اختر لنفسك أيها المسلم قبل لقاء ربك
قال
تعالى في سورة العنكبوت : (ألم*أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم
لا يفتنون*ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن
الكاذبين) وقال أيضا : (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع
المحسنين) العنكبوت 69 .
والآيات
والروايات في الاختبار والامتحان الالهي للعباد كثيرة حيث أن الدنيا دار
اختبار واختيار وإن الله تعالى لا يُخدع على جنته أضف الى ذلك اللطف الالهي
بحال العباد الآخذ بأيدي الخلائق إلى الرشاد والكمال إلا من أحب لنفسه
العمى على البصيرة والحياة الكريمة وباع القرب من الله تعالى وأوليائه
الكرام في جنات النعيم بغرور دار الفناء إما جهلا للتهاون في الدين او
عنادا لخبث السريرة.
ولست
في هذا المقال أريد اقامة الاستدلال على أن الحق لمن؟ كما وأني لا اريد
الإشارة الى الفضائل والكرامات ومن هم سلّاك طريق الحق بعد النبي الاكرم
(ص) هل هم الشيعة او السنة ؟ وإنما اريد ان اعرض المسألة فقط لمن شاء الى
ربه سبيلا ليختار هو بنفسه إن كان يعيش حرية العقل وسلامة الفطرة لأنه من
المؤسف أن نرى أن الاغلبية الساحقة من الفريقين راحت لتظن على ان النزاع
قائم على حب أهل البيت عليهم السلام او عدم حبهم وكأن لهذا الحب الموضوعية
بنفسه بلا ان يكون سبيلا لمنهج حق تبنى عليه أسس الإسلام في مقام العلم
والعمل وراح في المقابل آخرون وهم أغلبية أبناء العامة والجماعة من باب
التقابل في المقام ليقول قائلهم نحن أيضا نحب أهل البيت ولنا على الشيعة
مزيد فضل بأنا نحب الصحابة أيضا وهذا من زيادة الخير خير كما و أننا في
مسألة حب أهل البيت عليهم السلام اكثر اتساعا من الشيعة لأن الشيعة يخصصون
الأمر باربعة عشر شخصا ونحن ندخل بني هاشم ونساء النبي فأي الفريقين أولى
بالفضل أمن قيّد ام من وسّع ؟ في حين ان الشيعة لا يكنّون الاحترام لجميع
الصحابة ويرونهم كأي أمة فيها الصالح والطالح ونحن نكن لهم الاحترام جميعا
وقد راح هذا الشعار ليفخر به البسطاء من أبناء العامة ويُخدع به بعض الجهال
من بسطاء الشيعة وكأنما الحب لله وللرسول ولأهل البيت من الامور التي لا
يترتب عليها أثر شرعا في مقام العلم والعمل ولذا هاهنا لا اريد ان اقول من
هم أهل البيت وماهي الادلة الدالة من الكتاب والسنة على أحقية مذهب أهل
البيت عليهم السلام.
وقد
رأيت يوما من الايام على بعض الفضائيات بعض الجهال ممن ينسب نفسه للعلم
والاسلام , يرى نفسه مسلما مترفعا عن كل مذهب من المذاهب سنيا كان ام شيعيا
وكله فخر وغرور لما توصل إليه من عظيم المعارف تعلوه البسمة وهو يقول بملء
فهمه أنه أي داعٍ لهذه الخلافات وتقسيم المجتمع وتمزيقه الى سنة وشيعة, هب
أن أبا بكر فاز في انتخابات قبل ألف واربع مائة سنة او انه ما كان ليفوز
لو طرحت المسألة على الرأي العام للانتخاب ولم يقص عن الامر الأنصار فكل
ذلك إنما هو قضية مضت بزمانها فلا داعي لهذا التهويل والخلاف والنزاع على
حدث مرت عليه القرون فاز فيه قوم وخسر آخرون .
فلما
وجدت هذا المستوى من الفهم سواء على صعيد عام او خاص رأيت من اللازم أن
اطرح المناهج ليعرف المسلم ان المسألة ترجع الى أسس ومبان على صعيد العلم
والعمل في كافة المجالات من التوحيد الى بقية الامور على صعيد الاحكام و أن
الكثير منها مسالك مختلف فيها بين السنة والشيعة لا يجمعها جامع ولا يمكن
بالوهم ان نجعل جامعا بينها و أنا ممن يدعو الى السلام بين الانسانية جمعاء
فضلا عمن يكون بينهم الكثير من المقاسم المشتركة ولو باطارها العام .
فإذن
عودا على بدء نقول إن الحب لأهل البيت ليس شعارا كما و أنه ليس امرا داخلا
تحت الاختيار ليأمر به الله تعالى وذلك لأن الاوامر والنواهي إنما تتوجه
على الأمر الاختياري والحب إنما يتبع اسبابه وعلله وما يترتب على ذلك من
العلم والعمل اللذين يتوصل اليهما الانسان بمتابعة من يحب وأي معنى لكي
يأمر الله تعالى او يقول الرسول أيها المسلمون أحبوا أهل بيتي او احبوا
نسائي او بني عمومتي وهب أن ذلك كان له معنى في زمان حياته صلى الله عليه و
آله وسلم او ما دام أهل البيت موجودين فأي معنى له في بقية الازمنة لولم
يترتب على ذلك أثر من الآثار و أي معنى للحث على حبهم لمجرد قرابة لرسول
الله (ص) لولا دخالة ذلك في شرع السلام بعد كون محمد (ص) نبي الانسانية
الذي بُعث رحمة للعالمين وبين هذا المقام الرفيع ونزعات القبلية بُعد ما
بين السماء والارض .
فإذن نطرح المسالك ليختار من خشي لقاء ربه لينظر الى ان أي المسالك اولى بالشرع والعقل والاعتبار.
فمن
هذه المسالك ما ذهب إليه الشيعة في مقابل الحكام وما ذهب إليه أبناء
العامة وسنشير الى المسلكين لينظر العاقل العالم أي المسلكين اولى
بالاختيار ومن هذه المسالك المختلف فيها ايضا ما قام به الخليفة الثاني عمر
بن الخطاب من تقسيمه للاموال وما كان من منهاج علي عليه السلام في أيام
خلافته لينظر البصير بنفسه ان أي المسلكين يناسب كتاب الله وسيرة محمد (ص)
ومن المسالك المختلف فيها أيضا مسألة الطلاق وما هو مذهب الشيعة وما هو
مذهب السنة وأن أيهما يناسب الشرع والعقل ومن المسالك أيضا المختلف فيها
مسألة اعتبار الاخبار لينظر الانسان المسلم أن أي المسلكين اولى بالعقل
وشرع السلام والوصول الى الحق ومن المسالك المختلف فيها مسألة نشر الاسلام
ليرى القاريء بنفسه ان ماتقوله الشيعة هو الحق او ما ذهب إليه ابناء العامة
؟ وهناك الكثير من الامور التي لكل من الفريقين مسلكه وهي كثيرة سنشير
إليها سواء في الامور العقائدية_العقدية_ او العقلية في باب التوحيد
والنبوة والامامة او الخلافة والله تعالى المستعان على بيانها وتفصيلها حتى
لا يتصور المسلم ان المسألة تدور مدار حب لبعض الافراد و أنه لو كان الحب
أكثر اتساعا وشمولا لكان من زيادة الخير خيرا وسيأتي تفصيل هذه المباحث
بإذن الله تعالى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق