الجمعة، 9 أغسطس 2013

@ حكم القيام ببعض الممارسات في الشعائر الحسينية

حكم القيام ببعض الممارسا
​​
ت في الشعائر الحسينية

 إسم السائل: أبو السيد احمد
​​

 

السؤال:

السلام علیکم ورحمة الله وبرکاته،، عظم الله أجورکم بمصاب إبی عبدالله الحسین علیه السلام ، أود معرفة حکم القیام ببعض الممارسات فی الشعائر الحسینیة وعلاقة ذلك بما روي عن إمامنا الصادق عليه السلام كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم وما روي عن سليمان بن مهران انه قال:دخلت على جعفر بن محمد الصادق وعنده نفر من الشيعة وهو يقول:معاشر الشيعة كونوا لنا زينا ولا تكونوا علينا شينا، .. جزاکم الله خیر ودمتم بحفظ العزيز وتوفيقه،، 

 

الجواب:

 

وعليكم السلام وعظم الله اجوركم ايضا بمصاب أبي عبد الله (ع) ولكم منا مزيد الشكر و أما بعد فإنما ما قام به الإمام الحسين عليه السلام و جميع المصلحين في العالم واضح المعالم لا غموض ولا غبار عليه وهو طلب الاصلاح بالعلم والعمل الصالح بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر لإحياء الحق في مقابل الباطل لإخراج الناس من الظلمات الى النور ولإقامة العدل في مقابل الظلم ليعيش الناس حياة الكرامة والعز بعيدين عن الذل والهوان و الاستسلام , حيث ان حياة المعارف والعدل تميت الجهل وتهزم الاستبداد المتمثل بحكام الجور واعوانهم من الدجالين و المنافقين و وعاظ السلاطين.

 

وان احياء أمرهم عليهم السلام هو احياء شرع الله بما قام عليه من هذه الاسس النبيلة المشرقة التي هي اسس النور لطرد ظلمات الجهل و الخرافات وبناء الحقائق على الاوهام والاحلام والدفع بالمجتمع الى آمال بلا رسم مناهج يتضح بها سبيل المتقين بأوصافهم التي اشار اليها امام المتقين علي عليه السلام في نهج البلاغة في وصف المتقين و ما حدده أئمة الهدى عليهم السلام في رسم أطر واضحة تنير كالشمس للسالكين سبل ربهم فارجعوا لمعرفة الحقائق الى صفات المتقين والشيعة ومن عرف الحق عرف أهل الحق وعرف الصحيح من الباطل و ما يخدم الشرع وما يمكن ان يكون شينا بدلا من ان يكون زينا في سبيل الشرع ومن جاهد في الله حق جهاده هداه الله الى سبيل الرشاد المتجلي بسيرة الأنبياء و اوصيائهم الكرام و سلاك دربهم بحق كأبي ذر و المقداد و عمار ومالك الاشتر وسلمان و حجر بن عدي و غيرهم من الابرار على طول التأريخ وسوف يعلم السالك سبيل ربه ان المراد من حب أهل البيت اتباع مسلكهم علما وعملا بواقع التشيع ومن تحلى بالعلم ابتعد عن الاوهام والخرافات و دعم الشرع بالاحلام ومن نهض بالعمل الصالح اخذ بنفسه والمجتمع الى الاصلاح ومثل هذا لايبذل الاموال للشهرات والعناوين تحت عناوين شتى وهو يشاهد بأم عينه بؤس البائسن واضطهاد المحرومين تاركا البلاد والعباد في القرى والارياف تعيش الجهل وهو يخطط في مراكز العلم لغايات توصله لكي يصبح ممن يشار اليه بالبنان وقد كان رسول الله (ص) طبيبا دوارا بطبه وكان ائمة الهدى عليهم السلام لإماتة الجهل ينتقلون من قرية الى اخرى لاحياء النفوس بالعلم والعمل الصالح وبث روح الايمان وتزكية النفوس ومن اتضحت له معالم الشرع بعد جهاد النفس في طلب اصولها من منابعها عرف الحق وأهله كما قال رسول الله (ص) : (اعرفوا الحق تعرفوا أهله) وكما قال علي عليه السلام : ( ان الحق لا يعرف بالرجال اعرفوا الحق تعرفوا أهله) ومن عرف الحق وأهله لم تختلط عليه موازين الشرع في مواطن أصول المعتقد ولا فيما يرجع الى تشخيص الموضوعات الخارجية من أنها هل هي حقا من الشعائر الدينية او ليست كذلك ومن المعلوم انه لا يرجع في تشخيص الموضوعات الخارجية الى احد لانها ليست من مواطن تقليد الرجال غاية الامر قد يسترشد الانسان الساعي لمعرفة الحقائق ببعض العقلاء لتشخيص المصاديق لمزيد من العرفان والاطمئنان.

 

فأيها الأخ الكريم قد يستدل على ما نحن فيه لاستنارة الحكم لا الموضوع الخارجي الذي هو خارج عن محل البحث العلمي بقول الامام الحسين عليه السلام مخاطبا لأخته زينب عليها السلام : (اُخيّه لا تشقي علي جيبا ولا تخمشي عليه خدا ان انا هلكت) وما ورد من الاخبار من اظهار الحزن والبكاء على ما اصاب الحسين عليه السلام واصحابه الكرام سواء على نفس المصاب او البكاء والحزن لما اصيب منهج الحق في مقابل الباطل والعدل في مقابل الظلم والكرامة في مقابل الهوان فإنه يكون من الحزن على مسالك الشرف والكرامة ولم يزل الظالمون والدجالون باسم رسالات السماء ينالون من سبل الشرف والكرامة فقول الامام الحسين اولى بالدلالة على الحكم الشرعي من فعل لغير معصوم قد يستشهد به على المدعى.

 

وبالجملة لا حاجة لكي نبحث عن الغاية التي من اجلها لبى الامام الحسين دعوة أهل العراق فهو بنفسه قد بين ذلك قائلا : (من رأى سلطانا جائرا ولم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله ان يدخله مدخله) وبيّنها بنفسه ايضا حينما قال : (انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي رسول الله (ص) ) هذه هي شعائر الحق لاحياء الامة واستنهاضها لتحقيق الحق في ابعاد المعارف والعدل وهذه هي سيرة جميع الصالحين على طول التأريخ.

 

و اما غير ذلك فهي أفعال ترجع الى حضارات الامم وكيفية اظهارها للحزن او السرور حيث ان اظهار الحزن على مصاب عند امة قد يكون بالتجمع في مكان والصمت فيه لدقائق وعند أخرى بالبكاء او الصراخ والعويل ولربما اظهرت بعض الامم احزانها باللطم او بوضع التراب على الرأس و بلبس السواد وغير ذلك من مظاهر الحزن والأسى على اختلاف حضارات الامم ومثل هذه الامور لايمكن ان تعنون بعنوان شرع لا من حيث العقيدة وأصول الدين ولا من حيث الحكم , نعم ما قام به الحسين (ع) ضد الظلم والظالمين وما دعى اليه من الاصلاح واعادة الامور الى شرع الله تعالى وما ورد من الروايات في البكاء على الحسين واظهار الحزن عليه ما هو الا من الحزن على سبل الكرامة والشرف والحق الذي نال منه الظالمون ولتعيش النفس المؤمنة ذكرى حياة الكرامة والشرف والتضحية في سبيل الحق والعدل وما يقوم به البعض من عمل او مظاهر للحزن فهي افعال خارجية قد يختلف فيها الناس فمن محسّن او مقبّح وناقد ولربما راح ليمر البعض عليها مرور الكرام وما ذلك الا  لأنها من تشخيص الموضوع وهو ما لا يجوز الرجوع فيه الى الفقيه لأن الفقيه يرجع اليه في الحكم الشرعي لا في تشخيص الموضوعات من أنها حسنة او قبيحة او صحيحة او خاطئة وهل أنها تدخل تحت عنوان ما يكون من الفعل الحسن او غير الحسن لأنها من الموضوعات الخارجية ولذا راح ليختلف الناس فيها من أنها هل يصدق عليها أنها من الشعائر الدينية ام لا والفقيه فيها أحد أفراد العرف والمجتمع وليس ممن يقلد في مثل هذه الامور نعم قد ينظر اليها العقلاء من حيث آثارها السلبية او الايجابية وبما يمكن ان ينعكس منها على الشرع او المذهب و المرجع في كون بعض الافعال أيمكن ان تكون حسنة او غير حسنة ومما يمكن ان يطلق عليها شعيرة من الشعائر من حيث الفعل فإن الحَكَم فيها هو العرف والعقلاء وأما من حيث الضرر وعدم الضرر فالمرجع في ذلك أهل الاختصاص او الاطباء هدانا الله و إياكم الى ما يكون زينا لمذهب أهل البيت عليهم السلام و سددنا الى الصواب في العلم والعمل إنه ولي التوفيق . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق