليه فيرى على أنه يأخذ من الله ما يعطيه من الثواب وما يعطيه من النعيم ويتجاوز عن الآخرين وكل إنسان بعد ذلك يقول له الله تعالى إن عفوت عن عبدي الذي تاب توبة نصوحة أنا أعفو عن ذنوبك فكيف يبقى مصرا وهو يخيّر بين أمرين بين أن يدخل عدوه إلى النار ولا يحصل على ما وعده الله تعالى من القصور وما وعده من العفو عن ذنوبه، لا أظن أن أحدا يوم القيامة يبقى مصرا بعد كل هذه الكلمات فإذن الحسنا يذهبن السيئات إذهابا حُكميا من قبل الله تعالى وإذهابا للنفس بتزكية النفس لإذهاب ظلماتها وبالعلم حتى تصبح نيّرة بالعلم طاهرة والله سبحانه يوم القيامة لا يترك عبده الذي رجع إليه رجوعا صحيحا سالما بطهارة نفس إلا وأن يرضى خصمه بكيفية من الكيفيات والحمد لله رب العالمين.