الجمعة، 10 مايو 2013

@ الثوار وأصحاب الرايات 2

سلسلة من المقالات في الثوار والرايات إجابة على سؤال احد الاخوة في مسألة أصحاب الرايات والثوار التي تقوم قبل قيام القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف

المقالة الثانية


شريعة السماء و قاعدة اللطف


المراد من قاعدة اللطف العقلية هي أن كلما يقرّب من الطاعات ويبعّد من المعاصي قد أخذ الله تعالى على نفسه لطفا بحال العباد ان يحققه لهم وكان من جملة ذلك بعثة الانبياء وجعل الاوصياء بعد الانبياء لشرح رسالات السماء لكي لا تصاب بالزيادة والنقصان وتحريف المحرفين ومن أجل ان تطبق تطبيقا سليما الى فترة من الزمن لتصبح حضارة الامم لو أحبت الامم بعد الانبياء تطبيق شرايع السماء وجائت طالبة من اوصياء الانبياء تطبيق ذلك أما تجاوز حدود بعثة الانبياء بجعلهم مسيطرين على الناس على طول التأريخ البشري او بجعل الاوصياء متسلطين بالقوة على الخلق لتطبيق شرع الله تعالى فإنه امر وراء حدود اللطف الالهي لانه يسوق الى الالجاء اولا ويتنافى مع كون الدنيا دار اختبار واختيار ثانيا ويدفع بالناس الى إخفاء ضمائرهم ثالثا ولذا نرى أن بمجرد ان انتصر الرسول الاعظم (ص) نزلت سورة (إذا جاء نصر الله والفتح …..) فبكى بعض الصحابة وقالوا إن هذه السورة تنعى الى رسول الله (ص) نفسه ولما سألوا الرسول أكد الأمر عليهم وما ذاك إلا لأن الله تعالى بعد تمام البيان وإقامة الحجة يأخذ أوليائه ليرى الناس ماذا يختارون لأنفسهم الحق ام الباطل و إذا كانت حدود الدعوة كما تشير الآيات (إنما انت بشير ونذير) و كان حدود اللطف اتمام الحجة بجعل الأوصياء مبينين لشرع الله وعند إرادة الأمة مطبقين له وأما وراء ذلك فهو  تجاوز عن حدود البشارة و الإنذار واللطف ولذا من تأمل في سيرة الأئمة عليهم السلام سيجد وبوضوح أنهم ما قاموا في أي زمن من الأزمنة بالتخطيط لقبض أزمة الأمور وإسقاط الأنظمة وإذا كان الأئمة أنفسهم لم يرفعوا راية لإسقاط الأنظمة فكيف يمكن إفتراض ذلك من الآخرين إلا إذا كانوا طلاب دنيا بإسم الدين يريدون ان يستخدموا الشرع لا أن يخدموه و إن تلبسوا بلباس الغيارى والصالحين و أي إنسان يجيز لنفسه القول بانه سيقيم دولة الحق والعدل مخاطبا الناس هلمّ إلي والمؤمنون المخلصون لانفسهم متهمون والناس خذلت حسينا (ع) على الرغم من دعوتهم إياه لإقامة الحق لهم ورأى منهم علي (ع) بعد ما جاؤوه مصرين على قبول البيعة ما يشيب منه الرأس ولذا نجد ما أقيمت دولة بإسم الدين بعد رسول الله (ص) و أيام قليلة للإمام علي و الإمام الحسن عليهما السلام إلا وكانت أظلم من غيرها و الشواهد على ذلك كثيرة سواء في الزمن الماضي كما فعل بنو العباس وغيرهم او في الزمن الحالي لمن نظر بعيدا عن روح العصبيات سواء من السنة او الشيعة.

قاعدة : لو لا حضور الحاضر

أجل عندما تأتي الأمة او يأتي أهل قِطر وناحية ويطلبون من إمام ان يقيم لهم منهج الحق فإنه يصبح ذلك من باب التكليف ومن باب اقامة الحجة عليه وعندها فيكون من اللازم القيام بالأمر كما حصل ذلك بالنسبة للامام علي عليه السلام والامام الحسين عليه السلام.

و إنما حصل من الامام علي (ع) بعد وفاة رسول الله (ص) لم يكن اكثر من إقامة حجة وتذكير بشرع وتحذير من مغبة أمر وليس هناك ما يدل على أكثر من ذلك وعليه فمَن هذا الذي يكون أشد غَيْرةً على شرع الله ورحمة على الأمة من علي عليه السلام إلا ان يكون طالب دنيا باسم الدين يريد ان يستخدم الشرع جسرا للوصول الى مآربه  ولو  كان القيام بالأمر تكليفا على عاتق الأوصياء بعد الأنبياء لما كان أصحاب السقيفة من يسبق عليا (ع) إليها ولما كان بنو العباس او غيرهم أعرف بمداخل الأمور ومخارجها من أئمة الهدى عليهم السلام وقبل كل ذلك الله سبحانه وتعالى وهو أقدر القادرين على بسط الحق بواسطة أوليائه.

و أما قيام دولة الحق في آخر الزمان بواسطة مهدي آل محمد (ص) فإنما هو لتكون حجة على الماضين والباقين كما في الحديث الشريف ليقول تعالى يوم الدين للبشرية كافة منذ خلق الله آدم (ع) الى قيام الساعة أيها الناس المشكلة انما كانت فيكم لا في المُرسِل ولا في الرسول ولا في الأولياء الكرام ولا في نواميس شرع الله تعالى.

أجل حدود التكليف بعد أن يضرب أوتاده على وجه الأرض بواسطة الانبياء من أولي العزم إنما هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبيان الشرع بأبعاده المختلفة بدون تجزئة له و الوقوف مع المظلوم ضد الظالم وكل ما هو من شأن الحق ضد الباطل وكل ماهو من شأن العدل ضد الجور والظلم وهذا هو ما دفع بالأئمة عليهم السلام وتلامذتهم بالحق كأبي ذر والمقداد وحجر بن عدي وعمار ومالك الأشتر وهشام بن الحكم و غيرهم من عظماء الخلق أن يقفوا وجها لوجه في مقابل الظالمين وبالأخص المتلبسين بإسم الدين من الحكام ووعاظ السلاطين وهذا ما دفع ويدفع بالثوار المخلصين ليومنا هذا أن يقفوا مجهادين في سبيل الله ضد الباطل والظلم لا كما يتوهم البعض أن الذي ساق اوصياء الأنبياء وتلامذتهم الكرام هو التخطيط لقبض أزمة الأمور كما يصنع الكثير من الناس ذلك تحت عناوين شتى وتفاسير مختلفة ولعل المتتبع للاحاديث سيجد انه ما تقابل أهل الحق والباطل بعد اولي العزم من الرسل إلا وكان النصر لأهل الباطل وما ذاك إلا اتماما لمقادير رب العالمين اختبارا لعباده لتمييز الخبيث من الطيب حيث أنه لا يتم الإختبار إلا بصنوف البلايا والمحن في ظلمات الدهور حينما تكون الرايات والسلطان بأيدي الحكام الظالمين وبالأخص اذا كانوا متلبسين بلباس الدين ليبلغ الأبرار كلاً الى منازلهم على طول التأريخ.

نعم بالقيام بثورة العلم ضد الجهل والعدل ضد الظلم يتم البيان وتقام الحجة وهو ما يراد من عباد الله المخلصين القيام به وهو ما دفع بالأئمة عليهم السلام وسلّاك دربهم أن يعيشوا السجون و الإضطهاد والقتل والحرمان الى قيام يوم الدين و إلا فالماكرون وطلاب الدينا ليسوا بأعرف من الأولياء والصالحين بكيفية قبض أزمة الأمور كما و أنهم ليسوا بأربط جنان منهم في ميادين الوغى لكنها دنيا الإختبار والإختيار ولذا جعل الله تعالى بحكمته وتقديره أنبيائه وأوليائه مشردين مضطهدين فقراء وما نصرهم إلا بقدر أن تضرب الدعوات الإلهية أركانها على وجه الأرض و بمجرد النصر أخذهم إليه حتى لا تتعدد الغايات ولا يطلب أهل الحق الا للحق نفسه لا للحكم وجاه وثروة ومقام وسلطان فالله تعالى لا يخدع على جنته ولا يترك عباده يدعون الإيمان بلا أن يمحصهم بالبلايا كما قال تعالى (ألم* أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون* ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) صدق الله العلي العظيم .

وستأتي المقالة الثالثة إن شاء الله

 

كما يمكنكم متابعتنا على كل من 
للتواصل معنا:
kazemalkhaghani@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق