السبت، 24 أغسطس 2013

@ استفسار عن لعن المضلين و الظالمين والحضور في مساجد تقام على الباطل

استفسار عن لعن المضلين و الظالمين والحضور في مساجد تقام على الباطل

إسم السائل : أحد الأخوة الكرام

السؤال:

سؤال عن لعن المضلين والظالمين والحضور في مساجد تقام على الباطل

الجواب:

 الدين سلوك على منهج الصراط المستقيم بتزكية النفس و الإنشغال بالمعارف الحقة الإلهية لسعادة الدارين ولا دين لمن لم يجعل التولي لأولياء الله تعالى منهجا باتباع الانبياء و اوصيائهم الكرام و التبري من الظالمين و المضلين بجعل ذلك قرارا في مكنون سره و اعماق ضميره يحيى عليه ويموت وقد عرف الامام علي عليه السلام الشيعة في نهج البلاغة في صفات المتقين وقد نهى عن السباب وقال لا تكونوا سبابين والملعون من ابعده الله تعالى عن واسع رحمته لخبث باطنه وسوء سريرته وعمله الطالح و حقيقة اللعن الإبتعاد عن مناهج الملعونين علما وعملا و اللعن باللسان يأتي في المرحلة الثانية ويا حبذا لو كان التولي والتبري بواقع الجنان لا بلقلقة اللسان ليكون من الصدق في واقع العلم و العمل وان الانشغال بابعاد الكلمة علما وعملا في ميادين التولي للصالحين والانبياء واصيائهم الكرام والتبري والابتعاد عن رؤساء المنافقين المنقلبين على الاعقاب والظالمين والضالين لهو أولى من الانشغال بذلك لفظا وان استحق مخالفوا الحق الذين حرفوا سنن المرسلين وحاربوا اوصياء النبيين اللعن لكن الحق يقام بالدليل والبرهان والعمل الصالح ولربما يساق من اعتاد اللعن او السباب الى ما يخالف التقية في موارد لزومها مما يعود عليه او على غيره من المؤمنين بالضرر وليس كل جائز يجوز فعله في كل زمان ومكان.

 

وأما المساجد المبنية على الباطل والاكاذيب فقد ضرب الله تعالى مثالا لها بمسجد ضرار وأمر نبيه الاكرم بهدمها وحرقها وكذلك فعل علي عليه السلام في البصرة ببعض المساجد, المساجد هي بيوت الله التي أسست على التقوى وما اصبح منها محلا للظالمين والدجالين فلا تكون من مساكن القرب الى الله تعالى بل قد تكون من سبل تقوية شوكة الظالمين فإعرفوا الحق تعرفوا أهله ولا تكثروا سواد الظالمين ولو في مساجد رب العالمين, هدانا الله واياكم الى الصواب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


-- 
مع تحيات ادارة موقع سماحة الاستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني


كما يمكنكم متابعتنا على كل من 

@ الشق الثاني من الأدلة على أفضلية الأئمة عليهم السلام على الأنبياء.


الشق الثاني من الأدلة على أفضلية الأئمة عليهم السلام على الأنبياء.

إسم السائل: أحد طلاب سماحة الشيخ

السؤال:

شيخنا الأجل ماهي الأدلة العقلية 
​​
والنق
​​
لية التي تثبت أن الأئمة المعصومين أفضل من الأنبياء عليهم السلام ؟

الجواب :

الشق الثاني من الجواب على أفضلية الأئمة على الأنبياء:

 

و لمزيد من البيان في مسألة أفضلية الأئمة على الأنبياء لطلاب الحق أقول:

 

قال تعالى في كتابه المجيد حكاية عن النبي (ص) : في آية المباهلة (قل تعالوا ندعوا أبنائنا و أبنائكم و نسائنا و نسائكم و أنفسنا و أنفسكم ….)فاعتبر محمد (ص) عليا عليه السلام نفسه ولا أظن أن  بنفس رسول الله يقاس احد من الخلق و لولا ان ذلك حق لما حكاه الله تعالى عن لسان نبيه الذي لا ينطق عن الهوى فالمنزلة هي منزلة رسول الله لكن بعد تمامية الخاتمية للشرايع يكون باب النبوة مسدودا كما يأتي بيانه .

 

وقد اتفقت روايات المسلمين سنة و شيعة (بأن الله لولم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطوّل ذلك اليوم حتى يخرج رجل من آل محمد يملأ الأرض قسطا و عدلا من بعد ما ملئت ظلما و جورا) وهذا الحدث الكوني الهام الذي هو غاية بعثة الأنبياء جميعا ببعديه حقا في مقابل باطل أي أنه لبيان أبعاد شرايع السماء و بالأخص ما تحمل شريعة رسول الله من أبعاد في كتاب الله المجيد و ما تحمل سنته من أبعاد و مفاهيم و بعدها التطبيقي و هو إقامة العدل في مقابل الظلم أي بجعل الشريعة مطبقة بحكومة اسلامية لا تخشى من احد الا الله تعالى حتى يكون إظهارا للدين كله و هو الأمر الذي بشرت به جميع الأنبياء الذي يكون على يد مهدي آل محمد عليهم أفضل الصلاة و السلام فإن كل ذلك إنما يكون على يد إمام من آل البيت مع وجود نبي من أنبياء أولي العزم وهو عيسى عليه السلام التي دلت روايات العامة و الخاصة على مجيئه في آخر الزمان مع مهدي آل محمد و ما قالت الروايات يكون المهدي مساعدا له بل قالت إن الذي يقوم بالأمر في آخر أيام الدنيا هو مهدي آل محمد أضف الى ذلك الى ان الروايات تقول ان عيسى عليه السلام يصلي خلفه.

 

و إنه لتمامية مقام سيد الكائنات و أشرفيته و خاتمية رسالته ما بقي للوحي بمعنى الشريعة الجديدة من مجال و لذا ما اوحي الى احد من بعده لا لقصور في أئمة الهدى بل لخاتمية سلسلة النبوة و لذا حينما يأتي عيسى عليه السلام و هو نبي من اولي العزم لا يأتي بشيء جديد أبدا لعدم وجود الجديد بعد رسول الله و يكون تابعا لشرعه بل ويكون تابعا لمطبق الشرع من اوصيائه و الا لبشرت الروايات بإقامة العدل بعيسى و جعلت مهدي آل محمد تابعا له كوزير و مساعد و لما قالت الروايات في حديث المنزلة (انك مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبي بعدي)و الحال ان بعد محمد (ص) يأتي نبي من اولي العزم و هو عيسى عليه السلام فإذا المراد أنه لا نبوة من بعدي للخاتمية و لو كان جميع الأنبياء أئمة لما كانت من خصوصية و عظيم شأن ما خاطب الله به ابراهيم عليه السلام و هو نبي من الأنبياء بقوله (و إذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فلما اتمهن قال إني جاعلك للناس إماما…) و كذا بالنسبة لداوود عليه السلام.

 

و أكرر القول ثانية لكون سلسلة النبوة و تمام البيان و كمال العلم التشريعي قد انتهى بخاتم الرسل لعظيم مقامه حيث كان قرآنا و فرقانا و تبيانا لكل شيء بخلاف ما جاء به سائر الرسل التي كانت رسالاتهم مقيدة بكلمة البعض او من التبعيضية فلذا كان الأئمة بعد الرسول (ص) شُرّاحا و مطبقي شريعة فقط بل و يكون أيضا عيسى و هو من اولي العزم كذلك حين مجيئه مع مهدي آل محمد و ذلك لا لقصور في الأئمة عليهم السلام و لا في عيسى عليه السلام بل لخاتمية الوحي التشريعي ولذا حينما يجيء عيسى وهو من انبياء اولي العزم لا يأتي بجديد كما قلنا في حين انه من قبل ذلك كان ممن يوحى اليه و المتأمل في هذا يتوجه الى أن عدم الوحي الى الأئمة عليهم السلام هو من هذا القبيل لا لقصور فيهم عن مرتبة النبوة و لذا قال رسول الله بالنسبة لعلي : (إنك مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبي بعدي)لإلفات نظر طلاب الحق لا المصابين بحجب عناد الطائفية أن المنزلة هي منزلة النبوة لكنها لتمامية الوحي و خاتمية الرسالات لعظيم مقام محمد (ص) لا نبي من بعده حتى ولو كان الذي يأتي من بعده من أنبياء اولي العزم كعيسى عليه السلام فلا تكون له نبوة ولا يكون الا تابعا لأوصياء محمد و مطبقا لشرعه و لذا بشّر النبي بمهدي آل محمد و أنه هو الذي ينقذ البشرية من الظلم و هو الذي يحيي الأديان بعد الإندراس و ليس عيسى عليه السلام مع كونه من أنبياء اولي العزم و ما ذلك الا لعظيم مقام منقذ البشرية عج الله تعالى فرجه الشريف.

-- 
مع تحيات ادارة موقع سماحة الاستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني


كما يمكنكم متابعتنا على كل من 

@ ماهي الأدلة العقلية والنقلية على أفضلية الأئمة على الأنبياء؟

ماهي الأدلة العقلية والنقلية على أفضلية الأئمة على الأنبياء؟

إسم السائل: أحد طلاب سماحة الشيخ

السؤال:

شيخنا الأجل ماهي الأدلة العقلية والنقلية التي تثبت أن الأئمة المعصومين أفضل من الأنبياء عليهم السلام ؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قال الأعلام: اعلم أنه لا خلاف بین أصحابنا رحمهم الله فی اشرفیة نبينا (ص) على سائر الأنبياء للأخبار المتواترة بل أقول و بحكم العقل بأفضلية من له رسالة الخاتمية التي هي تبيان لكل شيء و للمعراج أو المعارج التي ما حدث التأريخ و لا شرائع السماء بحصولها لأحد و لغير ذلك من الأدلة العقلية لكن ربما وقع الخلاف في افضلية الأئمة عليهم السلام على أولي العزم من الرسل.

 

و قد أقيمت بعض الأدلة على الأفضلية على الأنبياء مطلقا و منها ما ورد عن النبي (ص): (لولا علي لم يكن لفاطمة عليها السلام كفو آدم و من دونه) و رُد ما اعترض به الرازي من أن ابراهيم و اسماعيل أبواها فلا يدخلان في هذا العموم لأن المراد النظر إلى الكفائة مع قطع النظر عن الأبوة و إنه لا قائل بالفرق بين موسى و عيسى و ابراهيم عليهم السلام.

 

و من الأدلة ما رواه المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام: (أن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام فجعل أعلاها و اشرفها أرواح محمد و علي وفاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة عليهم السلام فعرضها على السماوات و الأرض فغشيها نورهم إلى قوله هؤلاء أحبائي و أوليائي ما خلقت خلقا هو أحب إلي منهم).

 

و بما ورد عن النبي (ص): ( أن الله خلق نورا فقسمه نصفين خلقني من نصفه و خلق عليا من النصف الأخر قبل الأشياء إلى قوله (ص) ثم خلق الملائكة فسبحنا فسبحت الملائكة).

 

 هذا من حيث الأخبار المشيرة إلى الأفضلية و هناك من الأخبار ما يمكن أن يكون دليلا لوجه الأفضلية و مرشدا لمنهج الإستدلال إلى الكتاب المجيد فمن هذه الأخبار رواية عبد الله بن الوليد السمان قال: (قال لي أبو جعفر عليه السلام يا عبد الله ما تقول الشيعة في علي و موسى و عيسى عليهم السلام قلت جعلت فداك عن أي حالات تسألني قال أسألك عن العلم قال هو والله اعلم منهما ثم قال: يا عبد الله أليس يقولون أن لعلي ما لرسول الله من العلم قلت نعم قال فخاصمهم فيه ان الله قال لموسى عليه السلام : (و كتبنا في الألواح من كل شيء) فكلمة من كما تعلمون كلمة تبعيضية أي من كل شيء كتبنا في الألواح، اذن معناه ما كتبنا كل شيء في الالواح، فخاطب الشيعة فاليعلموا و ليتأملوا في مضامين الكتاب المجيد حتى لا يقع عندهم خلط و اشتباه، فأعلمنا الله تعالى أنه لم يبين الأمر كله لموسى و قال لمحمد (ص): (و جئنا بك شهيدا على هؤلاء و انزلنا عليك القرآن تبيانا لكل شيء) فستدل الامام بالقرآن على أفضلية علي (ع) على نبيين من أولي العزم فهنا اطلاق و هناك تبعيض.

 

و عن محمد بن عمر الزيات قال: (قال لي أبو عبد الله عليه السلام أي شيء يقول الشيعة في عيسى و موسى و أمير المؤمنين، قلت: يزعمون أن موسى و عيسى عليهما السلام أفضل من أمير المؤمنين، قال: أيزعمون أن أمير المؤمنين علم ما علّمه رسول الله؟ قلت نعم إن كل ما كان لرسول الله علمه عليا و لكن لا يقدّمون على أولي العزم من الرسل أحدا، قال أبو عبد الله: فخاصمهم بكتاب الله قلت في أي موضع منه قال: (قال الله تعالى لموسى عليه السلام و كتبنا في الالواح من كل شيء و قال لعيسى عليه السلام لأبين لكم بعض الذي فيه تختلفون) و كلمة من و كلمة بعض لا يؤتى بهما للكل و للجميع و في خطابه لرسول الله جاء بكلمة تبيان كل شيء و الفرق بين البعض و الكل واضح.

 

و قال في مقام آخر: (و جئنا بك على هؤلاء شهيدا و نزلنا عليك الكتاب تبيان لكل شيء) فإذا لابد من التأمل في الكتاب المجيد حتى لا تكون الأحكام تابعة للذوق بدلا من الدليل و البرهان.

 

إذن كما قال علي عليه السلام: (ان الله تبارك و تعالى أرسل اليكم الرسول و أنزل الكتاب إلى قوله فاستنطقوه) فعلينا بقدر طهر النفس و حدود المعرفة أن نستنطق كتاب الله كما استنطقه الامام الصادق في مسألة أفضلية علي عليه السلام على سائر الأنبياء.

 

و يقول الامام زين العابدين في دعاء أبي حمزة الثمالي داعيا الله تعالى أو معلما لمن يريد أن يدعو الله تعالى بالقرب: (و اجمع بيني و بين المصطفى و آله خيرتك من خلقك) و نحن بعد معرفتنا بعصمة أئمة الهدى و أنهم لا تدفع بهم دوافع الرغبات و مزالق العصبيات القبلية نجزم أنه لو كان هناك من هو أفضل منهم لما قال الإمام و هو الناطق بالحق (و آله خيرتك من خلقك) و من تتبع الأدعية سيجد الكثير الكثير منها تلفت نظر القارئ إلى محمد و أهل بيته الكرام كقولهم : (اللهم صلي على محمد وآل محمد ) و ورود الأدعية حين الإلتجاء إلى الله للتوسل بمحمد و آل محمد وفي ليالي القدر بجعل المصاحف على الرأس و التوسل بمحمد و آل محمد ولو كان هناك من هو خير منهم لوجب ذكره أو لا أقل من إشراكه في مثل هذه المناسبات وهي لمن عايش الأدعية الشريفة تبدو واضحة جلية.

 

و لعل من تتبع مثل قول علي عليه السلام: (أنا القرآن الناطق) و (نحن الكلمات التامات) وجد في أعماقها ما يرشد إلى ذلك أيضا لأن الكلمة هي ما تعرب عن الضمير و هاهنا يكون المراد منها مظاهر تجليات الحق في جميع أسمائه و صفاته أي هم مضاهر عدله و علمه و حكمته و هكذا و من كان المظهر التام لأسماء الله كان   المظهر لإسم الله الأعظم     أي كان الإسم الأعظم الفعلي و من كان القرآن الناطق كان تبيانا لكل شيء, مع الإعتذار من التأخير في الجواب.

 


-- 
مع تحيات ادارة موقع سماحة الاستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني


كما يمكنكم متابعتنا على كل من 

@ هل جميع نساء النبي (ص) طاهرات ومؤمنات؟


هل جميع نساء النبي (ص) طاهرات ومؤمنات؟

إسم السائل: أحد طلاب الشيخ

السؤال:

هناك شبهة تقول بأن 
​​
كل نساء النبي طاهرات وذلك لأن الرسول قد تزوجهن فهن طاهرات إضافة الى قول القرآن الكريم بما معناه أن الطيبين للطيبات فهل هذه الشبهة صحيح؟ نرجوا من سماحة الشيخ الأجل ان يوضح لنا ذلك ودمت في رعاية الله

الجواب:

الشبهة في مقابل البديهة كالنص في مقابل الإجتهاد وها هي أسس الشرع في كتاب الله المجيد كالشمس في رائعة النهار جاءت لضرب أركان العصبية لتأخذ بالإنسان إلى مطاف الإنسانية الحرة من كل القيود لكن أبى الإنسان إلا أن يخلد إلى الأرض وإلا فأي شبهة بعد قوله تعالى في سورة التحريم آية 10 حيث يقول : (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين) فالملاك عند الله تعالى هو التقوى كما قال إن أكرمكم عند الله أتقاكم ويوم القيامة لا أنساب بينهم والمراد من الخيانة مخالفة الحق بنقض العهود ولو كان مجرد القرب مفيدا لأفاد ابن نوح (ع) ويشير تعالى في موطن آخر باتفاق المسلمين في حق كلٍ من عائشة وحفصة في سورة التحريم آية 5 (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيرا عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيباتٍ وأبكارا) فلا ندري أي عمل كان هذا حتى يحتاج إلى هذا التأكيد من تأييد الله تعالى وجبريل (ع) وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك وقد ورد في تالي تلو القرآن بمنظار العامة وهو صحيح البخاري عن ابن عباس أنه سئل عمر بن الخطاب عن المراد بالإمرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله (ص) فقال هما عائشة وحفصة وفي صحيح مسلم ج4 ص189 ورد في تفسير الآية إن عمر سأل النبي (ص) هل طلقهما لهذا العمل فقال (ص) لا وهذا مما يدل على أن العمل كان بمنظار عمر مما تستحقا عليه أن تطلقا وفي شرح مسلم للنووي ج10 ص77 وإن تظاهرا عليه قال: هما عائشة وحفصة كما اعترف بذلك عمر، وفي موطن آخر يقول تعالى: (وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابني لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين)

 

       فامرأة مدّعي الربوبية في الجنة وامرأة نبيين نوح ولوط عليهما السلام في النار ولو كان المراد من الآية الشريفة في سورة النور الآية 26 (الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات ….) فإن ما هو المفهوم منها بحسب الظاهر البدوي لو وقع بينه وبين الآية التي تتكلم عن امرأة نوح ولوط عليهما السلام لكان من التناقض والتنافي فإذن كل ما له ظاهر بدوي يتنافى مع عقل أو نص لابد من البحث عن تفسيره وإلا فلابد من تأويله كالعرش واليد والوجه بالنسبة إلى الله تعالى وما ورد من كون الأعمى في الدنيا يكون أعمى في الآخرة أيضا وثانيا فإن الآية في مسألة نساء الأنبياء نص وما ورد في الطيبين والخبثاء ظاهر ولا يقابل الظاهر النص من حيث قوة الدلالة وأما بالنسبة إلى ما نحن فيه من الطيب والخبث فقد ورد أن المراد بالتقبيح هنا لأن الكلام عن الزنا هو أن اللائق بحال الزاني أن لا ينكح إلا زانية أو من هي دونها وهي المشركة واللائق بحال الزانية أن لا ينكحها إلا زانٍ أو من هو دونه وهو المشرك والمراد من النكاح هو العقد أو المراد من الطيب والخبث هو الإنجذاب الطبيعي للسنخية بين الأطياب والطيبات وبين الخبثاء والخبيثات بمعنى أن الخبيث ينجذب بحسب العقل والعمل إلى من يناسبه وكذا الطيب أو المراد هو الحكم الشرعي بمعنى أنه على الإنسان المؤمن أن لا ينكح إلا المؤمنة ويبتعد عن نكاح اللواتي اشتهرن بمنافيات الشرف والعفة وإن أعجب بجمالهن وأن الخبيثات يناسبهن الخبثاء من الرجال فهما على منهج وسبيل واحد أو المراد بعد كون الدنيا دار اختبار قد يبتلى فيها المؤمن بغير المؤمنة وغير العفيفة وكذا قد تبتلى المؤمنة بالزوج غير الصالح فيكون المعنى إن الله تعالى أراد أن يشير إلى أن دار الآخرة هي الدار التي يكون فيها الخبيث للخبيثة والطيب للطيبة لأن الناس تجمع مع قرناءها يوم القيامة على اختلاف مراتب الصالحين والطالحين.

 

       فلا ندري هل نصدق كتاب الله تعالى في حق زوجات الأنبياء وهو القائل (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط إلى قوله إدخلا النار مع الداخلين) أو نصدق من هم أغير على دين الله تعالى من الله المدافعين عن زوجات الأنبياء ولو بتكذيب القرآن المجيد مضافا إلى عشرات الأحاديث الأخرى في صحاح القوم التي تتعرض إلى فعل كلٍ من عائشة وحفصة وما  ورد من التحذير في قوله (ص): من هاهنا يطلع قرن الشيطان وفي حديث الحوأب الوارد في حق عائشة ويا ليت هذا كان كلاما من عالم شيعي لينتدب إليه المتبرعون في سبيل الله ويضجوا بأعلى أصواتهم إسمعوا الروافض كيف ينسبون عدم الطيب لنساء الأنبياء ومن نساء النبي (ص) من استعاذت منه فطلقها وبالجملة يكفينا لإثبات الموضوع لجريان النقاش بالنسبة إلى نساء الأنبياء ما ورد في الكتاب المجيد في حق امرأة نوح ولوط عليهما السلام وكلامنا مع المجاهدين في سبيل الله لمعرفة الحق الذين اتبعوا الرسول (ص) القائل اعرفوا الحق تعرفوا أهله لا من يريدون أن يركع الحق في أعتاب الرجال والنساء وأما القول بأن نساء النبي محمد (ص) بالخصوص كلهن طيبات لأن الرسول (ص) تزوجهن فقد قلنا كما يشهد بذلك القرآن المجيد أن مجرد كون امرأة زوجة لنبي لا يثبت ذلك وما ورد في حق كل من عائشة وحفصة بالخصوص ينفي مثل هذا المدعى وعلى المدعي أن يثبت الخصوصية بالدليل والبرهان لا بالعناد واللجاج وتفسير النصوص بالأهواء والميول ودوافع الطائفية وأحقادها سددتم للصواب.

-- 
مع تحيات ادارة موقع سماحة الاستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني


كما يمكنكم متابعتنا على كل من 

@ ماذا جرى بين والدكم (قده) والسيد الخميني؟


ماذا جرى بين والدكم (قده) والسيد الخميني؟

إسم السائل : أبو محمد

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد قرأت ما سطرته يد
​​
ك المباركة حول الاحداث التي جرت بين والدكم المقدس رضوان الله عليه والسيد الامام الخميني عليه الرحمة

ولكن جنابكم السعيد لم يتفرع ويتوسع في ذكر مجريات الامور باسهاب فنرجوا منكم تزويدنا بالكثير .
لان قرأت في احد المواقع وهو للشيخ محسن العصفور ينفي الاقامة الجبرية التي ذكرت انها حصلت لوالدكم في قم المقدسة

الجواب :

أيها الاخ الكريم ما جرى من الاحداث ليس بخفي على أحد ممن عاصر تلك الاحداث حتى قال الوالد (قده) قبل الهجوم على بيته ومسجده ومدرسته إن لم يتراجع الحكام في ايران الى شرع الله تعالى ومنهج اهل بيت الرسول الكرام عليهم السلام سأخرج من ايران مهاجرا معلنا برائتي من هذه الثورة وجميع رجالاتها وإن قتلي وقتل مئات الألوف لأهون علي من أن تلوث شريعة رسول الله بالظلم و الجور والقتل والعدوان وكتمان الحق وتضليل الحقائق ثم حصل الهجوم وقتل من قتل وأخذ المرحوم الوالد مع جميع أهل بيته وانا من جملة من عايش جميع هذه الاحداث الى قم المقدسة وبقي الوالد الى آخر ايام حياته تحت الاقامة الجبرية وما كان ذلك من غريب أمر يدّعى في حق القادة في ايران فكم له من نظير بما جرى على الاعلام كآية الله السيد حسن القمي والسيد محمد كاظم الشريعتمداري والسيد محمد صادق الروحاني والشيخ المنتظري وغيرهم من الأعلام كثير على اختلاف مراتبهم العلمية ومنهم الشيخ الرستجاري الذي جرى ما جرى عليه لمجرد انه اقام فاتحة للسيد الشريعتمداري , هذا ما عشناه مع الوالد الى آخر أيام حياته ولا أظن ان أحدا اعرف بما جرى على الوالد ممن عاش حياته معه الى يوم لقاء ربه محتسبا صابرا وهناك تفاصيل كثيرة سيأتي تفصيلها بإذن الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

-- 
مع تحيات ادارة موقع سماحة الاستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني


كما يمكنكم متابعتنا على كل من 

@ هل ورد حديث (ان المصيب له اجران والمخطيء له اجر واحد) في مصادر الحديث الشيعية؟

هل ورد حديث (ان المصيب له اجران والمخطيء له اجر واحد) في مصادر الحديث الشيعية؟

إسم السائل: أبو محمد

السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سماحة الشيخ الجليل حفظه الله

هل ورد هذا الحديث في المصادر الشيعية عن النبي ص او احد الائمة ع
ان المصيب له اجران والمخطئ له اجر واحد
(المجتهد)

الجواب:

إني ما وجدت هذا الحديث بحسب تتبعي في الأحاديث الشيعية المعتبرة وكتب الحديث المعروفة حتى يبحث عنه من حيث السند أولاً ومن حيث الدلالة ثانياً، نعم ورد في المباحث الأصولية بناء على مسلك بعض الأعلام بعنوان المصلحة السلوكية وهي بأن المصيب للواقع له مصلحتان وأجران مصلحة الواقع ومصلحة السلوك على مقتضاها ومن لم يصب الواقع فليس له إلا مصلحة السلوك وأجره لكن لا تحكم الشريعة عموماً باجتهادات الرجال والمدركات العقلية ما لم تكن من مسلّمات العقل.

 

          أجل يجب الإلتفات إلى أمر وهو أن هناك من الأمور ما هو من باب الأمور الإرشادية لا المولوية وأظن أن ما نحن فيه من هذا القبيل فإن من يبذل جهداً بصدقٍ حتى ولو لم يصب الواقع لا يضيع الله تعالى له أجر سعيه الذي بذله في الوصول إلى سبل الخير والحق وإن حرّف أصحاب المصالح المراد من مثل هذه المعاني الإرشادية حتى ولو افترضنا ورود الأحاديث فيها من حيث المفهوم أو المصداق وللتقريب الذهني أضرب أمثلة لمثل هذه الأمور فإنه عندما ورد مثلاً الخارج على إمام زمانه من البغاة وأنه تجب محاربته ما لم يرجع إلى حكم الله تعالى جاء أصحاب المصالح من الحكام وأذنابهم من وعاظ السلاطين ليحرّفوا الحديث الشريف بحسب مصالحهم فغضوا الطرف عمّن هو الإمام بحسب حكم الشرع والعقل وتركوا شرائط الإمامة الحقة ومن هو الباغي وراحوا ليعتبروا كل حاكم إماماً ولو كان شيطانا أو طاغوتاً واعتبروا كل خارج عليه باغياً ولو كان ولياً من أولياء الله تعالى آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر وراحوا بتبع رغباتهم ليجعلوا من مصاديق هذا الحديث الشريف الحسين (ع) باغياً ويزيد بن معاوية إماماً ومن الأمثلة أيضاً ما أشار إليه الرسول (ص) في حديث مشهور مسلّم بين المسلمين وهو أن (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية) حيث جعلوا كل حاكم في أي زمان هو المراد من الإمام الذي من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية وهكذا ما نحن فيه فإن العقل ليرشد إلى أن من سار على مناهج الحق عقلاً وكتاباً وسنة بعد كون النفس طاهرة زكية غير محجوبة عن شهود الحق في مواطنه وبعد كون الباحث أهلاً للإجتهاد لكونه من أهل الخبرة فإن مثل هذا الشخص إن أصاب الحق كان له أجر إصابة الحق علماً والعمل به أيضاً أي له ثواب هذا الجهد بعد كونه من أهل الخبرة والإجتهاد لكون الإنسان ليس معصوماً فقد لا يلتفت إلى شرط أو عدم مانع ولربما يكون المجتهد في أمر قاصراً من البلوغ إلى الصواب وليس بمقصر في بلوغ الغايات فمثل هذا العالم الزكي المجتهد في ما هو من اختصاصه لا يضيع الله تعالى ثوابه لعدم إصابة الواقع فضلاً من الله تعالى لسلّاك طرق الحق لطهر الإيمان واستخدام مناهج العلم الصحيحة السليمة للوصول إلى الغايات لكن لا يمكن أن نسمّي كل من هبّ ودبّ مجتهداً فالإجتهاد من شرطه أن يكون من العالم المختص بموضوعه فلا يسمى الحاكم المغتصب لميراث النبوة وهي الإمامة الحقة مجتهداً بل طاغوتاً متفرعناً كما وأنه لا يسمى من هو ليس بإمامٍ مع وجود الإمام المعصوم إماماً من حقه أن يجتهد في أمر شرعي فهذا من باب التلاعب بالمفاهيم لأن ليس من حق كل أحد أن يجتهد إلا إذا كان أهلاً للإجتهاد

 

 وثانياً: ما ادّعي في حقه من قبل أبناء العامة أنه من الإجتهاد ما كان اجتهادا بل كان مخالفة للحق بعد بيانه فمثلاً لا يسمى معاوية بن أبي سفيان بمجتهد في مقابل علي(ع) بعد كونه باغياً بنصٍ وارد من رسول الله (ص) من أنه رئيس الفئة الباغية القاتل لعمار بن ياسر رضوان الله تعالى عليهما ولو فتح المجال أن يقال لكل مخالف لواضحات الشرع بأنه مجتهد لما بقي ركن من أركان الشرع عقلاً ولا نقلاً إلا وقد هدم كما هو المشاهد لمن تتبع مواقع الأمور في ما يدعى من اجتهادات القوم ولو كان إجتهادا في مقابل نص هدانا الله تعالى وإياكم إلى الصواب وأبعدنا عن ظلمات وساوس الشياطين وتوجيهات الحكام الظالمين وأتباعهم من وعاظ السلاطين إنه ولي التوفيق.


-- 
مع تحيات ادارة موقع سماحة الاستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني


كما يمكنكم متابعتنا على كل من 

@ ما هو نظركم حول بعض الفتن الجارية في مجتمعاتنا؟

إسم السائل: د. س ف

السؤال بالكامل:

السلام عليكم شيخنا المحترم  الشيخ محمد كاظم الخاقاني

ماذا ترون فيما يجري من الفتن على الساحة في بلادنا القطيف و الأحساء وتمادي البعض في التشكيك حتى بالنسبة الى ما هو من مسلمات المذهب كحديث الكساء وغيره و لكم منا مزيد الشكر .

الجواب:

المحترم المكرم الأخ د.س ف  دام توفيقه

بعد التحية والسلام و الدعاء لكم بكل خير إنه قد وصلتني رسالتكم حول الفتن المنتشرة في المجتمع القطيفي والأحسائي وما كان من ردود فعل من قبل بعض المشايخ والأفاضل بأزاء بعض الشبه فأقول بعد الإستعانة بالله تعالى إنه مما لا ريب فيه إن ما يجري في جميع الأقطار من الفتن على صعيد الطائفة او ما هو أعم من ذلك مما يحزن القلب ولعل ذلك من جملة علائم قرب الظهور لكن بغض الطرف عن ذلك فإنه يجب ان تُلحظ الأمور بمناشئها و دواعيها حتى لا نصبح أمة تسوق الكلمات لمجرد تخفيف تأنيب الضمير و إلقاء اللائمة على الآخرين وكأن الفرد منا ليس جزءا من نسيج هذا المجتمع بما ينطوي عليه من السلبيات و الإيجابيات في حين أنا نعلم علم اليقين أن كل حدث تابع لأسبابه ولا أمر ينشأ عن فراغ ولذا كان علينا أن نتأمل في مناشيء هذه الأحداث والفتن بما لها من موجبات داخلية قبل النظر إلى ما يمكن ان يحاك من قبل الاعداء سواء كانوا من الحاقدين على المذهب من النواصب على اختلاف غاياتهم او كانوا من الطامعين بنهب خيرات هذه الأمة وسحق حضارتها لكي لا نعيش الحياة بين الأسود و الأبيض حكما نُبصر بعين ما يتخبط به الجاهلون وما يدبره أصحاب الغايات المكارون و نغض الطرف عما يتهاون فيه من عظيم الواجب أصحاب القرار والمكانة العالمون وكيف يجوز لنا أن نبادر باللوم على جاهل ساقه جهله او ماكر دفعته غايته للعدوان و نترك عالما ربما كان اولى بتوجيه العتب واللوم عليه حينما نراه يعيش صمتا او إعمالا للموازنات على حساب الحق والعدل و قد قال رسول الله (ص) : (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) وقال أيضا : (إعرفوا الحق تعرفوا أهله).

إذن يجب ان تلحظ الاحداث بتبع مناشئها لتصبح القراءة لكل حدث يُفترض خيرا كان ام شرا حقا كان ام باطلا علمية يمكن ان تثمر ثمرا لإصلاح البنى الإجتماعية لهذا المجتمع السالك مسالك الهاوية والفتن و لو بقدر ما فإن ذلك خير من ألف خطاب قد يُصبح بعد يومين من الزمن من أحاديث الغابرين بعد ان يساق الى المغالطات و الجدل العقيم حيث أن بإصلاح المسار والتواصي بالحق تُضمن الغايات ومن باب المثال في المقام نشير الى مورد ربما راح بتبع الأذواق والغايات لينظر إليه كل واحد من زاوية مختلفة كادت ألا تصب في مصب واحد حينما تهاون العالمون في رد المياه إلى مجاريها مع وضوح الأفاق لذوي البصائر و ذلك الحدث هو نهضة سلام لإحياء الامة قام بها صاحبها لتحقيق الحق والعدل ألا وهي نهضة الإمام الحسين عليه السلام التي أراد بها إخراج الأمة من ظلمات الجاهلية المتلبسة بلباس الدين حينما وصل أمر هذه الأمة أن يصبح لديها أمير المؤمنين لتطبيق رسالة خاتم النبيين (ص) شابا خليعا شاربا للخمور قاتلا للنفس المحترمة لننظر بعد ذلك هل نحن نسير بتحقيق غاية كانت محط نظر لصاحب هذه الثورة و موردا لقول الأئمة عليهم السلام : (أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا).

فذا هو الحسين عليه السلام يقول : (ألا ترون الى الحق لا يُعمل به و إلى الباطل لا يتناهى عنه وهو القائل أيضا : (إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله (ص) كي آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر) .

فأي حق يقصد عليه السلام و المساجد عامرة تتزاحم فيها الأقدام لإقامة الصلاة التي هي عمود الدين ولا خلاعة ولا تبرج تعيشه نساء الأمة ولا خمور تباع في أسواق المسلمين ولا لحم خنزير يُأكل وقد شاهد الحسين عليه السلام بنفسه و هو يودع بيت الله الحرام حشد الحجيج وقد بُحّت حناجرهم يهتفون لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك , قد قطعوا الوديان القفار قاصدين كعبة العشاق على الرغم من جميع الأخطار و تاركين الأبناء والنساء ليقوموا بعظيم واجب دعى إليه الخليل قبل الحبيب راجين بذلك فضل ربهم و أمنه يوم الحساب ونعيمه في دار الخلود.

فهل رأينا نحن على البعد كل هذه المشاهد النيرة بما تحمل من الحق و الكرامة للأمة بعد أربعة عشر قرنا و غفل عن شهودها الحسين بن علي عليهما السلام ريحانة رسول الله و إبن بنته أم أن ما نراه نحن من الحق ومظاهره لقد كان يراه الحسين (ع) باطلا كما رأى رسول الله  (ص) بمنظار العارفين مسجدا عين الضلالة والباطل فأمر بهدمه وحرقه و أنزلت في ذلك آية تحكي غضب الجبار لم تنزل في حق حانوت حيث يقول تعالى : ( والذين اتخذوا مسجدا ضرارا…) .

فيا أيها الأخ الكريم فلننظر الى كل حدث من زواياه بأنفسنا بعيدا عن إملاءات القرون و إجتهادات الرجال و تبريراتهم وتوضيحاتهم و إعطائهم الاولويات للأشياء بتبع الأذواق والغايات.

فثورة حق قد حدد غايتها صاحب الثورة نفسه وهو الإمام الحسين عليه السلام بما تقدم من البيان رحنا لنبتعد عنها و عن غاياتها يوما بعد يوم حتى أصبحت بكاءا يحجب ما وراءه من أمر أريد به إحياء الأمة بتحقيق العدل و إن كان البكاء على عظيم المصاب و ضياع القيم الرسالية وعلى نفوسنا الضائعة في ظلمات الاهواء من عظيم امر لا شك ولا ريب فيه لكن جعل الرقة بنفسها غاية بلا ان تكون سببا لإحياء النفوس ونهوض الأمة بمسالك الأنبياء و الأولياء المقربين بسير وسلوك نحو الله تعالى قد يصبح من التغافل عن واقع الأولويات ورب حج لا يقبل في وقت نداء معصوم كما حاولت الإشارة اليه في خروج الإمام الحسين عليه السلام من مكة المكرمة أيام المناسك و الحناجر تضج مرتفعة لبيك اللهم ليبك.

أجل هكذا قد تضّيع الحقائق او يغفل عن رفيع مقام الأولويات و لربما يصل أمر الأمة الى أن تصبح ألعوبة بايدي الماكرين حينما تطلق كلمة حق و يراد بها باطل كما صنع معاوية حينما أمر برفع المصاحف حفظا لعروش الجبارين و إضاعة لمناهج الاولياء المقربين حينما راحت الأمة لتقدس أوراقا بترك نداء إمام مبين هو القرآن الناطق.

فهلم معي أيها الأخ الكريم لننظر معا إلى مناشيء هذه الفتن و الشبهات في بطون واقعنا الإجتماعي و التربوي قبل البحث عنها وعمن هو من ورائها من أعداء الامة او النواصب الحاقدين على اهل البيت عليهم السلام و ذلك امر لا يرقى لشهود معالمه إلا من عرف مصادر الحق ليعرف به أهل الحق و إن مما لا ريب فيه أن مصادر الحق هي الكتاب المجيد والسنة القطعية للنبي الكريم بما جاء عن أئمة أهل البيت عليهم السلام و سيرة المعصومين بما تحكي في خطاها الحياة الكريمة للأمة صلحا و حربا وعلى صعيد الفرد والمجتمع حيث أن من عاش مصادر الحق شاهد بها مسالك الصدق تطبيقا لشرع الله تعالى عدلا بعيدا عن الإفراط والتفريط.

و الآن لننظر أين نجد أنفسنا كطائفة ترى الحق في جابنها بأزاء بقية الطوائف والأديان فإن ذلك يصبح جليا حينما نرجع الى الوراء قليلا ما باذلين قصارى جهدنا في مقابل قوم أنكروا سنن الله تعالى في أنبيائه فتركوا أوصياء الرسل و راحوا ليركضوا وراء الحكام ناسين او متناسين ما كان عليه الرسل جميعا من أوصياء حتى كان جميع الأنبياء على كثرة عددهم أتباعا يشرحون ما جاء به أولوا العزم من الرسل ولكنني لست هاهنا بصدد بيان أخطاء قوم حيث يكفينا ما نحن فيه من مزالق اقدام في مواطن السلوك حيث أنه قد أنسانا التقابل مع القوم ما هو الحق الذي هو الكتاب المجيد والسنة القطعية والسيرة للمعصومين فرحنا لنعيش القرون باذلين الجهد لمن هو الحق؟ أهو لمدرسة الخلافة او الإمامة ورحنا لنتكلم عن الفضائل والكرامات و رد الشبه الموجهة من قبل أعداء آل محمد عليهم السلام حتى راح ليضيع الحق نفسه في مطاوي هذا الصراع والتقابل بحيث اصبح المدعي الانتساب لمنهج أهل البيت عليهم السلام لا يعرف من الدين إلا بعض الفضائل والكرامات والبكاء المجرد عن الغايات, هذا إن لم تحف بعض المجالس التي تقام لإحياء أمر آل محمد (ص) ببعض الخرافات والأحلام و لو عشنا الحق كتابا و سنة وسيرة لغزونا العالم بالعلم ولما كان مجتمعنا اليوم غرضا لسهام الأعداء و محلا لتوارد الشبهات والخرافات والضياع في مسالك الجدل كما وأنه لو عرفنا الحق لعرفنا بالحق رجال الحق لا بمظاهر التقديس و رسم صور الاولياء في عالم الخيال شهودا لهم وهم أنوار و لو عشنا عصر الظهور لأصبحت الحياة علينا نكدا لأنا نريد إماما تشرق من جوانبه الأنوار الحسية يفوق يوسف عليه السلام جمالا تقطع الأيدي ذهولا عند مشاهدته في حين أن في ركب الأنبياء والمقربين والشهداء والصديقين من هو الأسود و الأبيض على اختلاف الرسل و الأولياء في إممهم.

فأيها الاخ الكريم الصمت عن الخرافات و عن مواطن الافراط و التفريط ربما راح ليدفع بالبعض لإنكار الحقائق حيث أن التطرف يسوق الى تطرف آخر و تقديس الرجال بلا موازين حق في عالم الوهم والخيال بدلا من ان يكون التقديس لرجال يعيشون حياة الامة ليخرجوا هذه الأمة من الظلمات الى النور و أن يكونوا سندا لها في مواطن الحق والعدل كما كان رسول الله (ص) طبيبا دوارا بطبه و كما كان علي عليه السلام وهو خليفة المسلمين يعيش حياة الأمة في سوق الكوفة, فحياة التقديس بدلا من حياة الامة بمأساتها و عظيم مصابها جهلا وبؤسا و عناءا راح ليسوق البعض أيضا الى التطاول متجاوزين حدود الإعتدال الى العدوان و كل هذا إنما هو ثمار جهل أمة و تخلي رجال دين عن واقع المسؤولية علما و عملا و هذا ما فتح الأبواب للبعض حينما وجد الساحة خالية من أهلها ليسخر من مسلمات الشرع غير مختش ولا مبال و هو يرتدي الدين يتردد في كون القرآن كتابا منزلا من الله العلي العظيم , ساخرا بالجنة والنار و ما ورد في توصيفهما في الكتاب المجيد و غير ذلك من الشواهد مالا يعد ولا يحصى.

فأمة لا يغار رجالها و أهل معارفها على كتاب الله و ماجاء به الرسول (ص) وما تعيشه الأمة من الجهل و البؤس والظلم في كثير من البلاد الشيعية كيف لا يحدث فيها مثل ما أشرتم إليه ولعل ما حدث ليومنا هذا غيض من فيض نترقب وقوعه و لو لا مخافة الإطالة لبينت الكثير من مأساة هذه الأمة على كثير من الأصعدة و قد اوجب الله تعالى على العلماء و قد قال علي عليه السلام : (لولا حضور الحاضر و قيام الحجة بوجود الناصر _ومحل الشاهد ما جاء في هذه الخطبة_ وما أخذ الله على العلماء ألا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم) وما جاء من الآيات والروايات في هذا المجال و ما هو شأن الساكت عن الحق.

فهذا و غيره من الدواعي و الأسباب هو ما ساق ويسوق الطائفة الى هذه الهجمة من الداخل حيث الجهل و عدم البيان للحق و السكوت عن الظالم و تقديس الرجال بدلا من تقديس كتاب الله و سنة رسوله وسيرة المعصومين عليهم السلام حيث أن بمعرفة هذه الأركان الثلاث يُعرف الحق و بذلك يُعرف رجال الحق.

فماذا أقول أيها الأخ الكريم و المأساة متشتتة الأطراف و الأبواب مفتحة لكل هجمة و اعداء هذه الامة يتربصون بها الفرص و أصحاب المكانة علما و من لهم البت في مثل هذه الأمور بإصلاح حال الأمة غائبون عن ميادينها فإلى الله تعالى المشتكى و بالحجة القائم الأمل داعين الله تعالى أن يعيننا على أنفسنا قبل إلقاء اللائمة على الآخرين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

@ هل النبي (ص) مات مسموماً أم لا؟

هل النبي(ص) مات مسموما ام لا ؟

إسم السائل : سلمان

السؤال :

السلام عليكم

هل النبي (ص) مات مسموما ام لا .

الجواب :

إن الأقوال في ذلك مختلفة من الفريقين شيعة وسنة و إن كان كل منهما يميل الى أنه (ص) مات مسموما و إن إختلفوا فيمن سقاه السم ولكن الذين يرون ذلك وهم غالبية الطرفين مختلفون فيما بينهم هل أنه مات لسم سقته إياه يهودية ام لغير ذلك و الرواية ( أن يهودية أهدت الى النبي (ص) شاة فأكل منها وأكل أصحابه ثم قال (ص) : (أمسكوا) ثم قال للمراة (هل سممت هذه الشاة؟) قالت نعم قال (لم فعلت ذلك؟) قالت أرد إن كنت كاذبا ان يستريح منك الناس و إن كنت نبيا لم يضرك و يقال إحتجم النبي (ص) ثلاثة على الكاهل وأمر أصحابه أن يحتجموا فمات بعضهم و بقي النبي (ص) بعد ذلك ثلاث سنين حتى كان وجعه الذي توفي فيه حيث قال مازالت اجد من الأكلة التي أكلت من الشاة يوم خيبر) , هكذا قال بعض أبناء العامة و أنه توفي شهيدا . وقال آخرون بشهادته (ص) أيضا من طريق آخر و إن كان إعتبار السند في السم ضعيفا او ليس بتلك القوة وهذا الرأي عقلي من حيث حياة العظماء الذي يختار الله لهم أحسن السبل للقائه و يجمع لهم جميع سبل اللقاء والفناء لتكون شهادة وراء جميع ما هو عليه من نبوة و إمامة و ولاية و علم وعمل صالح مؤيدا نهج العقل بالنقل حيث تقول الروايات الواردة عن المعصومين عليهم السلام ما منا إلا مقتول او مسموم و إن كان هذا ليس من ضروريات الدين لا عقلا و لا نقلا وليس مرادي بذلك تضعيف الأمر او السند بل الإشارة الى عدم كونه ضروريا لأن مثل هذه الأمور العقائدية تحتاج الى أمر أكثر وضوحا و دلالة.

و كذلك روى الشيعة روايات في سم النبي (ص) حيث ورد في رواياتهم أنه (ص) قبض مسموما يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر وإنما اختلفوا في من دس إليه السم و إن حاول البعض لدوافع مختلفة ألا يتوغل في البحث عمن كان وراء سم النبي (ص) خوفا من أن تساق الأمور الى مالا يستحسن عقباه و لذا بقيت القضية غامضة المعالم هل أن أصابع الإتهام تشير الى اليهود او الى بعض من ينتسب الى أمة محمد (ص) من المنافقين او المنافقات ممن كانوا يتربصون بالإسلام شرا و إن كانت مظاهرهم ناصعة إسلامية والعلم عند الله و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


-- 
مع تحيات ادارة موقع سماحة الاستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني


كما يمكنكم متابعتنا على كل من 

@ ما هو تفسير قوله تعالى : (وابيضت عيناه من الحزن)؟


ماهو تفسير قوله تعالى :(و ابيضت عيناه من الحزن)؟

إسم السائل : السيد قاسم الغريفي

السؤال:

بسمه تعالى له الحمد والمجد

حضرة العلامة الفاضل الاستاذ الشيخ محمد كاظم ال شبير الخاقاني (دام عزه ومجده)
​​

ما هو فهمكم للآية الكريمة (وابيضت عيناه من الحزن)هل هو العمى كما في كثير من التفاسير ؟وهل ان ذهاب البصر يوجب التنفير ؟

 فأن الشيعة اختلفوا في أنه هل يجوز على الانبياء مثل هذا النقص في الخلقة، قال الشيخ الطبرسي رحمه الله: فقيل: لا يجوز لان ذلك ينفر ; وقيل: يجوز إن لا يكون فيه تنفير ويكون بمنزلة سائر العلل والامراض انتهى. فمن لا يجوز ذلك يقول: إنه ما عمي ولكنه صار بحيث يدرك إدراكا ضعيفا، أو يؤول بأن المراد أنه غلبه البكاء وعند غلبة البكاء يكثر الماء في العين فتصير العين كأنها ابيضت من بياض ذلك الماء، ومن يجوز ذلك يحملها على ظاهرها، والحق أنه لم يقم دليل على امتناع ذلك حتى نحتاج إلى تأويل الآيات والاخبار الدالة على حصوله، على

أنه يحتمل أن يكون على وجه لا يكون نقص فيه وعيب في ظاهر الخلقة، والانبياء عليهم

السلام يبصرون بقلوبهم ما يبصر غيرهم بعينه . فالى اي اتجاه يميل سماحتكم ؟ واي نوع من الامراض يتنافى مع الدور النبوي ويوجب نقصا فيهم ؟

الجواب:

كما تعلمون سيدنا الجليل إن الدلالة قد تكون نصاً كما وأنها قد تكون ظهوراً وما نحن فيه في مسألة العمى ليست الدلالة إلا من باب الظهور في الآية الشريفة وهي قوله تعالى  حكاية عن يعقوب عليه السلام وبنيه: (وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم) وإن قوله تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام (إذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيراً)لا يدل على ثبوت العمى كصفة ثابتة وإنما يدل على حدوث أمرٍ لشدة البكاء والحزن ولحالة نفسية قد سبب حجب الإبصار كغشاوة وهذا ما قد يحصل لحدوث بعض العوارض الجسدية أو الروحية كشدة الحزن أو شدة الفرح فتجعل السواد بحكم البياض ويأتي البيان من باب المبالغة فلم يكن ذلك عماءً تاماً ليصبح صفةً لصاحبه وطروّ العوارض من مرض أو جرح ولو في معركةٍ حينما يكون السبب معقولاً أو عظيماً لا يعتبر من المنفرّ عند العرف أو العقلاء حيث أن الكلام في أمرٍ يجب أن يعطى عنوان النقص أو يدفع إلى النفور عن الشخص بمنظار العامة وإلا فمثل العمى أو ما هو من قبيله ليس بنقصٍ عند الله تعالى ما لم يمنع كمالاً كما لو فرض أن النقص كان غباءً أو من مساوئ الأخلاق وما نحن فيه حيث أن سبب الغشاوة حزنٌ على وليّ من أولياء الله تعالى إئتمن عليه يعقوب عليه السلام من ليسوا أهلاً للأمانة فراح ليؤنب نفسه على ذلك وكون يعقوب عليه السلام إضافة على العاطفة الدافعة للحزن راح ليرى نفسه لم يقم بتمام الرعاية والحفظ وهو مع ذلك عاش كظم الغيظ مع أولاده فإن ذلك يعد بمنظار العقلاء موجباً للإكبار لا النفور.

نعم لو كان يعقوب عليه السلام أعمى بالولادة أو أصيب بالعمى قبل أن يصبح مرسلاً إلى قومه فإن في مثل هذا الحال قد يقال إن من كان بهذا الوضع لا تندفع إليه النفوس لسماع دعواه لأنهم قد ينظرون إليه أنه دون مستوى الإرشاد لا من قد عرض عليه عارضٌ بعد تمام القوة وعظيم المقام عند قومه ولعله كان في تلك الفترة التي فقد فيها الإبصار كان يعيش بين قومه تمام الكرامة والإحترام كنبيٍ قد صدقوا دعوته.

وأعود ثانية فأقول فيما نحن فيه فإن الذي يبدو للقارئ أن بياض العينين إنما حدث بعد أن رجع الأبناء بخبر بنيامين والأخ الأكبر وهذا زمن قصير لم يستوجب نفوراً بعد كون يعقوب عليه السلام يعيش الكرامة في قومه قد آمنوا به.

هذا كله من حيث الصغرى بمعنى أنّ ما حدث ليعقوب عليه السلام ما كان نقصاً يستوجب النفور لأن المتأمل يجد أن الأمر من باب غشاوة حصلت للعينين والعوارض والأمراض قد تعرض على كل أحدٍ مؤمناً كان أو كافراً ولذا لما علم يوسف عليه السلام أن السبب هو كثرة البكاء والحالة النفسية التفت إلى أن بهزة نفسية قد يرتفع السبب وأن أباه سيعود إلى ما كان عليه ولو كان يوسف عليه السلام جازماً بتحقق العمى التام لما قال (إذهبوا بقميصي هذا فالقوه على وجه أبي يأت بصيرا) بل لدعى له بالشفاء أو أراد من الله تعالى من باب الإعجاز أن يعيد إليه بصره كما وأن الأمر هو كذلك بالنسبة إلى ما يطرو على النفوس وما هو من شأن البصيرة فقد تنتهي فيصبح الشخص عماءً لا رجعة فيه بحيث يصبح يرى الباطل حقاً والحق باطلاً والحسن قبيحاً والقبيح حسناً لأنه يصبح عماءً وظلمة تامة لا نفاذ للنور إليه وذلك لإنعدام الفطرة وإنتهاء العقل لكن الباطل والشهوات ربما تصبح حجاباً وقد تزول ولو بهزة ضميرٍ قد تستوجب يقظةً وشأن الأجسام كشأن النفوس وما نحن فيه غشاوة أحزان وكثرة دمعٍ مرتبطٍ بأمر روحي ولذا بمجرد أن شمّ رائحة يوسف عليه السلام عاد إلى ما كان عليه لأن سبب الحزن والبكاء قد ارتفع.

وأما النقاش في القضية كبروياً: وهي أن النقص لا يكون من صفة الأنبياء فنقول إنا وإن سلمنا أصل الكبرى لكن قد نشكك في المصاديق وهي أن النقص المنفر لا يكون من صفات الأنبياء لأنه يتنافى والغاية وهي جلب الناس إلى الهدى وسبل الكمال حيث أن الله تعالى يريد من النبي المرسل إلى قومه أن تكون فيه دواعي الكسب والهداية لا الإبعاد والنفور ولذا يلحظ في ذلك حتى حُسن الصوت والوقار والسكينة وكون  المنظر مهاباً بما فيه ملامح جمالٍ هي من شأن الرجال لكن مع ذلك كله نقول إن ذلك يختلف باختلاف المنظار وباختلاف حضارات الأمم لأنه من باب تشخيص المصداق بعد تسليم الأمر كبروياً وليس كل نقصٍ هو من موجبات النفور وبالأخص إذا كان النقص الحاصل مسبباً عن حدث يرجع إلى شأنٍ عظيم كفقد عضو في معركةٍ كانت في سبيل الله تعالى كما وأن المنفر يجب أن يكون بحسب العرف والعقلاء وإلا لكان الفقر الذي هو واقع حياة أكثر الأنبياء من المنفرات التي يجب أن لا يبعث الله بتبعها رجلاً فقيرا وبالجملة إن الكبرى وإن كانت ثابتةً بأن المنفر لا يكون صفة لنبيٍ لكن ليس كل نقصٍ هو من المنفرات وبالأخص إذا كان سببه عائداً إلى أمرٍ ومنشأ ديني عظيم ولذا لو افترضنا أن نبياً أو إماماً في معركةٍ يصاب فإن ذلك من موجبات العظم والإكبار وليس من موجبات النفور والإبتعاد وقد أشرنا إلى أن الأمم تختلف باختلاف حضاراتها فيما تراه نقصاً منفراً، نعم ما يعود النقص فيه إلى نقص كمالٍ فإن ذلك لا يكون محلاً للألطاف الإلهية وجعل الشخص نبياً أو إماما من قبل الله تعالى.

و إتماما للبيان نقول إن عدم التمكن من رؤية الاشياء المشار إليها في الآية الشريفة و ابيضت عيناه و آية يأت بصيرا ليس دليلا على العمى فقد تُحجب العين من الرؤية و لو لغشاوة او غمض طرف او مشكلة صحية او ما يكون من دواعي الحجب من شدة الفرح او الحزن كما و أن عدم البصر على افتراضه ان سلمنا انه العمى فهو شأن مصداقي يختلف التعاطي معه باختلاف الأمم و الحضارات فما يكون منفرا عند قوم قد لا يكون منفرا عند قوم آخرين و عليه فنقول ليس عدم الإبصار أو القصر او السواد او ……. هي من مسلمات البشرية الموجبة للنفور , نعم ربما يكون من المسلمات الجسدية الموجبة للنفور الجذام و من المسلمات الأخلاقية الموجبة للنفور ما يسقط الهيبة و المكانة الأخلاقية حتى ولو لم يكن من مساويء الأخلاق كالكذب والكبر و إن سلمنا الكبرى وهي أن ما يكون منفرا لا يكون في الدعاة الى الله لأن المراد منها التأثير على الآخرين بما يمكن ان يكون وسيلة هداية وقرب ولذا لا يصح من عاقل ان يقول ان سواد البشرة من المنفرات و قد بعث الله الكثير من الانبياء والاولياء الى كافة الأمم و منهم الأسود والابيض و الأحمر والأصفر حيث أن من يجعل مثل هذه من المنفرات لا يكون إلا لعدم اعتدال او سوء تربية او غيرها من دواعي الخروج عن المقاسم المشتركة البشرية بروح الزهو و الخيلاء و من المعلوم ان الكلام في النقص و المنفر بما يكون مسببا لعدم التمكن من حمل اعباء الرسالة وهذا النقص لا يعقل تصوره في نبي او وصي نبي و النوع الآخر من النقص ما يكون نقصا بمنظار طائفة من الناس بروح الخيلاء والعظمة او سوء التربية و هذا لا مانع من وجوده في الدعاة الى الله كاللون و الفقر حيث انه ليس بنقص في واقع الأمر و هناك ما يكون نقصا بمنظار العامة من الناس و يدعو الى النفور وهذا هو الذي يكون محلا للبحث و هو على قسمين منه ما اتفقت عليه آراء البشرية كالجذام و منه ما يكون مختلفا بإختلاف الآراء بتبع الحضارات و الزمان و المكان و الله لا يبعث دعاته الى أمة ترى امرا مستوجبا للنقص بمنظار عقلائي لا منظار الزهو و الكبر.

 هدانا الله وإياكم إلى سواء السبيل وهو العالم بحقائق الأمور وإنما نتكلم على قدر عقولنا وما نفهمه من ظواهر الآيات والروايات والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

محمد كاظم الخاقاني     

-- 
مع تحيات ادارة موقع سماحة الاستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني


كما يمكنكم متابعتنا على كل من