الجمعة، 10 مايو 2013

@ الإسم الأعظم الإلهي في احاديث الرسول الاكرم(ص)

الإسم الأعظم الإلهي في احاديث الرسول الاكرم(ص)


إعلم ايها الاخ الكريم ان الاحاديث الواردة في المقام مختلفة من حيث المضمون ولكن بناء على صحتها جميعا لابد من الاشارة اليها اولاً ولو بنحو نماذج للبحث ثم التعرض لمضامينها, فمن الاحاديث ما ورد عن الرسول الاعظم (ص) : (كل اسم من اسماء الله اعظم ففرغ قلبك عن كل ما سواه وادعوه باي اسم شئت فليس في الحقيقة لله اسم دون اسم بل هو الواحد القهار).

وورد عنه ايضا : (افضل ما قلت انا والنبيون من قبلي :لا اله الا الله وهو اسم الله الاعظم).

وقد ورد ان اسم الله الاعظم ثلاثة وسبعون حرفا اعطى الله محمدا (ص) اثنين وسبعين حرفا وحجب عنه حرفا واحدا.

وورد عن علي عليه السلام انه قال : (والله بسم الله الرحمن الرحيم اقرب الى اسم الله الاعظم من سواد العين الى بياضها).

و عنه ايضا انه قال : (لو اني اردت ان اخرق الدنيا بأسرها والسموات السبع وارجع في اقل من طرفة عين لفعلت لما عندي من اسم الله الاعظم ولما قيل له اذا كان عندك ذلك فما حاجتك الى الانصار في قتال معاوية وغيره واستنفارك الناس الى معاوية ثانية فقال عليه السلام بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ,انما ادعو هؤلاء القوم لقتاله لتثبت الحجة وكمال المحنة (المحجة) ولو أذن لي في اهلاكه لما تأخر لكن الله تعالى يمتحن خلقه بما شاء.

وعن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : (ان اسم الله الاعظم على ثلاثة وسبعين حرفا و انما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلم به فخسف بالارض ما بينه وبين سرير بلقيس ثم تناول السرير بيده ثم عادت الارض فما كانت اسرع من طرفة عين وعندنا نحن من الاسم الاعظم اثنان وسبعون حرفا وحرف عند الله استأثر به في علم الغيب عنده ولا حول ولاقوة الا بالله العلي العظيم.

وعنه ايضا على لسان عمر بن حنظلة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام إني اظن ان لي عندك منزلة؟ قال : أجل قلت فإن لي إليك حاجة ,قال وما هي ؟ قال تعلمني الاسم الاعظم ,قال وتطيقه؟ قلت نعم , قال: فادخل البيت , قال فدخلت البيت, فوضع ابو جعفر يده على الارض فاظلم البيت فارتعدت فرائص عمرفقال فما تقول أعلمك؟ فقال لا .

وعن أبي عبدالله عليه السلام إنه قال : (ألم) ألم هو حرف من حروف اسم الله الاعظم  المقطع في القرآن الذي يؤلفه النبي (ص) او الامام فإذا دعا به أجيب.

وعنه ايضا : اسم الله الاعظم مقطع في أم الكتاب او موزع او مقطع في سورة الحمد او أنه اسم (الله) او اسم (الإله) .

وعن الرضا عليه السلام أنه قال : (من قال بعد صلاة الفجر بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم مائة مرة كان اقرب الى اسم الله الاعظم من سواد العين الى بياضها وانه دخل فيه اسم الله الاعظم ).

وقيل اسم الله الاعظم هو : (الرحمن ) كما قيل أيضا انه يا حي وياقيوم او يا ذاالجلال والاكرام وقيل هو في آية الكرسي وورد اسم الله الاعظم في ست آيات من آخر الحشر وورد انه في سورة البقرة وآل عمران وطه.

وورد أن آصف بن برخيا وصي سليمان عليهما السلام كان عنده حرف واحد أحضر به عرش بلقيس فكيف بمن عنده إثنان وسبعون حرفا من اسم الله الاعظم ووصي محمد (ص) أعظم من وصي سليمان .

هذه نماذج مختلفة من الاحاديث المرتبطة بمحل البحث , لابد أن نشير الى الاحتمالات الواردة في المقام بناء على صحة كل ما ورد من هذه الاخبار فنقول:

أما بالنسبة الى الأحاديث الواردة عن الرسول (ص) فقد تُلحظ من جوانب شتى لأنه قد يكون المراد لحاظ الاسماء بالقياس الى ما سواها من الاسماء والاعيان في عالم الامكان فبهذا اللحاظ لا شك ولا ريب ان كل اسم من اسماء الله تعالى هو أعظم من كل اسم او عين في عالم الامكان.

وأما ان كان اللحاظ بالقياس الى نفس الامر والواقع فالصفات جميعا هي عين الذات والذات صرف الوجود والتعدد انما هو مفهومي بلحاظ الادراك وإلا فالله تعالى لا إسم ولا رسم له وعلى هذا لا اسم أعظم من إسم آخر لان الاسماء والذات جميعا ليست الا حقيقة واحدة.

وإن أريد الأسماء بلحاظ تلبس الاولياء الكرام بها فلا ريب أن من كان ظهورا وتجسيدا لأي اسم من الأسماء الإلهية يكون ذا اسم اعظم يفعل به ما يشاء بإذن الله تعالى وإن كان اولياء الله لا ارادة لهم إلا بما يشاء الله رب العالمين بما يكون مصلحة للنظام الأحسن او لعظيم الخلق الكريم والكمال العلمي ولكن يجب الالتفات الى أن من بلغ مبلغ الظهور في مرتبة الفعل والخارج يكون مظهرا من مظاهر الاسماء لبقية الاسماء ايضا وإن كان ظهور بعضها اكثر من بعض في مقام التجلي لكن قوله (ص) :(ففرغ قلبك …) إلى آخر الحديث الشريف يستفاد منه ان المراد من الاسم هاهنا لا الاسم من حيث هو في مقام مفهومه التوحيدي العقائدي بل لحاظه من حيث ظهوره في مراتب النفوس حيث يصبح العبد مظهرا لإسم العليم او الرزاق او الرحيم او العدل مثلا وعليه فيكون المراد من الحديث الإرشاد الى منهج تربوي للعروج الى مدارج العرفان الالهي وان ذلك لا يكون إلا بالفناء في ذات الله تعالى بتفريغ القلب من كل ما سواه بتزكية النفس بالخلق الكريم وتحليتها بالعلم النافع الموصل الى الله وتثبيتها بالعمل الصالح ومن المعلوم ان تفريغ القلب ليس شعارا يطلق ولا حلما يمد اليه الطرف في ميادين الخيال وإنما الجهاد الاكبر للنفس في ميادين العلم والعمل الذي رسم خطاه الانبياء وشرحه وطبق مناهجه بسلوكهم الاوصياء للرسل وبداية الطريق لشهود الحق إنما هو بتطهير النفس من اخطر صفة وهي الكبر سواءا الأخلاقي منه او ما هو أعم من ذلك بما له من واسع شعبه في كافة ظلمات الانفاق ويتلوها الحسد لتستعد النفس لقطع حبال الدنيا والتحرر منها لتصبح النفس شيئا بعد شيء محلا للالطاف الربوبية بدلا من ان تكون محلا لجولان خيول الشياطين.

فالمستفاد من قول الرسول (ص) إن الانسان اذا فرغ قلبه عن كل شيء سوى الله تعالى بما هو من شأن الدنيا الدنية لا بما فيها من سبل الوصول الى الحق والعبور الى الآخرة ثم بعد التخلية جعل قلبه بالجهاد الاكبر محلا لأسماء الله تعالى حيث يصبح محلا للألطاف الالهية او مظهرا من مظاهر اسمائه وعندها يصير مستجاب الدعوة إذا دعا ربه بأي اسم من الاسماء الالهية.

فمن عرف الله تعالى بأسمائه الحسنى معرفة إيقان فإنه لا تتجلى له صفات الجمال واللطف إلا وتجلت له صفات الجلال والقهر فالحديث يلفت النظر الى ان كل اسم من اسماء الله اعظم لانه تعالى بجميع اسمائه التي هي عين ذاته هو عين العظمة لانه الله الواحد القهار حيث لا مراتب ولا تفاوت يفترض في محض الوجود الالهي.

وبالجملة هذا الحديث الشريف يرسم للعبد المؤمن مناهج القرب ويلفت النظر الى ان الاسماء جميعا هي عين العظمة ومن كان محلا للالطاف الالهية لواقع العبودية فإنه ان دعا الله بأي اسم كان مستجاب الدعوة وليس هذا الحديث بصدد بيان ما هو الاسم الاعظم كما هو المتبادر الى اذهان العامة من المسلمين بأن لله تعالى اسما اعظم يعرفه البعض وبواسطته يتمكن العارف من فعل ما يشاء بإذن الله تعالى وسنتعرض الى بقية الاحاديث وما يمكن ان يكون المراد من الاسم الاعظم الإلهي.

وتليها المقالة الثانية ان شاءالله تعالى

 

كما يمكنكم متابعتنا على كل من 
للتواصل معنا:
kazemalkhaghani@gmail.com

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق