الخميس، 25 أبريل 2013

@ ما معنى قول الإمام علي (ع): إعرفوا الحق تعرفوا أهله؟



محاضرات صوتية ألقاها الشيخ في سورية قبل سنين
قال علي (ع) : ( اعرفوا الحق تعرفوا أهله) ([1][1])، فعلى كل إنسان أن يبذل الجهد في حياته ولو بساعة من كلّ يوم لمعرفة حقائق الشرع، والفحص عن المعتقدات الدينية والأحكام، فإذا عرف الحق تمكن أن يعرف رجال الحق، وإذا لم يعرف الحق قد تصل به الحالة إلى مرحلة يخلط بين علي (ع) ومعاوية، فإذا ضعفت النفس وأخذت الشبهات مأخذها من النفس تصل النفس بحيث لا يتمكّن من تمييز وصاية، ولا نص، ولا حديث، ولا سابقة، فيخلط بين الطلقاء وأوصياء الأنبياء، وهذا كان تيمناً وبركة مقدمة للبحث.
وأما البحث فإنّه يكون في التوحيد أولاً، ثم في سيرة علي (ع) ؛ ليتنوع البحث، ولا يكون مملاًّ.
فنتكلّم عن إثبات التوحيد عند الشرع المقدّس، وما قال به الحكماء، وما قال به العرفاء، وما جاء من أحاديث للمعصومين (ع) ، ثم نتكلّم في التربية الإسلامية من أجل طهارة النفس، من: أنه كيف يتمكن الإنسان أن يسير في منازل السالكين حتى يرى الحق حقّاً؟ ومن الواضح أنّ هناك فرقاً بين الحكمة النظرية وتطبيقها على النفس، فمن لم يسند العلم بالعمل لا يتمكن أن يرى نور الهدى، فالعلم يريك الطريق، وبالعمل تصبح النفس تنتقل من مرتبة إلى أخرى، ومن حالة إلى ملكة، حتى يصبح العرفان والعدل حياة المجتمع.
فإذن: كل علمٍ لم يؤكّد بالعمل ــ كما ورد في الأحاديث ــ لا قيمة لـه، فمن أراد أن يستفيد من نور العلم عليه أن يطبق العلم على نفسه.
ثم بعد ذلك نتعرّض للمواضيع التربوية، ونتكلّم عن سيرة الإمام
علي (ع)، وليس المراد من ذكر سيرة علي (ع) أن نقرأ قصصاً، بل نريد أن نتكلّم عن كلّ ما جرى، ونقول: لماذا ــ مثلاً ــ عفى عليّ (ع) عن أصحاب الجمل؟ ولماذا عزل جميع ولاة عثمان، وكان من الصلاح السياسي أن يبقي الولاة إلى سنة، ثم يأخذ بعزل واحد تلو الآخر من بعد أن يأخذ منهم الاعتراف بخلافته؟
فأمّا مسألة التوحيد فكل إنسان موحّدٍ يجب أن يكون موحّداً في المراحل الأربعة: في مرتبة توحيد الذات، والصفات، والأفعال، والعبادة، فمن لم يوحّد اللَّه في هذه المراتب فهو ليس على منهج أهل الهدى.
أمّا الأولى فأن يعتقد بأن الخالق والصانع والحق والواجب تعالى واحد لا شريك له، فهذه هي المرتبة الأولى، وهي الاعتقاد بوحدانية اللَّه، وقد ناقش البعض في مرتبة الوحدانية، وقد ينسب إلى المجوس أنهم يقولون بإله النور، وإله الشرّ، أي بـ ( اليزدان) و ( الأهريمن) ، لكن التابعين للمجوس يقولون: لم يعتقد المجوس بتعدّد الصانع، وإنما ذهبوا إلى التعدد في مرتبة الربوبية، كما ذهب إليه المشركون، فتقول قريش: نعبد الأصنام لتقرّبنا إلى اللَّه زلفى، فما كان المشركون يعتقدون أن الصانع متعدد، بل يعتقدون التعدد في مرحلة الربوبية، بأن اللَّه جعل هناك وسائط، وفوّض إليها الأمر، فأخذت ترزق وتخلق وتعطي، فبدؤوا بعبادة هذه الوسائط ويقولون: إنّ هذا الصنم وسيلة لإنزال المطر، والثاني للرزق، والثالث للنسل.
فإذن: لا مشركوا قريش، ولا المجوس، ترددوا في أصل الصانع والموجد للممكنات؛ ولذا هذه كلمات المجوس يظهر منها: أنهم يقولون: إنّ للخير إلهاً، وللشر إلهاً، فالأهر ومزدا هو إله الخير والشر معاً، ولكنه خلق إلهين: إله النور، وإله الظلمة، وفوّض إليهما الأمور، فأخذ الصراع يتحقق في مرحلة الربوبية للعالم، وإنما أنكر الصانع عند الشيوعيين العقائديين.
إذن: الصانعية للعالم متّفق عليها إلاّ ممن شذّ وندر، وهم الشيوعيون العقائديون، أما مشركوا قريش فلم ينكروا اللَّه تعالى، ولذا يقولون: باسمك اللهمّ، وكانوا يعتقدون أنهم من أتباع إبراهيم (ع)، لكن لما انحرفت الشريعة وجعل العلماء يسكتون عن الحقائق للمصالح الشخصية ــ كما هو في كل زمان ــ انحرفت الأمة الإبراهيمية من بعد إبراهيم، حتى وصل أمرها إلى الشرك، وهناك روايات تقول: إنّ القائم (عج) إذا ظهر يخالفه أوّلاً الكثير ممن كانوا ينتظرونه، ويقولون: هذه ليست شريعة الرسول محمد(ص) وذلك لإنحراف الأمة بعد وفاة الرسول عن هدي رسول اللَّه (ص) ، فلما يأتي يتعجّب منه حتى العلماء، ولا أريد أن أقول: ابتعدت فرقة من المسلمين دون فرقة، بل انحرفت جميع الفرق الإسلامية و لو كان الإنحراف من بعضهم إنحرافا عمليا بمعنى عدم تطبيق الشريعة و انحرف آخرون عقيدة و عملا، فهذا يغضّ الطرف عن جانب اقتصادي، وذاك عن العدالة، وثالث انقلب على الأعقاب عقيدة وعملاً، ورابع في مرحلة العمل دون العقيدة، حتى اجتمعت الأيادي من شعب وحكومة وعالم على تحريف رسالة رسول اللَّه (ص) ، فلا يتصور متصوّر: أنّ اللَّه يوم القيامة يأخذ بحاكم ويترك الناس؛ لأنه ما كان لينحرف الحاكم لولا أن رأى انحراف المجتمع وتساهله، فاشترك الساكت والمعين في تحريف الشريعة، واشترك علماء الأمة والحكّام والشعب على كافة المذاهب، من عامة وخاصة.
فإذن: يجب أولاً وبالذات أن نعرف التوحيد في مرتبة الذات، والمراد من التوحيد في مرتبة الذات بأن نعتقد: أنّ هناك موجداً هو أصل الدائرة في مرتبة الوجود، فهو كائن لا عن حدث، كما قال علي (ع)، فاللَّه كائن موجود، لكنه لا عن حدث وعلة، وهو مذوّت الذوات، وموجد الأشياء، فهو الوجود اللامتناهي، وكل وجود إمكاني لـه حد وقدر من الوجود، فهذا وجود سمائي، وذاك أرضي كحجر أو إنساني، لكن اللَّه وجودٌ لا يحدّد بحدٍّ من الحدود، وهو الذي به قامت الأشياء، وله صفات قسمت إلى قسمين: الصفات الثبوتية، والسلبية، والمراد من الثبوتية هي صفات الجمال والكمال الإلهي، فاللَّه تعالى حياة وسمع وبصر، إذن هو تعالى كله وجود، وكله علم وحياة وقدرة، وعلمه عين وجوده، كما وإن علمه عين حياته، بخلافي أنا وأنت، فأنا قد أكون إنساناً بلا علم، أو بلا بصر، لكنّه تعالى كلّه علم وإرادة وقدرة، فهذه هي الصفات الذاتية.
وهناك صفات ثبوتية، لكنها ليست ذاتية، وإنما هي صفات الأفعال، فإنّه لما خلق الكائنات ونظرنا إلى عالمنا قلنا: إنّ للمخلوق خالقاً، وللمدبّر مدبّراً، وهكذا، فإذن هذه صفات ثبوتية في مرتبة الفعل، فهذه الكائنات لها صفات، ككونها مخلوقة ومرزوقة ومدبّرة.
وهناك صفات التقديس، وهي المعبّر عنها بالصفات السلبية، تقول: اللَّه منزَّه أن يكون في مكان، أو زمان، وأنه ليس عاجزاً، أو محدوداً، فكلّ أمرٍ يكون نقصاً يسلب عن الحق تعالى، وهي الصفات السلبية، فالشيعة الإمامية موحّدون في المراتب الأربعة، فهم يوحّدون اللَّه في ذاته ويقولون: إنّ اللَّه صفاته عين ذاته، وأنه لا خالق ولا رازق ولا محيي إلاّ اللَّه، ومن اتّهم الشيعة بأنهم يقولون: بأن الرسول والأئمة يخلقون ويرزقون بأنفسهم بلا إذن إلهي، فقد تكلّم بهتاناً وإثماً، فالشيعة يقولون بالمرتبة الرابعة، وهو التوحيد في مرتبة العبادة، فلا يجوز الخضوع والتذلل إلاّ للَّه تعالى، أي لا يعبد إلاّ اللَّه تعالى.
وأمّا الكلام عن التربية: فيقول علماء الأخلاق والتربية الإسلامية: إنّ أول قدم يرفعه الإنسان من أجل السير في منازل التقوى والعرفان والتوحيد هي اليقظة، فإذا استيقظ شهد وسمع وعقل، فأول قدم وحركة وبداية البدايات من أجل السير نحو اللَّه هي اليقظة، قال (ع) : ( الناس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا) ([2][2])، فإذا مات الإنسان يصبح بصره حديداً، لكن السابقين المقرّبين لا يحتاجون إلى موت لليقظة، فمن استيقظ في دنياه كان مستيقظاً في الآخرة، ومن عرف الحق كان عارفاً في الآخرة، ومن كان ها هنا أعمى كان يوم القيامة أعمى.
فأول قدمٍ هو ما أشار لـه اللَّه تعالى: إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا للَّه ([3][3])، فما هي الموعظة التي تُمكّن الإنسان أن يستيقظ؟ يقولون: هي اليقظة، فإذا جلس من نوم الغفلة تمكن أن يعرف الحقائق؛ لأن النائم لا يسمع كلاماً، لا لنبي، ولا لعالم، ولا لأي أحد، فعلى الإنسان أن يجلس من نوم الغفلة أولاً حتى يتمكن أن يرى بنور الفطرة حقائق الأمور، وإن كان من المعلوم أن معرفة الحقائق شي‏ء، وعلاج النفس بالعمل شي‏ء آخر، فمن لم يعمل الصالح لا يتمكن أن يستفيد من علمه، فكم من عالم ساقه هواه فكان في الدرك الأسفل من الجحيم.
فأول مرتبة لعلاج النفس أن نتخلّص من صفتين: الأولى ترجع إلى الجِن، والثانية ترجع إلى بني إسرائيل، كمظهر من مظاهرها الواضحة، ولا أقول: إنها تختص بهم، بل هي صفة عامّة، لكنّهم عرفوا بها، والصفة الأولى أيضاً هي عامة لكن إبليس عُرف بها، وهي الكبرياء والعجب، فمن أصيب بالغرور لا يتمكن أن يهتدي بنور الحق أبداً، وليس المراد بالكبرياء هو الكبر في الخلق الإجتماعي فقط، فكم من إنسان يحترم الناس لكنه مغرور في علمه أو نسبه، أو يرى نفسه عالية عظيمة، فلا يرى قيمة للفقراء، والشخص قد يكون مغروراً في علمه، فالعلم يأخذ به إلى الحضيض، مع كون العلم نوراً، ومن تعجّب من علمه توقّف ولم يتحرك نحو الكمال بعد ذلك، فعلى كل إنسان أن يعالج نفسه من مرض الكبر، وأن ينزع الغرور من نفسه؛ ليتمكن من محاسبة نفسه في خطاياها وأعمالها حتى يرى صفاته الحسنة والقبيحة، وأن يحلّي نفسه بالفضائل، ويبتعد عن الرذائل، فهذا حاكم متكبر، وهذا شريف متكبر لنسبه، وذاك متكبّر لعلمه، وأمثال هذه الأمور، فعلى كل إنسان أن يذلّل نفسه بذل العبودية، والمتكبر أعمى لا يسمع نداء الحق.
والصفة الثانية هي صفة بني إسرائيل، وهي اللجاج والحقد، فمن عوّد نفسه على المشاكسات لا يهتدي أبداً، فعلى الإنسان أن يسمع النداء أولاً، فإن كان نداء حقٍّ قبله، وإن كان نداء باطلٍ ردّه، فإذا تمكن من طي هذه المرحلة بعد اليقظة، وذلّل نفسه بسماع نداء الحق، وابتعد عن اللجاج، يأتي الدور الثاني، فنقول:
النفس مملوءة بالصفات المتقابلة، واللَّه تعالى أمر دائماً بالأخذ بالصفات الوسطى والاعتدال، فجعل اللَّه الشجاعة صفة ممدوحة، وذمّ المتهوّرين، وذمّ الجبناء، فالإفراط والتفريط مذموم.
وقد يقول قائل: إنّ هذه غرائز في النفس، فهذا يولد وهو شجاع، والآخر جبان.
نقول: لا ننكر أنّ هذا بنحو المعدّ، وغاية ما يمكن أن يقال فيه: إنه بنحو المقتضي المحتاج إلى تحقّق الشروط، وارتفاع الموانع، فالإنسان يتمكن بواسطة التربية أن يأخذ بالتكامل قدماً بعد قدم، يقول علي (ع):
( فإنّ البخل والجبن والحرص غرائز شتى، يجمعها سوء الظن باللَّه) ([4]
[4])، فمن قويت عقيدته باللَّه وعلم أن من يريد اللَّه حِفظه يحفظه ولو في بيت فرعون، فقد أصبح فرعون خادماً يربّي موسى (ع)، وهو كان يقتل الناس جميعاً، والنبي محمد (ص) حُفظ بنسيج العنكبوت، وبقي وحيداً في غار ترتعد فرائص صاحبه، ففقد حتى من صحبه في الغار، والآية صريحة في ذلك، لكن الحق تعالى يحفظ سيّد الكائنات ببيت العنكبوت، فمن عرف بعرفان لا بقول ولسان ( لا حول ولا قوّة إلاّ باللَّه) وأنه لو اجتمعت الإنس والجن على شخص لا يتمكنون من القضاء عليه إذا شاء اللَّه حِفْظه، فحفظ رسوله 13 عاماً وهو في أوساط قريش، وحفظ رسوله بخيوط عنكبوت، وحفظ موسى في بيت فرعون، هكذا إذا أراد حفظ إنسان.
فعلى الإنسان أن لا يخاف من أي جبار، ولا من أيّ سلطانٍ على وجه الأرض.
فإذن: على الإنسان أن يعرف أن هناك صفات هي صفات كمال كالشجاعة، فالرسول عفى عن بنت حاتم؛ لشجاعة حاتم وكرمه؛ تكريماً لحاتم، وعفى عن قبيلتها، فقال: إجلالاً وتكريماً لحاتم تعتق كل بني طي، وما قال: إنه كان مشركاً.
فإذن: الإسلام دين الكمال والفضائل، فلا يجتمع الإيمان مع بخل، ولا جبن، ليس المؤمن من كان متهوّراً، ولا جباناً، ولا بخيلاً، ولا مسرفاً، بل المؤمن من كان شجاعاً وكريماً، بعيداً عن الإفراط والتفريط، لا أن يقرأ فقط ويعرف أن الشجاعة خير من الجبن والتهوّر، بل عليه أن يعوّد نفسه على الشجاعة والجود والكرم، فيعالج النفس معالجة حتى تخلص بالصفات الجيدة.
فالقدم الأول هي اليقظة، وسوف نتابع تفصيله في المحاضرات القادمة إن شاء الله تعالى.
وهنا نقول: بذكر الحسين اجتمعنا، وبذكر الحسين قام الدين، وعرفت شريعة الرسول، وإلاّ لجاءت الأجيال وقالت: إنّ من كان من نوّابه يزيد بن معاوية لا يكون نبياً، لكن المجالس يجب أن تبين شريعة رسول اللَّه من جميع النواحي العقائدية والتربوية والاقتصادية والفقهية و ... .
وفي هذا الموضع نقرأ شيئاً من سيرة علي (ع) ، ففي هذه المحاضرة نقرأ النصّ فقط:
قال ابن الأثير: لما قتل عثمان اجتمعت الصحابة من المهاجرين والأنصار وأتوا علياً (ع) ، وقالوا: لابدّ للناس من إمام فقال (ع) : لا حاجة لي في أمركم، فمن اخترتم رضيت به([5][5]) .
كيف يتنازل الإمام والحق حقّه؟ فترددوا عليه مراراً وقالوا له: لا نعلم أحداً أحق بهذا الأمر منك، لا سابقة، ولا قرابة من رسول اللَّه، فقال: لا تفعلوا (يعني اذهبوا واختاروا غيري) ، فإني أكون وزيراً خير من أن أكون أميراً، كيف يقول الإمام ــ وهو نفس رسول اللَّه (ص) بنص الآية ــ : أكون وزيراً خير من أن أكون أميراً؟ وكيف يترك حقه؟!
فقالوا: ما نحن بفاعلين حتى نبايعك، فقال: فإذن ففي المسجد؛ فإن بيعتي لا تكون خفية، فكان أول من بايعه طلحة والزبير، وتواترت كتب التاريخ على أنّ أول يد هي يد طلحة.
وقال الطبري: إنّ علياً امتنع من البيعة، فلمّا أصرّوا عليه قال: لا تكون البيعة إلاّ في المسجد، ولا تكون خفية، ولا تكون إلاّ عن رضا المسلمين([6][6]) ، فهل رضا المسلمين شرط في الخلافة؟ وكيف يقيّدها علي؟
فقال ابن عباس: خفت أن يأتي علي إلى المسجد فيشغب عليه، يعني تقع مشاغبات، وأبى عليّ إلاّ المسجد، فلما أتى المسجد بايعه المهاجرون والأنصار، ثم الناس جميعاً، وما تخلّف عن بيعته إلاّ نفر لا يتجاوزون عن عدد الأصابع، فما تحقّقت الشورى والديمقراطية إلاّ في عهد علي (ع)، فجاؤوا بسعد بن أبي وقّاص وكان ممتنعاً من البيعة، وقال: حتى يبايعك الناس فقال (ع): خلّوا سبيله.
فقائل يقول يوماً: احرقوا الدار ومن فيها ولو كانت بنت المصطفى فيها.
وقائل يقول: خلّوا سبيله.
قائل يقول: اقتلوا مالك بن نويرة؛ لأنه لم يدفع الزكاة، فحكم عليه بالكفر والارتداد، فوصل العدوان إلى عرض مالك بن نويرة.
وقائل يقول: من أراد البقاء معنا فراتبه يستمر، ومن أراد معاوية فسأوصله إلى حدود الشام. هذه هي طريقة الإسلام.
وجي‏ء بعبد اللَّه بن عمر بن الخطّاب وقال كما قال سعد، فقال
علي (ع) : اتركوه فإنه سيى‏ء الخلق صغيراً وكبيراً، وقال مالك: يا أمير المؤمنين دعني أقتله، فقال علي (ع) : دعوه فأنا كفيله، الناس أحرار.
ومن جملة من توقّف حسان بن ثابت وزيد بن ثابت، ولاّه عثمان الديوان وبيت المال، فلما حوصر عثمان قال: يا معشر الأنصار كونوا أنصاراً للَّه، فقال لـه أبو أيوب الأنصاري: ما نصرته إلاّ لأنه أكثر عليك العبدان، ووفّر لك المال، أنت تدافع عنه؛ لأنه سلطك على أموال المسلمين.
وقال محمد بن الحنفية: كنت مع أبي عندما قتل عثمان، وجاء إليه الناس، وقالوا: إنّ عثمان قد قُتل ولابدّ للناس من إمام ــ وقد تقدم مضمون هذا في تاريخ ابن الأثير ــ فقال: لا أبايع إلاّ عن رضا المسلمين، وسوف نشرح هذه العبارات في المحاضرات الآتية إن شاء اللَّه.
والحمد للَّه ربّ العالمين.


[1][1] ــ تاريخ اليعقوبي، أحمد اليعقوبي 2 : 210 ، وروضة الواعظين، الفتال النيسابوري: 31 .
[2][2] ــ شرح مائة كلمة، ابن ميثم البحراني: 54 ، الكلمة الثانية، وعوالي اللآلي، ابن أبي جمهور الأحسائي 4 : 73 ، تسلسل 48 .
[3][3] ــ سورة سبأ، الآية 46 .
[4][4] ــ نهج البلاغة، شرح محمد عبده 3 : 82 ، من عهده لمالك الأشتر.
[5][5]ــ بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي 32 : 7 ، ح 2 عن الكامل لابن الأثير.
[6][6]ــ أنظر: تاريخ الأمم والملوك، ابن جرير الطبري 3 : 450 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق