ماهي الأدلة العقلية والنقلية على أفضلية الأئمة على الأنبياء؟
إسم السائل: أحد طلاب سماحة الشيخ
السؤال:
شيخنا الأجل ماهي الأدلة العقلية والنقلية التي تثبت أن الأئمة المعصومين أفضل من الأنبياء عليهم السلام ؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الأعلام: اعلم أنه لا خلاف بین أصحابنا رحمهم الله فی اشرفیة نبينا (ص) على سائر الأنبياء للأخبار المتواترة بل أقول و بحكم العقل بأفضلية من له رسالة الخاتمية التي هي تبيان لكل شيء و للمعراج أو المعارج التي ما حدث التأريخ و لا شرائع السماء بحصولها لأحد و لغير ذلك من الأدلة العقلية لكن ربما وقع الخلاف في افضلية الأئمة عليهم السلام على أولي العزم من الرسل.
و قد أقيمت بعض الأدلة على الأفضلية على الأنبياء مطلقا و منها ما ورد عن النبي (ص): (لولا علي لم يكن لفاطمة عليها السلام كفو آدم و من دونه) و رُد ما اعترض به الرازي من أن ابراهيم و اسماعيل أبواها فلا يدخلان في هذا العموم لأن المراد النظر إلى الكفائة مع قطع النظر عن الأبوة و إنه لا قائل بالفرق بين موسى و عيسى و ابراهيم عليهم السلام.
و من الأدلة ما رواه المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام: (أن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام فجعل أعلاها و اشرفها أرواح محمد و علي وفاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة عليهم السلام فعرضها على السماوات و الأرض فغشيها نورهم إلى قوله هؤلاء أحبائي و أوليائي ما خلقت خلقا هو أحب إلي منهم).
و بما ورد عن النبي (ص): ( أن الله خلق نورا فقسمه نصفين خلقني من نصفه و خلق عليا من النصف الأخر قبل الأشياء إلى قوله (ص) ثم خلق الملائكة فسبحنا فسبحت الملائكة).
هذا من حيث الأخبار المشيرة إلى الأفضلية و هناك من الأخبار ما يمكن أن يكون دليلا لوجه الأفضلية و مرشدا لمنهج الإستدلال إلى الكتاب المجيد فمن هذه الأخبار رواية عبد الله بن الوليد السمان قال: (قال لي أبو جعفر عليه السلام يا عبد الله ما تقول الشيعة في علي و موسى و عيسى عليهم السلام قلت جعلت فداك عن أي حالات تسألني قال أسألك عن العلم قال هو والله اعلم منهما ثم قال: يا عبد الله أليس يقولون أن لعلي ما لرسول الله من العلم قلت نعم قال فخاصمهم فيه ان الله قال لموسى عليه السلام : (و كتبنا في الألواح من كل شيء) فكلمة من كما تعلمون كلمة تبعيضية أي من كل شيء كتبنا في الألواح، اذن معناه ما كتبنا كل شيء في الالواح، فخاطب الشيعة فاليعلموا و ليتأملوا في مضامين الكتاب المجيد حتى لا يقع عندهم خلط و اشتباه، فأعلمنا الله تعالى أنه لم يبين الأمر كله لموسى و قال لمحمد (ص): (و جئنا بك شهيدا على هؤلاء و انزلنا عليك القرآن تبيانا لكل شيء) فستدل الامام بالقرآن على أفضلية علي (ع) على نبيين من أولي العزم فهنا اطلاق و هناك تبعيض.
و عن محمد بن عمر الزيات قال: (قال لي أبو عبد الله عليه السلام أي شيء يقول الشيعة في عيسى و موسى و أمير المؤمنين، قلت: يزعمون أن موسى و عيسى عليهما السلام أفضل من أمير المؤمنين، قال: أيزعمون أن أمير المؤمنين علم ما علّمه رسول الله؟ قلت نعم إن كل ما كان لرسول الله علمه عليا و لكن لا يقدّمون على أولي العزم من الرسل أحدا، قال أبو عبد الله: فخاصمهم بكتاب الله قلت في أي موضع منه قال: (قال الله تعالى لموسى عليه السلام و كتبنا في الالواح من كل شيء و قال لعيسى عليه السلام لأبين لكم بعض الذي فيه تختلفون) و كلمة من و كلمة بعض لا يؤتى بهما للكل و للجميع و في خطابه لرسول الله جاء بكلمة تبيان كل شيء و الفرق بين البعض و الكل واضح.
و قال في مقام آخر: (و جئنا بك على هؤلاء شهيدا و نزلنا عليك الكتاب تبيان لكل شيء) فإذا لابد من التأمل في الكتاب المجيد حتى لا تكون الأحكام تابعة للذوق بدلا من الدليل و البرهان.
إذن كما قال علي عليه السلام: (ان الله تبارك و تعالى أرسل اليكم الرسول و أنزل الكتاب إلى قوله فاستنطقوه) فعلينا بقدر طهر النفس و حدود المعرفة أن نستنطق كتاب الله كما استنطقه الامام الصادق في مسألة أفضلية علي عليه السلام على سائر الأنبياء.
و يقول الامام زين العابدين في دعاء أبي حمزة الثمالي داعيا الله تعالى أو معلما لمن يريد أن يدعو الله تعالى بالقرب: (و اجمع بيني و بين المصطفى و آله خيرتك من خلقك) و نحن بعد معرفتنا بعصمة أئمة الهدى و أنهم لا تدفع بهم دوافع الرغبات و مزالق العصبيات القبلية نجزم أنه لو كان هناك من هو أفضل منهم لما قال الإمام و هو الناطق بالحق (و آله خيرتك من خلقك) و من تتبع الأدعية سيجد الكثير الكثير منها تلفت نظر القارئ إلى محمد و أهل بيته الكرام كقولهم : (اللهم صلي على محمد وآل محمد ) و ورود الأدعية حين الإلتجاء إلى الله للتوسل بمحمد و آل محمد وفي ليالي القدر بجعل المصاحف على الرأس و التوسل بمحمد و آل محمد ولو كان هناك من هو خير منهم لوجب ذكره أو لا أقل من إشراكه في مثل هذه المناسبات وهي لمن عايش الأدعية الشريفة تبدو واضحة جلية.
و لعل من تتبع مثل قول علي عليه السلام: (أنا القرآن الناطق) و (نحن الكلمات التامات) وجد في أعماقها ما يرشد إلى ذلك أيضا لأن الكلمة هي ما تعرب عن الضمير و هاهنا يكون المراد منها مظاهر تجليات الحق في جميع أسمائه و صفاته أي هم مضاهر عدله و علمه و حكمته و هكذا و من كان المظهر التام لأسماء الله كان المظهر لإسم الله الأعظم أي كان الإسم الأعظم الفعلي و من كان القرآن الناطق كان تبيانا لكل شيء, مع الإعتذار من التأخير في الجواب.
--
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق