السبت، 24 أغسطس 2013

@ من هم المراجع الذين يجوز الرجوع لهم بالتقليد في زماننا هذا برأيكم؟

من هم المراجع الذين يجوز الرجوع لهم بالتقليد في زماننا هذا برأيكم

إسم السائل : اسيد أبو ابراهيم

السؤال : الشيخ الفاضل محمد كاظم الخاقاني, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, تعريفا بنفسي ,انني السيد ابو ابراهيم,عمري ستون سنه باذن الله,متزوج ولي ولد واحد وثلاثة بنات علويات,وانني من المتابعين الشغوفين لآرائكم القيمه في الفترة الاخيره بعدما ظهرتم على قناة الشرقيه,ولي سؤال اتمنا من حضرتكم الاجابة عليه سريعا,وهو: اذا اراد المقلد الان ان يختار مرجعا للتقليد,فمن من المراجع الكرام الموجودينالان نختار برايكم,فان لرأيكم الان عندنامن الاهمية بمكان, وفقكم الله لكل خير, والسلام عليكم ورحمة الله

الجواب :

المحترم المكرم الأخ السيد ابو ابراهيم دام توفيقه

بعد التحية والسلام و الدعاء لكم بكل خير والشكر لما تفضلتم به في رسالتكم الموقرة لحسن ظنكم أقول لحضرتكم أيها الاخ الكريم ان التأمل في حقائق  الأمور و واقع الحياة يجعل الباحث وبوضوح يلمس حاجة الأمة الى رجال دين بحق يكونون رُساما لشرع الله تعالى في كافة مجالات الحياة علما و عملا و بالاخص في زماننا هذا الذي كثرت فيه الشبه و إزدادت فيه الإدعائات و قل العمل و انتشر الظلم و العدوان تحت رايات الباطل المتلبس بلباس الحق والدين تارة و أخرى بلباس عصري كالديمقراطية و حقوق الإنسان و غيرها من ألبسة هذا العصر حتى راحت لتيأس الشعوب على اختلاف مذاهبها و مسالكها من كل داعية يدعو الى الحق والعدل و يصرخ بأعلى صوته هلم إلي أيها الناس فأنا من يهديهكم سواء السبيل ومن يدفع عنكم ظلم الظالمين و هو لم يقصد سوى جعل الشعوب جسرا للوصول الى مآربه ومبتغاه مستخدما أجمل و أعذب الكلمات الخلابة للوصول الى منازل أحلامه مع العلم بأنه ما كان ليحصل ذلك لولا ان القيم الدينية و الإنسانية قد أضيعت لإختلاط الحق بالباطل والظلمات بالانوار.

فأيها الأخ الكريم إن الإمة في مثل هذا الواقع الرهيب و البحر المتلاطم لمحتاجة بلا شك ولا ريب الى من يهديها سبل الرشاد و أن يكون بحق صوتها الناطق للحق و المدافع عن كرامتها سعيا لتحكيم أسس العدل و أقول مرة ثانية أجل إن الإمة محتاجة الى رجل او رجال صادقين يعيشون هموم هذه الأمة التي تقطع اشلائها في كل يوم صباحا و مساء في الأزقة والأسواق و في المطاعم والمحافل و في المساجد و الحسينيات و المستشفيات و قاتلها يصرخ بأعلى صوته حين قتلها فخورا (الله أكبر الله أكبر) يتقرب بفعله الشنيع الذي تتبرأ منه حتى الوحوش في الغابات ليصبح بزعمه في جوار الأنبياء والصالحين في جنات النعيم و آخر قد راح يسلب الناس عقولها قبل ان يرمي بها في الشوارع اجسادا هامدة رافعا شعار الديمقراطية و الحرية او العروبة او غيرها من شعارات هذا العصر بما أوتيت هذه الشعارات من رنين و حسن نسيج العبارات مكرا و زورا و خداعا للشعوب.

و لا أظن أيها الاخ الكريم ان تبديل الاحوط بالأولى في رسالة عملية لفقيه و بدفع قدر من المال الى وكيل مرجع في أقصى هذه المعمورة تحل مشكلة هذه الأمة و تخرجها مما تعيشه من المأساة علما و تدفع عنها بذلك ظلامة الظالمين فالأمة بحاجة ماسة الى من يعيش معها واقع مأساتها في أكواخها و مواطن احزانها مع الأرامل والأيتام و في محافلها هاهنا او هناك ليشهدها و هي تعيش انينها و حنينها و فقرها و دمعها و صراخها في زنزاناتها ليرد عنها ظلم الظالمين و شبه المضلين بحيث يكون ابا حنونا يهتز من اعماق وجوده لهذا الواقع الحزين المرير و لقد كان رسول الله (ص) طبيبا دوارا بطبه يعالج ما تحتاجه الأمة علما و عملا و كان علي عليه السلام و هو أمير المؤمنين يجلس جلسة الفقير في دكان بايع تمر في سوق الكوفة ليعرف كل قريب و بعيد اذا شاهد عدل الله و اسد رسوله (ص) مابين الجماهير أن العدوان على الخلق له من يرصده وهو ذلك الشخص الذي احمى حديدة لأخيه البائس الفقير حينما توهم ذلك الأخ ان قرب النسب قد يكون شافعا له للقمة عيش على حساب الأمة قبل تقسيم الأموال بالعدل على الأمة و لقد كان علي عليه السلام أيضا من كتب رسالة الى واليه في البصرة يتوعده و يخوفه يوم الحساب و ما كان ذنبه إلا لانه دعي الى مأدبة قد حضرها المترفون و غض الطرف فيها عن البؤساء والمحرومين و ما كان قد حضر مجلس لهو او خمور وهو عليه السلام من فر من عدله ابن عمه لما علم ان عدل علي عليه السلام ينتظره في الكوفة ليجيب عن كل درهم ودينار امتددت إليه يده على خلاف حكم الله تعالى.

فأيها الأخ الكريم من وجدتم من رجال الدين يعيش أحزان هذه الأمة في أزقتها و اسواقها و مدنها و قراها و اكواخها و هو مع ذلك عين على وكلائه يراقب اعمالهم و يحاسبهم على كل درهم و دينار فإتخذوه لدينكم و دنياكم وسيلة و استعينوا به لتحقيق الحق والعدل فمثل هؤلاء الرجال مصداق لقول الإمام المهدي (عج) : (و أما الحوادث الواقعة فإرجعوا فيها الى رواة حديثنا) و الحوادث كما هو معلوم ليست حكما شرعيا يُكتب في رسالة عملية بل هي واقع حياة الأمة في كافة المجالات أي ان صاحبها يعيش هموم الأمة شارحا شرع الله و مواسيا الأمة في سرائها و ضرائها و بالحق ايها الأخ الكريم يُعرف الرجال كما قال رسول الله (ص) : (إعرفوا الحق تعرفوا أهله) و المرجع من ترجع إليه الأمة في جميع المواطن علما و عملا و يعيش مع الأمة حياتها بلا واسطة زيد او عمرو و هو حمل ثقيل و تكليف صعب يحمله كل رجل دين نصب نفسه للناس إماما و مرجعا و ليس التقليد تقديسا للرجال في مواطن صرح الخيال او تبركا بجبة او عبائة و التقوى واقع يرسمه عمل العامل في مواطن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر على صعيد الشرع القويم لا أمرا بمعروف في صلاة و نهيا عن منكر في شرب خمر فقط و تركا لبقية الشريعة  يُتعدى على الحق فيها في مواطن العلم و على الأمة فيها في مواطن العدل و لا ناقد ولا متكلم و الأمة تُفترس بأيدي الذئاب و الشرع يُشوه بأيدي الماكرين و كأن رجل الدين فوق الحق والعدل معا و ما كان أنبياء الله تعالى و أوصيائهم الكرام على جلالة قدرهم فوق العدل او الحق و قد راح ليدعي المدعون ان هذه من السياسة و ليست من وظائف العلماء و رجال الدين في حين أنه قد كان الأبرار و الصديقون على طول التأريخ صرخة حق في مقابل باطل و ثورة عدل في مقابل ظلم.

فكفى تقديسا للرجال على حساب شرع الله عزوجل و كفى صمتا ونحن نشاهد الأمة تفترسها الذئاب باسم الدين تارة و باسم الديمقراطية و الحرية و غيرها من العناوين تارة اخرى وليس هذا ادعاء على احد او على حكم قائم في البلاد الإسلامية بل هو واقع عشته حياة طويلة في كثير من البلاد و شاهدت كيف تعيش الأغلبية الصمت عن بيان الحق و كيف السكوت عن ظلم الظالمين تحت ذرايع شتى متلبسة بلباس الزهد والتقوى و قطارات من العناوين و التوجيهات و المجوزات و المبررات.

فسيدنا الكريم من عاش حياة رسام شرع الله تعالى علما و عملا بشهود سيرتهم العطرة التي هي ثورة ضد الباطل والظلم و هم الأنبياء العظام و اوصائهم الكرام و من نهجوا نهجهم بحق و صدق كأبي ذر و مالك الأشتر و حجر بن عدي و غيرهم من الأبرار سوف يجد الأمر جليا واضحا ماهي وظيفة العلماء و رجال الدين و سوف يميز بالحق رجال الحق و يبتعد عن التقديس إلا فيمن وجهدهم مصداقا لهذا الواقع وهو واقع بيان الحق و الدفاع عن العدل في كافة مجالات الحياة علما و عملا وليس كل ما يُعرف يقال ولكن كفى بالشرع بيانا للحق و أهله حيث يقول الرسول (ص) :(الساكت عن الحق شيطان أخرس ) و (وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) و (ومن اصبح و لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم) و حيث قال علي عليه السلام : (قد أخذ الله على العلماء الا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم) .

أجل إن تقديس الرجال و اكبارهم ليس بعدم تواجدهم بالاسواق والشوارع و الحدائق وما بين الناس في مدنهم و قراهم بل بشهودهم يعيشون حياة الأمة و يلمسون مأساتها في اكواخها و يشاهدون بحور مدامعها الجارية في ليالي بؤسها و إن الآيات و الروايات الواردة في حرمة كتمان الحق و السكوت عن الظلم والظالمين لا تعد ولا تحصى و أعود و أقول بالحق يعرف رجال الحق و عليه فمن وجدتموه مصداقا للعالم العامل المطبق لسيرة الأنبياء والأولياء فاتخذوه لدينكم و دنياكم سبيلا و لا يجوز تركه و تقليد العلماء الماضين و إلا فالعمل على صعيد الاحكام الشرعية بفتوى بعض العلماء الماضين و صرف الاموال على الفقراء و الأرامل و الأيتام و المشاريع الخيرية التي تكون بايد امينة لهو خير من تقليد من لا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر على صعيد شرع الله بتمامه لا شرعا مجزءا و اي منكر أعظم من السكوت عن الحق و ظلم هذه الأمة تحت ذرايع شتى في حين ان العدل هو الغاية من بعثة الأنبياء و ما اشارت إليه الروايات من لزوم تحقيقه في زمن ظهور مهدي آل محمد (عج).

و هناك على موقعي الشخصي مواطن من البيان قد يكون فيها مزيدا من الفائدة فإن تفضلتم فارجعوا إليها و من هذه المواطن ما شرحته في المحاضرة الأولى في شرح الخطبة الشقشقية ومنها ما هو موجود في قسم الأسئلة و اجوبتها و عنوانه (هل يجوز تقليد الميت ابتداءا ام لا) وهو في قسم المعارف الإسلامية ومنها ايضا سؤال سائل يقول (من هم المراجع الذين يجوز الرجوع إليهم ) ومنها (ما هي ويظفة المسلم الطالب للدين ) ومنها (هل الحق يعرف بالرجال ) ومنها (لمن نرجع بالتقليد بعد والدكم رحمه الله).

هدانا الله و إياكم الى صراطه المستقيم و ابعدنا عن تقديس الرجال على حساب الدين إنه ولي التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


-- 
مع تحيات ادارة موقع سماحة الاستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني


كما يمكنكم متابعتنا على كل من 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق