الأربعاء، 24 أبريل 2013

@ سيرة آدم عليه السلام المحاضرة رقم 6



سيرة آدم عليه السلام 6
كتبت من محاضرة صوتية ألقاها سماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني
في سوريا قبل سنوات

        قبل الدخول في البحث أسعد الله أيامكم جميعا بهذه المناسبات الهامة في الإسلام ألا وهي عيد الأضحى المبارك وعيد الغدير تنصيب الإمام علي عليه السلام، كنا نتكلم في الأسماء التي علم الله سبحانه وتعالى آدم عليه السلام وتقدم الكثير من المحتملات في معنى الأسماء الإحتمال الأخير في مسألة الأسماء التي علم الله تعالى آدم بها يستفيدها البعض كصاحب الميزان العلامة الطباطبائي رحمه الله وغيره من الأعلام من أن هذه الأسماء كانت حية عالمة هي فوق عالم السماوات والأرض والدليل على ذلك قوله تعالى (وعرضهم على الملائكة فقال انبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين) الشيء غير المدرك وغير الحي لا يقال في حقه عرضهم فلابد وأن يكون المراد من هذه الأسماء التي عرضت على الملائكة الكرام من الأمور المدركة الحية ولذا عبر عنها الحق عزوجل وجل بعرضهم، نحن حينما نرجع إلى كثير من الأدلة في المقام نجد أن هناك الكثير من الروايات الواردة على لسان رسول الله (ص) يقول (أول ما خلق الله نوري) ويخاطب أحد الصحابة الكرام قائلا: يا جابر أول ما خلق الله نور نبيك صلى الله عليه وآله وسلم وهناك روايات أخرى في المقام تشير إلى أن العقل هو أول مخلوق خلقه الله تعالى وهو محمد صلى الله عليه وآله وسلم فإذن هناك من الروايات ما يدل على أنه قبل أن يخلق الله تعالى الملائكة وقبل أن يخلق السماوات والأرضين خلق مخلوقا قبل جميع هذه المخلوقات في عالم النور فعالم النور عالم قبل عالم السماوات والأرض وقبل أن يخلق الملائكة جميعا وهو الذي تشير إليه روايات المعراج لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حينما عرج برسول الله ووصل إلى سدرة المنتهى قال هاهنا جبرائيل عليه السلام لكلٍ مقام معلوم فقال له رسول الله (ص) كما يقول الحديث أتتركني يا أخي يا جبرائيل قال لو تقدمت أنملة لاحترقت فمقام لو تجاوزه سفير الرحمن جبرائيل عليه السلام يحترق غضبا من الله تعالى لأنه ليس أهلا أن يصل إلى ذاك المقام الرفيع وهو مقام رسول الله (ص) فتجاوز الرسول الأكرم سدرة المنتهى وراح ليطوف في ميادين النور الإلهي اللامتناهية حتى كما تقدم عن الإمام الصادق عليه السلام قال : كشف الله لنبيه (ص) ليلة المعراج سبعين ألف حجاب من النور هذا هو مقام سيد الكائنات صلى الله عليه وآله وسلم فجاء الكثير من المفسرين ناظرين إلى هذه الأحاديث وإلى ما ورد في الكتاب المجيد (وعرضهم على الملائكة) فقالوا لو كانت هذه الأسماء غير شاعرة وغير عاقلة لما عبّر الله تعالى عنها بعرضهم أي عرض المسميات، الإسم كقولك محمد صلى الله عليه وآله وسلم أما المسمى فهو ذات رسول الله (ص) فالإسم ما دل على المسمى فالأسماء كانت إشارة إلى مسميات هي فوق السماوات والأرض في غيب الله في عالم النور فهي فوق ما كان قادرا أن يتوصل إليها الملائكة ولذا لما شاهدها آدم عليه السلام حكاها وبينها للملائكة والملائكة أقرت بعجزها عن الوصول إلى ذلك العالم الرفيع وهو عالم النور وهناك روايات واردة عن الرسول وأهل بيته الكرام (كنا نورا بعرش الله محدقين) وهناك روايات أخرى في المقام تشير إلى أن آدم عليه السلام لمّا عصى ربه وسيأتي المراد من العصيان حتى لا يتصور متصور حينما يقال إن نبيا من الأنبياء عصى الله تعالى أو أن الرسول الكريم حينما يخاطبه الله تعالى قائلا (و وجدك ضالا فهدى) لا يتصور متصور أن ضلالة سيد الكائنات كضلالتي أنا الجاهل العاصي أو أن غواية ومعصية آدم عليه السلام كمعصيتي أنا الجاهل، أنا عصياني بإقدام على محرم أو بترك واجب والأنبياء الكرام عصيانهم ليس كما نتصور من ترك واجب وإقدام على محرم، سنتكلم عن ذلك في الآية الشريفة فعصى آدم ربه فغوى.
        فإذن قال بعض المفسرين هاهنا أن خلقاً من النور في غياهب عالم النور محجوبين عن مشاهدة الملائكة الكرام لعظيم مقامهم هؤلاء عرضهم الله على الملائكة فأقر الملائكة بعجزهم عن الوصول إلى مشاهدة عظم هذه الأنوار وهذه الأنوار هي التي حينما خلق الله آدم عليه السلام بينها له فتوسل بها إلى الله فقبل توبته وعاد مرة ثانية إلى الله سبحانه وتعالى فإذن آخر المحتملات في المقام هو أن هذه الأسماء المراد منها هي حقائق نورانية في حجب غيب الله تعالى محدقة بعرشه هي أول مخلوق خلقه الله تعالى.
        الآن بعدما انتهينا من ذكر كثير من الأسماء نأتي لننظر إلى حديث شريف في المقام بالنسبة إلى آدم عليه السلام الروايات تقول خلق الله سبحانه وتعالى آدم عليه السلام على صورته، حديث مستغرب بعيد عن الأذهان الله الذي ليس كمثله شيء، الله الذي لا يقاس بمخلوق، الله الذي من واقع الوجوب والعظم واللاتناهي كيف يمكن أن نصدق حديثا يقول إن آدم خلق على صورته أي على صورة الله تعالى هل من المعقول أن يخلق ممكن من الممكنات على صورة الله تعالى وهل لله صورة حتى تخلق الكائنات كآدم عليه السلام بمثلها؟
        أرجو التوجه: كثيرا ما ترد أحاديث مستغربة لا يجوز لإنسان أن يتسارع إلى رد الأحاديث، الأحاديث إما أن نفهمها أو نستفيد فهمها من رواية أو آية وإذا وجدنا أنفسنا عاجزين عن فهمها الأئمة عليهم السلام يقولون ردوها إلى أهلها، لا يجوز لإنسان أن يتسارع في رد رواية يستغرب فهمها أو آية مفسرة بمعنى من المعاني، الكثير من الروايات وردت لعل الإنسان يستغربها ويظنها ثقيلة على فهمه وعلمه، ليس كل ثقيل على الفهم هو غلو لا يجوز لنا أن نتسارع ونظن أن كل غريب مستبعد على فهمنا وعلمنا هو غلو، نزلونا عن الربوبية، مادام هناك نزول عن مقام الربوبية وشأن الحق عزوجل وجل لا مانع لو دل الدليل على وصف لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو لآدم عليه السلام فإذا ورد أن الله تعالى خلق نور محمد صلى الله عليه وآله وسلم قبل خلق الكائنات ووجدناه ثقيلاً على فهمنا نرده إلى أهله لنستفيد منهم المراد وهكذا في المقام خلق الله تعالى آدم على صورته لا يراد أن لله وجها كما لي ولك مشتملاً على عينين وأنف و.....حتى يكون قد خلق آدم عليه السلام على صورته الله لا يكيف بكيف ولا يصور بصورة الله فوق الكيفيات، الله لا يكون بأي صورة كلما تصورتموه في أذهانكم بأدق معانيه فهو مخلوق لكم مردود عليكم كما ورد عن الإمام الباقر عليه السلام لا يمكن لعاقل أن يتصور ما في ذهنه من الصور هي الله سبحانه وتعالى، الله لا يأتي في المدارك العقلية، الله ليس محدودا حتى يأتي في ذهني وفي ذهنك أو في ذهن نبي أو ولي سبحانه وتعالى عن ذلك، إذن ما المراد من كون آدم عليه السلام خلق على صورة الله تعالى؟
        الله سبحانه وتعالى ظهر في العالمين طرا بأسماءه وصفاته، أضرب مثالا للتقريب الذهني فنقول في سيد الكائنات صلى الله عليه وآله وسلم ظهور العلم والعدل والرحمة الإلهية ولا مانع من ذلك رسول الله (ص) بعث رحمة للعالمين فلا نريد من مثل هذه المقالة أن نقول إن رسول الله (ص) صفة من صفات الله،بل مظهر من مظاهر صفات الله، صفات الله عين ذاته لا تكون أي إنسان ولا أي مخلوق لكن من أراد آية عظمى تحكي الأسماء والصفات الإلهية وجدها في رسول الله (ص) وهو القائل أوتيت جوامع الكلم فجوامع الكلم في كل عالم الإمكان اجتمعت في ذات رسول الله (ص) فكانت آية كبرى لعالم النور وكان آية كبرى لعالم العقل والملائكة وكان آية كبرى لعالم المثال والبرزخ وكان جامعا لشتات عالم الشهادة والطبيعة في السماوات والأرضين فكان قمة لكل العوالم جامعا لشتاتها فكان صلى الله عليه وآله وسلم مظهر العدل الإلهي والحكمة الإلهية والعلم الإلهي و....فهو مظهر جميع الأسماء والصفات الإلهية فإذا قيل إن الله تعالى خلق آدم على صورته لا يراد أن لله صورة وأن آدم على صورة الله تعالى حاشاه وإنما المراد أن الله سبحانه وتعالى قد تجلى وظهر في الكائنات بأسماءه وصفاته فهي الصور الحاكية عن الحق عزوجل وجل هذه الأسماء والصفات جمعها الله سبحانه وتعالى في آدم عليه السلام فكان مظهرا لعلم الله وعدله وحكمته ورحمته كما وأن الرسول الكريم هو المظهر التام لجميع الأسماء والصفات فإذن لا نستغرب ونرد بعض الأحاديث التي تقول بالنسبة إلى الرسول الكريم أو بالنسبة إلى العظماء من خلق الله تعالى أنهم الأول والآخر والعرش، لا يراد من العرش أن إنسانا يكون كما يظن البعض أن العرش هو العظم والقدرة الإلهية بل مظهر العلم والقدرة الإلهي فإذن تصوير آدم عليه السلام لا يراد منه إلا أنه جامع لجميع الأسماء والصفات وليس على صورة الله لأن الله لا صورة له حتى يكون ممكن من الممكنات على صورته هذه أردت أن أشير إليها حتى لا يتصور البعض أن بعض الكلمات فيها غلو حينما ترد بالنسبة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الكرام، ليست غلوا مادامت قابلة للتفسير ومادامت لا ترقى إلى ذات الله سبحانه وتعالى (نزلونا عن العبودية) ولا يقول عاقل بأمر يرجع إلى الله تعالى ويعطيه لنبي أو لخليفة نبي في المقام.
        من جملة المسائل التي لابد وأن نلتفت إليها في المقام مسألة القياسات، ابليس نظر إلى الطين والنار فلما وجد أن النار مضيئة حارة لونها خير من لون الطين ووجد الكثير من الإيجابيات بمعتقده في النار قال (خلقتني من نار وخلقته من طين) كيف يا إلهي تأمرني أن أسجد لمخلوق هو دوني مكانة ومقاما أنا من نار خفيفة سريعة حارة وهو من طين باهت بارد فمقامي أولى من مقام آدم عليه السلام فلا أسجد لمن يكون دوني مكانا ومقاما ونسي قول الله تعالى أنه نفخ فيه من روحه ونسي قول الله تعالى أنه خلقه بيده واليد هي القدرة، فإذا كانت اليد هي مظهر القدرة الإلهية فإذن الذي كان مظهرا لجميع القدرة الإلهية جامعا لجميع الأسماء والصفات الإلهية هو آدم عليه السلام من نفخ فيه من روح الله ومن كان مصنوعا بيد الله كما ورد (يا موسى اصطنعتك لنفسي) فالذي يصنع لله بقية الكائنات تكون تابعة له فالله تعالى في المقام يشير إلى أن كثيرا من الأمور غفل عنها إبليس نظر إلى الطين ولم ينظر إلى نفس آدم عليه السلام ما علم إبليس أن هناك نفسا وروحا وعقلا وواقعا نورانيا في هذا المخلوق الذي بظاهره ليس بعظيم، لمَ أخطأ إبليس هكذا فراح يقيس نارا بطين؟ دفعته دوافع الكبر وهي الشر الذي أهلك الخلائق جميعا، هناك شر متأصل في أعماق الضمير أهلك الكثير من الأمم فراح إبليس بروح الكبر والعظم ولذا يقول علي عليه السلام: من عرف نفسه عرف ربه، لابد وأن يعرف الإنسان نفسه ومكانته في عالم الإمكان حتى لا يصاب بالكبر والحسد، حسد يدفع إلى العدوان وكبر يوصلك بأن تظن أنك فوق المستويات، هذا هو البلاء الذي تعيشه الأمم ودفع أن ترتكب أول جريمة على الأرض، دفع أحد أولاد آدم عليه السلام ليرتكب جريمة بدوافع الحسد والكبر فأول جريمة ارتكبت من إبليس كانت بدوافع الكبر والحسد وأول جريمة ارتكبت على وجه الأرض هي بدوافع الحسد والكبر فقياسات إبليس كانت قياسات خاطئة كما ربما نحن نصاب بمثل هذه القياسات بدون أن نلتفت عربي يفخر بعروبيته على أعجمي وربما دفع الخطأ بنفس الآخرين أن يفخر أعجمي على عربي خطأً وربما راح كل واحد بدوافع لا قيمة لها بدون أن تكون مقاييس حقيقية وإنما كانت مقاييس شيطانية ليتصور الإنسان لثروة أو لعمل ومكانة نفسه أشرف من غيره وربما راح بعض الناس ليفخر وهو عربي من قبيلة ليفخر على عربي من قبيلة أخرى وربما راح أهل بلاد يفخرون على أهل بلاد أخرى جهلا بمقاييس الشيطان فعلينا أن نبتعد عن مثل هذه النزعات وهذه الدوافع.
        المطلب الذي يجب أن نلتفت إليه في آخر المطاف: هناك دوافع مختلفة تدفع الإنسان إلى الأخطاء من جملة الدوافع ما دفعت إبليس إلى خطأ عظيم وهو أن خطأ الله تعالى في عدله وعلمه حينما أمره الله تعالى بالسجود لآدم عليه السلام ولو استفسر لبين الله له كما استفسرت الملائكة لبيّن الله له أين موضع خطأه لكنه راح بدوافع الكبر والحسد والأحقاد ليخطأ الله تعالى في علم وعدل، هناك أمور يشير إليها الله سبحانه وتعالى في المقام، الملائكة كانت تظن أنه لا يمكن أن يكون هناك في العالم جميعا من هو أجل منها مكانة فكانت ترى لنفسها المكانة الرفيعة وكانت ترى أنه لو استدعى الأمر يوما من الأيام خلافة فهي اللائقة لتلك الخلافة الربانية فلما وجدت الخلافة كانت لإنسان من عالم الطبيعة حملة في بواطنها أمرا يشير إليها الكتاب المجيد (إن كنتم صادقين) وما كنتم تكتمون) فإذن إبليس تكلم وتجاوز الحدود ببغيه وعدوانه والملائكة كتمت أمرا كان في واقعه من الخطأ، الملائكة أخطأت أولاً بظنها أن المكانة الرفيعة لها ولا يمكن أن تكون المكانة الرفيعة لغير سكان الملأ الأعلى كيف تكون المكانة الرفيعة لسكان عالم أدنى وهي الدنيا، وما كانت تدري أن هناك أنوارا محجوبة بحجب الغيب وهي التي أشرنا إليها الآن وهي أنوار عاقلة شاعرة ما كانت قادرة من شهودها وهي في عالم الإمكان وكانت تظن على أنها أحق من آدم عليه السلام فلذا كتمت وما أظهرت أمرا .
        أشير في المقام إلى قصة لأحد الأنبياء الكرام ثم أنتقل إلى مسألة الملائكة: داود عليه السلام من أعاظم الأنبياء الكرام جعله الله إماما للناس لمكانته وعظمه، فكان داود عليه السلام لما وجد في نفسه من الأهلية في الحروب ولما وجد في نفسه من المكانة التي أهّلته ليصبح إماما كان يتمنى إمامة كإمامة إبراهيم عليه السلام كتمنها في نفسه وما أظهرها فلما تسوّرت الملائكة عليه المحراب فزع، لمَ فزع؟ لأنه كان قد أمر جنده أن لا يدخل عليه داخل في هذا اليوم بعد ما حصل على مقام الإمامة أراده يوم عبادة ونسك وصلاة فإبتعد عن كل أمر وزعامة ورئاسة شاكرا لله في محرابه مصليا عابدا ففي هذا الحال من بعد ما أمر حرسه أن لا يدخل عليه داخل وإذ به يجد من تسوّر عليه المحراب وجاءه بغتة وبدون أن يمهله لحظة واحدة يسأله عن نعجة ونعاج فغضب عليه السلام، غضب على الحرس أين كانوا حينما دخل هؤلاء كل هذه الأماكن حتى وصلوا إلى المحراب أين الحرس فأخذ في ضميره وباطنه أن يؤدب الحرس كيف لم يمنع هؤلاء من الدخول، فراح بدوافع الغضب ليجيب سؤالا لم يكن متحضرا له فبمجرد أن قال القائل من الملائكة أن لأخيه تسعة وتسعين نعجة وله نعجة واحدة يريد أن ينازعه في هذه النعجة قال الشركاء إذا ارتبطت أموالهم يصابون ببعض الطمع لك تسعة وتسعون نعجة وتريد نعجة أخاك إنه من البغي لماذا هذا الطمع أما يكفيك هذا القدر من النعاج لتتمنى أو تدعي نعجة أخيك فحكم فإنتبه داود عليه السلام أنه اختبار وإمتحان إلهي فخر وأناب يا إلهي أخطأت فماذا أصنع وأنت التواب الرحيم يا إلهي كيف أجبت بجواب غير صحيح هذا الرجل يقر على أن لأخيه تسعة وتسعين نعجة فبعد إقراره بأن تسعة وتسعين نعجه لأخيه صار النزاع في نعجة واحدة كان عليّ أن أطلب منه بيانا وشهادة لأنه أقر بأن التسعة والتسعين نعجة لأخيه وليست له فما بقي النزاع إلا في نعجة واحدة يتنازعها كل من الأخوين فكيف جاز لي يا الهي أن أحكم أن النعجة له وليست لأخيه وكان عليّ أن أقول له النعجة بيدك أم بيد أخيك ألك بينة أو له بينة هي نعجة متنازع فيها كيف حكمت يا إلهي دفعني الغضب فأنساني مقاييس الحق فالتفت عليه السلام أنه ليس كإبراهيم عليه السلام ابراهيم ميزان العدل والاعتدال في المنجنيق يراد به أن يلقى في النار ينزل عليه جبرائيل عليه السلام فيقول ألك حاجة يا إبراهيم فقال إما لك فلا وإما لربي فهو أعلم بحالي، سفير الرحمن جاء واسطة لتخليصه من هذا العذاب الأليم،من هذه المهانة أمام المجتمع جميعا يرد سفير الرحمن بكل برود قائلا إن كانت لك فلا حاجة لي وإن كان مع ربي فهو أعلم بحالي إن وجد بقائي صلاحا لدينه فسيبقيني وإن وجد الشهادة خير لي فنعم ما يختاره الله سبحانه وتعالى لي ءأختار أمرا وراء اختيار ربي لنفسي ففهم داود عليه السلام أنه ليس بمكانة كإبراهيم عليه السلام وإن كان إماما هكذا ينبه الله أولياءه إذا وقعوا في الخطأ داود عليه السلام ما خطأ ربه في اختيار ابراهيم تمنى مكانة كمكانة ابراهيم وحب الخير ليس ظلما وحب العظم ليس عدوانا ولكن الإنسان يجب أن يعرف قدر نفسه فيا داود أنت لست بمنزلة ابراهيم عليه السلام إبراهيم اختبر باختبارات وابتلي ببلاء عظيم لا تتمنى مكانة ابراهيم قل رب أوصلني إلى ما أنا أهل له.
        الملائكة كتموا في أعماق نفوسهم أن الخلافة تتناسب مع عالم أعلى كعالم السماوات وأنهم كانوا يظنون أنه ليس هناك من أحد ينال هذه المكانة فأراد الله أن ينبههم أنهم خاطئون (إن كنتم صادقون) الصدق هاهنا ليس في مقابل الكذب بل الصدق في مقابل الخطأ يعني أخطأتم في تصوراتكم أنتم ما كنتم قادرين أن تروا جميع العوالم فهناك عالم نور مكتوم عن بصائركم ما كنتم شاهدين له وخلق الله لا يحد بحد فلا تظنوا أنكم فوق الخلق مكانة هناك خلق سيأتي يتجاوز مراتب الملائكة هذا واحد من مظاهر هذا الخلق وهو آدم عليه السلام الإنسان الكامل وسيأتي من صلب هذا الإنسان الكامل من هو سيد الكائنات من هو أشرف المخلوقات من هو آية الله الكبرى وكلمته التامة صلى الله عليه وآله وسلم .
والحمد لله رب العالمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق