تجارب حياة تهدى الى الأحبة 1
إلى أحبتي و بالأخص ولدي العزيز هادي واخيه و اخواته
عصارة
حياة طوت في طياتها الكثير من الأحزان والآمال و المرارة والحلاوة والعبر
والعبرات بما للحياة من شهود حق او سماع أمر من ذي خبرة قد يكون سبيلا
ليقظة من غفلة او تنبيها لأمر قد يكون فيه صلاح , حتى أصبحت هذه الحقائق
تجارب حياة عاشها صاحبها على أرض الواقع بعيدا عن الاوهام و أحلام المدينة
الفاضلة في ربوع عالم الخيال , اتقدم بها هدية الى أعز احبتي في هذا الشهر
الفضيل شهر المغفرة والرضوان شهر رمضان المبارك لعلها تكون إحدى السبل
لمسالك الحق في ظلمات ليال قد اختلط حقها بباطلها و نورها بظلماتها.
فيا
أيها الاحبة وانتم تعيشون حياة قد تأملون لها مستقبلا مشرقا ربما لا يُنال
الكثير منه إلا على صعيد لئاليء الأشعار كسبائك الذهب حينما تروي قصائدها
طلعة الشموس والأقمار في أفق الخيال لتكون قرين حياة تدفع بالمقابل الى أن
يحلم بفارس الأحلام على فرس بيضاء تكاد ان تطير ما بين السماء والأرض مسرعة
نحو قلوب العاشقين ثم يلمس الحقيقة على أرض الواقع مقيدة بقيود الأقدار
منقصة بصوارم الأشرار و بما يمليه على ساكن سفينة الأهوال حكم الليل
والنهار حيث تكون دنيا الإختيار والإختبار التي لا يكمل فيها نعيم ولا
يستقر فيها حال من الأحوال.
و
إني قد فكرت طويلا في تقديم هذا السفر من الحياة إليكم أيها الأحبة ثم
ترددت في الأمر لموانع منعت هي من شأن الزمان والمكان حتى عزمت اليوم على
ذلك ونحن نعيش دنيا قد اختلط فيها الحق بالباطل و النور بالظلام أكثر فأكثر
مما كان عليه الأمر في غابر الأيام.
فإعلموا
يا أحبتي أن معترك الحياة صعب لكل من يحمل روح المباديء سواء أصاب فيها
المرمى ام أخطأ حيث أنه لا عصمة إلا لمن عصم الله تعالى وما نحن إلا بشر
نخطيء ونصيب فإن أصبنا راح الواحد منا يتمنى المزيد من القرب و إن أخطئنا
نرجوا من العفو الغفور الصفح فإنه أرحم الراحمين.
و
إني أتمنى أن تحمل هذه الذكريات للمتأمل فيها مسالك درب بعيد عن الأوهام
والتقديس حينما يجدها القاريء واقع حياة تحمل في طياتها أحيانا كؤوس
المنايا و تارة أخرى تحمل كؤوس الآماني والأحلام ترغيبا وترهيبا و إنه لولا
الأتكال على من لا تخيب فيه جنبه الظنون والآمال لكان حملها ثقيلا.
و
إعلموا يا أحبتي ان البعيد قريب و كيف لا وهذه الدنيا قد طوت القرون
والأمم كلمح البصر و قد أصبح السعيد من تلكم الأمم من تشير إليه بعض
الأثار وإلا فالكثير منها قد غيبت الدنيا حتى ملامح آثارها فإنظروا إليها
نظرة البصير ولا تخدعوا بزخارف بريقها الزائل و استرشدوا الى حقائق بطونها
بما ورد عن إمام المتقين أمير المؤمنين علي عليه السلام وغيره من الأولياء
الصالحين فإن بذلك يقظة الضمير وصحوة النفس وشهود الحق ولا تزدادوا سعيا
لتحقيق فعل إلا و أنتم قد ازددتم قبل ذلك تفكرا وعلما وعيشا مع الكتاب
المجيد و سنة النبي الكريم وسيرة الأنبياء والأولياء الصالحين الذين بهم
رسم سبل الهدى نحو الصراط المستقيم و بالمناجاة في الخلوات تكون السكينة
ولا تأملوا معرفة و ثباتا بعد الأربعين او الخمسين من العمر إذا أنتم لم
تمهدوا لذلك في سني شبابكم فإعلموا إنكم ستصبحون أداة بأيدي من يسلك بكم
السبل حقا او باطلا تقادون و انتم تظنون أنكم سائرون مبصرون و اكبر شاهد
على ذلك هم الذين قضوا الحياة في سبل الدنيا لبلوغ غاياتها ثم عند سني
التقاعد أرادوا توبة تقربهم من ربهم فسلموا أنفسهم بأيدي من ظنوا به الخير
فكانوا هم والقدر بأيدي سالك طريق قد يأخذ بهم الى حق او باطل لأن من لم
يسع سعيه لشهود الحق بنفسه لا يمكن ان يرجوا ذلك من غيره و مجرد الأماني لا
يضمن سبل السعادة و جوار النبيين و الأولياء الصالحين.
و
إعلموا يا أحبتي اني قد عشت أياما من العمر رأيت فيها راية الموت خفاقة
فوق الهامات سواء في العقد السابق او اللاحق اي قبل الثورة في ايران وبعدها
كما و أني قد عشت أياما عصيبة سوف اروي لكم في هذا المسار بعض جوانبها
بإذن الله تعالى كما وأني سأروي لكم ما عشته او ما سمعته من بعض الحوادث
والوقائع.
لكن
مقدمة أقول لكم لتكون من دواعي التوفيق و ذلك أنه لابد لكل سالك سبيل الى
ربه من جعل خطوط حمراء يعاهد بها ربه على ألا يتجاوزها مهما كلفته الأيام و
ذلك لأن ثمن المباديء قد يكون غاليا ومن وجد الله تعالى له رادعا من نفسه
بالنسبة الى كبائر الذنوب أعانه على نفسه إن وجد منه صدق النية و من أهم
هذه الخطوط الحمراء العزم بالإبتعاد عن الحكام الظالمين ومن لفّ لفهم من
وعاظ السلاطين.
فإياكم
يا بني ويا أحبتي من التقرب الى الحكام و أذنابهم الذين يوجهون أعمال
الظالمين كما وأني أحذركم من المتظاهرين بالدين الذين يكثرون من مظاهر
النسك والتقوى حتى و كأن الناظر إليهم ينظر ملائكة تسير على الأرض في حين
أن التقوى هي النسك في الخلوات حينما تهدأ العيون لتكون المناجاة بينهم
وبين ربهم و إن القيام بواجب العبادات لا يعطي خصوصية لأحد لكي يشار إليه
بالبنان أنه الزاهد التقي الورع الزكي كما وأن الدين هو التفكر والتعقل
وقوة العزيمة وبيان الحق والدفاع عن المظلوم في مقابل الظالم فهو ثورة ضد
الجهل و السعي لإقامة العدل و إن المتأمل في المتظاهرين في التقوى سوف يجد
ان اكثر هؤلاء لا وجود لهم في ميادين الوغى و أعنى بذلك مواطن الامر
بالمعروف والنهي عن المنكر وكلمة الحق بأزاء حاكم ظالم فإحذروا ممن يشار
إليه بالبنان من أنه رجل الزهد والتقوى إذا لم تجدوا له عزما في مواطن الحق
والسعي لإقامة العدل و سوف نذكر بعون الله تعالى الكثير من تجارب الحياة
في هذا الشهر الفضيل ضمن سلسلة مقالات تحكي ما تعلمناه في الحياة من دروس
وعبر .
-------------------------------------------------------------------------------
مع تحيات ادارة موقع سماحة الاستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني
كما يمكنكم متابعتنا على كل من
للتواصل
معنا:
kazemalkhaghani@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق