الخميس، 25 أبريل 2013

تعليقة سماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني على الروايات السنية في موضوع الإمام المهدي عج



تعليقة سماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني على الروايات السنية
أحببت أن أكتب تعليقة على كتاب الرد على من كذب بالأحاديث الصحيحة و هو كتاب لأحد علماء السنة و الجماعة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد يرد فيه على الشيخ عبد الله بن زيد المحمود رئيس المحاكم الشرعية في دولة قطر سماها لا مهدي ينتظر بعد الرسول خير البشر.
فأقول أولا :كفى الشيخ محمود ما أورد عليه الشيخ عبد المحسن في كثير من المواطن و كفاه أيضا مخالفته لجمهور السنة و الشيعة و هو مما يعتبر خروجا عن منهج و معتقد المسلمين كافة بتحكيم عقله في شرع الله عزوجل.
و لكن أقول ثانيا إن من المؤسف أن تدفع رواسب الأحقاد الطائفية أو الجهل بالتراث الاسلامي بالبعض إلى إنكار المسلمات الشرعية بعيدا عن مراجعة الأخبار المعتبرة عند علماء السنة والجماعة أنفسهم حتى راح ليأخذ مثل هذا التطرف الصريح بأمثال الشيخ عبد المحسن و هو من علماء العامة أيضا للرد على الشيخ محمود حينما وجد أن إنكاره لمهدي آل محمد ، ليس ردا لمذهب الشيعة بل إنما هو إنكار للصحاح من أحاديث السنة ينبيء عن جهل صاحبه بالأحاديث النبوية سواء في حق مهدي آل محمد ، أو عيسى ، حيث يمكن إطلاق صفة المهدي عليه أيضا حتى و لو حاول البعض بدافع اللجاج انكار مهدي آل محمد ، لوجود مثل هذه الأحاديث في الصحاح حتى قال البعض من أبناء العامة أنها متواترة بلا شك و قال آخرون إن فكرة المهدي و الاعتقاد بها من ضروريات الدين الاسلامي و إن منكرها كافر.
أجل من أنكرها بعد العلم بأحاديثها كافر و إلا فهو جاهل من المستضعفين و ما أكثر المستضعفين حضاريا و اسلاميا على وجه الأرض و يا ليتهم لم يدّعوا العلم و لم يتصدروا مجالس الإفتاء و لعله بلغهم أن من أفتى بغير علم فاليتبوء مقعده من النار .
و قد قال الشيخ عبد المحسن في مطاوي كلماته إن هناك فرقا كبيرا بين الشيعة و أهل السنة ، فالمهدي عند أهل السنة لا يعدو كونه من أئمة المسلمين إلى آخر كلماته كما شاهدتم في ضمن كلامه .
فأقول : إتفق المسلمون سنة و شيعة إلا من شذ منهم أن عيسى ، يصلي خلف المهدي و أن المهدي هو الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا بعدما ملئت ظلما و جورا كما هو المأثور عن رسول الله ، فالسيادة لإقامة العدل العالمي تجري على يد المهدي "عج" لا على يد عيسى (ع).
فلا أدري هل تقدّم المهدي للصلاة و الإصلاح العالمي على عيسى ، مع وجوده إنما يكون للقاعدة التي علّمنا إياها الكثير من علماء السنة و الجماعة و هي قاعدة عقلية توصل إليها هؤلاء الأعلام حينما قال قائلهم : الحمد لله الذي قدّم المفضول على الفاضل ، يقصدون بذلك تقديم المشايخ الثلاث على علي عليه السلام ناسبين هذا النحو من التقديم لله تعالى ثم حامدين الله تعالى على هذا الفضل العظيم الذي أنعم به على أمة محمد ، بعد رحيل رائد السلام .
أم أن تقدمة المهدي للصلاة و إقامة العدل العالمي مع وجود نبي من أنبياء أولي العزم كعيسى ، دليل على أفضلية المهدي و عصمته علما و عملا لتطبيق معالم شرع الله تعالى لتحفظ الشريعة من الزيادة و النقصان و الخطأ .
أم أن عمل المهدي مع وجود عيسى ، ينبيء أن هناك طريقين و مسلكين يبقى العمل بهما فيكون المهدي لتطبيق العدل الإلهي الذي جاء به محمد ، و يكون عيسى ، لتطبيق الدين المسيحي على وجه الأرض على الرغم من أن الخاتمية و الدين كله و أن الإسلام الذي جاء به محمد ، هو الذي لا يقبل من أحد غيره .
إفتونا أيها المنصفون الذين طالما حاولتم لدعوى صلاة بالناس في آخر أيام الرسول ، أن تجعلوها دليلا على أحقية أبي بكر فكيف لا تكون الصلاة و ما أضيف إليها من إقامة العدل العالمي في الأرض كلها، دليلا على أحقية مهدي آل محمد ، و أنه أفضل من عيسى ، أم أن الله تعالى في آخر الزمان يقبل من النصارى دينهم و من المسلمين دينهم و ينهي الأرض بديانتين عالميتين ليقوم بإقامة أحداهما مهدي آل محمد ، و بالأخرى عيسى (ع) .
و هل القول بعصمة يحتاج إليها الإنسان لتطبيق شرع الله تعالى علما و عملا بدعا من القول و لا يكون إقامة العدل العالمي على يد من ليس معصوما من الخطأ بدعا من القول و كيف يعقل أن يقيم العدل العالمي من ليس معصوما كمهدي آل محمد ، و يترك المعصوم من أنبياء أولي العزم كعيسى ، ليقوم بشأن النصارى تاركا أمة محمد ، يقيم عدلها غير معصوم من الخطأ أم لكم في ذلك قاعدة عقلية أو شرعية جديدة بعد حمدكم لله تعالى على تقديم المفضول على الفاضل.
أم تنكرون مجيء المهدي و عيسى عليهما السلام في آخر الزمان مع وجود الروايات المتواترة كالشيخ المحمود تحقيقا لقاعدة استمرت أكثر من أربعة عشر قرنا و هي قاعدة الخلاف مع الشيعة قربة إلى الله تعالى .
أم لأن القول بعصمة مهدي آل محمد ، الذي هو أحد أئمة آل البيت يكون ضربا لأسس السقيفة التي بني عليها المذهب السني و عليه فلابد من إنكارها و لو علم الإنسان أن إقامة العدل العالمي مع وجود عيسى ، النبي المعصوم أمر ضروري عقلا و شرعا بل و هو دليل على أفضلية المهدي حتى على عيسى ، فضلا عن عصمته عجل الله تعالى فرجه الشريف.
فلست أدري أللجهل بمعنى العصمة يكون الإصرار على عدم كونه معصوما أم لخوف على هدم مسلك السلف .
ثم يتعرض الشيخ عبد المحسن بمنهجية أسلافه ساخرا من الغيبة و السرداب و ولاية صغير و لو لا إني أجبت عن مثل هذا و قد ملئت منه كتب الشيعة لأجبته في هذه التعليقة لكن لا أريد أن أحرمه الضحك فأدعه يضحك مع الضاحكين و يسخر مع الساخرين .
و لا أريد له أن يبتعد عن منهج السخرية و الاستهزاء فإنه منهج طالما إتخذه الكثير مسلكا لأنفسهم على وجه الأرض فبورك له و لأمثاله سبل الرشاد و لا حرم الله تعالى الأمة من فيوضات علمه التي تحكي معاشرته للكتاب و السنة النبوية .
و أما مقارنة الكافي عنده بصحيح البخاري فيحكي ذلك مدى معرفته بموازين علم الحديث و اعتبار الكتب عند الشيعة حيث لم يميز الرجل بين كون الكتاب مهما و مصدرا من أمهات المصادر عند الشيعة و المجتهدين للبحث عن الأخبار و كونها صحيحة أو حسنة أو موثقة أو ضعيفة و بناء على الصحة يأتي دور التعارض و ما هو الحكم عندئذ و بين ما يرونه من كون البخاري صحيحا.
و أما استهزاءه بأن الأئمة عند الشيعة يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة و الأنبياء و الرسل فلا أدري أين مواطن السخرية و إن كانت ليست بعيدة عن أمة ترى أن سيد الكائنات محمد ، حينما نزل عليه الوحي اضطرب و امتزجت عليه المقاييس و لم يتمكن من تمييز أن ما يسمع من النداء هل هو نداء حق أو باطل و هو صوت رحمان أو شيطان فراح يستعين بخديجة و ابن عمها ورقة بن نوفل حتى جاءته خديجة تطمئنه بأن ابن عمها يقول : قولي لمحمد هذا هو الناموس الذي كان ينزل على موسى و أعانته أيضا خديجة أيضا حينما قالت له: إن جاءك ما رأيت فإني سأرفع الخمار من رأسي فإن بقي بنظر فهو شيطان و إن ذهب فهو سفير الرحمن .
و بهذه العملية والاستعانة بورقة بن نوفل تمكن الرسول ، أن يعرف أنه يوحى إليه و أن ما يسمع ليس بصوت الشيطان .
فإن كان هذا سيد الكائنات عند القوم فعجبهم من كون خلفاء الرسول ، يعلمون ما في رسالات السماء و ما نزل على الأنبياء و المرسلين يكون أعجب.
أجل عجبهم في محله بعد كون الرسول ، إذا تأخر عليه الوحي ظنه نازلا في آل أبي الخطاب و هو يحب الطرب و تغني إلى جنبه المغنيات و عائشة جالسة ثم يضطرب حين قدوم الفاروق.
و أما بناء على أن رسالته خاتمية و أنه سيد الكائنات و أن لكل نبي وصي كما ثبت ذلك بالمصادر المعتبرة عند جميع الموحدين فكون أوصيائه يعرفون جميع ما جاءت به الأنبياء لأنه جميعا موجودون في رسالة سيد الكائنات و أكثر فلا عجب في معرفتهم لذلك جميعا.
و ليس من العجب إذا كان آدم ، يعلّم الملائكة الأسماء كلها و تسجد الملائكة و لم يسجد لها لرفيع مقام الإنسان الكامل و عندها فلا يكون من العجب و السخرية أن تكون علوم الأولين و الآخرين عند رسول الله ، و هو أشرف من آدم ، و يكون لإيصال البشرية والخلائق إلى الكمال و لعظيم مقام أوصيائه قد علّمهم جميع تلك العلوم .
و إذا كان من عنده علم من الكتاب يحضر عرش بلقيس قبل أن يرتد إلى سليمان طرفه و سليمان يعرف منطق الطير و ما أشار إليه الكتاب المجيد من عظيم المعارف فلا أدري أين موضع العجب لو كان سيد الكائنات العالم بالكتاب كله عارفا بجميع العلوم و قد علمها أوصيائه إن لم نقل أن الأدلة دالة على أن وصي سليمان عنده علم من الكتاب و أن عليا وصي رسول الله عنده علم الكتاب و الفرق بين المقامين و بين وصي سليمان و محمد عليهم أفضل الصلاة و السلام من أبده البديهيات إلا عند من أصيبوا بمرض العناد و اللجاج و اختاروا لأنفسهم السخرية و الضحك منهجا فإنهم ليسوا بأول ساخر من المؤمنين.
و لست أدري إذا كان الإنسان قادرا أن يعرف منطق الطير لمصلحة إلهية و ليس هذا مدعاة للسخرية فلماذا لو كان إنسان آخر يعرف جميع الألسنة البشرية يكون مدعاة للسخرية و هو أهون مقالا من معرفة منطق الطير و قد يتمكن إنسان عادي بلا أى مشيئة خاصة إلهية من معرفة أكثر من عشرة لغات في العالم فكيف يكون الأمر لو كان وصيا من أوصياء محمد ، يراد منه هداية البشرية كافة و بالأخص عند الظهور لإقامة دولة العدل و الحق العالمية .
و قد قال الشيخ ابن محمود : و من المعلوم أن اعتقاد المهدي يترتب عليه من المضار و المفاسد الكبار إلى آخر كلامه .
أقول : قد قالت بلزوم منقذ بشرية جميع الأديان و اعتقد بذلك حتى من لم يؤمن بالأنبياء لمجرد اعتقاده بالخالق فلا أدري كيف يصبح ما تسالمت عليه عقول البشرية و الدين الإسلامي سنة وشيعة من مجيء مهدي آل محمد ، سواء كان مولودا أو سوف يولد سخرية لأن مجيئه تترتب عليه المفاسد بدلا من المصالح فأي مشيخة إسلامية هذه التي توصل الإنسان المسلم إلى هذا المنحدر من الفهم لشرايع السماء و كيف تصبح هذه العقليات التي تنكر ضروريات الدين و العقل من الدعاة إلى شرع الله عزوجل.
ولكن إن تعجب فلا عجب من عقول ترعرعت على العناد والأحقاد أن تعتبر القول بمجيئ منقذ بشري من آل محمد ، مما يدعوا إلى السخرية لأنه بحسب عقولهم منكر من القول عقلا وشرعا و لو جاءت هذه العقول لتسمع بأن الشيعة يقولون بعدم تجسيم اللهتعالى و وجوب الصلاة قبل أن ترجع إلى مصادر السنة لقالت أن القول بهذه الأباطيل من خرافات الشيعة فإنه لا يمكن القول برب لا يشاهد و كيف يعقل أن يأمر الله تعالى الناس بالسجود و هو يتنافى و كريم مقام الإنسان ، فإن هيئة الساجد مدعاة للضحك و السخرية لعن الله تعالى الشيعة كيف يدعون أن الله تعالى يأمر بذلك.
ثم يقول العلامة المحمود : أما إعتقاد بطلانه ( أي بطلان القول بمجيء المنقذ البشري ) فإنه يعطي القلوب الراحة .
أقول : البشرية جميعا للأمل برحمة الله تعالى و الخلاص يوما من الأيام من الظلم و الجور تعيش الأمل و أمثال علّامتنا يرى أن عدم الاعتقاد بذلك هو الأمن و الاطمئنان و الراحة كل ذلك لأن الشيعة قالوا به و هو اندفع لردهم جهلا منه بمصادر السنة بذلك التي اعتبرت الأمر من ضروريات الدين و أن الأخبار فيه تجاوزت حد التواتر ثم يأتي فريد وجدي صاحب دائرة معارف القرن العشرين فيرد أحاديث المهدي و الدجال و يقول : لماذا لم يذكر في القرآن عن هذا المسيح الدجال شيئا مع خطورة أمره ؟
فيجيبه الشيخ عبد المحسن مستغربا منه ذلك قائلا : إن الله تعالى قال في كتابه العزيز > و ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا <[1][1] و قال الرسول 2: ألا إني أوتيت القرآن و مثله معه يعني السنة و السنة و القرآن متلازمان لا يفترقان و من لم يؤمن بالسنة لم يؤمن بالقرآن و من زعم فصل السنة عن القرآن يقال له : أين وجدت في القرآن اعداد الصلوات و اعداد ركعاتها و كيفيتها و غير ذلك مما لا يعرف توضيحه و بيانه إلا في السنة ثم يقول و أعداء السنة هم أعداء القرآن ثم استشهد الشيخ عبد المحسن بمقاله الحافظ السيوطي لتأييد لزوم الأخذ بالسنة حيث قال السيوطي :و إن مما فاح ريحه في الزمان و كان دارسا بحمد الله منذ زمان و هو أن قائلاً رافضيا زنديقا أكثر في كلامه أن السنة النبوية و الأحاديث لا يحتج بها و إن الحجة في القرآن خاصة فقد كفر و خرج عن دائرة الإسلام و حشر مع اليهود و النصارى أو مع من شاء من فرق الكفرة.
أقول : كم سخر الساخرون و ترنّموا في أحاديثهم قائلين : لو كان ما يدعيه الشيعة حقا لما ترك الله تعالى ذكر أئمتهم مع أهمية شأن الإمامة في القرآن فهؤلاء الروافض الكفرة كم لهم من مثل هذه الافتراءات لكن حينما يأتي السني إلى مسألة الدجال و عدد ركعات الصلاة و غيرها من أمهات العقائد و الفروع التي لم تذكر في الكتاب أو ذكرت فقط بنحو الأصل لتكون السنة شارحة لها يقول إن ذلك هو منهج القرآن الكريم فقد يذكر الأصل ويترك التفريع و قد يحيل الأمر مع أهميته إلى السنة النبوية لأنها عدل القرآن و من أنكر ذلك كان إما منكرا لمنهج إسلامي أو جاهلا بسنن الله عزوجل.
لكن حينما يقول بمثله الشيعة بالنسبة إلى عدد أئمتهم و أسمائهم بعدثبوت أصل الإمامة في الكتاب و تحققها في مسلمات بين الشيعة و السنة كقول رسول الله ، من مات و لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية و إن الأئمة كلهم من قريش أو هم إثنا عشر و إن التفصيل يكون بالأحاديث النبوية يسخر الساخرون ما هذا الهراء و ما هذه الأباطيل و الافتراءات لو كانت الإمامة أمرا مسلماً لذكر الله تعالى أسماء الأئمة في كتابه المجيد.
فلست أدري لم هذا الكيل بمكيالين و لِمَ الإصرار على الاستمرار في الخطأ بعد أكثر من أربعة عشر قرنا مرضاة للسلف بسخط الله عزوجل.
و لست أدري كيف و متى أنكر الشيعة الروافض السنة و من منع تدوين السنة و تداولها بحجة أنها قد تختلط بالكتاب المجيد أشهر من نار على علم ، و من قال حسبنا كتاب الله و ألفت كتب في أين ذهبت السنة و ماذا صنعوا بها لم يكتبها مؤلفوها على المتآمرين على السنة النبوية من علماء الشيعة و حكامهم بل كتبها على حكام السنة و علماءهم حينما خافوا من السنة أن تفضح مؤامراتهم ثم خططوا لفتح أبواب نقل الأحاديث في زمن معاوية لتصبح السنة حكرا على عدد خاص من أتباع السلاطين كأبي هريرة بإغفال عام عن المهاجرين و الأنصار الذين ما كان أمثال أبي هريرة يعد حتى من أصاغرهم أو من قدمائهم .
و من ذلك كله لم يتسآل المسلمون ليومنا هذا أين صحابة رسول الله ، مع كثرتهم من المهاجرين و الأنصار حتى يصبح مثل أبي هريرة الفارس المغوار المطلق لبيان شرع الله تعالى حتى تصاب الأمة الإسلامية براوية حديث يجمع وعائين يخفي أحدهما خوفا على بلعومه من أن يضرب بالسيف و يبدي وعاء واحدا و يكون مع ذلك ليس عاملا بالتقية أيضا التي طالما حاول أعداء أهل البيت (ع) بعد تحريف المراد منها أن يجعلوها مستمسكا للشتم و التشنيع .
فأين رجال المسلمون مضوا حتى لا يكون الراوية عن رسول الله تعالى إلا أمثال أبي هريرة تحت ظل سلطان معاوية ابن أبي سفيان و يمنع بقية أكابر المسلمين من المهاجرين و الأنصار من نقل السنة النبوية .
قال الشيخ ابن محمود ص 37: إن فكرة المهدي هذه لها أسباب سياسية و اجتماعية و دينية و كلها نبعت من عقائد الشيعة .
و يقول أحمد أمين في كتاب ضحى الإسلام ج 3 / 241 نفس المقالة :
أقول : و هذا يظهر أمرا و هو أن هناك عقولا يوحي بعضها لبعض تشابهت في أصول فهمها لأسس الشرع فراحت تريد شريعة تابعة لا متبوعة ترضي أذواقهم و تهدّء من أحقادهم و إلا فسروها بأهواءهم أو أنكروها إجتهادا في مقابل النص و ما أكثر المجتهدين في مقابل النص في مدرسة السقيفة و إلا فكيف يكون من الخرافة ما وردت فيه الصحاح و كان من المتواتر بل من ضروريات الدين باتفاق المسلمين سنة و شيعة لو لا اعوجاج في الذوق و خروج عن موازين العقل و الفطرة كما نشاهد لذلك الكثير من الأشباه في مسألة الخلافة و الامامة و في مسألة التقية التي هي منهج شرعي عقلي و إنما وقع الخلاف فيه هل أن التقية في مقابل كل ما كان من الأخطار و الأنظمة أو المجتمعات الظالمة الجائرة أو لا يكون بإزاء المسلم و لو كان من أشر الجبابرة والمجرمين أشباه الحجاج بن يوسف الثقفي.
و لكن مع كل شرعية التقية يأتي قوم بدواعي الجهل بالشريعة أو بدوافع الأحقاد التي تعمي و تصم ليقول : كيف تكون التقية من منهج التشيع و هي ليست إلا الدجل و النفاق و كتمان المعتقد ناسيا ظلم الظالمين ، مستغربا من أنين المظلومين و المضطهدين كيف يأنون أو كيف يفرون بدينهم من الفراعنة المستبدين أو كيف يسكتون عن معتقداتهم في ظل أنظمة السفاحين.
ثم يحمل هؤلاء الأمة الإسلامية التي أذعنت بكافةمذاهبها و علمائها و مثقفيها لمسألة المنقذ البشري و أنه من آل محمد ، تبعا لما ورد من الأحاديث المتواترة على السذاجة و عدم الفهم بجعل الأمة أداة بأيدي الشيعة يلعبون بهم بحسب دعوى هؤلاء و إن الشيعة هم الذين أحكموا أسانيد هذه الأخبار المتواترة المسلّم بها من طريق الأسانيد السنية و التي قال الكثير من علماء السنة في حقها لقوة الأسانيد فيها أن المنكر لمسألة المهدي ينكر ضرورة من ضروريات الدين .
فإذا كانت الشريعة تخترق من قبل الروافض على هذا الصعيد الذي يجعل الخرق بالغا مرتبة أحاديث متواترة فكيف يمكن أن تأمن الأمة في بقية ميادين دينها من أصحاب الأغراض و المصالح كوعاظ السلاطين و الحكام الذين بيدهم القرار و هم بمعتقد الأمة ولاة الامر في حين أنه لا ريب أن بعضهم لا دين عنده كبعض حكام بني أمية و بني العباس فقد يكون هناك خرق آخر على صعيد المسلمات و المتواترات في شؤون العقائد أو الفروع و الأحكام الشرعية و ذلك لأنه إذا كان الشيعة الروافض لهم هذه المقدرة فهؤلاء لو دعت المصلحة أقدر من العدو الرافضي من تحقيق هذه الخروقات .
فبمعتقد هؤلاء إن المذهب السني مخترق على صعيد المتواترات و الضروريات فلا أدري ما يكون حال هذا المذهب على معتقدهم فيما هو دون المتواترات و الضروريات؟!
ثم يقول هؤلاء المجتهدون في مقابل النص و الناسبين قبول الأوهام إلى الأمة الإسلامية جمعا أن نظرية المهدي نظرية لا تتفق و سنة الله تعالى في خلقه و لا تتفق و العقل الصحيح .
أقول: لا أدري عن أي سنن إلهية يتكلمون ؟ فهل القول بطول عمر إنسان أكثر من المتعارف قول يخالف السنن و قد حكى القرآن بنص صريح عن نبي من أنبيائه بقائه في قومه أيام دعوته قائلا ( فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما)[2][2] و يقال أن أيام حياته و بقائه بعد الطوفان و الغرق العام البشري أكثر من ألفي عام.
و قد أخبر تعالى عن إبليس بأنه كان قبل آدم و هو باق إلى يوم يبعثون حتى و إن لم نقل ببقاء عيسى و الخضر و غيرهما من أولياء الله تعالى و قد أبقى الله تعالى أصحاب الكهف .
فإن كانت عدم المعقولية للسنن الإلهية من جهة طول العمر فها هي السنن الإلهية تثبت ذلك إلا أن يرون ذلك غير معقول و من الأباطيل و لو قال به الله تعالى فعليهم أن يبعثوا رسالة إلى الله تعالى عبر الإنترنيت أو غيرها إن كانت لهم سبل في إيصال رسائلهم إلى الله تعالى فلعله يصلح ما أخطأ فيه من السنن شاكرا لهم تنبيههم إياه لأنه لا يضيع عمل المحسنين .
و إن كانت المشكلة كامنة لا في البقاء الطويل لأنها من سنن الله تعالى التي أخبر بها و الشيعة لم يأتوا ببدع من القول في ذلك فعليهم أن يراجعوا الأخصائين في الطب النفسي ليعالجوا أمراض نفوسهم إن كانت الأمراض قابلة للعراج و هي أمراض الحقد و العناد و النصب لآل بيت رسول الله تعالى التي طالما تأصلت في نفوسهم .
اللهم لا تحرمهم جوار من أحبوا من أمراء المؤمنين و الولاة كأمير المؤمنين يزيد بن معاوية و الحجاج بن يوسف الثقفي فإن الله تعالى يحشر كل أمة مع إمامها و قد رضيت الروافض إن تلطف الله تعالى عليها بواسع رحمته و لطفه أن يحشرهم الله تعالى خدما يوم القيامة و بعدها في ظل أسيادهم علي بن أبي طالب و الحسن و الحسين و بقية الأعاظم من علماء أهل البيت الأئمة الميامين إلى الحجة المنتظر الإمام الثاني عشر عجل الله تعالى فرجه الشريف .
و إن كان مرادهم من مخالفة السنن والعقل هو مجيء المنقذ البشري الذي يقيم العدل و ينهي الظلم فهذا ما أذعنت به البشرية و بالأخص الأديان السماوية يهودية و نصرانية و إسلامية فلست أدري من هو الخارج عن السنن و العقل الشاذ عن منهج البشرية أهم أمّن اتفق قوله مع القرآن و السنة و جميع الشرائع كافة كالشيعة.




[1][1] : حشر 7
[2][2] العنكبوت 14

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق