الجمعة، 9 أغسطس 2013

عيدكم مبارك

عيد مباركٌ بطهر الإيمان وسكينة الإيقان ونفحات الرحمن
لسعادة الدارين قرباً إلى الله تعالى بنور العلم وكرامة العدل
آمين رب العالمين- (محمد كاظم الخاقاني)
 
 
 


@ صحة وقوع مثل هذه العبارات من قبل الإمام علي عليه السلام


صحة وقوع مثل هذه العبارات من قبل الإمام علي عليه السلام

                   

 إسم السائل: ابو محمد

السؤال:

سماحة الشيخ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يمكن ان تصدر من الامام علي عليه السلام مثل هذه العبارة ((يفعله أضيق حلقة است منك))
ألا تعتبر مثل هذه العبارة غير لائقة

الاحتجاج – الشيخ الطبرسي – ج 1 – ص 118
وكان أبو بكر قال لخالد بن الوليد : إذا انصرفت من صلاة الفجر فاضرب عنق علي . فصلى إلى جنبه لأجل ذلك وأبو بكر في الصلاة يفكر في العواقب فندم فجلس في صلاته حتى كادت الشمس تطلع يتعقب الآراء ويخاف الفتنة ولا يأمن على نفسه . فقال قبل أن يسلم في صلاته : يا خالد لا تفعل ما أمرتك به – ثلاثا – وفي رواية أخرى لا يفعلن خالد ما أمر به ، فالتفت علي عليه السلام فإذا خالد مشتمل على السيف إلى جانبه فقال : يا خالد ما الذي أمرك به ؟ قال : بقتلك يا أمير المؤمنين قال : أو كنت فاعلا ؟ فقال ، أي والله لولا أنه نهاني لوضعته في أكثرك ( 1 ) شعرا فقال له علي عليه السلام : كذبت لا أم لك من يفعله أضيق حلقة است منك ، أما والذي فلق الحبة وبرئ النسمة لولا ما سبق به القضاء لعلمت أي الفريقين شر مكانا واضعف جندا 

 

الجواب:

أيها الأخ العزيز لقد كان عمرو بن العاص تجسيدا للمكر تفتخر شياطين الجن والإنس بالإنتساب إلى مدرسته ولو ساعة واحدة لكن الحظ يوماً من الأيام ما كان محالفا له فوجد نفسه وجهاً لوجه في معركة صفين في مقابل علي عليه السلام فاستعان بدلاً من الله تعالى بأسته لعلمه بأن سيف الشرف لا يقدّ إلا هامات الرجال فمكث أمام علي عليه السلام على هيئة الساجد مطمئنا قرير العين ولما شاع خبره قال له معاوية ساخراً، أحمد الله وأستك اليوم يا عمرو، أجل هكذا عرف علياً حتى أمثال عمرو بن العاص وهو عليه السلام نفس رسول الله (ص) بنص الكتاب المجيد حيث يقول تعالى في حق محمد صلى الله عليه وآله : (وإنك لعلى خلق عظيم) فكما وأن علياً عليه السلام هو مظهر العدل والعلم الربوبي فهو كذلك مظهر الخلق العظيم وهو القائل في معركة صفين لبعض أصحابه لمّا بلغه أنهم يسبون معاوية وعمرو بن العاص لا تكونوا سبابين فهذه هي المدرسة العلوية المحمدية فلو وصلنا من الصحاح فضلاً عن ضعاف الأخبار ما يحيد عن منهج الخلق الكريم لضربنا بها عرض الجدار .

 

وثانياً: إن أبابكر ليعلم علم اليقين بأن قالع باب خيبر لا يقضى عليه بالسيف وليس أمثال خالد ولا عشرة من أمثاله إن جد الجد يقفون بوجه علي عليه السلام ولذا حينما إصطف الجيشان قبل معركة البصرة وبعث علي عليه السلام إلى الزبير يريد محادثته وتذكيره بقول رسول الله (ص): يا زبير لتقاتلن علياً وأنت له ظالم قالت عائشة واثكل أسماء فلما قيل لها إن علياً حاسر لا درع عليه ولا سيف بيده حمدت الله تعالى حيث كانت تظن أنه جاء يدعو الزبير للمبارزة وإلا فهي على الرغم من كل حقدها لعلي عليه السلام وأهل البيت تعلم أن علياً لا يغدر بأحد.

 

وثالثاً: إن من يريد قتل علي عليه السلام لابد أن يكون القتل غيلة أو بسمٍ أما أن يقتله بين صفوف الصلاة فهو أمر غير معقول والقوم أدهى من أن يرتكبوا مثل هذا الخطأ والفضيحة على رؤوس الأشهاد وإن شئت أن تعرف مدى هذا الدهاء فراجع خطبة أبي بكر في مقابل الصديقة الطاهرة الزهراء عليها السلام في المسجد النبوي وتأمل فيها بإمعانٍ فستجد أمراً لا يكاد يصدقه العقل حيث أخرج الرجل نفسه من الخصم إلى الأب العطوف الباذل ماله لفاطمة عليها السلام المتفضل عليها .

 

ورابعاً: إن القضية غير معقولة حتى في كيفيتها بأن يقول الرجل قبل نهاية الصلاة ثلاثاً لا تفعل يا خالد.

 

وبالجملة: فمثل هذه الأحاديث لا نصدّقها في حق أتباع علي كأبي ذر وعمار ومالك فضلاً عمّن هو مظهر تجليات الحق تعالى فهي مردودة إجمالاً وتفصيلاً لا ينبغي الإصغاء إليها فضلاً عن قبولها والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


--
مع تحيات ادارة موقع سماحة الاستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني


كما يمكنكم متابعتنا على كل من 

@ إستفسار حول حكومة الإمام المهدي عج- أسئلة في الإمامة


إستفسار حول حكومة الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف

                     

 إسم السائل : أبو علي حس
​​
ن

 

السؤال:

السلام عليكم
لقد استمعت لبعض المحاضرات الصوتية لجنابكم وقد اعجبني اسلوبكم واستمتعت كثيرا بطرحكم على رغم كوني لا اع
​​
جب بخطيب او استاذ بسهولة ومن بين المحاضرات التي استمعتها لجنابكم دورس في شرح دعاء كميل وقد استوقفتني مسالة في الشريط الخامس حيث تتعرضون لآل…ية الحكم التي سيعتمدها صاحب الامر عجل الله فرجه وقد استبعدتم ان يكون هناك اي استخدام لولايته التكوينية او الاعجازية في تحقيق دولة العدل الألهي، وقد اطلعت في كتب الغيبة على اثار واحاديث لال البيت صلوات الله عليهم تشير الى ان حكمه حكم داود وسليمان ولا يسأل البينة وجانكم قد ذكرتم بانه لن يحكم بحكم داود ولاحكم سليمان ولن يكون له اعجاز في حكمه بل هو النهاية الحتمية لتخبط الناس وياسهم من كل الاطروحات الانسانية بمختلف عناوينها فتلجئ له عجل الله فرجه وانا لا اختلف معك بهذا التشخيص الجميل ولكنني لا ارى انه يمنع من استخدم شيء من الولاية كما في احاديث مختلفة للعترة الطاهرة وواحدة منها ما ذكرنا وهي الحكم من دون بينة ولا حاجة لشهود…. شاكر لكم خدمتكم للدين والملة وجزاكم الله خير جزاء المحسنين

 

الجواب:

 

بعد التحية والسلام والشكر, المعروض لحضرتكم ان المراد من البحث هو التمييز بين سلطان سليمان عليه السلام بما تحقق فيه من الولاية التكوينية حيث ورد انه لا ينبغي لأحد من بعده عليه السلام وبين دولة العدل الالهي العالمية على يد منقذ البشرية (عج).

 

فإن دولة سليمان عليه السلام على ما يبدو من متابعة الكتاب المجيد وما يستفاد من العقل أن الغاية من تشييدها كان إثبات القدرة الالهية على تحكيم شرع السلام ولذا استخدمت فيها القوة في دعوى أهل سبأ للدخول في دولة الحق وبسطت الدولة على الجن والطير بقوة السلطان وما ذاك الا لإلفات نظر من شاء المعرفة إلى انه لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة فهو أقدر القادرين لكن ذلك يتنافى والغاية التي خلقت الدنيا من أجلها وهي أن تعيش البشرية حياة الاختبار والاختيار ضائعة بارادتها في ظلمات الشهوات والجهل أو سالكة سبل ربها بالجهاد في سبيل الله علما وعملا.

 

و أما دولة العدل الالهي فالغاية من اقامتها اقامة الحجة على الماضين والباقين على ان شرع السلام الذي بدأ به آدم عليه السلام إلى ان ختمه سيد الكائنات محمد (ص) بما أريد من تطبيقه على ايدي اثني عشر نقيب ما كان فرضية وبُعد خيال ليس قابلا للتطبيق بل هو واقع العقل والفطرة وسلام الحق والعدل لكن البشرية حجبتهم حواجب الشهوات والجهل والعصبيات بدوافعها من الحسد والكبر وعليه فلابد وان تقام هذه الدولة العالمية بما يحفظ فيها من جميع بواعث الاختبار والاختيار ويكون رصيد اقامتها القاعدة العامة الشعبية التي يعدها الله تعالى قبل قيام دولة الحق باليأس من كل داعية يدعي السلام والعدل وبالضياع في ميادين الشهوات التي توصل البشرية الى مراحل الاشباع والملل ثم تكون ركيزتها العلم الذي وردت الروايات أنه يكون من ثلاثة وسبعين حرفا باثنين وسبعين حرفا وانه قد جائت قبل ذلك الانبياء بما لا يتجاوز العشرين او الثلاثين حرفا هذا اولا وأما ثانيا فلأجل تطبيق العدل العالمي لا يؤتى بالقادة بما هو من شؤون الظاهر وحسن السلوك كما حصل ذلك على طول التأريخ ولو من قبل الانبياء الكرام بل القادة يختارهم الله تعالى بما لهم من طهر وعلم وقوة ارادة ومن جملة شؤون استخدام العلم الحكم بلا بينة بكشف الحقائق في مواطنها لو سولت لأحد نفسه ان ينكر ما يدعى في حقه.

 

فإن اريد من الولاية ما هو من شأن التمهيد لاقامة دولة الحق او التقويم لها بالعلم بابعاد الكلمة الذي منه تحقيق كل ما ورد من كلام في الكتاب المجيد كالنفوذ في اقطار السماوات وطي الارض في اسرع من طرفة عين واحياء الموتى من بعض الصالحين والطالحين الى غير ذلك فانه مما لا ريب فيه لان دولة الحق والعدل هي دولة العلم ودولة الحرية التي اساس قوامها على ما جائت به الانبياء جميعا من (لا إكراه في الدين ) ومن أن الانبياء جميعا حدود دعوتهم هي (إنما انت بشير ونذير) .

 

وما أريد نفيه في المحاضرات انما هو ما يكون من الولاية والهيمنة والسلطان داعيا لقهر الناس او الجائهم الى قبول دولة الحق كالظهور بمظاهر القهر والسلطان الالهي او اظهار الملائكة الكرام او الجنان او النيران الذي يدعو الى ان يكون القبول مستندا لمحسوس لا يدع للاختيار والاختبار مجالا ولا للصراع بين الحق والباطل ميدانا في حين انه لابد من ان يكون البديل هو العقل و واسع ابواب العلم حيث ان الظهور يكون في عصر العلم ليثبت الحق تعالى ان البشر مهما بلغ في مراتب العلم فهو يعيش بدايات لا تقاس بواسع بحور العلم التي يأتي بها عجل الله تعالى فرجه وتكون هي الاساس والمدعاة لقبول دولة الحق إضافة على ما يحصل من مقدمات تمهيدية كما تقدم في المحاضرات و ركيزة اساسية هي العدل الحقيقي الذي طالما ادعاه المبطلون الدجالون باسم اليهودية او النصرانية او الاسلام على اختلاف مذاهبه سنية وشيعية وما ادعاه ويدعيه سماسرة الغرب والشرق من الشيوعيين والاشتراكيين والعلمانيين تحت عناوين  خلابة ومنها الديمقراطية وحقوق الانسان الذي ما كان الا كمخدر للشعوب ومصيدة لتحريف الاذهان عن واقع المراد والغاية وأي كرامة وحقوق للانسان يمكن ان تدعى مع مثل استخدام الفيتو وغيره من اباطيل ما جاء بها العقل ولا العدل من سلطان .

 

وبالجملة تقام دولة العدل الالهي بسنن الله التي اجراها على الارض طيلة القرون وكان الانسان عنها غافلا للجهل والعصبيات وحجب الظلمات حيث أنه (عج) يظهر في زمن لا يقول القائل في جواب من يقول له سلوني قبل أن تفقدوني كم شعرة في لحيتي يا امير المؤمنين ولا يقول بأزاء قول القائل سلوني ما بدى لكم قبل الساعة فيقول يا رسول الله لا تفضحنا بما اطلعت عليه من خفي امرنا في ما ارتكبناه في ايام الجاهلية بل يكون الكلام عن العلم وأبعاد ما يقرب الى الله تعالى .

 

فزمن الظهور زمن العلم وزمن اليأس من كل داعية وطاغية وزمن الملل والضياع من كل متاهات الشهوات وان الحكم بلا بينة من مظاهر العلم وليس مما يسوق الى الالجاء الى قبول دولة العدل كما وان اختيار الرجال من قبل الحق تعالى او الحجة (عج) لاقامة دولة العدل حتى لا تقع الاخطاء من قبل القائمين على الحكم بمعنى انه لا يختار الا من كان زكيا طاهرا عدلا في واقع مكنون سره لا بحسب المظاهر التي جرى عليها العمل في زمن الانبياء والاولياء السابقين وهذا ايضا من شؤون العلم ومراتبه التي لا ترجع الى الالجاء لان الله تعالى يريد بقاء امرين حتى في زمن العدل الالهي احدهما فتح الباب لصراع الحق والباطل على صعيد العقلية البشرية لمن شاء ايَّ الطريقين ليبقى باب العناد والمغالطات والقاء الشبهات مفتوحا الى زمن ظهور اشراط الساعة وعلى صعيد العمل ايضا يبقى صراع الحق والباطل مفتوحا حتى لا يسد باب الاختيار وما ذاك الا لان قاعدة (لا اكراه في الدين) هي التي تكون ميزانا لدولة الحق حتى لا يكون قبول الحق مدعاة للالجاء والدخول الى الاسلام في دولة الحق العالمية بل لعدلها وقيامها على اسس العلم وعليه فنقول ان استخدام الولاية التكوينية التي لا تتنافى والاختيار ولا بقاء الصراع بين الحق والباطل لا مانع منها والتي تنافي بقاء الاختيار وتكون مدعاة لسد باب الصراع بين الحق والباطل لا يمكن ان تقام بها دولة الحق فكل ولاية تصل الى استخدام اسماء القهر الالهي كالسلطان والمهيمن التي هي من مشاهد اشراط الساعة او من مظاهر يوم القيامة وكل ما يكون مانعا من بقاء الصراع بين الحق والباطل كاظهار الملائكة الكرام او الجنان والنيران وكل ما يكون مدعاة لقبول دولة الحق بالجبر والقوة كما كان في حكومة سليمان عليه السلام التي ورد لا ينبغي لاحد من بعده لا تكون جارية في زمن قيام دولة العدل الالهي وكذا كل اعجاز يكون من هذا القبيل والا فسيأتي بأعظم اعجاز وهو العلم على جميع الاصعدة سواء منها النفوذ الى اقطار السماوات واحياء بعض الموتى من رؤساء المتقين والمنافقين او ما كان منها على صعيد الاقتصاد والسياسة وغيرهما من كافة العلوم كما وانه يقوم بتحقيق كلما ورد في القرآن المجيد من طي الارض والنفوذ في اقطار السموات والحكم بلا بينة لانه من شؤون العلم وابعاده التي لا تسد الباب امام النزاع بين الحق والباطل وان مسألة الاعجاز كما هو معلوم من الاسم ما كان في الغالب الا بازاء المعاندين تعجيزا لهم في كلما يعود الى شؤون الرسالة توحيدا او نبوة او امامة او غير ذلك ومن الواضح ان الابواب لا تكون مفتوحة لامثال هؤلاء المعاندين والمغالطين في زمن هيمنة العلم والعدل فدولة الحق لا تحتاج الى اقامة معاجز في مقابل امثال هؤلاء المعاندين لان الذهنية في زمن الظهور ليست تابعة لامثال هؤلاء من الناس الذين كانوا لمكانتهم القبلية والاجتماعية يحرفون الاذهان كالكثير من الاشراف ومشيخة العشائر وليست الذهنية كما تقدم تابعة لمن يسمى بامير المؤمنين ولو كان من اعظم مظاهر الجبابرة والشياطين ولا تنصاع البشرية ولا المسلمون الى قول القائل يجب طاعة الحاكم ولو كان جائرا فاسقا بجعل احاديث مفتراة على لسان رسول الله من أنه كان يقول يجب طاعة الحاكم ولو ضرب ظهوركم وسلب اموالكم وان كون الاساس في دولة الحق والعدل العالمي ليست قائمة على بعض الامور التي اشرت اليها في المحاضرات ليس معناه انه لا يجري ذلك مطلقا ولو اقتضى الامر في بعض الموارد الخاصة اجرائه او بالنسبة الى بعض الافراد لكبح جماحهم او لايقاف عدوانهم وفي الختام اتمنى ان اكون قد اجبت على ما هو مورد السؤال واوضحت ما هو المراد من المحاضرات كما وانني مستعد باذن الله ان اجيب على اي تسائل آخر وفقنا الله واياكم لأن نكون أهلا لنصبح في ركب طلعة النور والهدى ان كان الظهور قريبا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 
--

مع تحيات ادارة موقع سماحة الاستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني


كما يمكنكم متابعتنا على كل من 

@ حكم القيام ببعض الممارسات في الشعائر الحسينية

حكم القيام ببعض الممارسا
​​
ت في الشعائر الحسينية

 إسم السائل: أبو السيد احمد
​​

 

السؤال:

السلام علیکم ورحمة الله وبرکاته،، عظم الله أجورکم بمصاب إبی عبدالله الحسین علیه السلام ، أود معرفة حکم القیام ببعض الممارسات فی الشعائر الحسینیة وعلاقة ذلك بما روي عن إمامنا الصادق عليه السلام كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم وما روي عن سليمان بن مهران انه قال:دخلت على جعفر بن محمد الصادق وعنده نفر من الشيعة وهو يقول:معاشر الشيعة كونوا لنا زينا ولا تكونوا علينا شينا، .. جزاکم الله خیر ودمتم بحفظ العزيز وتوفيقه،، 

 

الجواب:

 

وعليكم السلام وعظم الله اجوركم ايضا بمصاب أبي عبد الله (ع) ولكم منا مزيد الشكر و أما بعد فإنما ما قام به الإمام الحسين عليه السلام و جميع المصلحين في العالم واضح المعالم لا غموض ولا غبار عليه وهو طلب الاصلاح بالعلم والعمل الصالح بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر لإحياء الحق في مقابل الباطل لإخراج الناس من الظلمات الى النور ولإقامة العدل في مقابل الظلم ليعيش الناس حياة الكرامة والعز بعيدين عن الذل والهوان و الاستسلام , حيث ان حياة المعارف والعدل تميت الجهل وتهزم الاستبداد المتمثل بحكام الجور واعوانهم من الدجالين و المنافقين و وعاظ السلاطين.

 

وان احياء أمرهم عليهم السلام هو احياء شرع الله بما قام عليه من هذه الاسس النبيلة المشرقة التي هي اسس النور لطرد ظلمات الجهل و الخرافات وبناء الحقائق على الاوهام والاحلام والدفع بالمجتمع الى آمال بلا رسم مناهج يتضح بها سبيل المتقين بأوصافهم التي اشار اليها امام المتقين علي عليه السلام في نهج البلاغة في وصف المتقين و ما حدده أئمة الهدى عليهم السلام في رسم أطر واضحة تنير كالشمس للسالكين سبل ربهم فارجعوا لمعرفة الحقائق الى صفات المتقين والشيعة ومن عرف الحق عرف أهل الحق وعرف الصحيح من الباطل و ما يخدم الشرع وما يمكن ان يكون شينا بدلا من ان يكون زينا في سبيل الشرع ومن جاهد في الله حق جهاده هداه الله الى سبيل الرشاد المتجلي بسيرة الأنبياء و اوصيائهم الكرام و سلاك دربهم بحق كأبي ذر و المقداد و عمار ومالك الاشتر وسلمان و حجر بن عدي و غيرهم من الابرار على طول التأريخ وسوف يعلم السالك سبيل ربه ان المراد من حب أهل البيت اتباع مسلكهم علما وعملا بواقع التشيع ومن تحلى بالعلم ابتعد عن الاوهام والخرافات و دعم الشرع بالاحلام ومن نهض بالعمل الصالح اخذ بنفسه والمجتمع الى الاصلاح ومثل هذا لايبذل الاموال للشهرات والعناوين تحت عناوين شتى وهو يشاهد بأم عينه بؤس البائسن واضطهاد المحرومين تاركا البلاد والعباد في القرى والارياف تعيش الجهل وهو يخطط في مراكز العلم لغايات توصله لكي يصبح ممن يشار اليه بالبنان وقد كان رسول الله (ص) طبيبا دوارا بطبه وكان ائمة الهدى عليهم السلام لإماتة الجهل ينتقلون من قرية الى اخرى لاحياء النفوس بالعلم والعمل الصالح وبث روح الايمان وتزكية النفوس ومن اتضحت له معالم الشرع بعد جهاد النفس في طلب اصولها من منابعها عرف الحق وأهله كما قال رسول الله (ص) : (اعرفوا الحق تعرفوا أهله) وكما قال علي عليه السلام : ( ان الحق لا يعرف بالرجال اعرفوا الحق تعرفوا أهله) ومن عرف الحق وأهله لم تختلط عليه موازين الشرع في مواطن أصول المعتقد ولا فيما يرجع الى تشخيص الموضوعات الخارجية من أنها هل هي حقا من الشعائر الدينية او ليست كذلك ومن المعلوم انه لا يرجع في تشخيص الموضوعات الخارجية الى احد لانها ليست من مواطن تقليد الرجال غاية الامر قد يسترشد الانسان الساعي لمعرفة الحقائق ببعض العقلاء لتشخيص المصاديق لمزيد من العرفان والاطمئنان.

 

فأيها الأخ الكريم قد يستدل على ما نحن فيه لاستنارة الحكم لا الموضوع الخارجي الذي هو خارج عن محل البحث العلمي بقول الامام الحسين عليه السلام مخاطبا لأخته زينب عليها السلام : (اُخيّه لا تشقي علي جيبا ولا تخمشي عليه خدا ان انا هلكت) وما ورد من الاخبار من اظهار الحزن والبكاء على ما اصاب الحسين عليه السلام واصحابه الكرام سواء على نفس المصاب او البكاء والحزن لما اصيب منهج الحق في مقابل الباطل والعدل في مقابل الظلم والكرامة في مقابل الهوان فإنه يكون من الحزن على مسالك الشرف والكرامة ولم يزل الظالمون والدجالون باسم رسالات السماء ينالون من سبل الشرف والكرامة فقول الامام الحسين اولى بالدلالة على الحكم الشرعي من فعل لغير معصوم قد يستشهد به على المدعى.

 

وبالجملة لا حاجة لكي نبحث عن الغاية التي من اجلها لبى الامام الحسين دعوة أهل العراق فهو بنفسه قد بين ذلك قائلا : (من رأى سلطانا جائرا ولم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله ان يدخله مدخله) وبيّنها بنفسه ايضا حينما قال : (انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي رسول الله (ص) ) هذه هي شعائر الحق لاحياء الامة واستنهاضها لتحقيق الحق في ابعاد المعارف والعدل وهذه هي سيرة جميع الصالحين على طول التأريخ.

 

و اما غير ذلك فهي أفعال ترجع الى حضارات الامم وكيفية اظهارها للحزن او السرور حيث ان اظهار الحزن على مصاب عند امة قد يكون بالتجمع في مكان والصمت فيه لدقائق وعند أخرى بالبكاء او الصراخ والعويل ولربما اظهرت بعض الامم احزانها باللطم او بوضع التراب على الرأس و بلبس السواد وغير ذلك من مظاهر الحزن والأسى على اختلاف حضارات الامم ومثل هذه الامور لايمكن ان تعنون بعنوان شرع لا من حيث العقيدة وأصول الدين ولا من حيث الحكم , نعم ما قام به الحسين (ع) ضد الظلم والظالمين وما دعى اليه من الاصلاح واعادة الامور الى شرع الله تعالى وما ورد من الروايات في البكاء على الحسين واظهار الحزن عليه ما هو الا من الحزن على سبل الكرامة والشرف والحق الذي نال منه الظالمون ولتعيش النفس المؤمنة ذكرى حياة الكرامة والشرف والتضحية في سبيل الحق والعدل وما يقوم به البعض من عمل او مظاهر للحزن فهي افعال خارجية قد يختلف فيها الناس فمن محسّن او مقبّح وناقد ولربما راح ليمر البعض عليها مرور الكرام وما ذلك الا  لأنها من تشخيص الموضوع وهو ما لا يجوز الرجوع فيه الى الفقيه لأن الفقيه يرجع اليه في الحكم الشرعي لا في تشخيص الموضوعات من أنها حسنة او قبيحة او صحيحة او خاطئة وهل أنها تدخل تحت عنوان ما يكون من الفعل الحسن او غير الحسن لأنها من الموضوعات الخارجية ولذا راح ليختلف الناس فيها من أنها هل يصدق عليها أنها من الشعائر الدينية ام لا والفقيه فيها أحد أفراد العرف والمجتمع وليس ممن يقلد في مثل هذه الامور نعم قد ينظر اليها العقلاء من حيث آثارها السلبية او الايجابية وبما يمكن ان ينعكس منها على الشرع او المذهب و المرجع في كون بعض الافعال أيمكن ان تكون حسنة او غير حسنة ومما يمكن ان يطلق عليها شعيرة من الشعائر من حيث الفعل فإن الحَكَم فيها هو العرف والعقلاء وأما من حيث الضرر وعدم الضرر فالمرجع في ذلك أهل الاختصاص او الاطباء هدانا الله و إياكم الى ما يكون زينا لمذهب أهل البيت عليهم السلام و سددنا الى الصواب في العلم والعمل إنه ولي التوفيق . 

أسئلة في الإمامة والولاية

أسئلة وإجابات في الإمامة والولاية
لسماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني
****************
ما هي الأدلة على أن النبي ص والأئمة يحضرون بروحهم وجسدهم مرة ثانية في الدنيا؟

حكم القيام ببعض الممارسات في الشعائر الحسينية؟

إستفسار حول حكومة الإمام المهدي عج

صحة وقوع مثل هذه العبارات من قبل الإمام علي عليه السلام

هل صحيح أن الإمام علي عليه السلام حارب الجن؟

ما هو مفهوم قول الإمام الحسين عليه السلام من لم يلحق بي لم يبلغ الفتح؟

كم عدد أولاد الإمام الحسين عليه السلام؟

سؤال حول اللعن الوارد في زيارة عاشوراء

إذا كان الرسول عارفان بحال الرجلين الأول والثاني لماذا تزوج من ابنتيهما ولم يخبر الأمة عنهما؟

هل يمكن أن نطلق على واقعة الطف بالثورة؟

چرا امام حسین با یاران اندکی قیام کرد وصبر نکرد تا یاران بیشتری پیدا کند؟ (فارسی)

كيف وصل شهداء كربلاء إلى مرتبة أفضل الشهداء؟

لماذا لم يحذر الرسول من فلان وفلان؟

ما هو رأيكم في إدعاء البعض أنه اليماني؟

لماذا لقب محمد بن الإمام علي عليه السلام بإبن الحنفية؟

من هو الأفضل الإنتصاب أو الإنتخاب؟


هل أن للرسول (ص) بنات غير فاطمة عليها السلام؟

هل القول بلزوم جعل الأوصياء بعد الأنبياء من خواص مذهب الشيعة؟

هل كل من قتل الأئمة أو أولاد الأئمة هو ولد زنا؟

ما الفرق بين العصمة الكبرى والصغرى وهل للعباس عليه السلام عصمة؟


أسئلة فلسفية

أسئلة فلسفية
 
إجابات سماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني
على الأسئلة الفلسفية
*********************
 
 
 
 
 


@ ما رأيكم بالفلسفة والعرفان ووحدة الوجود؟- أسئلة فلسفية

ما رأيكم بالفلسفة والعرفان و وحدة الوجود؟



إسم السائل: أبو علي

السؤال:

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على ساداتنا وأولياء نعمتنا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على مخالفيهم ومجانبيهم من الأولين والآخرين سيما الثلاثة المتقدمين على سيدنا ومولانا أمير المؤمنين أبد الآبدين
السلام ‏
عليكم ورحمة الله وبركاته

شيخنا الفاضل محمد كاظم بن محمد طاهر الخاقاني نفع الله بك وزادك نورا وبصيرة ما تقول في الفلسفة والعرفان والتصوف؟ أهي أمور يتوقف فهم العقائد الحقة عليها أو لا أقل تزيد المؤمن بصيرة وهدى أم أنها فضول من القول وترهات إنما تدرس لأن العلم بالشي أولى من الجهل به؟

وهل نحن بحاجة إلى عرفان غير عرفان أهل البيت وسلوكهم النظري والعملي حتى نضطر للإنكباب على الفصوص والفتوحات ومصباح الأنس وما أشبه من كتب القوم؟

ما تقولون نفع الله بكم في مفهوم وحدة الوجود الذي ذهب إليه الصدر الشيرازي تبعا لابن عربي ووافقهما عليه الشاه آبادي والخميني والجوادي وحسن زاده أهو نفس المفهوم الذي حكم المحقق اليزدي في العروة الوثقى وتبعه عليه جملة من محشيها بضلال من يقول به بل كفره ونج
​​
استه إن التزم بلوازمه أم هو مفهوم آخر؟!‏

أفيدونا أفادكم الله من معارف نمير الوحي ومشكاة الهدى والسلام ختام

الجواب:

 

إن الفلسفة على اختلاف المشارب فيها اشراقية ومشائية وغيرها وكذا العرفان والتصوف من العلوم التي لها العلاقة الوطيدة اولا وقبل كل شيء بكل من المعلم والمتعلم من حيث الاداء والفهم فأما ما يعود الى المعلم فإن لفهمه لشرع الله تعالى قبل تمشيه مع مسالك هذه العلوم و إن كان الكثير من مصادرها مأخوذا من آية او رواية مفسرة بحسب فهم صاحبها تفسيرا صحيحا او خاطئا وكذا لحسن بيانه ومدى توغله في فهم المطالب الأثر البالغ على المتلقي لأن من فهم أسس الشريعة أولا ثم دخل للبحث في هذه العلوم تمكن من تمييز السليم منها عن السقيم لكي لا يصبح محض استسلام لها لأن في ذلك من الخطر مالا يخفى و إن كان فيها الكثير من العقليات والمطالب العالية او المبينة والشارحة لمنهج الشرع القويم ولذا ربما ساق المعلم التلميذ الى مزيد من الهداية والرشاد او الى مهابط التشكيك والأخطاء حتى بالنسبة لبعض مسلمات الشرع كالتوحيد او المعاد من حيث كونه جسمانيا او روحانيا فقط وكذا ما يعود الى الجنان والنيران من أنهما بفعل فاعل قادر وهو الله تعالى او أنهما تابعان للملكات والماهيات بتبع مجاري الفيض.

 

وأما ما يعود الى المتعلم فلاعتدال سليقته ورصانة معارفه الإلهية بالكتاب والسنة ومناهج أهل بيت الهدى عليهم السلام قبل الدخول لمعرفة هذه العلوم الأثر البالغ ايضا في صحة تلقيه وأخذه ما يكون مفيدا منها ونبذه لبعض الاباطيل والخرافات والادعاءات التي ما انزل الله بها من سلطان والتي لم يدع عشر معشارها حتى بالنسبة الى اكابر العرفاء الحقيقين الذين شهدت السنة الصدق والحق من الأنبياء واوصيائهم الكرام بحقانية عرفانهم وإيمانهم كأبي ذر وعمار ومالك الاشتر وهشام بن الحكم وزكريا ابن آدم ونظرائهم من نوادر الخلق عليهم آلاف التحية والسلام.

 

كما وأن عدم صبر كثير من طلاب هذه العلوم على مشاق بعض المصطلحات وعمق بعض المطالب ورغبتهم الشديدة على الحصول على مزيد من معارفها بأسرع وقت ممكن بإعتقادهم ربما راح ليدفع بالبعض الى الانتقاء وعدم التتلمذ على أيدي أساتذة هذه العلوم ظنا منهم أن مجرد المطالعة قد تكفي لفهم المطالب ولذا راح الكثير منهم ليعبر من كتاب لآخر كقافز من أسفل سلم الى أعلاه بلا مكث وتروٍ في أعماق المطالب وما هو المراد من بعض الكلمات التي قد يبدو من مضامين بعضها بحسب ظهورها البَدْوي الأولي او بحسب مصطلحها الخاص الفلسفي او العرفاني خلاف ما هو مراد منها ظانا ان الكلمات بحسب مصطلحات يجمعها جامع واحد في كافة العلوم في حين أن الإجمال الأصولي يختلف عن الإجمال الفلسفي كإختلاف ما بين السماء و الأرض كما و ان الوحدة تختلف بإختلاف المشارب شخصية او تشكيكية او نوعية او جنسية مثلا وماذاك إلا لأن المعارف الحكمية او العرفانية او الكلامية كبقية الأمور العقلية الأخرى سواء كانت حقة او باطلة قد تعجز عن أداء مضامينها قوالب الكلمات وبالأخص إذا لم يكن المتكلم بليغا ولذا ربما ساقت بعض الكلمات او المصطلحات البعض الى أمر قد لا يكون مرادا منها مثل القول بوحدة الوجود الآتي بيانها او كون العالم قديما او كون الواحد لا يصدر منه إلا الواحد و الولاية التكوينية وغيرها من المطالب وهي كثيرة وبالاخص اذا اضيف الى ذلك بعض الشطحات للعرفاء كليس في جبتي إلا الله وسبحاني سبحاني ما اعظم شأني ومزجت روحك في روحي كما تمزج الخمرة بالماء الزلال فإذا مسّك شيئ مسني فأذا انت أنا في كل حال التي لا يدع ظهورها بحسب مفهومها العرفي مجالا للسامع ان قائلها مصاب بالهذيان او الانحراف والكفر والالحاد وإن كان ربما وجد لبعض مثل هذه الكلمات حتى الشطحات منها من التأويل والتوجيه ما يتمشى مع مصطلحاتهم التي يخرجها عن الإنحراف وإن كان البعض منها بلا شك قد تكون ناشئة عن الجهل او الكبر فالاستسلام المطلق لمثل هذه العلوم قد يدفع بالإنسان إلى ان يصاب ببعض الشبهات اذا لم يكن رصين العقيدة قبل ذلك بمنهج الصراط المستقيم للرسول وآل بيته الكرام.

 

و أما لحاظ هذه العلوم من حيث نفسها فأيها الاخ الكريم إن الكثير مما في هذه العلوم يعود أمره إلى مصادره العقلية المسلمة او الشرعية من آية او رواية و إن فسّرت بتبع الفهم والمذاق وربما اختلفت الصياغة والمصطلح فمن العقليات المسلمة المبحوث عنها في هذه العلوم كون الأثر لابد له من مؤثر وكون المصنوع لابد له من صانع و إن عبر عنها فلسفيا بأنه لابد لكل معلول من علة ولكل ممكن من واجب للذات وكون الحادث لابد ان يرجع الى قديم و أن الواجب بالذات لابد وان يكون واجبا من جميع الجهات فهذه أدلة توضيحية بما جاء مبسطا على لسان الشرايع من أن صفاته عين ذاته وأنه كائن لا عن حدث ويا من دل على ذاته بذاته.

 

وبالجملة لامانع أن نستنطق العقل ببراهينه لمعرفة الشرع المبين ونستعين به للوصول الى إثبات مناهجه في ميادين التوحيد والنبوة والإمامة و غيرهما كما قد نستعين بالعلوم الأخرى كالرياضيات او الطب او الفيزياء او الكيمياء لفهم شأن من شؤون الشرع نعم هناك من الادعاءات والباطيل في هذه الفنون والعلوم لا يتضرر بها إلا من جاء خالي الذهن عن اسس الشرع مستسلما بتمامه لمناهج هذه العلوم ولو بتأويل وسحب الشرع الى كل ما يقول هؤلاء كقول بعض القائلين منهم لا يعقل ان يعرج الرسول (ص) بجسمه و روحه الى الملأ الأعلى لأنه لا سبيل لعروج عالم الناسوت الى عالم العقل والنور وأنه لا سبيل للقول بالمعاد الجسماني لأنه لا خلود للمادة بل الخلود شأن عالم المجردات و كأن قائل هذه المقالات أحاط بالكون علما فراح ليخلط بين مسلمات العقل ككون المعلول لابد له من علة و الحادث لابد و أن يرجع الى قديم و بينما ما هو من شأن النقاش العلمي وعند عجز العلم لابد من الرضوخ الى الشرع لنستعين بالوحي لمثل هذه الأمور.

 

فبعد هذه المقدمة نقول يستفيد ويستعين بهذه العلوم على فهم الشريعة وفهم ما أشارت إليه من المسالك العقلية ومكارم الخلق الكريم زكاةً من دخلها متحصنا بحصون الشرع عارفا لأسسه ومسلماته ليأخذ منها ما يفيد لإيضاح الشريعة او لتأكيد أصولها لكي لا يقع فريسة لبعض الأباطيل والخرافات والضياع في وديان الخيال والوهم ومزالق الشيطان حيث راح البعض ليرى لنفسه الولاية وأنه في مقام أهل الشهود فمثل هذا قد يكون مدعاة للكبر اكثر من كونه مدعاة للذل في مسالك الربوبية ولا أريد ان أنكر شهود المتقين بسلامة فطرتهم ومتانة منطقهم واستقامتهم على الطريق لدرك الحقائق وشهودها لكن هؤلاء العظماء لا يدعون وهم لأنفسهم متهمون ومن أعمالهم مشفقون وأين منهم من يدعى ما يدعى في حقه وهو يرى الحكام الظالمين خلفاء للرسل و أمراء للمؤمنين.

 

فخير الأمور اوسطها في المقام أيها الاخ الكريم من حيث أسس هذه العلوم لا من حيث رجالاتها وما يدعى في حقهم ولا من حيث بعض أباطيلها وخرافاتها و إن أمكن أن يكون فيما بينهم من أصلح سريرة نفسه وهداه الله لسواء السبيل سبيل محمد و آله الكرام فالوسط في المقام أن يقال إنها علوم مفيدة بما تقدم بيانه من الشرائط للدخول فيها وليس من الفضول والترهات كما و أنها ليست مما يتوقف عليها فهم العقيدة الحقة بأن لا يكون لفهمها سبيل الا من هذه الطرق بل قد يحصل على أعماقها من طلبها من منابعها من المأثورات والخطب والأدعية والسنة والكتاب المجيد شريطة ان يكون أهلا لفهما لأن من جاء ليفسر الكتاب او الأحاديث او الأدعية والخطب بلا علم لا يكون أقل خطرا وخطئا مما في هذه العلوم من الأخطاء.

 

وذلك لأن عرفان اهل البيت عليهم السلام في عروش لا يبلغ معارجها بل مدارجها و اعتابها إلا من عرف موازين العقل ومناهج الاستدلال ومسالك الطهر وزكاة النفس ليشهد الحقائق في محالها كما هي بعيدا عن الظلمات او يقيم عليها البراهين بعيدا عن قيود التقليد وحجب الشهوات ومن المؤسف أن ما عليه المناهج الحوزوية من أصول فقه و معرفة حكم لا يستبان به مثل هذه القمم العوالي في منازل توحيدها ومسالكها الربوبية وعليه فقد نستعين بالمنطق الأرسطي والكثير من المسالك العقلية والعرفانية كمعين لفهم هذه المطالب ليستعين بها الطالب لفهم أعماق هذا العرفان العظيم لأهل البيت عليهم السلام كما يستعين الانسان بكثير من العلوم الأخرى لفهم الشريعة من الرياضيات و الفلكيات والطب والفيزياء والكيمياء.

 

و لو وجد طلاب عرفان أهل البيت عليهم السلام منهجا عقليا ومسلكا عرفانيا في الحوزات أعطى عرفان اهل البيت وسلوكهم النظري والعملي حقه لما سلكوا مسالك المنطق الارسطي والفلسفة والعرفان اليوناني وغيرهما وإن من سلك هذه المسالك من فلاسفة الشيعة وعرفائهم يرون أنفسهم أخذوا الكثير من مناهج أهل البيت عليهم السلام كصاحب المنظومة وصاحب الأسفار وغيرهما و إنما سلكوه من هذه المسالك هي عقلية عامة مشتركة بين جميع العلوم ككون العلة لابد لها من معلول وأن الممكن إن لم يرجع أمره الى واجب بالذات دار او تسلسل وبحث الماهية ولا إقتضائها الذاتي و دليل الصديقين في إثبات التوحيد و قاعدة اللطف في إثبات بعثة الانبياء و جعل الاوصياء للرسل لشرح رسالات السماء وتطبيقها.

 

وحدة الوجود

 

الكلام في هذا المجال عن العين والخارج لا عن اللفظ والمفهوم والقائلون بوحدة الوجود مختلفون في مسالكهم فمنهم من ذهب الى وحدة الوجود الشخصية للبحث عن الحق تعالى وصفاته ومظاهر أسمائه حيث يرى أن الكائنات طرا مظاهر هذه الاسماء وليس في مقابل الحق و أسمائه من حقيقة اسمية بل هي روابط مندكة الهوية والذات بأزاء الحق تعالى كالمعنى الحرفي الذي لا استقلال له مفهوما ولا خارجا بازاء المعنى الاسمي والتعبير بذلك ما هو إلا للتقريب الذهني للإشارة الى أنه ليس هناك من شيء بأزاء شيء أي لا شيء بأزاء الحق تعالى فإن أرادوا بذلك تنبيه الغافل وإرشاد العاقل إلى أن كل شيء بأزاء الحق لا استقلال له ذاتا ولا صفة للإشارة الى ضرب أركان الإستقلالية تماما ليلمس السالكون سبل ربهم فناء ذواتهم أي عدم استقلالها و أنها في واقعها بحكم المعاني الحرفية لتستشعر النفس بروح الايمان عدم الاستقلال وتشاهد بلمسها الباطني صرف تبعية عالم الإمكان للحق تعالى فلا مانع من ذلك إن أريد من وحدة الوجود ضرب الإستقلالية لعالم الامكان بكل شؤونه ومراتبه بأزاء الحق للمس التبعية وواقع المعنى الحرفي فلا مانع من هذه الوحدة الوجودية العرفانية .

 

وإن أريد من الوحدة الشخصية العرفانية أن هذه الحقائق أي المظاهر للأسماء والصفات هي بمرتبة عين الحق تعالى أو أنه حالّ فيها او متحد معها او ان كل شيء هو الله والله تعالى هو كل شيء او انه لا شيئية لأمر لأن كلما هو متحقق هو الله أي انه ليس هناك من شيء غير الله تعالى فهو عين الالحاد والكفر وبتعبير آخر أن الحق تعالى في مرتبة ذاته وصفاته هو عين تحققه في مرتبة تجلياته وظهوراته لأن ظهور الأسماء عين الأسماء والأسماء عين الذات فمثل هذه الأمور كلها من الكفر والإلحاد الذي لا شك في بطلانه لكن لا أظن أن العرفاء يستفاد من كلامهم ذلك و إن أمكن تصور بعض هذه المعاني بالنسبة الى الجهلة منهم وما من علم إلا وفيه العالم الحقيقي والجاهل المنتسب إليه فرب متفلسف يرى نفسه فيلسوفا ورب طالب حوزة يرى نفسه فقيها وكذا رب سالك سبل العرفاء يرى نفسه عارفا لكن لا يمكن ان نحمل الجميع على محمل واحد مادامت الاحتمالات في المقام متعددة.

 

كما و أن القائلين بوحدة الوجود التشكيكية الفلسفية كصدر الدين الشيرازي صاحب الاسفار ومن تبعه كصاحب المنظومة لا أظنه على ما فهمت من كتبهم انهم يريدون ان الوجود حقيقة واحدة يختلف بالشدة والضعف و أن الممكن عين الواجب بمرتبة وهؤلاء هم القائلون بأن الله تعالى صرف الوجود وصفاته عين ذاته وأن الممكنات وجودات ظلية وحقائق تابعة حرفية لا استقلال لها ذاتا ولا صفة لكن لما كانت كلمة الوحدة قد تؤخذ بمصطلح غير ما يراد بمصطلح آخر اوجبت الشبهة في المقام فالوحدة الشخصية العرفانية للحق تعالى او الوحدة الشكيكية الفلسفية للوجود يراد منهما ان الحقيقة بتمام معنى الكلمة هي للواقع الاسمي وأن الوجود الرابط الحرفي الإمكاني لا استقلال له وكأنه بالقياس الى الحق لا تحقق له لكن لا يراد من ذلك انكار الوجود الامكاني او كونه عين الوجود الإسمي لإستحالة ان يكون المعنى الرابط الحرفي عين الواقع الاسمي الاستقلالي فكل من الوحدة العرفانية و الفلسفية يراد منهما بالدقة ضرب أركان الاستقلالية لإشعار النفس بالهيمنة التامة المطلقة للحق تعالى لا القول بكون الوجود الإمكاني لا تحقق له أو أنه متحد مع الحق تعالى او أنه حالّ فيه.

 

وبالجملة إن أريد من الوحدة الإتحاد او الحلول او كون الاشياء هي الحق ولو بمرتبة فهو كفر وإلحاد وخروج عن مناهج ومسالك الرسل الكرام ولعل ما فهمه من كلمات بعض الفلاسفة او العرفاء مَن كَفّر القائلين بوحدة الوجود و مثل هذه المعاني الباطلة لا ما يعود لضرب الاستقلالية لعالم الامكان و استشعار النفس بمحض التبعية لله تعالى و أن الوجود الإمكاني وجود رابط لا استقلال له ابدا ومطلقا لا ذاتا ولا صفة ولا حدوثا ولا بقاء وهذا هو ما يحاوله أكابر العرفاء والفلاسفة ولا نريد ان ننزه الجميع عن الأخطاء والشذوذ و الإنحراف والأباطيل ومن الواضح أن المعاني الدقيقة العرفانية او الحكمية لا تكون الكلمات إلا منبهة للوصول إليها لا متطابقة معها لتلمس النفس واقع الاندكاك وعدم استقلالية من جهة و الإحاطة والقيومية للحق من جهة أخرى.

 

فالوحدة إذن قد تراد بمعان مختلفة كالوحدة النوعية او الجنسية او الفصلية بمنظار منطقي او شخصية بمنظار عرفاني او تشكيكية منظار فلسفي وعليه فيجب ان نلحظ الوحدة بحسب مصطلحها ولا يمكن الحكم عليها بإطلاق الكلمة بمنظار واحد وثانيا يجب ان يكون النقد بما هو موجود في كلمات القوم انفسهم بنصوص صريحة تدل على خروج من الدين ومسلماته لا بما يتصوره المتصور بحسب مصطلح علم آخر كالفقه و الاصول فكل من ثبت في حقه الخروج من مسلمات الشرع بالقول بالوحدة الموجبة للكفر له حكمه لكن التعميم او الحكم على قوم بمصطلح قوم آخرين قد يكون خطأ آخر , نعم التحذير مما فيه شائبة الإنحراف لا بأس به لكن الجزم بالقول بالكفر يحتاج الى اختصاص في علم العرفان او الفلسفة او ثبوت نص صريح يخالف الشرع القويم ولعل ما حكم به بعض أكابر الفقهاء من الحكم بالكفر المراد منه الوحدة بتلك المعاني المتقدمة التي لا شك بكفر قائلها لا من يريد من الوحدة ضرب أركان الاستقلالية لإشعار النفس بقيومية الحق وكون عالم الامكان لا يخرج عن واقع كونه معنى رابطا حرفيا والعلم عند الله هدانا الله و إياكم إلى سبل الحق والإبتعاد عن الأخطاء وشطحات بعض العرفاء ومزالق بعض الفلاسفة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.




 

--


مع تحيات ادارة موقع سماحة الاستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني






كما يمكنكم متابعتنا على كل من 


 

@ من هو موجد الله؟ - أسئلة فلسفية

من هو موجد الله؟

إسم السائل: زهراء حكيم

السؤال:

اذا كانت الاشياء كلها قد اوجدها الله تعالى فمن هو موجد الله

سؤال من بنت صغيرة اسمها زهراء حكيم تسأل قائلة اذا كانت الاشياء جميعا قد خلقها الله تعالى فمن الذي قد خلق الله وكيف احتاجت الاشياء الى خالق وهو لم يحتج الى خالق؟!

الجواب:

نتكلم بما يتناسب وحال السائل بعيدا عن دقائق اجوبة العرفان و الفلسفة او ما هو ارفع منهما غورا مما يتعلق بمباحث التوحيد كتابا وسنة وما ورد في خطب المعصومين عليهم السلام في هذا المقام وكذلك بغض الطرف عن كون السؤال بنفسه على اطلاقه غير صحيح وذلك لأنه لا يصح القول بأنه كل شيء لابد له من علة بل القاعدة ان يقال كل ممكن محتاج الى العلة واحتياج الممكن الى العلة بديهي وإلا فلو قيل كل شيء لابد له من علة لكان الوجود بما هو وجود محتاج الى علة ولا تفرض العلة حينئذ إلا ان تكون العدم والعدم محض لا شيئية فلا يعقل ان يكون علة لشيء .

ولكن مع كل هذا فتمشيا  مع السؤال نأتي ونقول حيث ورد فيه لو كانت الاشياء مخلوقة لله تعالى فمن الذي خلق الله فنحن نسأل قبل الجواب أيضا من الذي خلق الذي خلق الله تعالى فلو قيل من خلق الله تعالى هو ألف لسألنا ثانية من الذي خلق الألف فان قيل الباء نسأل ثالثة من الذي خلق الباء وهكذا فلا يقف الامر عند حد وهذا ما يلفت نظر المتأمل إلى ان الوجود بما هو وجود لا يحتاج الى علة و إلا لكان العدم هو علته لأن من البديهي أن الوجود في مقابل العدم هو التحقق ولا يعطى إليه التحقق وإنما يعطى التحقق لمن كان بحسب ذاته لا تحقق له أي من كان مسبوقا بالعدم كالسماء والأرض والمجرات والانسان والشجر حيث أنه قد ثبت علميا ان كل هذه الامور حتى المجرات لها بداية ولو افترضت انها قبل مليارات السنين و للتقريب الذهني نقول لو سأل السائل ما هو مصدر العيون الجارية من الجبال او النابعة من الارض وكذا ما هو مصدر الانهر والشطوط والغيوم و الامطار لقيل له هي البحور وعندها يتوقف السؤال لرجوع الفروع الى اصولها ولا يقال ماء البحور يرجع الى أي ماء لأنه لا يعقل ان يرجع كل بحر الى غيره الى مالا نهاية له ولو فرض استمرار سؤال السائل بعد ذلك فإنه يصح ان يقال ماهو جوهر الماء فيجاب بانه مركب من عنصرين مثلا ولو استمر التسائل ماهو مصدر العنصرين لرجع الامر الى الوجود ولا يقال ماهو مصدر الوجود وماهي علته لأن الوجود هو علة العلل ولا يعقل أن يرجع الى العدم ومن المعلوم ان كل وجود كانت حيثيته و ذاته العدم ثم وجد فإنه محتاج الى علة ومثل هذا الوجود لا يكون اصيلا في مقابل العدم ولا يكون اصلا للوجودات لأنه نظيرها من حيث كونه ما كان ثم وجد لعلة من العلل ولا يعقل ان تكون كل الوجودات محتاجةالى علة و إلا لكان العدم مصدرا للوجود كما تقدم بل لابد وان ترجع كل الوجودات الحادثة اي التي ما كانت ثم وجدت الى علة لم تكتسب الوجود من غيرها وهذا الوجود القديم الذي هو الاصل لكل الوجودات هو ما يعبر عنه بالله او الموجد او الصانع .

@ شبهة منطقية في باب أخذ العلل- أسئلة فلسفية


شبهة منطقية في باب أخذ العلل



إسم السائل: أم علي

 

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اتمنى الحصول على حل الإشكال او الشبهة الموجودة في منطق المظفر بشكل مبسط ومختصر ولكم جزيل الشكر والإمتنان
الشبهة في باب اخذ العلل
الشبهة هي : ان العلة التامة التي لايتخلف عنها المعلول هي الملتئمة من العلل الأربع في الكائنات المادية أما كل واحدة فليست بعلة تامة فكيف صح أن تفرضوا وقوع البرهان اللمي في كل واحدة منها ?

 

الجواب:

أما أولا فكما هو واضح أن العلة التي بها وجود المعلول وهي العلة التامة إما أن تكون بسيطة او مركبة والبسيطة ما كان وجودها كاف لتحقق المعلول وإذا كان المعلول أيضا من نفس عالم البساطة والتجرد من المادة كفى لتحقق وجوده مجرد قبوله للفيض وامكانه الذاتي وأما البساطة فهي اما حقيقية بإطلاق الكلمة وهي ما بها خروج الشيء من كتم العدم الى دائرة الوجود وهي العلة البسيطة الصرفة التي ماهيتها عين ذاتها المعبر عنها بأن انيتها اي ذاتها وهويتها عين وجوده أي أنها لا ماهية لأنها لا حد لها وهذه العلة لا تتثنى ولا تتكرر لأن صرف الوجود لا ثاني له وهذه العلية الحقة الحقيقة البسيطة الصرفة انما هي شأن الحق تعالى فقط لا غير وأما بقية العلل البسيطة فإطلاق العلية وكذا البساطة عليها إنما يكون بنحو من التجوز والتسامح وذلك لأن كل ممكن نوريا كان او مجردا عقليا او برزخيا او ماديا هو زوج تركيبي من ماهية و وجود هذا اولا .

وأما ثانيا فهناك ايضا نحو من التسامح في اطلاق العلية هاهنا لأن هذه العلة وإن كانت بسيطة إلا أنها لم تخرج الشيء حقيقة من كتم العدم الى دائرة الوجود وإنما تعطيه ما يستحقه من فعلية وصورة فيكون في الحقيقة من التطور الوجودي بحسب مجاري الفيض الالهي.

 

فجميع العلل البسيطة من العلل النورية والمجردة بناءا على تجردها التام عن المادة كالملائكة المعبر عنها بلسان الفلاسفة بالعقول فإنها علل توجد الشيء بإذن الله تعالى بمجرد الإرادة بما يرجع إليها كعلل فاعلية بسيطة لا من حيث المعلول فإنه يبقى على ما يتوقف عليه من شؤونه المادية مادة قابلة وصورة وغاية وشرائط ومعدات إلا أن علم هذه المجردات وعظم قدرتها قد يجعل تحقيق الشيء حتى ولو كان من عالم المادة بحكم كن فيكون لان الزمان والمكان وبقية المراتب تطوى إذا أريد تحقق الشيء بالفعل ولا تكون عائقا في طريق الإيجاد إذا اقتضت المصلحة الإلهية ذلك.

 

فإذن المعلول في عالم الطبيعة يتوقف تحققه على علله الأربع وإن كان قد يتحقق لقوة علله الفاعلية وواسع علمها كما لو كانت من الملائكة بطي المراتب لتحقيق المعلول خلال للسير الطبيعي العادي لو شاء الله رب العالمين ذلك في مورد من الموارد لكن بساطة العلة بما هي ليس معناه بساطة المعلول الذي قد يكون من عالم المادة والطبيعة , فما هو من شأن العلل البسيطة إنما هو إرادة ومشيئة وما هو من شأن المعلول يختلف من عالم لآخر ككونه بسيطا أو ماديا مركبا.

 

وقد جعل الله تعالى وهو العالم بأسرار الكائنات الإنسان الكامل جامعا للكلم أي لجميع الأسماء والصفات الإلهية أي مظهرا لها على اختلاف مراتب عالم الامكان نورا وعقلا و برزخا ومادة فالإنسان الكامل مظهر علمه وقدرته وعدله ورحمته ولذا علم الإنسان الكامل الملائكة ولم يتعلم منها ونزول جبرائيل عليه السلام على رسل رب العالمين وبالاخص على سيد الكائنات محمد (ص) أمر مرتبط بما هو من شأن الزمان والمكان فقط لا في كل ما يعود الى مدارج العلم والقرب والفيض والوحي الإلهي وقد ورد في الأحاديث القدسية (عبدي أطعني تكن مثلي إذا قلت للشيء كن فيكون) فهؤلاء مظاهر اسم الولي وجوامع الكلم و معجزات عالم الإمكان و أحباء الله العارفون بإسمه الأعظم.

 

و أما العلل المادية فأمرها يعود الى وجود المقتضي المعبر عنه أيضا بالسبب او العلة الفاعلية و وجود العلة المادية أي الاستعداد و المحل القابل لفعل الفاعل وجود العلة الصورية لأن القابل بما هو قابل لا فعلية له إلا بصورته وإلى علة غائية وهي التي لأجلها يكون الوجود و الذي لابد من الالتفات إليه بخصوص المقام أنه حينما يقال إن العلة في عالم الطبيعة مركبة وليست ببسيطة لا يراد من ذلك التركيب الخارجي بإنحياز اربع علل كل واحدة على حدى تشترك في فعل ليتحقق الشيء والمعلول كأن توجد العلة الفاعلية وتضم إليها العلة المادي اي القابلية والاستعداد ثم يؤتى بالعلة الصورة كقالب يوضع على المادة ليعطي المادة صورة وشكلا و هيئة خاصة بما يعبر عنه بالفصل الأخير والفعلية ثم ترسم لهذا الموجود غاية عقلائية كالنوم على السرير او السكنى للدار بل إنماهي أي العلل الأربعة أمر عقلي و إدراك ذهني بحسب التحليل الدقيق حيث يدرك العقل أن في عالم الطبيعة لابد من محل قابل نسميه محض الاستعداد ليكون محلا لتحقق وجود خاص وهذا الوجود الخاص الفعلي المعين يعبر عنه بالصورة اي الشيء المصور والمتحقق وهو الفعلية وإلا فلا صورة بلا مادة في الخارج كما و أنه لا مادة بلا صورة كذلك أي لا فعلية بلا قابلية ولا قابلية بلا فعلية في عالم الطبيعة وكون الشيء متحققا لابد وان يكون لأجل امر وغاية سواء بما هو من مقتضيات وجوده تكوينا بتبع المشيئة الإلهية  او بما أريد منه بحسب ايجاده الحاصل من قبل موجده العاقل المدرك كأن يوجد النجار السرير للنوم والمعمار البيت للسكنى والحق تعالى قد أوجد كل الممكنات لتسلك سبل ربها لغاياتها التي أوجدها من أجلها سواء ادركناها او لم ندركها وسواء شاء الممكن او أبى فإنه ما من شيء إلا وله غاية يسير نحوها ولو كان محض حجر او أي جما آخر.

 

وبالجملة ليست هناك في عالم الطبيعة اربعة  أمور متحققة كل واحدة على حدى لتكون بمجموعها علة تامة يتحقق باجتماعها المعلول بل العقل يحلل الموجود المتحقق في الخارج في عالم المادة فيراه أنه ماكان ليتحقق بحسب واقع التكوين لولا وجود علة فاعلية يكون بسببها الوجود وعلة قابلة تكون محلا لهذا الفعل وعلة صورية يكون بها تحقق الفعل وعلة غائية يكون من أجلها الفعل وإلا فكل موجود في الخارج  هو فعلية واحدة بواقع مادته وصورته وغايته وما كان له من أسباب وجوده لكن في عالم المادة استعدادات وقابليات تفرض بحسب العقل قبل تحقق الشيء وفي عالم المجردات لكفاية مجرد امكانها الذاتي للتحقق لا تفرض مرحلة القابلية والإستعداد بل يكفي لتحقق الشيء ما له من الفعلية أي الصورة وما من اجله الوجود وهي العلة الغائية ومن المستحيل فرض تحقق مادة محضة اي قابلية صرفة في الخارج بلا فعلية صورة لها كما وأنه من المستحيل ايضا في عالم الطبيعة فرض صورة وفعلية على حدى لم تكن متحققة بتبع ما لها من القابلية والاستعداد وهكذا لا فرض لتحققهما عقلا لولا فرض تحقق سببهما ولا فرض لتحقق الشيء الا لغاية عقلية او تكوينية وإلا فافتراض كل من هذه العلل الاربعة خارجية يستدعي احتياج كل واحدة الى العلل الاربعة ايضا حيث يلزم التسلسل للعلل من اجل ان يتحقق الشيء الواحد وما يلزم منه التسلسل باطل عقلا وغير متحقق خارجا .

نعم يجب المعلول عند وجود علته التامة التي هي في عالم الطبيعة تكون مشتملة على العلل الأربعة ولو بما قلنا من أن وجودها بهذا النحو المفترض من كونها اربعة علل إنما هو بالتحليل العقلي لأن كل واحدة من العلل على حده ليست بعلة وإذا قيل لها علّة فبلحاظ فرض بقية العلل الأخرى الثلاثة بحسب افتراضها العقلي لأن التعدد بتحليل عقلي لا خارجي وإلا فلا مادة في الخارج بلا صورة يمكنها التحقق وكذا لا صورة في الخارج في عالم الطبيعة يمكن فرضها بلا مادة وقابلية وإن افترض تحقق الصور بلا مادة في عالم المجردات لكون تحققها يكفي فيه مجرد امكانها الذاتي ولذا قال المصنف في المقام إذا فرض وجود الصورة التي هي فعلية الشيء لأن شيئية الشيء بصورته أي بفصله الاخير فإذا افترضت هذه الفعلية فقد افترضت اذن معها جميع العلل الثلاثة الفاعلية والمادية والغائية أيضا كما وانه لا فرض لغاية إلا بعد افتراض مابه تحقق الغاية من صورة ومادة مسبوقتين بعلة فاعلية لأن الغاية كما قالوا متأخرة وجودا عن هذه المراحل الثلاثة فلا الخشب مثلا بما هو خشب سرير ولا فرض لصورة السرير إلا بالخشب ولا تفرض الغاية إلا بعد صنع السرير كما وأنه لا يقال للانسان بما هو انسان أنه علة سرير ما لم يصبح نجارا بالفعل لهذا السرير ليأتي العقل بعد ذلك ليحلل هذه الامور بعد تحقق السرير في الخارج ويعتبرها عللا أربعة متعددة .

 


--
مع تحيات ادارة موقع سماحة الاستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني


كما يمكنكم متابعتنا على كل من 

@ الوحدة الشخصية وتحديد واجب الوجود- أسئلة فلسفية


الوحدة الشخصية و تحديد واجب الوجود



إسم السائل: أحد الزوار

 

السؤال:

ألا يلزم من عدم القول بالوحدة الشخصية للوجود تحديد واجب الوجود ؟


الجواب لسماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني :

مقدمة لابد من القول بأن ما اوجبه الله تعالى على عباده من الأمور العقدية إنما هي المفاهيم والمدركات الفطرية البديهية الاولية سواءا في التوحيد او النبوة او الإمامة او غيرها من الأمور الأخرى وهناك مراتب للكمال والعروج نحو الحق تعالى لا تحد بحد غاية ولا من حيث القابلية والإستعداد البشري من أدناها مرتبة كالغباوة الى أعلاها مرتبة كما هي للأنبياء والأئمة الكرام الذين هم مظاهر اسمائه وتجليات ذاته الذين هم جوامع الكلم على اختلاف مراتبهم حيث انهم الكلمة التامة وقرآن وفرقان عالم الإمكان.

اولئك العظماء يدركون مالا ندرك ويرون ما لا نرى ويحيطون علما بما لا نحيط به لأنهم يعيشون المحضر الربوبي لفناء ذواتهم في ذات الله بحيث يصبح ما يصبوا إليه الفقهاء والمتكلمون والفلاسفة والعرفاء من عظيم الغايات والتطلعات كإستدلال البدوي على الله تعالى لو توقف على ان البعرة تدل على البعير الى آخر الاستدلال حيث يكون شهودا للحق بواسطة الدليل والبرهان من المعلول على العلة بما للعلة والمعلول من المفهوم البسيط لدى العامة من الناس لا بادراك و لمس حقيقة العلية وانها واقع الاستقلالية وان الوجود المعلولي وجود رابط مندك الهوية لواقع هويته الماهوية التي هي لا اقتضاء الذات فكل يطالب بما يدرك وتحشر الخلائق على قدر مستويات العقول ويثابون كذلك على قدر ما يدركون فرب ركعة صلاة لعظيم في الميزان عند الله لا يقابلها عمل الثقلين الى يوم يحشرون كمالا فلا نُسأل كما يسألون ولا نثاب كما يثابون فكذلك الكلام بالنسبة الى ما هو محل السؤال ولذا لو أن بعض الأسرار طرحت على عامة الناس لكان خطأ عظيما وجهلا من فاعله لا يغتفر قد يسوق البسطاء الى الكفر والضلال بدلا من الرشد والهداية.

والآن نقول ان نظرة التأله العقلي والعرفاني والشرعي تسعى جميعا لضرب اركان الاستقلالية لعالم الامكان ليلمس السالك سبل ربه وراء الادراك والفهم للحقائق الدالة على ذلك في كل ميادين المعارف الالهية واقع المعنى الحرفي لكل موجود امكاني, فالفيلسوف يرى ذلك في لمس واقع العلية والمعلولية والوجوب والامكان والقدم والحدوث والمعنى الاسمي والحرفي وفي طي مراحل شهود الوحدة الاحدية والكثرة الاسمائية في مراتب عالم الامكان من عالم النور الى عالم العقل والمثال ومن ثم الى عالم السموات والأرضين وشهود عالم الطبيعة في حين ان العارف يراها في شهود الحق تعالى وانه لا حق في مرتبة ذاته وانما هي تجليات أسمائه وصفاته وان فعل الفاعل او التجليات ليست شيئا بأزاء الفاعل لكن العبائر قد تخون صاحبها عند دقائق العرفان لقصور اللفظ بطبعه وذاته عن أداء واقع المعنى الذي قد لا تكون الالفاظ قوالب لأدائه او قد تخطأ المقادير فلا يكون الثوب على قدر قامة صاحبه وذلك مما قد يؤدي الى الوقوع في الشطط احيانا من قبل بعض من ليس أهلا من العرفاء والفلاسفة او يكون باعثا للنقد الى مرحلة التكفير من قبل البعض على الفلاسفة والعرفاء.

وأما بالنسبة الى مورد السؤال بالخصوص وهي الوحدة الشخصية للوجود العرفانية فنقول لاشك ولا ريب ان حق الوجود وحقيقته بإطلاق الكلمة هي شأن مَن ذاته طرد العدم ازلا وابدا وبقية الاشياء انما هي من مظاهر اسمائه وتجلياته وان هذه التجليات سواءا عبرنا عنها بالفيض او الفيض المقدس او المعلول او الوجود الظلي فإنها لا تستوجب تحديدا له تعالى شأنه لأنها ليس بأزائه بل هي شأن من شؤون اسمائه فهو محض الوجود وصرف الحقيقة وهذا هو ما يحاول تقريبه العرفاء الربانيون ساعين بذاك لضرب اركان جميع مظاهر الاستقلالية وحقيقتها لأي شيء بعيدا عن وهم  الحلول والاتحاد والوحدة الباطلة ولاشك ان هذا المراد من تأمله وجده من المعاني الرفيعة التي لا يشوبها الحد لواجب الوجود تعالى وهذا المعنى هو ايضا ما يحاول قوله الفلاسفة المتألهون لأن المعلول شأن من شؤون العلة لأنه وجود رابط و الوجود الرابط محض تعلق بالوجود المستقل وليس شيئا متعلقا به وما كانت هذه هويته لا يكون بازاءه تعالى او محددا لصرف وجوده حيث انه فعل فاعل وفعل الفاعل شأن من شؤونه.

نعم كلمات العرفاء اقرب الى ضرب اركان الكثرة حيث انهم لا كلام لهم الا عن الحق وصفاته وتجلياته بعيدين عن القول بالتشكيك ولحاظ الممكن ولو لحاظا آليا رابطا تبعيا وهذا هو ايضا ما يحاول بيانه الشرع المقدس وهو لمس الفقر الذاتي في اعماق القلوب واستشعار النفس بعدم الاستقلالية مطلقا وضرب اركانها بكل ابعاد الكلمة فإذن هي طرق قد تكون تصب في مصب واحد وان اختلفت قوالب الفاظها لضيق دائرة التعبير عن ابعاد المعاني وان كنا لا نتردد بأن هناك شذاذ عاشوا عالم الوهم او الخيال فأصيبوا بشطحات ساقتهم الى مقال ربما خرج حتى عن الأدب مع الله تعالى لكن ذلك لا يستدعي التسارع لرفع قلم التكفير في حق الآخرين ما لم يكن الخروج عن الدين جليا لا يقبل التفسير والتأويل.

فإذن جميع الأقوال لا اظنها تسوق الى القول بتحديد واجب الوجود وان كان اولاها هو قول العرفاء والله تعالى هو المسدد للصواب والمعصوم من عصمه الله تعالى ونحن البشر خطاؤون مذنبون واين نحن من درك أعماق الحقائق ومحض الوجود وشأنه وهو ارحم الراحمين الغفور الودود.


--
مع تحيات ادارة موقع سماحة الاستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني


كما يمكنكم متابعتنا على كل من