الخميس، 25 أبريل 2013

@ الإمام المهدي المنتظر المحاضرة رقم 2



المحاضرة الثانية
العقل و منهج العرفان

وصل بنا البحث إلى ما يمكن أن يستدل به على ضرورة منقذ بشري من طريق العقل و قد تقدم أن مسألة المنقذ ليست مسألة شيعية بل و ليست مسألة إسلامية و إنما هي مسألة اتفقت عليها البشرية كافة فقال بها من كان من الموحدين التابعين لرسالات السماء و غيرهم أيضا و قد دلت الأخبار و تجاوزت الآلاف حتى أنه قيل أحصاها بعض العلماء فوجدها متجاوزة ستة آلاف حديث و أي ضرورة تثبت بأكثر من هذا وقد تقدم الكلام عن الأخبار و الأحاديث كما تقدم الكلام عن الإجماع الإسلامي في المسألة و بقي شيء من أمر العقل نفصله ثم ننتقل إلى ما استدل به العرفاء في المقام .
فمن جملة ما استدل به الفلاسفة في المقام عن طريق العقل على أن الأدلة دلت أن القران له سبع و سبعون بطنا فإذا كانت البطون سبعا و سبعين و أن المراد من السبعين مالا نهاية له في الازدياد و التكامل و إن ما ورد في الكتاب المجيد من سبع سماوات إشارة إلى مالا نهاية له من الخلق الإلهي في عالم الإمكان أو قابلية تزايده إلى مالا يحصى فنتسائل هاهنا هل هذه البطون المتعددة شرحت بأبعادها السبع و السبعين أو لم تشرح ليومنا هذا؟ فإن من كان منصفا وجد بضرورة حكم العقل أن ما جاء به الرسول الأعظم بكتابه العظيم بما له من البطون التي لا تعد و لا تحصى من المعاني التي هي كتاب تدويني يحكي جميع أبعاد عالم الإمكان التكويني بما لله تعالى من الفيض المستمر الذي لا يحد بحد لم تشرح لحد الآن.
و بالجملة إذا كان هذا الكتاب كتابا تدوينيا ببطونه اللامتناهية فهل فهمه الناس في عصر رسول الله (ص)مع كونه كان الرسول (ص)يعيش مع المنافقين و الكثير من الجهال و أعراب البادية و كان يعيش مع الكثير من الذين لم يفهموا حتى بطنا من بطون هذا الكتاب العظيم و هل شرح هذا الكتاب و توصلت البشرية إلى أبعاده اللامتناهية في زمن النقباء المعصومين من بعد الرسول الأعظم (ص)أم أن الحديث مع أغلب الأفراد كان حديثا مع جهال لا يفهمون بعدا واحدا فضلا عن الأبعاد اللامتناهية .
و من أهم الشواهد على ذلك مضافا إلى إنقلاب الأمة على الأعقاب و إنها تتبع سنن الماضين كما ورد في صحيح البخاري و مسلم و غيرهما من كتب العامة و الخاصة ، ما جاء في الأحاديث حينما قال رسول الله (ص) }سلوني عما بدا لكم إلى ما قبل الساعة ... { و كذا علي (ع)حينما قال : } سلوني قبل أن تفقدوني{ و إن وجد بعض النوادر من البشر في عصره (ص) و من بعده في عصر النقباء (ع)حيث أنهم كانوا من خزانة الأسرار.
فمن تحرر في المقام وابتعد عن العصبيات و تقديس الرجال فهم أن هذا الكتاب الذي هو شارح للبطون اللامتناهية العلمية لم يشرح منه إلا القليل لأن الأمة اشتغلت بالانقلاب على الأعقاب فأين المنقلبون على الأعقاب عن بعد الرسالة أو أبعاد الرسالة اللامتناهية و أين هم من فهم الحقيقة المحمدية و من فهم الحقيقة العلوية و أبعاد الولاية و الحكمة بأبعادها العلمية و العملية.
أجل أين هؤلاء من هذه المراتب العظمى، فإن نظرنا إلى بطون القرآن عقلا وجدناها إنها لم تشرح بعد و لابد للكتاب من شرح على وجه الأرض تتم به الغاية من بعثة الأنبياء و هي التكامل الذي دعا إليه الله Iو دعت إليه الأنبياء كافة و هذا التكامل و شرح البطون بما للكتاب من كونه تبيانا لكل شيء ما تحقق على وجه الارض منذ بعث الله آدم (ع)إلى الخاتم (ص)إلى الإئمة المعصومين (ع) بل و إلى يومنا هذا .
فهذه كلمات القوم تبدي معارفهم إذ يقول قائلهم من ينازعنا سلطان محمد (ص)، فالقوم الذين جاءوا يتصارعون سلطانا لقريش, و يريدون التقدم على البشرية من طريق القبلية فهؤلاء بمعزل عن الشريعة وعن فهم أبعادها الظاهرية فضلا عن بطونها اللامتناهية.
فإذن الشريعة ما شرحت بأبعادها و لذا تقول الروايات إذا ظهر(عج)يسأله السائل يابن رسول الله أجئت بشريعة محمد (ص)أم جئت بشريعة أخرى و هذا يحكي بعد المسلمين عن الرسالة بعد رحيل الرسول الأعظم (ص)بكافة طبقاتهم و مذاهبهم و وجود أفراد نوادر من البشر أرادهم الله حججا على خلقه كعمار و مالك و أبي ذر و حجر إبن عدي و سلمان و المقداد و غيرهم من حجج الله تعالىعلى أرضه إلى ظهور القائم (عج)لم يحققوا يوما من الأيام عنوان الأمة الإسلامية حتى يقال بأن الرسالة شرحت بأبعادها و بسطت على وجه الأرض.
أجل هؤلاء حجج الله على البرية بعد الأنبياء و الأوصياء تقام بهم الحجة عليَّ و عليك يوم القيامة فإذا قال القائل منا يوم القيامة يا إلهي و سيدي و مولاي الشريعة ما كان يمكن أن تطبق على وجه الأرض يؤتى بأمثال هؤلاء الأعاظم و يقال لنا أنها كانت مطبقة و لو لم يمكن أن تطبق لما طبقها عمار وسلمان و مالك, فإذن أنتم أحببتم الدنيا و سايرتم الحكام من أجل العيش الهنيء و إلا فالشريعة كانت واقعية و مطبقة و لو على صعيد فردي و يكون تطبيقها على صعيد عالمي بكل أبعادها العلمية و العملية على يد منقذ البشرية مهدي آل محمد(عج) فهذا أوّلا.
و أما الأمر العقلي الثاني في المقام فنقول :كل من مرّ من الدعاة للإصلاح على التاريخ البشري صادقا كان أو كاذبا رفع راية العدل و دعا إلى تطبيق الحق على وجه الأرض سواء كان باسم الدين أو بغير ذلك من العلمانيين و الشيوعيين و الإشتراكيين و البوذيين و غيرهم .
أجل ما دعى داع منهم إلا باسم الحق والعدل و العلم وما خدعت البشرية على طول التاريخ إلا باسم الحق و ما استرقت و استعبدت يوما من الأيام باسم الظلم و الدمار ، فهذا يسمي نفسه خليفة لرسول الله و ذاك يسمي نفسه ظلا لله على وجه الأرض و هذا يسمي نفسه باسم آخر و لكن الكل مشتركون في الخداع و المكر و إن اختلفت الأسماء و ابتعدت الأماكن و الأزمان.
و عليه فلابد من أن يميز الله تعالى رسالات السماء الحقة التي جاء بها الأنبياء بدءاً بآدم (ع)و ختاما بسيد الكائنات محمد (ص)حتى تخرج من الإدعاء و الفرضية إلى مرحلة التطبيق العملي بواسطة قائد و ولي أعظم يحقق العدل على وجه الأرض و ينشر معالم العلم و سبل الرقي و الكمال .
حتى لا يقول قائل يوم القيامة : يا إلهي و سيدي و مولاي كم من راية رفعت باسم الحق فوجدناها خداعا و فخّا و وسيلة للمآرب الشخصية للوصول إلى المقاصد الخاصة و ما وجدنا تطبيقا للشرائع, فلعل دعوة الأنبياء كانت كغيرها من الإدعاءات فرضية لا مصداقية لعدلها كما شاهدنا الكثير من الادعاءات التي منّت الأمم بكل خير و رفاه و وعدتهم بفردوس راحت لتجلس القصور و تسترق الناس باسم الاشتراكية و الشيوعية و العلمانية أو باسم الدفاع عن حقوق الإنسان و كم شاهدنا من داعية باسم النصرانية أو اليهودية أو الإسلام استرق الناس.
و عندها فلقائل أن يقول يا إلهي ظننت دعاة الشرائع كذلك كأغلب الدعاة الذين دعوا إلى العدل و الحرية و ما كانت دعوتهم إلا إفتراضا و ما كان مرادهم إلا خدمة لمصالحهم الشخصية و عليه فلابد بحكم العقل من مجيء منقذ يكون حجة على جميع البشرية إلى قيام الساعة يحقق به الله تعالى الحق على وجه الأرض حتى لا يقول قائل يا إلهي ظننا الشرائع فرضية و وهما و ادعاءا كما ادعى المدعون و لكي لا تبقى لأحد حجة يوم القيامة على الله تعالىو تكون الحجة البالغة لله وحده سبحانه و تعالى .
و عندها فينادي المنادي يوم القيامة قد تمم اللهتعالى لطفه عليكم ببعثة الأنبياء و رسالات السماء و بالمعصومين و الحجج من بعد الأنبياء, فكان المانع من قبل أنفسكم و ما خلقت خلقا ليعيش الحرمان و الدمار و الحقد و البغضاء و المذلة و الاستضعاف .
أجل قد ساق الأمم إلى كل ذلك سكوت الكثير منهم عن الحق و تمادي آخرين في الغي و لم تكن العلة التامة لضياع البشرية و هلاكها ما ارتكبه الحكام فقط و ذلك لأنهم ما كانوا ليرتكبوا ما ارتكبوا من عظيم الجرائم و الظلم إلا بواسطة ممهدات و تحقيق شرائط هي من عمل الأمم وما كانوا ليتجاوزوا كافة موازين الحق و القيم الإنسانية إلا بجنود و سلطان قوامه السواد الأعظم لأنه من المعلوم أن الحاكم الظالم ما كان ليخرج يوما من الأيام لاسترقاق الناس و إذلالهم أبنائه و أقربائه و إنما يذل الأمة بواسطة الأمة نفسها قال تعالى : >و ما ظلمناهم و لكن كانوا أنفسهم يظلمون <[1][1] و قال (ص): } كيفما تكونوا يولى عليكم {.
و بقيام راية الحق و نشرها على وجه الأرض تكون لله الحجة البالغة على الأولين و الآخرين إلى قيام يوم الدين لبيان أن المقتضي كان محققا وكذا الشرط و لكن المانع كان سببا لعدم تحقق العدل على وجه الأرض و هو ابتعاد الأمم عن الصراط المستقيم وذلك لبداهة الأمر لدى كل موحد على أنه لا قصور في المرسل و لا الرسل و لا الرسالات السماوية.
فهذا أيضا من الأدلة التي يمكن أن نستدل بها بحكم العقل على وجوب مجيء منقذ بشري يخرج البشرية من دمارها حتى تخرج الأديان طرا من زمن آدم إلى زمن الرسول (ص)إلى يومنا هذا من الفرضية إلى مرحلة التطبيق كما قلنا لكي لا يبقى لأحد حجة على الله تعالى.



مسلك العرفاء و الفلاسفة

و أما مسلك العرفاء و الفلاسفة فقد تقدم بيانه على أنه لابد من ولي أعظم و قطب على مصطلحهم تحفظ به موازين العدل على وجه الأرض و دليلهم على ذلك على أن الله تعالىعرف بأسمائه و صفاته فوجدنا مخلوقا دلنا على خالق و وجدنا مرزوقا دلنا على رازق, فالمعلول يدل على علة و الحادث يدل على محدث قديم و الممكن يدل على واجب و المدبَر يدل على مدبِرو المحكم يدل على حكيم.
فلو كنا نفكر و نتأمل في الحقائق لوجدنا العالم بكله دليلا و برهانا و لذا سمي العالم عالما و قيل رب العالمين أي المربي للعوالم, فالعالم من العلامة فكل ما في العالم علامة على الحق و كل ما في العالم آية و دليل على الله تعالىو لذا قالوا أن الأدلة على الحق على قدر أنفاس الخلائق .
فبعد هذه المقدمة جاء العرفاء ليقيموا دليلهم على وجود ولي على وجه الأرض في كل عصر و زمان على اختلاف مراتب الأولياء من كون الولاية مطلقة أو مقيدة و سواء كان الولي ظاهرا أو مستورا كالخضر ومحمد ابن الحسن العسكري (عج) و غيرهما.
فقالوا: كما و أن الحكيم دل على حكمته بعض مظاهر خلقه و الخالق دل خلقه عليه و كان كل اسم للحق تعالى له آية و علامة تدل على الحق تعالى فقد أبى اللهتعالى أن يجعل الناس لا يتمكنون من الوصول إليه و أن يحجب العقول من التوصل إليه و من جملة أسماء الحق سبحانه و تعالى أنه الولي الحميد.
فالولي من أسماء الله تعالىكما وأن الحكيم و الخالق و الرازق أيضا و عليه فلابد من ولي يكون مظهرا للولاية و الهيمنة و السلطان الإلهي على وجه الأرض لتتحقق الولاية و يتحقق الاسم الإلهي على وجه الأرض ببسط الولاية ليكون مظهرا للولاية المطلقة على وجه الأرض تحقيقا لأسمائه تعالى في عالم الشهادة قبل عالم الغيب و إن كان الظهور في عالم الغيب أجلى .
        فالمتقدمون من الأنبياء و الأوصياء و إن كانوا أولياء و مظاهر لإسم الولي لكنهم ما كانوا مظاهر للولاية ببسطها و نشرها وبيان عظمها و هيمنتها على وجه الأرض و عليه فلابد من ولي أعظم يكون مظهرا لهذا الاسم الإلهي و هو اسم الولي حتى يظهر الله تعالى باسم الولي على وجه الأرض و تظهر ولايته بآية كبرى و هو الحجة (عج).
و يكون الحجة وليا أي مظهرا من مظاهر اسم الولي بولاية مطلقة عامة مهيمنة على العالم تماما لتتم مظاهر الأسماء الألهية على وجه الأرض كما و أنه لابد لبقية الأسماء أيضا من ظهور كالملك و المربي و السلام و المهيمن و هي ستتم جميعا بذلك الولي الأعظم كما و أنها تظهر يوم القيامة بظهورها التام المطلق لتكون هذه الاسماء بعظمها ظاهرة لكافة الخلائق بارها و فاجرها.
        و بالجملة فالله تعالى هو السلام و المهيمن و الملك و هذه الأسماء لابد لها من مظهر يكون آية و علامة دالة عليها بنحو إطلاقي و ما مر من الأنبياء و الأوصياء ما جعلهم الله I لحكمة , مظاهر تمام هذه الأسماء لأن الحكمة من ظهورها بنحو الإطلاق إنما هي في أواخر أيام الدنيا لتتميم مقاديره تعالى و تحقيق الغاية التي من أجلها خلق الله تعالى الجن و الأنس على وجه الأرض و هي أنه تعالى جعل الدنيا دار اختبار و اختيار و إن كان الرسول (ص)هو الولي بإطلاق الكلمة لكن لحكمة و مصلحة أراد الله تعالىأن يكون كل ولي مظهرا من مظاهره على وجه الأرض فرسول الله (ص)هو مظهر النور و العلم الإلهي بإطلاق الكلمة و إذا قيل لابد من ظهور هذه الأسماء فظهورها لابد و أن يكون بوجود عدل مظهرا للعدل الإلهي لأن الله تعالىهو العدل لتعتدل به موازين الأمور.
فإذاً المنقذ البشري يكون مظهرا لهذه الأسماء أي يكون مظهرا لاسم الولي و السلام و المهيمن و العدل كما و أن هذا الشيء المعيّن كالحجر مثلا كان آية على الخالق و المدبر و .
فلابد من اسم يكون مظهرا تاما جامعا للأسماء و الصفات الإلهية لتكون به مظهرية الأسماء و الصفات الإلهية على وجه الأرض لتتم الأسماء على وجه الأرض جمالا و جلالا ثم تتم في عالم البرزخ بمظهر أشد و في عالم القيامة بمظهرية هي أشد منهما و هكذا يتمم الله تعالىمظاهر أسمائه لخلقه في جميع العوالم في مسيرة الكمال بعد القيامة بما يناسب كل عالم من العوالم وهذا الأمر من ضروريات العرفان بل من ضروريات العقل و الدين لذوي الالباب و البصيرة و إن كان بتمام الخفاء للمحجوبين بحجب العناد و حضارات الجاهلية ، طهرنا الله و إياكم من حجب الظلمات .
        فإذاً العرفاء متفقون جميعا على أنه لابد من ولي و أن عدم القول بالولي تعطيل للأسماء الإلهية و لا يعقل أن تعطل الأسماء الإلهية بدون مظاهرها على وجه الأرض ليكون الآية الكبرى للرشاد و الهداية و لتتم به مظاهر الأسماء كالولي و السلام و المهيمن و ما شاكل هذه الأسماء جمالا و جلالا .
و قد قال العرفاء في حق الرسول الأعظم(ص) أنه المظهر الجامع للأسماء بقممها في عالم الإمكان, فمن أراد أن يرى ظهور العلم الإلهي في عالم الإمكان وجده في رسول الله (ص)فالرسول هو مظهر الأسماء و الصفات الإلهية جميعا فهو مظهر العلم و القدرة و العدل و مظهر جميع ما هو من شأن الأسماء و الصفات الإلهية في عالم الإمكان طرا فهو إمام الأئمة و الشفيع الأعظم فهو معجزة عالم الإمكان و الحجة المنتظر الذي يطبّق العدل على وجه الأرض أيضا مظهر للأسماء و الصفات لأنها لابد و أن تظهر بما يناسب الأرض و لابد و أن تظهر بما يناسب عالم البرزخ و القيامة و الجنان .


إنتظار الفرج

هناك كلام بالنسبة إلى مسألة إنتظار الفرج و قد أورد علينا الكثير من أبناء العامة و الجماعة على أن الاعتقاد بإمام مستور غائب عن الأنظار و إنتظار العدل بواسطته يسوقكم إلى الذل و الهوان لأنكم دائما تنتظرون من يدافع عنكم و من يخرجكم من هوانكم و ذُلكم إلى العز و الكمال و في الحقيقة اعتقادكم هذا يعطل الكثير من نواميس الشريعة فلا يدفعكم إلى أمر بمعروف و لا نهي عن منكر و لا يدفعكم إلى مقابلة الظالمين لأنكم تعتقدون أنه لا مقيم للحق و لا مقيم للعدل إلا هو فأنتم تعيشون اليأس والكآبة و تعيشون السلبيات في حياتكم و ما جاءت الشريعة بمثل هذه السلبيات.
فإنتظار الفرج استسلام للمذلة فهو مجموعة سلبيات ساقتكم إلى الذل و الهوان على طول التاريخ و لذا تقدم عليكم الناس و تسلّط عليكم الكثير من الأمم و أنتم بعد باقون تنتظرون الفرج فلا ناهي عن منكر و لا آمر بمعروف و لا مقدم على إزالة ظلم و ما شاكل هذه الأمور, فكل هذا نشأ من إنتظاركم للفرج الذي نشأ من اعتقادكم بالمنقذ.
أرجو التوجه إلى أمر هام فإن كل إنسان بما له من النفسية و العقلية و العلمية يتعامل مع الأشياء طبقا لتلك النفسية والعقلية , فرب إنسان يتعامل مع الحية السامة معاملة إيجابية فيستفيد من سمها لعلاج أو غير ذلك و آخر ربما راح ليتضرر من العسل المفيد أو من الصلاة التي هي قوام الدين لأنها كانت صلاة نفاق أو رياء و هذا هو الفارق بين المقامين لاختلاف النفوس بما تحمل من الجوانب الإيجابية و السلبية فالماء الذي به قوام الحياة ربما راح ليتجاوز إنسان الحدود في شربه فيصبح من الأمور الضارة في حقه.
        و بعد هذه المقدمة نتكلم مع القوم فنقول: الشيعي يحس بمراقبة مستمرة من اللهتعالى و ملائكته و إمام يشاهد و يطالع الأمور فإن هذا يدفعه إلى الجد و الصواب فيرى مراقبة من الحق تعالى و يرى مراقبة من الملائكة و من إمام معصوم يعايشه و لعله يعيش معه لحظات و هو لا يعرفه فهذه ليست بسلبيات و إنما هي إيجابيات تدفع الإنسان إلى الثبات و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و الإبتعاد عن الظلمة و السلاطين .
لكن لعل ساخرا يقول كما هو ديدن البعض بأن مراقبة الله تعالى كافية و لا يحتاج الإنسان إلى الإحساس بمراقبة وراء مراقبة الحق تعالى فنقول لولا أن مراقبة غير الحق حين الاعتقاد بها أو شهودها تؤثر في النفوس لما أخبرنا الله تعالى بمراقبة الملائكة بل و بشهود أيدينا و أرجلنا يوم القيامة و لما كان الإنسان اكثر إتزانا و حذرا حين يعيش مع من يحترمه من الأباء و المؤمنين و إن كان في نفسه هو من المؤمنين المعتقدين بالله و بيوم الحساب.
        ثانيا أقول: إنما اختلفت الأمة الإسلامية في مسألة المنقذ البشري في أمر واحد و هو أنه مولود كما تقول الشيعة أو أنه سيولد كما تقول العامة و ما أنكر من العامة أصل مسألة المنقذ إلا جاهل لم يعرف من كتب علمائه موضع سطرين أو عالم بمواطن النصوص و أنها متواترة لا محل لإنكارها لكن العناد يسوقه إلى الإنكار لأنه من النواصب لآل محمد (ص)و الأول يعتبر من المستضعفين و ما أكثرهم بين السواد الأعظم.
فبعد هذا نعود إلى صلب الموضوع فنقول :لا ندري لم لا يكون مهزلة إنتظار الفرج الإلهي بواسطة منقذ بشري سيولد و هو ما اتفقت عليه آراء العامة إلا من الشذاذ من أهل العصبية و العناد ولم لا يدعو ذلك إلى ما تقدم ذكره من السلبيات و لكن إذا كان مولودا يدعوا إلى مثل هذه الأمور و إن كان الجواب واضحا لدى كل بعيد عن روح العصبيات ,اللهم أبعدنا عن النظر إلى حقائق الأمور من وراء مثل هذه الحجب.
و ثالثا: أكبر دليل على أن إنتظار الفرج ما ساق الشيعة إلى المذلة ,فإنه من الواضح لدى كل من له بعض الخبرة في التاريخ أن الرجال الذين ثبتوا ضد الظلم و الجور في مقابل كل ماكر و كل مخادع و كان يعبر عنهم طيلة القرون بكفة المعارضة للسلاطين و الحكام هم الشيعة في مقابل من وصلت بهم الحالة إلى أن قال قائلهم إذا دعى الإنسان العادل إلى الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ضد إمام جائر فاسق ظالم كان ذلك العادل باغيا و على الناس أن ينصروا إمامهم الجائر ضد ذلك العادل الآمر بالمعروف .
و بمثل هذه التعابير الداعية إلى الذل و الهوان و فتح الأبواب أمام كل جريمة يرتكبها الحكام باسم الدين قد ملئت كتب القوم ,أجل هكذا وصلت الأمور من قبل بعض علماء العامة خدمة للسلاطين جاعلين الأمة تقاد كالغنم بأيدي رعاتها.
أقول:إن تركنا الإمامة و العصمة و جئنا نساير القوم لا نتمكن أن نجعل الجهال أو الجناة الجائرين خلفاء للأنبياء و قد قبل العامة هؤلاء طيلة القرون خلفاء لرسول الله (ص)و سموهم بولاة الأمر و دعوا الناس إلى طاعتهم فلا أدري أي الفريقين أولى بالدعوة إلى الذل و الهوان و لم يسألوا يوما من الأيام هل أن خليفتهم عالم أو جاهل بالشريعة ليكون مطبقا لها و ما سألوا يوما من الأيام أن المتسلط باسم الدين أهو عادل أم لا.
        فنحن إن قلنا بعصمة بعد الأنبياء لولاة الأمر لتحفظ الشريعة من الزيادة و النقصان على أيدي أثني عشر نقيب لتصبح عندها حضارة للأمة ثم يأتي دور العلماء بعد ذلك بشرائط الورع و التقوى لكن من المؤسف أن يقبل العامة ولاية كل من هب و دب حتى وصل أمر الخلافة إلى أمثال يزيد ابن معاوية والمتوكل العباسي تاركين حتى اشتراط العلم و التقوى فنسوا كل المقاييس و أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فدعوا الناس إلى الاستسلام إلى كل ظالم جائر تبعا لهدي وعاظ السلاطين و قبلوا أن يكون شربة الخمور ولاة بل و أمراء للمؤمنين .
فإذن قولهم إن إنتظار الفرج يسوق الإنسان إلى المهانة و المذلة كلام ليس في محله لأن الشيعة على طول التاريخ هم الذين قاوموا الظلم و الإجرام و قدموا سيلا من الشهداء في دروب الحرية و الجهاد كأمثال الحسين ابن علي عليهم السلام وحجر بن عدي الكندي و غيرهما من عظماء العلم و الدين.
وما وجدنا إنتظار الفرج كان مذلة واستسلاما للطغاة و الجبابرة بل كان الأمر بالعكس و ذلك مشهود لمن أنصف من نفسه وراجع فتاوى الكثير من علماء العامة الداعية إلى الاستسلام إلى كل حاكم و نحن بعد الأئمة المعصومين عليهم السلام إشترطنا علما و فقاهة و عدالة للقيادة الإسلامية و أن يكون الحاكم بعد ذلك لا يبت بأمر إلا بعد مشورة أهل الخبرة و بمجرد أن يخرج عن موازين العدل أو لم يكن عالما لا قيمة لكلامه و تسقط ولايته .


مسألة طول العمر

من الشبه التي أوردها القوم في المقام مسألة طول العمر حتى قال قائلهم أن الشيعة أو الروافض يتكلمون ما يخالف العقل فأخذ المتكلم منهم يتكلم بلهجة السخرية على الشيعة قائلا: أنهم ينتظرون أوهاما و يدّعون أمرا يوجب الهزل و الضحك حيث يقول الشيعة بوجود إمام تجاوز عمره القرون و هذا مما ينافي العقل فهو باطل وإنه لو وجد مثل ذلك في الشريعة لوجب تأويله كما لو ورد أن الله تعالى يوم القيامة يُرى لوجب علينا أن نؤول ذلك بالرؤية المعنوية لا بالرؤية الحسية بالعينيين فهكذا قالوا في حقنا لو نفرض أن الشيعة لهم أدلة تدل على وجود إمام و حجة موجود فمعناه أنه سيوجد بعد ذلك و سيولد أما القول بوجوده و أن عمره طويل و يستمر فهذا كلام يخالف العقل و ما خالف العقل كان باطلا إن صدقناهم في دعواهم بوجود أحاديث على ذلك لأنها تخالف العقل.
أرجو التوجه أيها الأخوة الكرام حتى إذا تكلمنا نتكلم بموازين العلم و العقل فإن الكثير من أبناء العامة و الجماعة جاؤوا ليوردا على الشيعة نقدا اعتقدوا أنه من أهم الإشكالات العقلية التي ترد على مذهب التشيع و راحوا ليشنعوا على الإمامية أنهم خرجوا عن مسلك العقل.
لكن نريد أن نتساءل هاهنا هل أن دعوى استمرار العمر و كون الإنسان يعيش طويلا هي من الأمور المخالفة للعقل أم ليست مخالفة للعقل ، فمثلا إجتماع النقيضين خلاف العقل فالنقيضان كالوجود و العدم ، كالسلب و الإيجاب لا يجتمعان و لا يرتفعان و ما كان مناقضا للعقل لا يجوز لعاقل أن يتكلم به لأنه لا يعقل و لا يقبل التخصيص و التقييد لأن التخصيص يأتي في ما كان أمرا شرعيا أو أمرا اعتباريا.
فيمكن أن يقول القائل يجب على الإنسان أن يصوم إلا إذا كان مسافرا ، و يجب على الإنسان أن يصلي من قيام إلا إذا كان مريضا أما أحكام العقل فليست قابلة للتخصيص فنسأل القوم هاهنا هل أن القول بطول العمر مئات السنين أو آلاف السنين هو من هذا القبيل ؟أي هل هو كاجتماع النقيضين و الضدين و الدور و التسلسل أو هو كما ورد من القول بمشاهدة الله I يوم القيامة الذي يستدعي التجسيم حتى يحتاج إلى تأويل الظاهر بما يناسب العقل ليكون القول بطول عمر إمام غائب من هذا القبيل حتى يكون مخالفا للعقل ؟
فكأن المتكلم في المقام و هو يدعي ما يدعي من العلم و المعرفة و الشهادات العالية لم يقرأ سطرين من الفلسفة حينما قال ما تقوله الشيعة في طول عمر إمامهم يخالف العقل .
أجل كأنه ما عرف العقل و لا عرف مقاييسه فلا ندري أي عقل يريد أن يتكلم عنه ؟ أهو عقل فلسفي كعدم اجتماع النقيضين و الضدين و عدم إمكان مشاهدة الحق تعالى بالبصر حتى و لو دل دليل بظهوره على أن الناس تنظر إلى الله تعالى يوم القيامة لوجب أن نفسره بما يمكن أن يكون متطابقا مع العقل لأنه يستلزم التجسيم بالنسبة إلى الله تعالى.
فهل نحن تكلمنا هكذا حتى يورد علينا فضيلة الأستاذ بمخالفة العقل ؟ لكن لعل الرجل لم يقرأ من الفلسفة و الحكمة حتى سطرين و عندها فيجب عليه أن يتتلمذ عند العلماء في محاضر العلم و الفلاسفة أو عند العقلاء حتى يتكلم بأدب بعد المعرفة و يطرح البحوث العقلية و يرد المخالف لها و إن كان ليس أهلا كيف جوز لنفسه أن ينقد بالعقل ما ليس بأمر عقلي و لا أظن أن عارفا يقول: إن القول بطول عمر إنسان من مناقضات العقل فإن كان لا يعرف موازين العقل نسأله سؤالا ثانيا لعلك أيها الأستاذ المكرم ما أردت مناقضة العقل بمعنى كون القول هاهنا كاجتماع النقيضين و الضدين و مشاهدة الحق تعالى بالبصر الذي يستدعي التجسيم بل أردت أمرا آخر.
فنسألك هل تريد أن تقول إن الله تعالى لا يمكن أن يبقي إنسانا آلاف السنين ؟ فإن أردت ذلك عندئذ نسألك سؤالين آخرين السؤال الأول :إن كنت لم تعرف معنى عموم القدرة الإلهية بالنسبة إلى كل ممكن طلبنا منك أن تذهب لتعرف معنى الإمكان و معنى عموم القدرة الإلهية بالحضور فترة من الزمن عند الأساتذة الإلهيين لتعرف التوحيد و مستلزماته حتى تتكلم بأدب عرفان الموحدين.
فإن عرفت معنى عموم القدرة الإلهية أي أن الله تعالى قادر على كل ممكن و طول العمر من الممكنات أرشدك أهل المعرفة في ميادين التوحيد لأمر آخر و هو ما لو كنت تخلط بين الممكنات و الممتنعات ليعطوك موازين التمييز بينهما حتى تستريح و تريح لكي لا تدخل في ميادين العلم و أنت حاسر أعزل لأن طول العمر من الممكنات و ليس من الممتنعات فأي مانع لو شاءت الإرادة الإلهية لمصلحة أن تبقي إنسانا آلاف السنين و قد دلت الأدلة على إبقاءه عدو لله تعالى و هو إبليس فضلا عن أولياءه إن لم تدل على طول عمر الخضر و عيسى عليهما السلام أيضا.
و بالجملة إن تكلمت من حيث الإمكان لترددك في معنى الإمكان و موارد انطباقه لقلنا لك أن المسألة من الممكنات و ليست من الممتنعات إن كنت تخلط بين الممكن و الممتنع و كان عليك أن تبذل الجهد لتعرف مواطن الامتناع كاجتماع النقيضين و مواطن الإمكان حتى لا يقع عندك الخلط بين الممكن و الممتنع فتتصور أن القول بطول عمر إنسان من الممتنعات و لعلك عرفته من الممكنات لكنك ترددت في عموم القدرة الإلهية فيكون البحث معك بحثا توحيديا و نطلب منك رفقا بحالك في هذا الحال أن ترجع قبل أن تأتي إلى الفروع لتجادل فيها لفتل العضلات بدوافع الأحقاد أن تتوجه إلى أهل المعرفة في المسائل التوحيدية فإنهم لم يبخلوا عليك و لا على غيرك من الجهال في مثل هذه الأمور ببعض فيض علومهم قربة لله تعالى .
و إن كانت مسألة طول العمر لها العديد من النظائر في خلق الله تعالى و ما وقع خارجا لا يجري فيه بحث الإمكان و قد وقع بالنسبة لعباد الله الصالحين كنوح (ع) و بالنسبة إلى عدو الله إبليس أيضا حتى تعرف الحق سبحانه و تعالى بعموم قدرته ومن بعد أن تكون موحدا على سبيل الرسالة السماوية لرسول الله (ص)و تعرف عموم القدرة و تعرف التوحيد نتكلم معك بعد ذلك.
فنقول لك بأن طول العمر من الممكنات و أن عموم القدرة الإلهية نافذة في كل ممكن و ليس هذا من الممتنعات لكنك قد تقول ليس كل ممكن واقع بمعنى أن طول العمر و إن كان من الممكنات و عموم القدرة تكون شاملة لكل ممكن لكن ليس كل ممكن متحققا في الخارج فعندها تمشينا معك تمشيا رساليا في كتاب الله المجيد لأنك قد لا تكون مرت عليك آية تتكلم عن نوح (ع)حيث قال تعالى إنه > و لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما<[2][2] .
فهذا القران إن كنت تعايش القران يصرح بكل صراحة من القول أن أيام دعوته كانت ألف سنة إلا خمسين عاما و أما ما هو عمره الشريف قبل الدعوة و ما هو بقائه بعد الطوفان فمسألة مسكوت عنها فلعلها كانت آلاف السنين أو لعلها مئات السنين فكيف تعجبت من مقالتنا حينما قلنا على أن هناك إماما لمصلحة من المصالح ستره الله عزوجل عن الخلائق فهم لا يعرفونه حتى و لو شاهدوه لوجود المانع من قبل المجتمع لا يظهر حتى تستعد الأرضية للظهور و تلبي المجتمعات البشرية بقلوب صادقة حقيقة الإسلام عندما تهتدي إلى الصراط المستقيم.
فإن كنت تظن أن مثل هذه المقالة منا تتنافى مع الشريعة فهذا كتاب الله تعالى موجود يدل و يتكلم بصراحة من القول بطول عمر نبي من الأنبياء إلا أن تنفي للعناد حتى كتاب الله المجيد و تقول : ما قاله الله تعالى من طول العمر لا يعقل و عندها فالأعراض عنك في المقال أجدر بالعقل و العقلاء .
و أما إن كنت مؤرخا تكلمنا معك كلام المؤرخين فها هي الكتب موجودة و مملوءة تتحدث عن كثير من الناس الذين عاشوا عمرا طويلا حيث تقول فلان عاش 700سنة و فلان عاش 900سنة و فلان عاش 300سنة و قد مر عليك أيضا إن كنت متتبعا للأحاديث أن الكثير من الأخبار دلت على المعمرين من الناس و إذا كان من الممكن أن يعمر فلان 700سنة و الآخر 800سنة و القران دل على ذلك فلو قلنا: إن إمامنا موجود و عمره كذا سنة فلا أدري لم يكون ذلك من مواطن السخرية؟ فاليكن أمرا معقولا في المقام ما دام لا يناقض العقل و ما دامت الكتب السماوية قد دلت على العمر الطويل لنوح (ع)و ما دامت الأخبار دلت على طول عمر الكثير من المتقدمين.
و إن جئت لتتكلم معنا كلاما عصريا لقلنا لك أنه قد دل العلم على قابلية بقاء الخلايا آلاف السنين لو لا عروض العارض و المانع من البقاء لخروج الخلايا من الاعتدال بإفراط أو تفريط و عدم إنتظام لشؤون الصحة من قبل أنفسنا أو بما يحمّلنا الآخرون عليه من الأمور و عندها فأي مانع أن يكون ولي من أولياء الله تعالى عرّفه مواطن الاعتدال و الصحة فراح يعيش العمر الطويل لمعارفه الإلهية و لما يمتلك من الابتعاد عن الإفراط و التفريط لاعتدال في جسم و عقل و سلامة في نفس.
ثم نسألك أيها الأستاذ الكريم و من شاكلك من الحاقدين لآل محمد (ص)حينما جئت تهاجم الشيعة ساخرا يا ليتك تكلمت ناقدا أو مستفهما لنقول لك لا ندري أن القول بطول العمر بما هو كان مهزلة و سخرية أم لأن الشيعة تكلموا به صار سخرية و هذه كتبكم مملوءة بطول عمر البعض كالخضر و عيسى عليهما السلامو الكثير من أعاظم الخلق و هذه النصرانية تنتظر عيسى (ع)أو تنتظر منقذا و المسلمون أكثرهم يعتقدون ببقاء الخضر (ع)و بقاء عيسى (ع)فلماذا لم تسخر من هؤلاء الذين قالوا بمقالتنا و اختلفوا بالمصداق معنا فقط.
و إذا كان ذلك هزلا و خروجا عن موازين الشرع و العقل فلم نكن نحن الشيعة متوحدين متفردين في هذا المقال بعد قول الكثير من أكابر علماء السنة بذلك في بعض الأفراد و لو في مثل الخضر (ع)أو بعض الصلحاء لمصالح لا نعلمها ، فلِم لا تنقد أيها الأستاذ الكريم القوم و لم تسخر منهم حينما قالوا بهذه المقالة .
هذا في أولياء الله و هناك من هو من أعداء الله أيضا كإبليس كان قبل آدم و هو باق ليومنا هذا و إلى يوم يبعثون فلماذا لم تر هذا سخرية و تخاطب الحق سبحانه و تعالى قائلا يا إلهي لمَ أصبحت تتكلم على خلاف المعقول.
لكن ليس هؤلاء الساخرون أول من سخر من المؤمنين طيلة القرون فقد اعتادت ساحة المؤمنين على أمثالهم من الساخرين .
فنقول لأمثالهم في المقام إن تنازعنا معكم في علي لم نتنازع في كونه عالما أو ليس بعالم و لم نتنازع في كونه عادلا أو ليس بعادل فإنه لم يتردد منكم متردد في كونه من أعاظم المسلمين و من أكابر علماء الدين قد رجع إليه الأول و الثاني في كثير من أمورهم.
و لم نتنازع معكم في علم علي أو في تقواه أو في عدالته و إنما النزاع معكم في كونه خليفة لرسول الله و أن القوم تجاوزوا الحدود فاغتصبوا الخلافة و كانوا من المنقلبين على الأعقاب حينما تركوا وصي رسول الله (ص).
و لم نتنازع معكم يوما في غير هذه الموارد إلا مع من كان خارجا عن كل الموازين ساحقا كل القيم تحت قدميه حيث راح ليقول إن عليا كان يدخل المسجد جُنُبا و نحن لا نتكلم مع من خرج عن الموازين لانا نستقبح على أنفسنا أن نتنزل إلى هذا الحضيض حيث الخروج من مقاييس الشرع و أدلته .
و كذلك ما تنازعنا يوما معكم أن الحسين أو الباقر أو الصادق هل هم من علماء المسلمين أو ليسوا من علماء المسلمين فأنا و أنتم متفقون على أن هؤلاء من أعاظم العلماء ولا يتمكن أحد أن يتكلم و يقول على أن الحسن (ع)كان عالما أو ليس بعالم كان عادلا أو ليس بعادل و قد أصبح الآن الإمام الصادق مفخرة إسلامية تفتخر به البشرية كافة و أنتم تفتخرون به اليوم من بعد ما كشفته لكم كتب الغرب.
فإن كان بعض المتقدمين مستضعفا أو متعصبا ما شاهد الحقائق لتراكم الحجب و تقديس الرجال بدلا من تقديس شرع رسول الله (ص)لكن اليوم هذه المسائل تجاوزناها مع بعض المثقفين المتطلعين إلى الواقع بدلا من الموروث و بقي النزاع في العصمة أو في النيابة عن رسول الله (ص).
و لم نتنازع في كون هؤلاء الأجلاء من آل بيت رسول الله (ص)علماء أو ليسوا بعلماء ، و أنهم عدول و أخيار أو ليسوا بعدول و أخيار ، فنسألكم بعد ذلك إن كانت الكلمات تقبل من أمثال أبي هريرة و تقبل من فلان اليهودي و الذي دخل إلى الإسلام و أصبح من مقربي أمراء المؤمنين و من أهل مشورته و إن كانت الكلمات تقبل من زيد و عمرو فلم لا تقبل من أعاظم علماء المسلمين و قد دلت أخبارهم و كلماتهم على وجود منقذ بشري من آل محمد و أنه موجود .
و أنتم إتفقتم معنا في أمرين الأمر الأول ما دلت عليه الأخبار بثلاثة آلاف حديث بل قيل بستة آلاف حديث على مجيء منقذ من آل محمد (ص)و أنه من ذرية فاطمة Iو علي (ع)أو أنه من ذرية محمد (ص)أو أنه من ذرية الإمام زين العابدين على اختلاف الروايات لكن الروايات تجاوزت الحدود حتى أصبح ضرورة إسلامية في أصل مضمونها حتى قال بن حجر من أنكرها كان كافرا فهذه النقطة الأولى اتفقنا معكم عليها و رواياتكم تقول أن المنقذ و المنتظر و المهدي الذي يهدي به الله تعالى البشرية طرا هو من آل محمد (ص).
و أما النقطة الثانية التي اتفقنا معكم عليها فهي أن عليا من أكابر علماء المسلمين و عظمائهم و إن هذا ليس محلا لنزاع كما و أنه لم نتنازع مع منصفكم أيضا في بقية آل محمد من الحسن و الحسين و ...من أن هؤلاء من أعاظم علماء المسلمين الذين يفتخر أبو حنيفة أنه تلميذ لأحدهم كالإمام الصادق (ع)و يفتخر الأول و الثاني بسؤالهما و أخذهما الأحكام و المعارف من علي (ع).
و هناك قاعدة أصولية شرعية متفق عليها في المقام و هي أن كل خبر مطلق إن جاء المخصص كان مقيدا له و عندها أرجو التوجه إلى مواطن تطبيق القاعدة الأصولية في المقام فنقول هناك أخبار تقول على أن الإنسان إذا أفطر في شهر رمضان يجب عليه أن يعتق رقبة ثم تأتي أخبار أخرى تقول رقبة مؤمنة فنقول إن الخبر الثاني يكون مقيدا للخبر الأول فنحمل الرقبة بما هي رقبة على الرقبة المؤمنة و إن أخبار المسلمين و أغلبها منكم تقول على أن المنقذ البشري من آل محمد (ص)وهذا لم نختلف فيه.
و الأمر الثاني الذي لم نختلف فيه أيضا هو أن الأئمة من أهل البيت Eو إن لم تقولوا بعصمتهم لكنكم قلتم بعدلهم و علمهم قد وردت عنهم الأخبار على أن المنقذ البشري مولود حجبه الله تعالى عن الناس لحكمة لا يعرفها إلا الله تعالى فتكون هذه الأخبار مقيدة أو مخصصة للأخبار المطلقة أو العامة فلِمَ قبلتم تخصيصا من أبي هريرة و قبلتم تخصيصا و تقييدا حتى من بعض اليهود الذين دخلوا في الإسلام و لم تقبلوا من أكابر المسلين تقييدا و لا تخصيصا أعصبية في المقام أم جهلا بالموازين و الحمد لله رب العالمين .



[1][1] : النحل 118
[2][2] : العنكبوت 14

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق