إستفسار حول حكومة الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف
إسم السائل : أبو علي حس
ن
السؤال:
السلام عليكم
لقد استمعت لبعض المحاضرات الصوتية لجنابكم وقد اعجبني اسلوبكم واستمتعت كثيرا بطرحكم على رغم كوني لا اع
جب بخطيب او استاذ بسهولة ومن بين المحاضرات التي استمعتها لجنابكم دورس في شرح دعاء كميل وقد استوقفتني مسالة في الشريط الخامس حيث تتعرضون لآل…ية الحكم التي سيعتمدها صاحب الامر عجل الله فرجه وقد استبعدتم ان يكون هناك اي استخدام لولايته التكوينية او الاعجازية في تحقيق دولة العدل الألهي، وقد اطلعت في كتب الغيبة على اثار واحاديث لال البيت صلوات الله عليهم تشير الى ان حكمه حكم داود وسليمان ولا يسأل البينة وجانكم قد ذكرتم بانه لن يحكم بحكم داود ولاحكم سليمان ولن يكون له اعجاز في حكمه بل هو النهاية الحتمية لتخبط الناس وياسهم من كل الاطروحات الانسانية بمختلف عناوينها فتلجئ له عجل الله فرجه وانا لا اختلف معك بهذا التشخيص الجميل ولكنني لا ارى انه يمنع من استخدم شيء من الولاية كما في احاديث مختلفة للعترة الطاهرة وواحدة منها ما ذكرنا وهي الحكم من دون بينة ولا حاجة لشهود…. شاكر لكم خدمتكم للدين والملة وجزاكم الله خير جزاء المحسنين
الجواب:
بعد التحية والسلام والشكر, المعروض لحضرتكم ان المراد من البحث هو التمييز بين سلطان سليمان عليه السلام بما تحقق فيه من الولاية التكوينية حيث ورد انه لا ينبغي لأحد من بعده عليه السلام وبين دولة العدل الالهي العالمية على يد منقذ البشرية (عج).
فإن دولة سليمان عليه السلام على ما يبدو من متابعة الكتاب المجيد وما يستفاد من العقل أن الغاية من تشييدها كان إثبات القدرة الالهية على تحكيم شرع السلام ولذا استخدمت فيها القوة في دعوى أهل سبأ للدخول في دولة الحق وبسطت الدولة على الجن والطير بقوة السلطان وما ذاك الا لإلفات نظر من شاء المعرفة إلى انه لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة فهو أقدر القادرين لكن ذلك يتنافى والغاية التي خلقت الدنيا من أجلها وهي أن تعيش البشرية حياة الاختبار والاختيار ضائعة بارادتها في ظلمات الشهوات والجهل أو سالكة سبل ربها بالجهاد في سبيل الله علما وعملا.
و أما دولة العدل الالهي فالغاية من اقامتها اقامة الحجة على الماضين والباقين على ان شرع السلام الذي بدأ به آدم عليه السلام إلى ان ختمه سيد الكائنات محمد (ص) بما أريد من تطبيقه على ايدي اثني عشر نقيب ما كان فرضية وبُعد خيال ليس قابلا للتطبيق بل هو واقع العقل والفطرة وسلام الحق والعدل لكن البشرية حجبتهم حواجب الشهوات والجهل والعصبيات بدوافعها من الحسد والكبر وعليه فلابد وان تقام هذه الدولة العالمية بما يحفظ فيها من جميع بواعث الاختبار والاختيار ويكون رصيد اقامتها القاعدة العامة الشعبية التي يعدها الله تعالى قبل قيام دولة الحق باليأس من كل داعية يدعي السلام والعدل وبالضياع في ميادين الشهوات التي توصل البشرية الى مراحل الاشباع والملل ثم تكون ركيزتها العلم الذي وردت الروايات أنه يكون من ثلاثة وسبعين حرفا باثنين وسبعين حرفا وانه قد جائت قبل ذلك الانبياء بما لا يتجاوز العشرين او الثلاثين حرفا هذا اولا وأما ثانيا فلأجل تطبيق العدل العالمي لا يؤتى بالقادة بما هو من شؤون الظاهر وحسن السلوك كما حصل ذلك على طول التأريخ ولو من قبل الانبياء الكرام بل القادة يختارهم الله تعالى بما لهم من طهر وعلم وقوة ارادة ومن جملة شؤون استخدام العلم الحكم بلا بينة بكشف الحقائق في مواطنها لو سولت لأحد نفسه ان ينكر ما يدعى في حقه.
فإن اريد من الولاية ما هو من شأن التمهيد لاقامة دولة الحق او التقويم لها بالعلم بابعاد الكلمة الذي منه تحقيق كل ما ورد من كلام في الكتاب المجيد كالنفوذ في اقطار السماوات وطي الارض في اسرع من طرفة عين واحياء الموتى من بعض الصالحين والطالحين الى غير ذلك فانه مما لا ريب فيه لان دولة الحق والعدل هي دولة العلم ودولة الحرية التي اساس قوامها على ما جائت به الانبياء جميعا من (لا إكراه في الدين ) ومن أن الانبياء جميعا حدود دعوتهم هي (إنما انت بشير ونذير) .
وما أريد نفيه في المحاضرات انما هو ما يكون من الولاية والهيمنة والسلطان داعيا لقهر الناس او الجائهم الى قبول دولة الحق كالظهور بمظاهر القهر والسلطان الالهي او اظهار الملائكة الكرام او الجنان او النيران الذي يدعو الى ان يكون القبول مستندا لمحسوس لا يدع للاختيار والاختبار مجالا ولا للصراع بين الحق والباطل ميدانا في حين انه لابد من ان يكون البديل هو العقل و واسع ابواب العلم حيث ان الظهور يكون في عصر العلم ليثبت الحق تعالى ان البشر مهما بلغ في مراتب العلم فهو يعيش بدايات لا تقاس بواسع بحور العلم التي يأتي بها عجل الله تعالى فرجه وتكون هي الاساس والمدعاة لقبول دولة الحق إضافة على ما يحصل من مقدمات تمهيدية كما تقدم في المحاضرات و ركيزة اساسية هي العدل الحقيقي الذي طالما ادعاه المبطلون الدجالون باسم اليهودية او النصرانية او الاسلام على اختلاف مذاهبه سنية وشيعية وما ادعاه ويدعيه سماسرة الغرب والشرق من الشيوعيين والاشتراكيين والعلمانيين تحت عناوين خلابة ومنها الديمقراطية وحقوق الانسان الذي ما كان الا كمخدر للشعوب ومصيدة لتحريف الاذهان عن واقع المراد والغاية وأي كرامة وحقوق للانسان يمكن ان تدعى مع مثل استخدام الفيتو وغيره من اباطيل ما جاء بها العقل ولا العدل من سلطان .
وبالجملة تقام دولة العدل الالهي بسنن الله التي اجراها على الارض طيلة القرون وكان الانسان عنها غافلا للجهل والعصبيات وحجب الظلمات حيث أنه (عج) يظهر في زمن لا يقول القائل في جواب من يقول له سلوني قبل أن تفقدوني كم شعرة في لحيتي يا امير المؤمنين ولا يقول بأزاء قول القائل سلوني ما بدى لكم قبل الساعة فيقول يا رسول الله لا تفضحنا بما اطلعت عليه من خفي امرنا في ما ارتكبناه في ايام الجاهلية بل يكون الكلام عن العلم وأبعاد ما يقرب الى الله تعالى .
فزمن الظهور زمن العلم وزمن اليأس من كل داعية وطاغية وزمن الملل والضياع من كل متاهات الشهوات وان الحكم بلا بينة من مظاهر العلم وليس مما يسوق الى الالجاء الى قبول دولة العدل كما وان اختيار الرجال من قبل الحق تعالى او الحجة (عج) لاقامة دولة العدل حتى لا تقع الاخطاء من قبل القائمين على الحكم بمعنى انه لا يختار الا من كان زكيا طاهرا عدلا في واقع مكنون سره لا بحسب المظاهر التي جرى عليها العمل في زمن الانبياء والاولياء السابقين وهذا ايضا من شؤون العلم ومراتبه التي لا ترجع الى الالجاء لان الله تعالى يريد بقاء امرين حتى في زمن العدل الالهي احدهما فتح الباب لصراع الحق والباطل على صعيد العقلية البشرية لمن شاء ايَّ الطريقين ليبقى باب العناد والمغالطات والقاء الشبهات مفتوحا الى زمن ظهور اشراط الساعة وعلى صعيد العمل ايضا يبقى صراع الحق والباطل مفتوحا حتى لا يسد باب الاختيار وما ذاك الا لان قاعدة (لا اكراه في الدين) هي التي تكون ميزانا لدولة الحق حتى لا يكون قبول الحق مدعاة للالجاء والدخول الى الاسلام في دولة الحق العالمية بل لعدلها وقيامها على اسس العلم وعليه فنقول ان استخدام الولاية التكوينية التي لا تتنافى والاختيار ولا بقاء الصراع بين الحق والباطل لا مانع منها والتي تنافي بقاء الاختيار وتكون مدعاة لسد باب الصراع بين الحق والباطل لا يمكن ان تقام بها دولة الحق فكل ولاية تصل الى استخدام اسماء القهر الالهي كالسلطان والمهيمن التي هي من مشاهد اشراط الساعة او من مظاهر يوم القيامة وكل ما يكون مانعا من بقاء الصراع بين الحق والباطل كاظهار الملائكة الكرام او الجنان والنيران وكل ما يكون مدعاة لقبول دولة الحق بالجبر والقوة كما كان في حكومة سليمان عليه السلام التي ورد لا ينبغي لاحد من بعده لا تكون جارية في زمن قيام دولة العدل الالهي وكذا كل اعجاز يكون من هذا القبيل والا فسيأتي بأعظم اعجاز وهو العلم على جميع الاصعدة سواء منها النفوذ الى اقطار السماوات واحياء بعض الموتى من رؤساء المتقين والمنافقين او ما كان منها على صعيد الاقتصاد والسياسة وغيرهما من كافة العلوم كما وانه يقوم بتحقيق كلما ورد في القرآن المجيد من طي الارض والنفوذ في اقطار السموات والحكم بلا بينة لانه من شؤون العلم وابعاده التي لا تسد الباب امام النزاع بين الحق والباطل وان مسألة الاعجاز كما هو معلوم من الاسم ما كان في الغالب الا بازاء المعاندين تعجيزا لهم في كلما يعود الى شؤون الرسالة توحيدا او نبوة او امامة او غير ذلك ومن الواضح ان الابواب لا تكون مفتوحة لامثال هؤلاء المعاندين والمغالطين في زمن هيمنة العلم والعدل فدولة الحق لا تحتاج الى اقامة معاجز في مقابل امثال هؤلاء المعاندين لان الذهنية في زمن الظهور ليست تابعة لامثال هؤلاء من الناس الذين كانوا لمكانتهم القبلية والاجتماعية يحرفون الاذهان كالكثير من الاشراف ومشيخة العشائر وليست الذهنية كما تقدم تابعة لمن يسمى بامير المؤمنين ولو كان من اعظم مظاهر الجبابرة والشياطين ولا تنصاع البشرية ولا المسلمون الى قول القائل يجب طاعة الحاكم ولو كان جائرا فاسقا بجعل احاديث مفتراة على لسان رسول الله من أنه كان يقول يجب طاعة الحاكم ولو ضرب ظهوركم وسلب اموالكم وان كون الاساس في دولة الحق والعدل العالمي ليست قائمة على بعض الامور التي اشرت اليها في المحاضرات ليس معناه انه لا يجري ذلك مطلقا ولو اقتضى الامر في بعض الموارد الخاصة اجرائه او بالنسبة الى بعض الافراد لكبح جماحهم او لايقاف عدوانهم وفي الختام اتمنى ان اكون قد اجبت على ما هو مورد السؤال واوضحت ما هو المراد من المحاضرات كما وانني مستعد باذن الله ان اجيب على اي تسائل آخر وفقنا الله واياكم لأن نكون أهلا لنصبح في ركب طلعة النور والهدى ان كان الظهور قريبا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
--
مع تحيات ادارة موقع سماحة الاستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني
كما يمكنكم متابعتنا على كل من
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق