الخميس، 25 أبريل 2013

@ الإمام المهدي المنتظر المحاضرة رقم 11



الإمام المهدي المنتظر المحاضرة رقم 11
الروايات الشيعية

قد ورد في الروايات عن عميرة بن نفيل قال : سمعت الحسن بن علي يقول : }لا يكون هذا الأمر الذي تنتظرون حتى يبرأ بعضكم من بعض و يلعن بعضكم بعضا و حتى يشهد بعضكم بالكفر على بعض ، قلت : ما في ذلك خير ، قال : الخير كله في ذلك عند ذلك يقوم قائمنا فيرفع ذلك كله[ .
و روي عن رسول الله }(ص) طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي و هو معتد به قبل قيامه يتولى وليه و يتبرأ من عدوه ... [
و عن أبي عبد الله (ع) :} إن قائمنا إذا قام أشرقت الارض بنور ربها و استغنى الناس و أخرجت الأرض كنوزها و أنزلت السماء بركاتها [.
و عن النبي (ص) :} لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لأطال الله ذلك اليوم حتى يظهر من يملأ الأرض قسطا و عدلا بعدما ملئت ظلما و جورا [.
و عن أبي جعفر (ع) أنه قال : }دولتنا آخر الدول و لن يبق أهل بيت لهم دولة إلا ملكوا قبلنا لئلا يقولوا إذا رأوا سيرتنا لو ملكنا سرنا مثل سيرة هؤلاء[ .


الروايات السنية
من كتاب الرد على من كذب بالأحاديث الصحيحة
الواردة في المهدي لفضيلة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد

أصدر فضيلة الشيخ عبد الله بن زيد المحمود رئيس المحاكم الشرعية في دولة قطر رسالة سماها لا مهدي ينتظر بعد الرسول خير البشر.
أقول (و الكلام للشيخ عبد المحسن) : إن القول بخروج المهدي في آخر الزمان هو الذي تدل عليه الأحاديث الصحيحة و هو ما عليه العلماء من أهل السنة و الأثر في القديم و الحديث إلا من شذ.
ثم قال : أولا : هذه التسمية و هي قوله : لا مهدي ينتظر بعد الرسول خير البشر فيها اطلاق يدخل فيه إنكار خروج المهدي في آخر الزمان و يفهم من جملة "بعد الرسول خير البشر" إنكار نزول عيسى عليه الصلاة و السلام في آخر الزمان و لو كانت هذه العبارات فيها تقييد لا يفهم منه احتمال انكار نزول عيسى عليه الصلاة و السلام لكان بعض الشر أهون من بعض .
و قال الشيخ عبدالله بن محمود في ص 3 و إن فكرة المهدي ليست في أصلها من عقائد القدماء فلم يقع لها ذكر بين الصحابة في القرن الأول و لا بين التابعين انتهى .
و الجواب أن الأحاديث الكثيرة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم و في خروج المهدي في آخر الزمان قد تلقاها عنه الصحابة رضي الله عنهم و تلقاها عنهم التابعون فكيف يقال أنه لم يكن لذلك ذكر بين الصحابه في القرن الأول و لا بين التابعين و قد قال الشوكاني في كتابه التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي و الدجال و المسيح كما في كتاب الإذاعة لصديق حسن خان : و الأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثا فيها الصحيح و الحسن و الضعيف المنجبر و هي متواترة بلا شك و لا شبهة بل يصدق وصف المتواتر على ما هو دونها في جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول و أما الآثار عن الصحابة المصرحةبالمهدي فهي كثيرة جدا لها حكم الرفع إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك.
و الجواب أن هناك فرقا كبيرا و شاسعا بين الشيعة و أهل السنة فالمهدي عند أهل السنة لا يعدو كونه إماما من أئمة المسلمين الذين ينشرون العدل و يطبقون شريعة الإسلام يولد في آخر الزمان ويتولى أمرة المسلمين و يكون خروج الدجال و نزول عيسى بن مريم عليه الصلاة و السلام من السماء في زمانه و هو غير معصوم و مستندهم في ذلك أحاديث ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم مدونة في دواوين أهل السنة قال بصحتها و ثبوتها جهابذة أهل العلم المعتد بهم مثل البيهقي و العقيلي و الذهبي و ابن تيمية و ابن القيم و ابن كثير و غيرهم .
أما المهدي عند الشيعة فهو محمد بن الحسن العسكري ولد في منتصف القرن الثالث تقريبا ودخل سردابا في سامراء و هو صغير لا يزال في ذلك السرداب و هو الإمام الثاني عشر من أئمتهم الإثنى عشر الذين يعتقدون فيهم أنهم معصومون و يصفونهم بصفات تجاوزوا فيها الحدود و أذكر منها على سبيل المثال كلام شخصين كبيرين منهم أولهما الكليني مؤلف كتاب الكافي و هو أجل كتاب عندهم إذاً هو بمنزلة صحيح البخاري عند أهل السنة فقد عقد عدة أبواب في كتابه أصول الكافي أورد فيها أحاديث من أحاديثهم أكتفي هنا بذكر أسماء بعض هذه الأبواب و هي باب أن الأئمة يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة و الأنبياء و الرسل و باب أن الأئمة عندهم جميع الكتب التي أنزلت من عند الله عزو جل و أنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها .
قال الشيخ ابن محمود في ص 5 و من المعلوم أن اعتقاد المهدي و القول بصحة خروجه يترتب عليه من المضار و المفاسد الكبار و من إثارة الفتن و سفك دماء الأبرياء ما يشهد بعظمته التأريخ المدروس و الواقع المحوس و من كل ما يبرأ النبي صلى الله عليه و سلم عن الإتيان به إذ الدين كامل بدونه.
و قال في ص 37 أما إعتقاد بطلانه و عدم التصديق به فإنه يعطي القلوب الراحة و الفرح و الأمان و الإطمئنان و السلامة من الزعازع و الإفتتان .
و الجواب على ذلك من وجوه :
الأول : أن خروج المهدي في آخر الزمان من الأمور الغيبية التي يتوقف التصديق بها على ثبوت النص فيها عن رسول الله صلى الله عليه و سلم و قد ثبتت النصوص في خروج المهدي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في آخر الزمان و أن عيسى بن مريم عليه الصلاة و السلام يصلي خلفه و الذين قالوا بثبوتها هم العلماء المحققون و جهابذة النقاد من أهل الحديث و الواجب تصديق الرسول صلى الله عليه و سلم فيما يخبر به من أخبار سواء كانت عن أمور ماضية أو مستقبلة أو موجودة غائبة عنا.
ذكر الشيخ ابن محمود في الصفحات 6و8و26و31و39 أن من أسباب ضعف الأحاديث الواردة في المهدي عدم ورودها في صحيح البخاري و صحيح مسلم و أن عدم إيرادها في الصحيحين يدل على ضعفها عند الشيخين البخاري و مسلم .
و الجواب أن يقال :
أولا ليس عدم إيراد الحديث في الصحيحين دليلا على ضعفه عند الشيخين البخاري و مسلم رحمهما الله لأنه لم ينقل عنهما أنهما إستوعبا الصحيح في صحيحيهما أو قصدا استيعابه حتى يمكن أن يقال بضعف ما لم يخرجاه فيهما عندهما .
و مما يوضح عدم استيعاب البخاري الصحيح و عدم التزامه بذلك أيضا أنه جاء عن البخاري أنه قال : إحفظ مائة ألف حديث صحيح و مائتي ألف حديث غير صحيح مع ان جملة ما في صحيحه من الأحاديث المسندة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بما في ذلك الأحاديث المعلقة لا تبلغ عشرة آلاف حديث .
و قد قال الشوكاني بعد أن أشار إلى كثرة الأحاديث الواردة في صحة خروج المهدي آخر الزمان و بلوغها حد التواتر قال : و أما الآثار عن الصحابه المصرحة بالمهدي فهي كثيرة جدا لها حكم الرفع إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك .
ذكر الشيخ ابن محمود في ص 19و34 أن ابن خلدون تصدى في مقدمته لتدقيق التحقيق فيها ـ يعني أحاديث المهدي ـ و حكم عليها بالضعف .
و الجواب أولا أن ابن خلدون اعترف بسلامة بعضها من النقد حيث قال بعد إيراد الأحاديث في المهدي : فهذه جملة الأحاديث التي خرجها الأئمة في شأن المهدي و خروجه آخر الزمان و هي كما رأيت لم يخلص منها من النقد إلا القليل و الأقل منهى ...انتهى ... على أن ابن خلدون فاته الشيء الكثير من الأحاديث .
و ثانيا : ان ابن خلدون مؤرخ و ليس من رجال الحديث فلا يعتمد به في التصحيح و التضعيف و إنما الاعتداد بذلك بمثل البيهقي و العقيلي و الخطابي و الذهبي و ابن تيمية و ابن القيم و غيرهم من أهل الرواية و الدراية الذين قالوا بصحة الكثير من أحاديث المهدي فالذي يرجع في ذلك إلى ابن خلدون كالذي يقصد الساقية و يترك البحور الزاخرة وعمل ابن خلدون في نقد الأحاديث أشبه ما يكون بعمل المتطبب إذا خالف الأطباء الحذاق المهرة.
و قد أحسن الشيخ أحمد شاكر في تخريجه أحاديث مسند الإمام أحمد حيث قال : أما ابن خلدون فقد قفا ما ليس له به علم و اقتحم قحما لم يكن من رجالها ... و قال أنه تهافت في الفصل الذي عقده في مقدمته للمهدي تهافتا عجيبا و غلط أغلاطا واضحة .
و قد صحح الذهبي جملة من الاحاديث الواردة في المهدي و ذلك في كتابه تلخيص المستدرك و كذا شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه منهاج السنة النبوية و ابن القيم في كتابه المنار المنيف في الحديث الصحيح و الضعيف و ابن كثير في النهاية و في كتابه التفسير و نقل ابن حجر في كتابه فتح الباري جملة من أقوال أهل العلم في ذلك و سكت عليها و من ذلك كلام أبي الحسين اأبري في تواتر أحاديث المهدي.
و نجزم بخروج رجل من أهل البيت آخر الزمان اسمه محمد بن عبدالله يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا .
كون أحاديث المهدي لم ترد في الصحيحين لا يؤثر ذلك في قبولها فما صح من الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه و سلم فهو مقبول سواء كان في الصحيحين أم لم يكن فيهما .
و قد قال السفاريني في عقيدته : فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم و مدون في عقائد أهل السنة و الجماعةـ انتهى.
و ما ادعاه ابن خلدون من أن الأحاديث في المهدي كلها منقولة عن الشيعة مردود بأن أحاديث المهدي عند أهل السنة مدونة في كثير من الكتب المعتمدة في السنن و المسانيد و غيرها بأسانيد تنتهي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن طريق صحابته الكرام رضي الله عنهم .
ذكر الشيخ ابن محمود في صفحة 20
أن محمد فريد وجدي صاحب دائرة معارف القرن العشرين ممن ضعف أحاديث المهدي و نقل كلامه في ذلك و أحب أن يضيف الشيخ ابن محمود إلى معلوماته أن محمد فريد وجدي في كتابه المذكور ج 8 ص 788 إعتبر جميع الأحاديث الواردة في الدجال موضوعة بناء على شبه عقلية و أكثر أحاديث الدجال في الصحيحين للبخاري و مسلم كما هو معلوم و ما دام أن أحاديث الدجال على كثرتها في الصحيحين و في غيرهما حظها من محمد فريد وجدي أن يبطلها بجرة قلم و يحكم عليها جميعا بأنها موضوعة ملفقة فمن باب أولى إبطال أحاديث المهدي لأنها دونها في الكثرة و الصحة و قد يكون من المناسب هنا أن أناقش بإيجاز محمد فريد وجدي في شبهه العقلية الأربع التي اعتمد عليها في توهي أحاديث الدجال و قال عنها أنها لا تقبل المناقشة.
قوله لماذا لم يذكر في القرآن عن هذا المسيح الدجال شيئا مع خطورة أمره و عظم فتنته كما تدل عليه الأحاديث الموضوعة فهل يعقل أن القران يذكر ظهور دابة الأرض و لا يذكر ظهور ذلك الدجال الذي معه جنة و نار يفتتن به الناس .
و الجواب عن هذه الشبهة أن الله تعالى قال في كتابه العزيز : و ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا و قال صلى الله عليه و سلم : ألا أني أوتيت القرآن و مثله معه يعني السنة و السنة و القرآن متلازمان لا يفترقان و من لم يؤمن بالسنة لم يؤمن بالقرآن و من زعم فصل السنة عن القرآن يقال له أين وجدت في القرآن أعداد الصلوات و أعداد ركعاتها و كيفيتها و غير ذلك مما لا يعرف توضيحه و بيانه إلا في السنة التي هي شقيقة القرآن و الموضحة و المبينة له ، و لم تعدم السنة منذ أزمان أعداء لها هم في الحقيقة أعداء للقرآن يشككون فيها و يحاولون فصلها عن القرآن و قد هيأ الله من العلماء من يذب عنها و يدحض شبه أعدائها و منهم الحافظ السيوطي فقد ألف رسالة لطيفة سماها مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة افتتحها بعد حمد الله بقوله : اعلموا يرحمكم الله إن من العلم كهيئة الدواء و من الآراء كهيئة الخلاء لا تذكر إلا عند داعية الضرورة و إن مما فاح ريحه في الزمان و كان دارسا بحمد الله منذ زمان و هو أن قائلا رافضيا زنديقا أكثر في كلامه أن السنة النبوية و الأحاديث المروية زادها الله علوا و شرفا لا يحتج بها و أن الحجة في القرآن خاصة إلى أن قال : فاعلموا رحمكم الله أن من أنكر كون حديث النبي صلى الله عليه و سلم قولا كان أو فعلا بشرطه المعروف في الأصول حجة كفر و خرج عن دائرة الإسلام و حشر مع اليهود و النصارى أو مع من شاء الله من فرق الكفرة روى الإمام الشافعي رضي الله عنه يوما حديثا و قال إنه صحيح فقال له قائل : أتقول به يا أبا عبدالله فاضطرب و قال : يا هذا أرأيتني نصرانيا ؟ أرأيتني خارجا من كنيسة ؟ أرأيت في وسطي زنارا ؟ أروي حديثا عن رسول الله و لا أقول به ].
قال الشيخ ابن محمود ص 37 : إن فكرة المهدي هذه لها أسباب سياسية و اجتماعية و دينية و كلها نبعت من عقائد الشيعة و كانوا هم البادئين باختراعها و ذلك بعد خروج الخلافة من آل البيت و استغلت الشيعة أفكار الجمهور الساذجة و تحمسهم للدين و الدعوة الإسلامية فأتوهم من هذه الناحية الطيبة الظاهرةو وضعوا الأحاديث يروونها عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في ذلك و أحكموا أسانيدها و أذاعوها عن طرق مختلفة فصدقها الجمهور الطيب لبساطته و سكت رجال الشيعة لأنها في مصلحتهم و كانت بذلك مؤامرة شنيعة أفسدت بها عقول الناس و امتلأت بأحاديث تروى و قصص تقص نسبوا بعضها إلى النبي صلى الله عليه و سلم و بعضها إلى أئمة أهل البيت و بعضها إلى كعب الأحبار و كان لكل ذلك أثر سيء في تضليل عقول الناس و خضوعهم للأوهام كما كان من أثر ذلك الثورات و الحركات المتتالية في تأريخ المسلمين ففي كل عصر يخرج داع أو دعاة يزعم أنه المهدي المنتظر و يلتف حوله طائفة من الناس و يتسببون في آثاره الكثيرة من الفتن و هذا كله من جراء نظرية خرافية هي نظرية المهدي و هي نظرية لا تتفق مع سنة الله في خلقه و لا تتفق مع العقل الصحيح انتهى كلام الشيخ ابن محمود.
قال الأستاذ أحمد أمين في كتاب ضحى الإسلام ج 3 / 241 و فكرة المهدي هذه لها أسباب سياسية و اجتماعية و دينية ففي نظري أنها نبعت م نالشيعة و كانوا هم البادئين باختراعها و ذلك بعد خروج الخلافة من أيديهم و قال : في ج3 / 243 و استغل هؤلاء القادة المهرة أفكار الجمهور الساذجة المتحمسة للدين و الدعوة الإسلامية فأتوهم من هذه الناحية الطاهرة و وضعوا الأحاديث يروونها عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في ذلك و أحكموا اسانيدها و أذاعوها من طرق مختلفة فصدقها الجمهور الطيب لبساطته و سكت رجال الشيعة لأنها في مصلحتهم و قال في ص 243 أيضا حديث المهدي هذا حديث خرافة و قد ترتب عليه نتائج خطيرة في حياة المسلمين و قال في ص 244 : فامتلأت عقول الناس بأحاديث تروى و قصص تقص و نشأ باب كبير في كتب المسلمين اسمه الملاحم فيه أخبار الوقائع من كل لون فأخبار العرب و الروم و أخبار في قتال الترك إلى أن قال : و جعلت هذه الأشياء كلها أحاديث بعضها نسبوه إلى النبي صلى الله عليه و سلم و بعضها إلى أئمة أهل البيت و بعضها إلى كعب الأحبار و وهب بن منبه و هكذا و كان لكل ذلك أثر سيء في تضليل عقول الناس و خضوعهم للأوهام كما كان من أثر ذلك الثورات المتتالية في تأريخ المسلمين ففي كل عصر يخرج داع أو دعاة كلهم يزعم أنه المهدي المنتظر و يلتف حوله طائفة من الناس إلى أن قال . و هذا كله من جراء نظرية خرافية هي نظرية المهدية و هي نظرية لا تتفق و سنة الله في خلقه و لا تتفق و العقل الصحيح انتهى .
و ما قالاه من أن نظرية المهدي نظرية لا تتفق و سنة الله في خلقه و لا تتفق و العقل الصحيح يجاب عنه بأن مثل ذلك لا يصلح أن يطلق عليه نظرية لأنه من الأمور الغيبية التي هي ليست محلا للرأي و النظر و إنما يتوقف قبول ذلك على صحة الحديث به عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وقد صحت الأحاديث بخروج المهدي في آخر الزمان والعقل السليم لا يختلف مع النقل الصحيح بل يتفق معه إذ أن العقل تابع للنقل و هو معه كالعامي المقلد مع المجتهد كما قال ذلك بعض العلماء و خروج المهدي في آخر الزمان متفق مع سنة الله في خلقه فإن سنة الله تعالى أن الحق في صراع دائما مع الباطل و الله تعالى يهيء لهذا الدين في كل زمان من يقوم بنصرته و لا تخلو الأرض في أي وقت من قائم لله بحجته و المهدي فرد من أمة محمد صلى الله عليه و سلم ينصر الله به دينه في الزمن الذي يخرج فيه الدجال و ينزل فيه عيسى بن مريم عليه الصلاة و السلام من السماء كما صحت الأخبار بذلك عن الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه و سلم .
و الأحاديث الواردة في المهدي كما قال العلماء فيها الصحيح و الحسن و الضعيف و الموضوع فكيف يجرأ أحد على ادعاء أن كل ما ورد في المهدي موضوع .
و قال الشيخ ابن محمود ص 39 :
و إننا بمقتضى الاستقراء و التتبع لم نجد عن النبي صلى الله عليه و سلم حديثا صحيحا صريحا يعتمد عليه في تسمية المهدي و أن الرسول صلى الله عليه و سلم تكلم فيه باسمه .
و الجواب أنه ورد فيه أحاديث كثيرة صحيحة قال بصحتها و ثبوتها أهل الصناعة الحديثة قديما مثل الترمذي و أبي الحسين الأجري و أبي جعفر العقيلي و ابن حبان البستي و ابي سليمان الخطابي و الامام البيهقي و القاضي عياض و القرطبي صاحب التفسير المشهور و الحافظ الذهبي و شيخ الإسلام ابن تيمية و الإمام ابن القيم و الحافظ عماد الدين ابن كثير و غيرهم و حديثا بعد القرن العاشر مثل الشيخ علي القاريء و الشيخ عبد الرؤوف المناوي و الشيخ محمد بن اسماعيل الصنعاني و الشيخ صديث حسن خان و غيرهم و ممن استقراها و تتبعها و هو من المحدثين القاضي محمد بن علي الشوكاني مؤلف كتاب نيل الأوطاء قال في كتابه التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي و الدجال و المسيح ، و الأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثا فيها الصحيح و الحسن و الضعيف المنجبر و هي متواترة بلا شك و لا شبهة بل يصدق وصف المتواتر عليها هو أقل منها في جميع الإصطلاحات المقررة في الأصول و أما الآثار عن الصحابه المصرحة بالمهدي فهي كثيرة جدالها حكم الرفع إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك انتهى .
و من أوضح الأحاديث في ذلك الحديث الذي أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي تعال صل بنا فيقول لا إن بعضهم أمير بعض تكرمة الله لهذه الامة .
و نزول عيسى عليه الصلاة و السلام عند المنارة البيضاء شرقي دمشق و قتله الدجال بباب لد و صلاته خلف امام المسلمين في ذلك الزمان ثابت في صحيح مسلم و غيره و كون ذلك الإمام الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه يقال له المهدي ثابت في مسند الحارث بن أبي أسامة .
و من أراد أن يقف على التحقيق المعتبر بشأن المهدي المنتظر فيمكنه ذلك بالاطلاع على الرسالة التي أعدها الشيخ عبد العليم عبد العظيم الهندي و نال بها درجة الماجستير من قسم الدراسات العليا بجامعة الملك عبد العزيز بمكة و التي زادت صفحاتها على ستمائة صفحة و هي بعنوان " الأحاديث الواردة في المهدي في ميزان الجرح و التعديل " و التي مكث في إعدادها مدة تزيد على أربع سنوات جمع فيها ما ورد في الموضوع من الأحاديث و الآثار ودرس أسانيدها و بين ما قاله المحدثون عن أحوال رجالها و ما قاله أهل العلم في صحتها أو ضعفها و نقل فيها الكثير من أقوال العلماء في تواترها و في ثبوتها و الاحتجاج بها و تكلم فيها في موضوع المهدي من مختلف الجوانب مما جعلها بحق أفضل و أوسع مرجع يرجع إليه في هذه المسألة .
على أن وجود رجل يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا يحتمل أن يكون من المحال فقد خلق الله الدنيا و خلق فيها المسلم و الكافر و البر و الفاجر كما قال تعالى : " هو الذي خلقكم فمنكم كافر و منكم مؤمن و الله بما تعلمون بصير " لكون الدنيا دار ابتلاء و امتحان ... و المصارعة لا تزال قائمة بين الحق و الباطل و بين المسلمين و الكفار .
جوابه أن الله على كل شيء قدير و لا يستحيل على قدرة الله شيء هذا أولا و ثانيا أنه لا يلزم من قوله يملأها عدلا انقراض الشر فالشر موجود في زمن المهدي و الصراع بين الحق و الباطل قائم في زمانه و أعظم فتنة في الحياة الدنيا هي فتنة الدجال و خروجه على الناس يكون في ذلك الزمان يوضح ذلك أن قوله : " كما ملئت جورا " لا يدل على انقراض الشر إنما سنة الله في خلقه أن يكون الصراع بين الحق و الباطل في هذه الحياة الدنيا ففي بعض الأزمان يقوى جانب الخير على جانب الشر و أحيانا يقوى جانب الشر و لا تخلو الأرض من أهل الخير إلا في الذين تقوم عليهم الساعة و في زمان المهدي يكون جانب الحق قويا و الخير منتشرا .
الرد على من كذب
بالأحاديث الصحيحةالواردة في المهدي
لفضيلة الشيخ عبد المحسن العبّاد
إن الجهابذة النقاد من العلماء مثل العقيلي و البيهقي و الخطابي و القرطبي و الذهبي و ابن تيمية و ابن القيم و ابن كثير و السخاوي و غيرهم من المتقدمين و المتأخرين قالوا بصحة كثير من الأحاديث الواردة في المهدي و منهم من قال بأنها متواترة و هم أهل الخبرة في الحديث و الاختصاص فيه و إليهم المرجع في معرفة صحيحه و ضعيفه .
و الذي اشتهر عنه في القرون الماضية محاولة تضعيف أحاديث المهدي و هو ليس من أهل الاختصاص ابن خلدون و مع ذلك اعترف بسلامة بعضها من النقد.
و إن أهل السنة و الجماعة يقولون بتصديق الأحاديث الصحيحة الواردة في المهدي لثبوتها عن الرسول صلى الله عليه و سلم و هو عندهم غير معصوم و ما هو إلا رجل كأحد أفراد الناس إلا إنه عادل يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.
و قد قال الإمام أبو الحسين محمد بن الحسين الأبري المتفي سنة 363 ه في كتابه مناقب الشافعي و قد تواترت الاخبار و استفاضت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم بذكر المهدي و أنه من أهل بيته و أنه يملك سبع سنين و أنه يملأ الأرض عدلا و أن عيسى يخرج فيساعده على قتله الدجال و أنه يؤم هذه الأمة و يصلي عيسى خلفه و كلام أبي الحسين الأبري هذا نقله عن الإمام ابن القيم في كتابه المنار المنيف في الصحيح و الضعيف و نقله عنه قبله القرطبي في التذكره في أحوال الموتى و أمور الآخرة و أبو الحجاج المزى في كتابه تهذيب الكمال و نقله بعدهم الحافظ ابن حجر المقلاني في كتابيه تهذيب التهذيب و فتح الباري و نقله السيوطي في العرف الوردي في أخبار المهدي و نقله غير هؤلاء من الأئمة .
و بينت أن نزول عيسى عليه الصلاة و السلام عند المنارة البيضاء شرقي دمشق و قتله الدجال بباب لد و صلاته خلف إمام المسلمين في ذلك الزمان ثابت في صحيح مسلم و غيره و كون ذلك الإمام الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه يقال له المهدي ثابت في مسند الحارث ابن أبي أسامة .
و أما قول القائل فكرة المهدي و سيرته و صفته لا تتفق مع سيرة رسول الله صلى الله عليه و سلم و سنته بحال فقد أثبت التأريخ الصحيح حياة رسول الله صلى الله عليه و سلم من بداية مولده إلى حين وفاته كما أثبتها القرآن و ليس فيها شيء من ذكر المهدي كما لا يوجد في القرآن شيء من ذلك فكيف يسوغ لمسلم أن يصدق به و القرائن و الشواهد تكذب به .
معلوم أن حد الحديث النبوي الشريف عند أهل الحديث ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه و سلم من قول أو فعل أو تقرير او وصف خلقي أو خلقي و كتب الحديث الشريف مليئة بالنصوص الواردة في المهدي و فيها كما قال أهل العلم بالحديث الصحيح و الحسن و الضعيف و الموضوع.
و إن المسلم الناصح لنفسه لا يصدق و يكذب تبعا للهوى و إنما يكون تصديقه أو تكذيبه متمشيا مع النصوص الشرعية فيجعل النقل حكما على العقل لا أن يجعل العقول محكمة في القول فيقع في فضول القول و رديء الكلام .
و أما قولهم إن القول بخروج المهدي على فرض صحته أي من حيث الاخبار ليس من عقائد المسلمين فقال في ص 56 و أنه على فرض صحة هذه الأحاديث أو بعضها أو تواترها بالمعنى حسب ما يدعون فإنها لا تعلق لها بالعقيدة الدينية و لم يدخلها علماء السنة في عقائدهم .
و الجواب عن ذلك من وجوه :
الأول : أن مذهب أهل السنة و الجماعة التصديق بكل ما صح عن رسو ل الله صلى الله عليه و سلم من أخبار و سواء في ذلك ما عقلناه و جهلناه و لم نطلع على حقيقة معناه مثل حديث الاسراء و المعراج و من ذلك أشراط الساعة مثل خروج الدجال و نزول عيسىبن مريم عليه السلام فيقتله و خروج يأجوج و مأجوج و خروج الدابة و طلوع الشمس من مغربها و أشباه ذلك مما صح به النقل .
و إن قال البعض دعوى المهدي في مبدئها و منتهاها مبنية على الكذب الصريح و الاعتقاد القبيح .
و ممن صحح بعض الأحاديث الواردة في المهدي الامام الترمذي في جامعه و منهم الحاكم في المستدرك و وافقه الحافظ الذهبي في تلخيصه في تصحيح جملة منها و منهم الامام محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي صاحب التفسير المشهور المتوفى سنة 671 ه فقد قال في كتابه التذكرة في أحوال الموتى و أمور الآخرة بعد ذكر حديث و لا مهدي إلا عيسى بن مريم و بيان ضعفه قال : و الأحاديث عن النبي صلى الله عليه و سلم في التنصيص على خروج المهدي من عترته من ولد فاطمة ثابتة أصح من هذا الحديث فالحكم بها دونه و منهم الامام ابن تيمية المتوفى سنة 728 ه فقد صحح بعض الأحاديث الواردة في المهدي و ذلك في كتابه منهاج السنة و منهم الامام ابن القيم المتوفى سنة 751 ه فقد صحح في كتابه المنار المنيف جملة من الأحاديث الواردة في المهدي و أشار إلى ضعف بعض ما ورد في ذلك و منهم الامام ابن كثير المتوفى سنة 774 ه فقد تكلم في كتابه النهايةعلى كثير من الأحاديث الواردة في المهدي مبينا الصحيح و الضعيف في ذلك .
عدد علماء السنة الذين قالوا بلزوم الاعتقاد بالمهدي في آخر الزمان :
1. الإمام أبو داود صاحب السنن المتوفى سنة 275ه
2. الإمام أبو عيسى الترمذي صاحب الجامع المتوفى سنة 279 ه
3. الحافظ أبو جعفر العقيلي صاحب كتاب الضعفاء المتوفى سنة 233 ه
4. الإمام ابن حبان البستي صاحب الصحيح المتوفى سنة 354 ه
5. الحافظ أبو الحسين محمد بن الحسين الآبري السجري صاحب كتاب مناقب الشافعي المتوفى سنة 363 ه
6. الإمام أبو سليمان الخطابي صاحب معالم السنن و غيره المتوفى سنة 388 ه و اثباته لخروج المهدي في آخر الزمان ذكره ، صاحب تحفة الأحوزي في شرح جامع الترمذي في شرح حديث أنس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان و تكون السنة كالشهر و الشهر كالجمعة ... الحديث.
7. الامام البيهقي صاحب السنن الكبرى و غيره المتوفى سنة 458 ه و قد مر حكاية كلامه و كلام غيره في تصحيح بعض احاديث المهدي في رقم 35 .
8. القاضي عياض صاحب كتاب الشفاء المتوفى سنة 544 ه
9. الامام القرطبي المفسر المشهور و صاحب كتاب التذكرة في أحوال الموتى و أمور الآخرة المتوفى سنة 671 ه
10. الامام ابن تيمية صاحب الكتب الكثيرة الشهيرة المتوفى سنة 728 ه و كتابه الذي صحح فيه بعض الأحاديث في المهدي منهاج السنة النبوية .
11. الامام أبو الحجاج المزى صاحب كتاب تهذيب الكمال المتوفى سنة 742 ه
12. الامام الذهبي صاحب الكتب الكثيرة المتوفى سنة 748 ه و الكتاب الذي صحح فيه بعض الأحاديث في المهدي تلخيص المستدرك .
13. الامام ابن القيم صاحب الكتب الكثيرة المتوفى سنة 751 ه و الكتاب الذي صحح فيه بعض الأحاديث في المهدي ، المنار المنيف في الصحيح و الضعيف .
14. الامام عماد الدين ابن كثير صاحب الكتب الكثيرة المتوفى سنة 774 ه و قد صحح بعض الأحاديث في المهدي في كتابه النهاية .
15. الحافظ ابن حجر العسقلاني صاحب فتح الباري و تهذيب التهذيب و غيرهما المتوفى سنة 852 ه
16. الحافظ السخاوي صاحب كتاب فتح المغيث في شرح الفية الحديث المتوفى سنة 902 ه
17. الحافظ السيوطي صاحب الكتب الكثيرة و كتابه المهدي العرف الوردي في اخبار المهدي و كانت وفاته سنة 911 ه
18. الأمير محمد بن اسماعيل الصنعاني صاحب كتاب سيل السلام و غيره المتوفى سنة 1182 هـ و كلامه في المهدي و خروجه في آخر الزمان ذكره صديق حسن في كتابه الاذاعة .
19. القاضي محمد علي الشوكاني صاحب التفسير و كتاب نيل الأوطار و غيرهما المتوفى سنة 1250 ه و كلامه في المهدي في رسالة سماها : التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي و الدجال و المسيح نقل الشيخ صديق في كتابه الاذاعة عن هذا الكتاب .
20. الشيخ محمد بشير السهواني صاحب كتاب صيانة الانسان عن وسوسة دحلان المتوفى سنة 1326 ه
21. الشيخ شمس الحق العظيم آبادي صاحب عون المعبود شرح سنن أبي داود المتوفى سنة 1329 ه
22. الشيخ عبد الرحمن المبار كفوري صاحب كتاب تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي المتوفى سنة 1353 ه
ثم يقول الشيخ عبد المحسن و هؤلاء الذين ذكرتهم قطرة من بحر من علماء أهل السنة القائلين بخروج المهدي في آخر الزمان استنادا إلى الأحاديث الصحيحة في ذلك و هم الرواية و الدراية و هم أهل الخبرة و الاختصاص و هم العلماء المحققون الذين يعول على حكمهم و هم أهل الجرح و التعديل و التصحيح و التضعيف و هم أهل العلم و الدين و هم أهل الكمية و الكيفية ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق