الثلاثاء، 2 يوليو 2013

@ السعي للوصول إلى الله تعالى



السعي للوصول إلى الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد وآله الطبين الطاهرين.

وبعد فإنه لابد من السير والسلوك بعيدا عن التبعية والتسليم لكل ما قيل او يقال لشهود الحقائق بقدر المستطاع , تلك الحقائق النيرة التي راحت لتسدل عليها حجابا حوادث الدهور و تراكم صفحات الأيام والسنين وظلمات الليالي و إجتهادات الرجال سواء كانت ناشئة عن قصور او تفسير للحقائق بتبع الهوى حيث أن لهذه الأسباب وغيرها التأثير البالغ لفهم الكتاب والسنة وسيرة المعصومين عليهم السلام.

لأن مما بات جليا أن كل إنسان على قدر سعة عقله و سلامة فطرته وما للزمان والمكان والحضارات من تأثير ينظر الى الحياة و يقرأ التاريخ و رسالات السماء.

و نحن لا ندري كم من تأثير كان لهذه العوامل على فهم الشريعة التي وصلت بأيدينا و لذا كان على كل طالب حق أن يُمعن النظر بنفسه إن كان أهلا لذلك ليعيش الشريعة على جميع أبعادها الثلاث كتابا وسنة وسيرة بعيدا عن هذه الغشاوات والحجب حتى لا يستلم موروثا قد كبلته قيود الزمان والمكان و الأهواء والتقاليد و قد يكون في ضمن ذلك ما لا أصل له مما قد أصبح من المسلمات.

فالبدوي الأمي قد ينظر الى الحياة نظرة تختلف بكل مقاييسها و أبعادها عما يراه الحضري المثقف وإن كان كل منهما يحمل روح الإيمان.

و إذا كان محمد (ص) يدعو ربه أن يرى الحقائق كما هي فما هو حالنا نحن و نحن نعيش شرع الله بما له من البطون والأبعاد و الأسرار والخفايا التي تحتاج الى قدر ما من الحرية في الرأي و الإبتعاد عن التقاليد الموروثة و هذا مما يدعو طالب الحق أن يبتعد عن روح الكبر الذي قد يسوق الى الجهل المركب او الى الجزم الذي قد تكون مناشئه التقليد تحت مسميات الإجتهاد و لذا أقول أولا وقبل كل شيء لابد من التأمل في بعض مفردات الشريعة حتى نتمكن من خلال هذه المفردات قبل التوغل في أعماق العقيدة و فهم أبعادها بآياتها و عظيم رواياتها من الحصول على فهم يأخذ بنا شيئا بعد شيء للنظر والتأمل فيما هو أرفع منها مكانة حتى نرقى الى فهم أبعاد التوحيد و النبوة والإمامة و سيرة المعصومين سيرة نشاهد من خلالها شرع الله مطبقا على صعيد الخُلق العظيم و الحكومة الإسلامية كما وانه لابد من التأمل في عظيم المراد من القضاء والقدر و الأمر بين الأمرين بعيدا عن الجبر والتفويض و مزالق الأقدام التي دفعت و تدفع بالأمة  أن تعيش بعيدة عن روح الحياة حيث أصبحت أمة راكدة لا حراك فيها  إلا فيما يسوقها الى الجدل والعناد و التشتت والتمزق.

و أضرب لهذه المفردات التي يجب ان تكون منطلقا للحركة نحو فهم الشريعة أمثلة حيث أن كل واحد منا حين ينظر الى مفردة قد يفسرها بتبع الذوق و ماهو عليه من البعد المعرفي او الحضاري و لذا كانت هذه الأمور مؤثرة حتى على صعيد فهم هذه المفردات على الرغم من بساطتها فكيف بنا و فهم عظائم الأمور ودقائق الآيات والروايات و لذا نقول رب سامع لكلمة وردت عن الرسول (ص) وهي : (صوموا تصحوا) راح ليعطيها بعدا خاصا لأنه طبيب حيث تكون النظرة لديه نظرة تناسب الصحة الجسدية وما للصيام من تأثير على البدن و آخر راح لينظر إليها بمنظار آخر يشاهد فيها معالم الثبات و الخلق ومواساة الآخرين لتكون مدعاة له ليحس بآلام الفقراء والمساكين لنقاء نفسه و طهرها من حجب الغفلات و رب ثالث أعطى الكلمة او هذه الجملة بعدا اوسع من كل ذلك لتعم شؤون الحياة بما لها من بعد نفسي و جسدي و إقتصادي و سياسي و هي كلمة واحدة راح لينظر إليها كل واحد بمنظاره و يفسرها بما يناسبه من تفسير وربما قطع كل واحد بما ذهب إليه بتبع مناشيء قطعه.

أجل هكذا تفسر الكلمات و تختلف الآراء حتى بالنسبة الى المفردات فضلا عما كان يعود الى عميق معالم التوحيد و رفيع مقام الآيات و الروايات و سيرة المعصومين عليهم السلام.

و هكذا هم الناس على طول التأريخ في تلقيهم لمفاهيم الرسالة المحمدية فهذا لا يفهم من آية او رواية تحدثت عن الرزق إلا ما كان مرادا ماديا و آخر يتبادر ذهنه الى عظيم المنة و رفيع الهداية و شآبيب الألطاف ومنحة العقل من الله الرؤوف الرحيم.

وثالث بمجرد ان يسمع مثلا بأن الشكر يزيد النعم يزداد دعاءا وصلاة طالبا من ربه مزيدا من المال و ربما رأى أن أداء شكر النعمة هي كلمة الحمد بعد كل وجبة طعام و أنه بذلك قد أدى ما عليه من واجب النعم و قام بما عليه من أداء شكر النعمة و الحال لو أن متكلما او حكيما طرقت مسامعه كلمة شكر النعمة او المنعم لذهب الى القول بأن ذلك واجب عقلي حيث يجب شكر المنعم و لعل الفقيه يقول في المقام نعم إن ذلك قد ورد الأمر به فهو واجب لأن الأمر ظاهر في الوجوب.

فهكذا هي الأمور بكل أبعادها الإجتماعية والسياسية و الشرعية تختلف بإختلاف الآراء و تتقيد بقيود الزمان والمكان و تُفسر بتبع الإجتهاد وتسدل عليها الحجب تقليدا للآخرين حينما تعظم مكانتهم في النفوس حيث قد راحت هذه الامور وبعد طي القرون ان تدفع بالناظر الى الآيات والروايات نظرة مكبلة بالقيود حتى كاد ان يصبح العقل البشري غير حر من بعد ما خلقه الله تعالى حرا و أراد منه ان ينظر الى الحقائق بعقله و سلامة فطرته ولذا راحت لتشير الروايات الى انه حينما يأتي مهدي آل محمد (ص) ويفسر ويطبق شرع الله بما كان على عهد الرسول (ص) يأتيه بعض المؤمنين مستغربا قائلين له يبن رسول الله هل جئت بدين جديد؟! و إذا كان هذا هو حال بعض المؤمنين في أبعاد معارفه لفهم شرع الله فكيف حال سائر الناس , كل ذلك لإبتعاد الامة عن واقع شرع الله حينما راحت لتتهاون في الدين لتعرف الدين بكل أبعاده من أفواه الرجال إلا من كان من النوادر من البشر الذين حصّنهم الله عن مزالق الأقدام لطهر نفوسهم وخلوص نياتهم رحمة من الله بواسع لطفه حيث أن الله تعالى لا يضيّع عباده المخلَصين فهو الآخذ بأيديهم الى صراطه المستقيم رحمة بحالهم بعد اختبار نفوسهم وتمحيصها بشدائد الأمور و لإقامة الحجة على الآخرين ليوم الحساب حتى لا يقول قائل يومئذ إلهي وسيدي ومولاي ضاعت علي السبل في ظلمات الدهور ليقال له لو كنت أهلا لإهتديت الى سواء السبيل و أي احد أصدق مقالا من الله تعالى حيث يقول : (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين).

أجل هكذا قد اخذ الله تعالى على نفسه لطفا بحال العباد أن يهديهم الى سواء السبيل إن علم صدق النية و سبل الهداية لا تحد بحد في مدارج العلم والعمل حيث أن من المستحيل أن يبقي الله الشيطان مضلا ولا يجعل لأوليائه ما يتمسكون به ومن تلك المسالك لبلوغ الغايات و شهود معالمها ما أشار إليه تعالى في كتابه المجيد بالنسبة الى العبد الصالح و موسى عليهما السلام وعلى رأس الجميع هو مهدي آل محمد (ص) إصلاحا لبواطن الأمور و هديا لرجال الله المخلصين ولو بإشارة من قول تشعر به نفس اولئك الذين هم من أصحاب البصائر.

ولما اختلف شهود الحق باختلاف الآراء والغايات راح البعض ليعطي عظيم مقام الحب الذي هو أعظم مقام في الكون في مواطن حب الله تعالى وحب آل الرسول (ص) وفي مواطن فهم المراد من القربى مفهوما لغويا او قبليا ناسيا او متناسيا ان شرع الله بعيد كل البعد عن ضيق دائرة النزعات و ظلمات رواسب القبليات حيث أن الحب والآل حب إلهي والبيتوتة نبوية تحكي ابعاد الخلوص وسير الرسالة في مواطن التطبيق والبيان حيث يصبح الحب للقربى حبا للسلوك نحو معالم التوحيد في جميع هذه الأبعاد علما وعملا للعروج الى الله تعالى بطهر وبصيرة ومشاعل علم.

نعم هكذا تفهم الحقائق في ظلمات الدهور او بتبع طهر النفوس ليأخذ كل بقدر عقله وطهره بعد طي هذه القرون حيث أن ذلك هو واقع الأمم بما تعيشه على اختلاف مذاهبها وما تدعيه من يهودية او نصرانية او اسلام حينما جائت لتنظر الى شرايع السماء من خلال اجتهادات الرجال وغاياتها على طول التأريخ حتى أصبح لهذا التهاون في الدين رسالات السماء شعارا و إطارا لا يروي لناظره انوار الملكوت ولا حياة الكرامة والعدل والحق التي كانت غاية لجميع الانبياء والمرسلين وبها احيوا الأمم واخرجوها من الظلمات الى النور و جعلوها ثورة ضد الباطل والمبطلين.

أجل قد فُسرت كلمة المحبة بتبع ذهنية قبلية بأن المراد منها بأن محمدا (ص) نبي الرحمة والسلام هو كما انا وانت يتكلم بدوافع الحب الغريزي الفطري العائلي ظنا منهم ان سيد الكائنات رئيس قبيلة دفعته نوازع القبلية ان يدعو كغيره الى حب أهله واسرته كما هي سنن الحكام ورؤساء القبائل فراح ليُعطى الحب النبوي النابع من حب الله اللامتناهي بما يحمل من عظيم التآلف والتقارب والهدي والرشاد حبا ضيق الدائرة وجده البدوي متحققا بينه وبين أهل بيته كما وأن البيتوتة أيضا تختلف باختلاف الرؤى ومدارج المعارج الراجعة الى مسالك الربوبية ومعالم التوحيد حيث راح البعض ليظن أن الله ورسوله على مستوى عقولهم وأن مناشيء الحب والقرب عندهما هي كما عند زيد وعمرو.

هكذا راحت لتفسر بسائط الكلمات الى دقائقها في مواطن التوحيد والنبوة و الإمامة والقضاء والقدر بتبع الهوى وضيق مزالق الفهم حينما أنزل الحب الإلهي و النبوي الرفيع الى مستويات ظلمات القبائل حتى راح ليدفع بالبعض الى أن يتشوق لشهود ربه شابا جميلا في ساحة المحشر و راح ليصبح القضاء والقدر بما يحمل من عظيم المعاني حاملا في طياته الجبر المستلزم لوصف الله تعالى بالظلم و قائله على الرغم من هذه الأخطاء يبشر نفسه بأنه اصبح من المتألهين المتوغلين في أعماق المعارف الإلهية حيث أنه لا يرى ان القدرة الإلهية محددة و راحت لتصبح النبوة التي هي تجليات الأسماء والصفات الإلهية حيث أن انبياء الله على اختلاف مراتبهم هم ظهور عدله وحكمته وعلمه و رحمته وغضبه راح ليدفع ضيق الرؤى بالبعض ان يرى محمدا سيد الكائنات حامل بريد كأعراب الجاهلية قبل ان يُحمّل اعباء الرسالة لإحياء البشرية بل رحمة للعالمين.

كما وأن بصمات الليالي والأيام والآراء والأذواق وقيود الحضارات كانت وما تزال مؤثرة مشهودة حتى بالنسبة الى مفاهيم كادت ان تكون بنفسها بديهية واضحة لولا أن ألقت هذه المؤثرات بظلالها عليها فخدشت معالم وجهها الناصع كمفهوم الخير والشر والحق والعدل فأصبح الخير مالا و الشر فقرا لا يتبادر الى الأذهان منهما إلا ذلك وقد كان قارون غنيا والأنبياء الكرام فقراء , هكذا هي الأذهان حينما أصبحت المجتمعات تعيش مادية الفكر حتى كاد أن ينسى المؤمن فضلا عن غيره أن الخير هو العقل و الهداية والتوفيق الإلهي لسلوك سبل الربوبية والثبات على الصراط المستقيم أجل من بعد ان كان للخير ابعادا كثيرة راح كل انسان ليراه بمنظاره حتى تضيقت دائرته عند الكثير في الدرهم والدينار و إن كانا هما من الخير لو سلك بهما صاحبهما مسالك الرحمة والجود ولم يصبح مثالا لقوله تعالى (إن الإنسان ليطغى إن رآه استغنى) وهم اكثرية البشر إلا من رحمه الله تعالى لزكاة نفس إشتعلت بمشاعل العلم و تأدبت بأدب الله تواضعا يسوق إلى معارج الربوبية.

هكذا راح الناس ليفسروا حتى البديهيات من المفاهيم كالخير والشر حينما عاشوا ليالي الغفلات بعيدين عن الغاية التي من أجلها خُلقوا المشار إليها بقوله تعالى : (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) كما وأنه تعالى ما بعث الأنبياء الكرام إلا ليقوم الناس بالقسط لكن العبادة التي هي واقع الحياة بكل أبعادها خُلقا ومعرفة وسلوكا على الصراط المستقيم بكل ما يحمل من أبعاد الحق في مقابل الباطل وما للعدل من رفيع مقام في مقابل الظلم والظالمين راحت لتصبح كل هذه الحقائق مجرد ذكر لفظي لا حراك ولا روح فيه حينما فسر للناس الذين هان عليهم دينهم شرع الله أصحاب المآرب والغايات بتبع الهوى وهكذا راحت لتفسر الجماعة بالأكثرية بدلا من أن تكون جماعة الإيمان و راح ليفسر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالأمر بالصلاة و النهي عن شرب الخمر فقط تاركين ما لهما من واسع امر يدعو الى كل خير و يبعد عن كل شر و راحت لتفسر الطاعة بالإستسلام لمن ملك مقاليد الأمور و لو كان من الأشقياء و هكذا راحت لتفسر التقية بالصمت وهلمّ جرا راحت لتتصدع معالم الدين في كل مجالاتها بعد أن كانت رسالات السماء ثورة ضد الجهل و الظلم والظالمين وبتبع ما تقدم من البيان أقول إنه لابد من نظرة جديدة حرة و قراءة نزيهة لجميع معالم شرع الله كتابا و سنة وسيرة للمعصومين عليهم السلام حتى لا يكون شهود الحق من وراء هذه التراكمات التي املتها صحائف الأيام و أعطتها طابع الصدق حتى اصبحت وكأنها من مسلمات الشرع القويم التي لا يجوز لأحد التأمل فيها فضلا عن التشكيك او الحكم عليها بالبطلان.

و إذا كان كتاب الله تعالى ميزانا توزن به الأحاديث صدقا وكذبا وعليه يجب ان يعرض أيضا ما يدعى من سلوك للرسول و آله الكرام علي الكتاب المجيد حتى يضرب بما يخالفه من أمر عرض الجدار فإنه مما يجدر به أن يقال كيف يمكن العرض على كتاب الله وهو قد أصبح مهجورا بين المسلمين و كيف يمكن لمن لا يعرف القرآن ان يعرض عليه الأحاديث و سيرة المعصومين ولذا يجب الرجوع الى الكتاب المجيد اولا ليصبح ميزانا للحق حتى يطرح ما يعارضه من حديث او مالا يناسبه من سيرة تدعى بالنسبة الى المعصومين التي أريد منها ان تكون تجسيدا لأبعاد الحق والعدل لمن أراد الى ربه سبيلا لكن من المؤسف ان هذه أيضا أصبحت لا تروي لعشاق الحق إلا تأريخ ولادة او وفاة وكم هو عدد الأبناء والزوجات وبعض الفضائل والكرامات التي تنتقى بتبع الأذواق وقد يكون بعضها من الخرافات تاركين منها ما يكون يقظة للضمير و نورا للهدى ليكون سيرة و سلوكا للأمة في ظلمات الدهور.

و إذا كانت الغاية من بعثة الأنبياء عليهم السلام (ليقوم الناس بالقسط) و( أن الله تعالى لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لأطال ذلك اليوم حتى يخرج مهدي آل محمد (عج) لإقامة العدل وتطهير الأرض من الجور) فإنه يصبح لزاما على كل مؤمن ومؤمنة أن يراجع نفسه ويحاسبها قبل الحساب و كذلك قبل يوم الظهور هل هو وجد الدين في نفسه عدلا به قوام كل شيء فراح ليسعى لتحقيق العدل في نفسه و مجتمعه ليكون أهلا لذلك لو جاء يوم الظهور أم انه يحيي الأيام والليالي بالأدعية ويجري المدامع صبيحة يوم الجمعة إذا قرأ دعاء الندبة وهو في واقعه يعيش من اعوان الظالمين ولو بصمته عن الظلم والظالمين وهو يعلم علم اليقين أن تحت راية الظلم و إن تلبست بلباس الدين يفسر الكتاب المجيد بتبع الهوى وكذلك الروايات و تقسم الاموال كذلك و تقام الصلوات في معابد رب العالمين و لو بإمامة من هم من أشباه الحجاج بن يوسف الثقفي والحال ان شرع الله لا لبس فيه لمن عاش سيرة الرسول و الأئمة الكرام ولحسن الختام نذكر شواهد حق من سيرتهم العطرة لتكون ذكرى للذاكرين ومن أحب الحياة الكريمة ولم يغالط النفس بجعل الرجال موازين للحق فمن تلك السيرة العطرة لإصلاح النفوس ومعرفة الحق ما جاء عن علي (ع) :(إن الله جعلني إماما لخلقه ففرض علي التقدير في نفسي و مطعمي ومشربي و ملبسي كضعفاء الناس كي يقتدي الفقير بفقري ولا يطغي الغني غناه) وقال عليه السلام في موطن آخر : (إن الله عزوجل فرض على أئمة العدل أن يقدروا انفسهم بضعفة الناس كي لا يتبيغ بالفقير فقره).

وقد ورد عنهم عليهم السلام (إن قائمنا أهل البيت إذا قام لبس ثياب علي عليه السلام وسار بسيرته) وقد جاء عن علي عليه السلام في سيرة رسول الله (ص) (إنه كان طبيبا دوارا بطبه) أي أنه كان يخالط الناس ويعيش حياتهم ويصلح حالهم بما أوتي من علم ومال ولم يعش العزلة عن مأساة الأمة .

وقد ورد عن الحجة (عج) بالنسبة الى من هم فقهاء الأمة الذين يجب الرجوع اليهم : (وأما الحوادث الواقعة فإرجعوا فيها الى رواة حديثنا…) و الحوادث كما يعلم الجميع ليست حكما شرعيا وإنما هي ما تعيشه الأمة لكي يكون الفقيه مرشدا يعيش احزان الأمة و مأساتها لتقتدي به الأمة لمعرفة مناهج الانبياء والأئمة الكرام.

والبصير يعرف الحق بالحق لا بالرجال إلا من وجدهم ميزان صدق به شهود سيرة الأنبياء والأوصياء الكرام جعلنا الله و إياكم ممن عاش البصيرة لشهود الحق و العمل به والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

--
مع تحيات ادارة موقع سماحة الاستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني


كما يمكنكم متابعتنا على كل من 

@ معنى الشورى في الإسلام 2

معنى الشورى في الإسلام 2

ردا على سؤال احد الاخوة الكرام في معنى الشورى في الاسلام والقرآن الكريم

القسم الثاني


فالشورى هي الحكم المجعول في مواطن التطبيق للحقوق العامة الاجتماعية العائدة الى مصالح الأمة لكي لا تضيع الحقوق التي اضاعها الاستبداد وتلاعب بها وعاظ السلاطين لمرضاة اسيادهم وصمت عنها العارفون فهذا الحكم العام الضامن لحقوق المجتمع اول ما تلاعب به المتلاعبون بأن قال قائلهم الشورى لقريش وقال آخر انها لأهل الحل والعقل وقال ثالث أنها لأهل المدينة كل بتبع غايته حتى ضيع هذا الحق العائد الى مصالح المجتمع واصبح بتبع ذلك الفقه مجزئا لا يبحث الا عن قضايا خاصة لا تمس بحكم الحاكمين كما وأنه أضيع الحق والعدل اللذان هما أساس الدين وأصبح العالم المتقي بمنظار الأمة من يحدد خطاه البيت و المسجد لإقامة صلاة الجماعة و اصبح المتكلم عن الحق في مقابل الباطل والعدل في مقابل الظلم متدخلا فيما لا يعنيه او انه رجل سياسي منحرف في حين انه بذهاب الحق والعدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على صعيد الشريعة بما هي يفقد الشرع مداه العام الذي جيء به لحياة المجتمع .

أجل جاء الإسلام لبناء حضارة فيها الثوابت كالحق والعدل والخير وان كانت لهذه الثوابت متغيرات بما يناسب الزمان والمكان ومن المعلوم ان تشخيص المصاديق يرجع الى أهل الاختصاص وليس مما يرجع فيه الى الفقيه وانما هو أحد افراد العُرف في هذا المجال.

واذا كانت الشورى بمعنى التشاور فنقول ان التشاور حكم عام وان كان يخصص بحسب الموضوع بما يناسب أهل الخبرة فالتشاور في البناء مع المهندس وفي البدن مع الطبيب وفي المكاسب مع التجار وفي شأن الامة وحقوقها مع كل من هو ذي حق من أفراد الأمة لأنه عائد الى المصالح والمفاسد الإجتماعية لنفس المجتمع ولما ورد في قوله تعالى : (وشاورهم في الأمر) حيث أنه أمر وظاهر الامر الوجوب فيكون حكما واجبا في الأمور الاجتماعية ولا يجوز لأي احد أن يتخطاه تحت اي تأويل وتوجيه كما صنع ويصنع الحكام المستبدون تحت ذرايع شتى واذا عجزوا عن فعل ذلك كما في العصر الحاضر راحوا ليتلاعبوا به تزويرا في صناديق الاقتراع ومن المعلوم ان كان النبي الأعظم مكلفا من قبل الله بمشورة الأمة فيما يرجع الى حياتها فكيف لا يكون ذلك واجبا بالنسبة الى الحاكم والوالي لكن أبت الأمة لنفسها بتبع حضارة الاستبداد إلا أن تعيش تابعة لاستبداد الحاكمين ولذا تفشى ذلك طيلة القرون من زمن البعثة ليومنا هذا لقاعدة كيف ما تكونوا يولى عليكم فليس الأمر كما يظن السواد الأعظم من كون الحاكم فقط هو من يتحمل الوزر والتخلف يوم الحساب بل له شركاء كل بحسبه فعالم بكتمان الحق وآخر بتأويله وتفسيره بتبع هوى الحكام وهلمّ جرى فلكل فرد من افراد الأمة نصيب على اختلاف مراتب الناس و تأثيرهم في ضياع شرع الله ومصالح الأمة ولا يستثنى من ذلك إلا ما ندر فالحكمومة الإسلامية من دعائمها الشورى للأخذ بأيدي الناس الى حياة الكرامة لتقرر الأمة ما يخدم مصالحها بوعي ودراية ليطبق العدل لكن بين الأمة وقمم علياء هذه الموازين الرسالية مابين السماء والارض وان رحنااليوم لنتطلع لإشراقة صبح جديد إذا انتفضت الأمة ضد حكامها الجائرين و وعت ما تريد حتى تستعد النفوس لقبول دولة الحق التي وعد الله تعالى بواسطة أنبياءه وكتابه المجيد البشرية بها .

وقد شاور الرسول (ص) الأمة في كثير من المواطن وفي أشدها حساسية وصعوبة كالحرب وعليه فلا يجوز بحكم الشرع والعقل لأي شخص مهما بلغ من العلم ان يفرض رأيه على الآخرين كما صنع ويصنع الحكام وبالأخص المنتسبين الى الاسلام فإن الاستبداد يسوق المجتمع الى الجمود العقلي ويدفع به الى عدم الاحساس فلابد من المشورة في  الامور لتشترك العقول والمواهب في كافة ميادين الحياة لبناء مجتمع احسن .

وعليه فلابد من تحكيم روح المشورة في كافة مجالات الحياة ابتداءا بالأسرة لأنها الخلية الأولى لبناء المجتمع إلى أن يصل الأمر الى مرحلة العدالة الاجتماعية حتى يصبح قرار الحياة للأمة حقيقة وما ذاك إلا لأن مصير الأمة هو حق الأمة ولا يجوز لأي انسان ان يستبد فيه .

قال رسول الله (ص) : (إذا كان أمراءكم خياركم و أغنياءكم سمحاءكم وأمركم شورى بينكم فظهر الأرض خير لكم من بطنها واذا كان امراءكم شراركم وأغنياءكم بخلاءكم ولم يكن أمركم شورى بينكم فبطن الارض خير لكم من ظهرها ).

وكلمة شاورهم فعل امر من الله تعالى لنبيه (ص) بأن يبدي لهم رأيه ويأخذ آرائهم وبعد المشورة والوصول الى الامر الراجح لابد من العمل بالراجح بنحو القطع والابتعاد عن التردد والشك في الأمور .

ولم تترك الشورى في حياة الرسول (ص) كما تقدم حتى في اشد مواطن الحياة خطرا على الاسلام والمسلمين كما حدث في غزوة احد وغيرها وذلك لما يُعلم من أن ايجابيات حفظ السنن أولى من تخطيها على الرغم من بعض السلبيات التي قد تحفها لسوء التطبيق او الجهل فإن بالشورى تشترك الأمة في المسؤولية وتحمل النتائج وتنمو القابليات ويبتعد النظام الحاكم عن روح الاستبداد .

ومن المعلوم ان الخطأ ينبه الامة الحيّة إلى منازل الصواب ويبعدها عن مواطن الهزيمة لأن الهزيمة في بعض المجالات قد تبني أواصر القوة بعد مشاهدة الثغرات وطعم مرارة مذاقها وعمق تأثيرها على نفوس الاحرار لا بالنسبة الى الأمة الميتة المستسلمة لحكام الجور ولا بالنسبة الى نفوس الجبناء الذين يألفون حياة الذل والهوان.

وقد عوّد النبي الأكرم الأمة على المشورة حيث أنه لا خلود لنبي أو وصي نبي لتعتاد الأمة لو شائت حياة الكرامة في عصر عدم المعصومين للقيادة السليمة بما فيها من الايجابيات والسلبيات اذا خضعت لقانون العدل والشورى لا كما حدث بعد الرسول الاعظم من النهمة على الحكم حتى راح البعض ليقول ان الامارة لقريش والوزارة للانصار وآخر الى القول بأن الشورى هي لأهل المدينة وثالث الى القول بأنها لأهل الحل والعقد الى ان وصلت الشورى وغيرها من المناهج التي أسسها الاسلام الى مواطن المهازل العقلية كشورى الخليفة الثاني حيث أصرّ على ما أصر عليه الخليفة الاول من أن الشورى لقريش حينما جاء بهذه الاحاديث لابعاد الانصار بلا أي مستند شرعي من آية او رواية فقال الخليفة الثاني مدعيا إن رسول الله (ص) مات وهو راض عن هذه الستة من قريش فجعل كسلفه شرع السلام الذي جاء به نبي الرحمة رحمة للعالمين شرعا قبليا وهؤلاء الستة هم علي وعثمان و طلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد ابن ابي وقاص ولعله نسي او تناسى ما قاله ابو بكر قبل وفاته حينما جاءه طلحة معترضا على تعيين عمر بلا شورى إنك يا طلحة شرّ هذه الامة فكيف يكون من هو شر هذه الامة هو من مات رسول الله وهو راض عنه ليصبح أحد افراد الشورى الستة ثم قال فقد رأيت ان اجعلها شورى بينهم ليختاروا لانفسهم ثم قال ادعوا لي ابا طلحة الانصاري فدعوه فقال له انظر يا ابا طلحة اذا عدتم من حفرتي فكن في خمسين رجلا من الانصار حاملي سيوفهم فخذ هؤلاء النفر بإمضاء الامر وتعجيله واجمعهم في بيت وقف باصحابك على باب البيت ليتشاوروا ويختاروا واحدا منهم فإن اتفق خمسة وأبى واحد فاضرب عنقه وان اتفق أربعة وابى اثنان فاضرب اعناقهما وان اتفق ثلاثة وخالف ثلاثة فانظر الى الثلاثة التي فيها عبد الرحمن بن عوف فارجع الى ما اتفقوا عليه فإن أصرت الثلاثة الأخرى على خلافها فاضرب اعناقهم وإن مضت ثلاثة أيام ولم يتفقوا على امر فاضرب أعناق الستة جميعا ودع المسلمين يختاروا لانفسهم فأيها الاخ الكريم بمثل هذه المهازل العقلية مرت الامة الاسلامية حينما راح الحكام ليفسروا لهم ويطبقوا شرع الله بتبع اهوائهم وهكذا تلاعب المتلاعبون بمباديء الشرع بتبع الهوى بمرأى ومنظر من الامة وعلمائها حينما ترك الحق في مقابل الباطل والعدل في مقابل الظلم حتى صار المتكلم عن الحق والعدل في أمة محمد رجلا سياسيا خارجا عن الدين وأصبح الساكت عن الحق الذي نعته الرسول (ص) بالشيطان الاخرس مثالا للزهد والتقوى الى أن وصل أمر هذه الأمة في شوراها الضامنة للعدل الى ما وصلت إليه بأن اصبح الحكم بالوراثة وأصبحت البيعة تحت ظلال السيوف ومع هذا كله راحت الامة لتسمى الخلافة شرعية يجب اتباعها وقد لفق لها أصحاب المصالح من وعاظ السلاطين الأحاديث المناسبة حتى قال قائلهم لا يجوز الخروج على الولاة ولو كانوا فسقة ظالمين ونسبوا الى رسول الله (ص) احاديث مضمونها أنه قال اصبروا على اذى الولاة وإن ضربوا ظهوركم وسلبوا أموالكم وأنه أمر بالصبر على جور الولاة والسمع والطاعة لهم وقال آخر ممن ينسب الى العلم في هذه الأمة لا نرى الخروج على أئمتنا ولا ولاة امرنا وان جاروا علينا ولا ندعوا عليهم ولاننزع يدا عن طاعتهم ونرى طاعتهم من طاعة الله عزوجل ولذا نقول إن الشورى التي هي من أسس الشرع لحفظ حقوق الامة يجب أن تراجع بتأمل وامعان كغيرها من الاسس الاخرى ليرى المسلم بنفسه بعد ظلمات الدهور ماهي ادلتها في الكتاب والسنة وما يناسبها من التطبيق بما يتماشى مع كل زمان ومكان لأن موازين الشرع تأويلا وتفسيرا وتطبيقا قد نال منها جور الزمان مانال حتى اصبح بعضها مشوه الوجه لسوء الفهم او لسوء التطبيق مع كونها هي شرع السلام للحياة الكريمة لكنها بقيت في عرش الخيال ولم تلق هذه القيم النبيلة ليومنا هذا على مسرح الواقع ظهورا ولا نأمله من أحد من المدعين على جميع الاصعدة من المنتسبين الى الاديان سنة وشيعة ويهودا ونصارى ولا من غيرهم من المدعين للديمقراطية و حقوق الانسان إلا على يد ذلك الرجل العظيم منقذ البشرية ألا وهو مهدي آل محمد الحجة بن الحسن العسكري عجل الله تعالى فرجه الشريف , جعلنا الله وإياكم من انصاره لتحقيق الحق ومن المستشهدين تحت لوائه انه أكرم الاكرمين .


--
مع تحيات ادارة موقع سماحة الاستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني


كما يمكنكم متابعتنا على كل من 

@ معالم الحضارة الإسلامية

معالم الحضارة الإسلامية

مقتبس من سلسلة إعرفوا الحق تعرفوا أهله

لسماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني

 

من معالم الحضارة الإسلامية نغم يهب من رواسي بحور الأزل على سوح قلوب الوالهين ليقظة ضمير ترشد إلى سلامة فطرة تشاهد ربط الكائن الفقير بمبدأ الكمال اللامتناهي فتأخذ بأيدي السالكين سبل الرشاد إلى كون العوالم على اختلاف مراتبها قربا وبعدا من عالم الشهود والغيب تسير سيرا متواصلا لا وقفة فيه نحو الحق تعالى في ظل أسماءه وصفاته

لأنه تعالى مبدأ المبادئ وحقيقة الحقائق الجواد الفياض الذي لا يحد بحد في ذات أو صفة فهو الكبير المتعال الذي برحمته المطلقة دائم الفضل على البرية كما وأنه غاية الغايات المطلوب لكافة العوالم طوعا أو كرها لأن كل غاية دون جلال قدسه متناهية بموازين الحق وهي (إنا لله وإنا إليه راجعون)فلا مطلوب سواه رشاد قول يهدي إلى سنن الخلد والأبدية في مسالك الربوبية في قوسي النزول والصعود فلا مبدأ سواه ولا عطاء إلا عطاءه ولا مطلوب غيره تعالى ربنا عن ضيق مزالق الوهم والخيال ومحافل الجهل باسم العقل والكمال

أجل لو عاش العقل ضنك الاستقلال لرواسب الأنانية بلا مدّ يد السؤال إلى عظيم خلق الله عزوجل ألا وهو الإنسان الكامل خليفة الرحمن ومسجود الملائكة الجامع لشتات عالم الإمكان والكلمة التامة الإلهية التي أشير إلى ذلك إضافة إلى ما في الكتاب المجيد على لسان أولياء الله تعالى عليهم أفضل الصلاة والسلام (نحن الكلمات التامات ونحن الموازين وإنهم القرآن الناطق) لراح العقل بحجب الأنانية والكبر يحصد من جهله المركب أوهاما رجيما مطرودا عن ساحة رحمة الله تعالى يتردى رداء الشياطين في حين أنه أخذ الآخرون يسيرون الكمال والمعارف لأسماء الله تعالى في ميادين رحمة العزيز القدير كما هو شأن الملائكة كما يرشد إلى ذلك الكتاب المجيد بل المعلم لكنوز المعارف اللدنية هو آدم عليه السلام الإنسان الكامل وعلى رأس الجميع سيد الكائنات محمد صلى الله عليه وآله

نعم منه وإليه تعالى حقائق الأمور (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون) وحيث يقول(وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون)فالكل منه نزولا وإليه عروجا يطلبون الكمال يخرقون الحجب النورية على اختلاف مراتبها حتى يبلغ خرق الحجب الربوبية بلا واسطة عالم الأسباب والمسببات آخذا من الحق العزيز الحكيم حيث يقول تعالى: (ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدني) ليكشف له سبعين ألف حجاب من حجب النور اللدني

فكل الموازين والسبل مجار لفيض الله تعالى يشاهدها العبد المؤمن في ظل مدرسة معالم الربوبية ومسالك الشريعة الإسلامية حيث يعيش المسلم حياة الكائنات طرا يراها ناطقة شاعرة يسايرها في أوج روعة البقاء والخلود والعروج والأبدية(تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) *(يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم)فالكل حي شاعر على اختلاف مراتب الحياة والشعور لأن الكل آيات الله عزوجل وجميع العوالم علامة على أسماءه وصفاته فهي حية بحياته عالمه بعلمه قادرة بقدرته باقية ببقاءه وسائرة إلى الكمال بواسع جوده ورحمته

فهكذا يكون المسلم في مدارس الربوبية ومناهج الرسالة الإسلامية بعيدا عن ظلمات وديان العدم في نفق الجاهلية والزندقة الطبيعية مترفعا عن قيود محافل المجسمة المشبهة حيث يرى نفسه مرتبطا بمبدأ الجود اللامتناهي الدائم الفضل على البرية ينتقل في مسالك الربوبية من مرحلة إلى مرحلة حينما تصغي مسامع القلوب إلى عظيم قوله تعالى (يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن) فيلمس فقر عالم الإمكان وأنه لا خصوصية لهذا الفقر لعالم دون عالم فالكل طالب الكمال حتى الملائكة الكرام وأن الله تعالى هو الغني المطلق المفيض على الكائنات على اختلاف مراتبها (فسالت أودية بقدرها) كل راح يأخذ على قدر قابليته و سعة وجوده

فمن جانب الممكن فقر وسؤال دائم ومن جانب الحق تعالى فضل وجود مستمر فإنه تعالى كل يوم بظهور وعطاء وفيض جديد على هياكل الممكنات على اختلاف أيام الربوبية وقابليات عالم الإمكان لأنه الكنز الخفي الظاهر بأسماءه وصفاته اللامتناهية بلا تناهي الذات الأزلية والعوالم والآيات دلائل على ذاته وأسماءه لمن شاهد الحق من خلال أنفاس الخلائق وإلا فهو مشهود بذاته لأولياءه الكرام (يا من دل على ذاته بذاته) وقد شاهده الصديقون حيث يقول الإمام الحسين عليه السلام (إلهي متى غبت حتى يكون غيرك دليلا عليك)وحيث يقول (إن التردد في الآثار يوجب بعد المزار)وحيث يقول تعالى (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد)*(و شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم

فمعرفة الله تعالى بقدمه وأزليته ولا تناهي وجوده ورحمته المطلقة وفيضه الدائم على البرية ومعرفة الممكن بالفقر الذاتي يرشد المسلم إلى سير متواصل لمسيرة الكمال التي لا اختصاص لها بعالم الطبيعة بحركتها الجوهرية بل يشاهد المسلم عالم الإمكان سيرا وسلوكا إلى الله تعالى لأن كل غاية ومطلوب دون الله تعالى متناهية وإن كانت الكلمات التامة من الأنبياء والأوصياة الكرام سبل العروج إليه لمن أراد كمال المقربين وسير المتقين

فالإنسان بما منحه الله تعالى من عظيم صنع كان في أحسن تقويم يحمل الأمانة العظمى قابلا لكل كمال ورفعة وقرب يفوق الملائكة الكرام معلما إياهم خليفة لله تعالى لا يبلغ مقام قربه أحد كما أشار إلى ذلك تعالى بالنسبة إلى مظهر الأسماء والصفات الرسول الأعظم محمد (ص)قائلا : ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى

لكن الإنسان قد يصبح بسوء اختياره متأخرا  على كافة الخلائق حين تسافله تتبرأ منه العجماوات وتتعالى عليه الخلايا والذرات فيتمنى يوماً أن يكون ترابا فلا يبلغ هذه المرتبة التي بدأ منها حياته وهذا ما جنته يداه فاستحقه بموازين العدل لخروجه عن استقامة العدل والفطرة وسنن عالم الرشاد ولا ندري حينئذ أتطهره نار الله الموقدة بلطف من الله تعالى لأن رحمته وسعت كل شيء أو يبقى رهين حجب الظلمات يسير وراء كافة العوالم مسيرة (إنا لله وإنا إليه راجعون) فتلك أمر يعود عرفانه وتحقيق مقامه إلى تقدير العزيز الحكيم

وأما نحن فمصداق قوله تعالى (قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذاً لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا)إلا الذين شرح الله تعالى صدورهم فوجدوه باعتدال أنفسهم في الأفق المبين برحمته التي وسعت كل شيء إنه الغفور الرحيم التواب وأنه شديد العقاب فشاهدوه بكل أسماءه وصفاته ولكن أولئك هم الأقلون عددا

فقد إتضح  مما تقدم من مسايرة الشرع القويم أن آدم عليه السلام هو المعلم للملائكة الأسماء كلها من الأسماء الذاتية الإلهية والفعلية سواء كان الإسم هو العلامة والآية أو هو الرفعة والعظمة وسواء كانت الأسماء من شأن الجمال أو الجلال أو من اللطف والقهر في مراتب الأحدية جمعا لحقائق الأمور قرآنا بما لإسم الله عزوجل من الدلالات وفي مراتب كثرة الأسماء وتعددها في ميادين الربوبية فرقانا في مرتبة الواحدية شهودا للحق تعالى على قدر أسماءه وشهودا له على قدر أنفاس الخلائق في مرتبة الفعل

وأنه لمن المعلوم لدى المتأمل أنه لا يراد من الأسماء ما كان من الاسماء الإعتبارية التي لها شأن التمييز لكل فرد عن الآخر كتمييز هذا عن ذاك باسم زيد أو عمرو إذ من الواضح أن جعل الإسم الإعتباري لا يحمل في طياته عظيم أمر يستوجب الخلافة الربانية الداعية للسجود لهذا الكائن الذي من لم يأت من طريقه للوصول للحق تعالى للعروج إلى سوح الكمال كان رجيما مطرودا عن رحمة الله تعالى كإبليس المتقيد بقيود حجب ظلمات الأنانية والكبر

فالغاية من بعثة الأنبياء التخلق بأخلاق الله تعالى الداعية للعروج إلى سوح الكمال اللامتناهي للاتناهي الحق ذاتا وصفة

فالدعوة للتخلق بأخلاق الله التي جاء بها الرسول (ص)حيث يقول: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وحيث مدحه الله تعالى (وإنك لعلى خلق عظيم)ترشد في ظل معالم المدرسة السامية الإسلامية إلى مسيرة كمال وعروج لا يحد بحد لطلاب الحقيقة الذين عشقوا الوجود الأزلي وساروا نحو غاية الغايات سعيا وراء التخلق بأخلاق الله تعالى في دعوة للكمال اللامتناهي

فالشريعة الإسلامية بكل أبعادها العلمية والعملية دعوة نحو الكمال اللامتناهي بلا تناهي الحق تعالى لأنه هو المطلوب للعارفين وغيره مطلوب بالتبع

فهذا يشاهد أبواب العروج نحو الحق تعالى مفتحة من طريق وجوب التخلق بأخلاق الله تعالى وهذا بشهود الصديقين للانهاية الحق تعالى لأنه شاهد الله عزوجل قبل الكائنات وشاهد القدم قبل الحدوث والغنى قبل الفقر وحقيقة الوجود قبل الممكن الموجود بالغير فقال أولياء الله تعالى (إلهي متى غبت حتى يكون  غيرك دليلا عليك)و (إن التردد في الآثار يوجب بعد المزار) حيث يقول قائل العرفان الإمام علي عليه السلام:(ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله وبعده ومعه وفيه)وحيث يقول أولياء الله تعالى (يامن دل على ذاته بذاته) وحيث يقول تعالى :أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد

إن عظماء الخلق ما شاهدوا إلا الله تعالى وبه شاهدوا الأسماء والصفات ثم شاهدوا الفيض الخلق على اختلاف مراتب عالم الإمكان فهم شاهدوا الحق بالحق

وآخرون شاهدوا الحق تعالى من خلال الدليل والبرهان فلمسوا بداهة حاجة الممكن إلى وجود لم يكتسب الوجود من غيره وإن كل ما بالغير لابد وأن يرجع إلى ما بالذات فهو هالك الذات فقير لا قوام له إلا بمبدأ الجود الفياض الدائم الفضل على البرية

فعالم الإمكان سير وسلوك في ميادين الربوبية لطفا من الله تعالى بحال الكائنات وعليه فلا وقفة في العروج على اختلاف مراتب الكائنات لأنه تعالى غاية لا متناهية أخذ على نفسه لطفا بحال العباد أن يمدهم بجوده وكرمه على اختلاف قابليات الممكنات في العوالم المختلفة

وهناك من يشاهد العروج إلى الله تعالى من طريق نصوص الكتاب والسنة اللفظية وإن كان السابق من القول شهودا لمدارج الكمال من طريق الشريعة أيضا لكن من حيث معرفة الحق لعظم النفوس أو لأن الناظر هو القرآن الناطق وهو ظهور الأسماء والصفات وهو الإسم الأعظم الإلهي في مقام الفعل لأن الكلمة التامة الإلهية فليس الكلام إلا في مراتب شهود الأولياء من الصديقين المقربين ثم مراتب الأولياء الشامخين السالكين إلى ربهم في ميادين الحكمة

فراح المسلم ينظر من خلال معالم الرسالة الإسلامية إلى أهم حدث كوني وهو عروج الرسول الكريم (ص) ليتأمل في معاني كشف الحجب النورية المشار إليها في الأحاديث الشريفة وأنه تعالى كشف لحبيبه محمد (ص) سبعين ألف حجاب من النور وهو تعالى كل يوم في شأن وتجل جديد لأولياءه في ميادين الربوبية

وقد تحدث القرآن المجيد عن الإسراء والمعراج ووردت بذلك الأحاديث الكثيرة تدل على أن مسألة المعراج عظيم أمر له المساس التام بواقع العقيدة الإسلامية حتى أصبح لزوم الاعتقاد به من ضروريات المذهب بل الدين وإن اختلف المسلمون فيه إجمالا وتفصيلا في أنه كل مجرد رؤيا أو عروجا روحيا أو أنه كان بالجسم والروح معاً كما هو الحق آخذا من سفن النجاة وأبواب مدينة العلم النبوي وهم خلفاء الرسول (ص) علي وأولاده المعصومون عليهم السلام

والمستفاد من الكتاب والسنة أن الغاية من المعراج مشاهدة آيات الله الكبرى وأنه تعالى أوحى إلى عبده ما أوحى وقد دلت الأحاديث الشريفة أنه عرج برسول الله صلى الله عليه وآله إلى السماء ومنها إلى سدرة المنتهى ومنها إلى حجب النور ثم ناجاه الله وكشف له سبعين ألف حجاب من النور وأن من جملة ما له دخل في الغاية وأن يشرّف الله تعالى بنبيه سكان السماوات وهم الملائكة الكرام وأن يريه من عجائب عظمته ما يخبر به بعد هبوطه وليس ذلك  كما يقوله المشبهون سبحانه وتعالى عما يصفون

وقد ورد في العلل بإسناده عن ثابت بن دينار أنه قال:سألت الإمام زين العابدين عليه السلام قلت:فلم أسرى الله تعالى بنبيه محمد (ص)إلى السماء؟ قال ليريه ملكوت السماوات وما فيها من عجائب صنعه وبدائع خلقه قلت فقول الله تعالى (ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى)قال ذلك رسول الله (ص) دنا من حجب النور فرأى ملكوت السماوات فكان المعراج كمالا وشهودا من ناحية وتكميلا للملائكة والجن والإنس من ناحية أخرى بواسطة رسول الله صلى الله عليه وآله

وفي بعض الروايات أن من الآيات التي شاهدها الرسول (ص)وهي تجلي أنوار الجمال والجلال الإلهي على سدرة المنتهى

وعن هشام بن الحكم عن موسى بن جعفر(ص) أنه لما أسري بالنبي (ص) وكان من ربه قاب قوسين أو أدنى رفع له حجابا من حجبه وقال جبريل لرسول الله قد بلغت قرباً ليس لملك ولا رسول طريق له قال تعالى: ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى* فرسول الله (ص) كلمة الله تعالى التامة التي فيها تجلي الأسماء والصفات الإلهية فهو الجامع لشتات الكلم وهو ظهور التخلق بأخلاق الله عزوجل

وتشير الروايات إلى تعدد المعراج للرسول (ص) حتى نقل أنه تجاوز عدد المعارج المائة والعشرين مرة!  وهذا مما يشير ويدل على أن العروج إلى الله تعالى لا يحد بحد للانهاية الحق تعالى فكان الرسول (ص) يساير أيام الله تعالى في تجليه على الكائنات ويأخذ الأنوار من الكنز اللدني

وتدلي الثمرة تعلقها بالشجرة والآية ترشد إلى أن تمام القرب يوجب تمام التعلق والتدلي بما في ذلك من تمامية الربط ولمس فقر عالم الإمكان بإشعار تام ولطف إلى أن محض التعلق والعبودية ثمرها عائد للسائرين كما هو شأن ثمار الأشجار لمن رفع رأسه فإنه يشاهد الثمر ليتناول منها فهكذا حياة الأنبياء

وإجمال القول في المقام أن المنهج الرسالي للشرع القويم يشير بكل وضوح إلى عرفان الحق تعالى بلا نهاية وجوده وفقر عالم الإمكان وسؤاله الدائم وفيض الحق اللامتناهي بلا تناهي الذات وأنه تعالى كل يوم هو في شأن هذا أولاً

كما وأن الدعوة للتخلق بأخلاق الله تعالى لا تحد بحد تبعا للانهاية الحق هي الغاية من بعثة الأنبياء  كما قال (ص): إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق هذا ثانيا

وإن معرفة المعراج وأنه بالجسم والروح وأنه كان لرسول الله (ص) حتى قيل أنه تجاوز المائة والعشرين مرة مسايرا في ذلك الأيام الربوبية كل هذه الأمور الثلاث تجعل المسلم يشعر بوضوح من المنهج الإسلامي أن مسيرة الكمال لا تحد بحد وأن العالم الإمكاني على اختلاف مراتبه بكله وتمامه سير وسلوك وجولان وتحرك نحو الغاية اللامتناهية وهي الحق تعالى وأن أداتها الموصلة الشارحة للبطون اللامتناهية لهذاا العروج هو خاتم الولاية المطبق لشرع الله القويم لبلوغ الغاية ألا وهو منقذ البشرية من الضلال المحقق للعدل محمد بن الحسن العسكري عجل الله تعالى فرجه الشريف

وقد أشار القرآن المجيد إلى التكامل لبلوغ مراتب العرفان في كافة أبعاد الوجود الإنساني في مسألة المعراج حيث جمع النبي (ص) شؤون عالم الإمكان ظاهرا وباطنا لقوله تعالى (ما زاغ البصر وما طغى) مشيراً إلى الشهود الحسي لعالم الظاهر وقال تعالى مشيراً إلى الشهود المعنوي لعالم الباطن (ما كذب الفؤاد ما رأى) لأنه (ص) ميزان الحق وجامع شتات كمال عالم الإمكان وإعتدال البصر والبصيرة وأن الإنسانية حقيقة واحدة تسير الكمال والعروج إلى الله تعالى على اختلاف مراتب السالكين إلى الله تعالى  بكل أبعادها الوجودية جسما وروحا والإنسان يحشر كذلك بكل أبعاده  يوم القيامة ولا يتوقف سيره نحو الكمال والغاية اللامتناهية بعد دخوله الجنان بل يبقى سائرا نحو الحق تعالى سيرا لا متناهيا فتتبدل بكماله الجنان إلى جنان أخرى على اختلاف مراتب الجنان وأبعادها حسا  ومثالا وعقلا ونوراً

فإذا كل المعالم الإسلامية من التخلق بأخلاق الله تعالى وكون الحق سبحانه هوالغاية والوجود اللامتناهي وأنه كل يوم في شأن جديد وكون الممكنات عين الفقر والسؤال وكذا التأمل في مسألة المعراج وأنها روحانية جسمانية وأن المعراج تعدد بالنسبة إلى الرسول (ص) وضرورة مجيء منقذ بشري يخلص العالم من دماره وظلماته تحقيقا لوعد الله تعالى إن الأرض يرثها عباده الصالحون كل ذلك يلفت نظر السالك سبل الشريعة الإسلامية إلى تكامل وسير وسلوك إلى الله تعالى لا يحد بحد وأنه لا وقفة فيه دينا وآخرة والحمد لله على هديه سبل الرشاد فإنه ولي التوفيق

 


--
مع تحيات ادارة موقع سماحة الاستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني


كما يمكنكم متابعتنا على كل من 

@ ما هي وظيفة المسلم بأزاء ربه

ما هي وظيفة المؤمن بأزاء ربه

بقلم سماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني

يا إلهي كم شُوّهت الحقائق وانحرفت السبل عن مجاريها لجهل تارة وتارة أخرى للتخلي عن المسؤوليات حينما وجد المتلاعبون الامة تعيش الغفلة عن مناهج رب العالمين وسيرة أولياءه الصالحين محمد وآله الطاهرين حتى اصبحت شريعة السلام والكرامة التي جاء بها رسول السلام محمد (ص) لا تحيي امة ولا تجلب عزا ولا تدفع باطلا ولا تحقق عدلا ولا ترد ظالما ولا تقطع يدا تمد على هذه الأمة وتراثها .

ولذا وجدت من اللازم التنبيه على أمور لابد منها لعلها تكون للسالكين سبل ربهم وسيلة ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون .

فمن جملة هذه الامور التي لابد من ذكرها للتوجه الى مناهج الحق الدعوة لكل مؤمن ومؤمنة بأن يعيش سيرة الرسول (ص) وآله الكرام (ع) وسيرة سلاك طريقهم كأبي ذر وعمار ومالك الاشتر وحجر بن عدي الكندي وغيرهم من الابرار حتى يلمس بنفسه بدون توجيه الموجهين وتفسير المفسرين مناهج السلوك الى الله تعالى التي هي الصراط المستقيم الشارح بواقعه العملي للكتاب والسنة وهو السبيل الوسط بين ابناء الدنيا الساعين اليها ولو تحت الوية الدين وبين التاركين لكل قيم الشرع تحت غطاء الزهد وعدم الاعتناء بالدنيا حيث انه بتتبع هذه السيرة العطرة سيصبح جليا لكل مؤمن ومؤمنة عاش حياة هؤلاء العظماء أن الحق لا بهذا ولا بذاك .

ولتقريب المطلب لمن شاء قراءة هذه السير على اختلاف زمانها ومكانها المتوحدة في واقع شرح رسالة السماء عملا اقول :

لو كان قبض ازمة الامور لتحقيق الحق واقامة العدل واجبا لما ترك الامام علي عليه السلام القوم يتنازعون على الدنيا في سقيفة بني ساعدة ولما تركهم بعد ذلك يدبرون للامر ليلا حتى اتموا ما كانوا يريدونه من قبض مقاليد الامور , كما وانه لو كان الامر كما يظن البعض من ان وظيفة المؤمن انما هي خصوصيات فردية بان يصلي ويصوم وان تجاوز الامر ذلك بأن يجلس فقط في المدارس والحوزات ليبين للناس حكم صلاة او صوم او طهارة ونجاسة وان يشرح معاني البراءة والاستصحاب لما عاش الائمة الكرام وسلّاك طريقهم كأبي ذر حياة الحرمان والاضطهاد والسجون والقتل والتشريد بل اقول اكثر من ذلك لو كانت حياة الائمة عليهم السلام كما راح يصوّرها البعض للشيعة بأنها كحياة بعض رجالات الدين لفخر بهم بنو أمية وبنو العباس ولقال قائلهم هؤلاء الزهاد ابناء عمومتنا .

فعلى الانسان أيها الاخوة والاخوات ان يتأمل وبكل دقة وامعان في حياة الانبياء والأئمة والاولياء الصالحين وأنهم لماذا عاشوا اشد الحياة صعوبة وأنه لماذا راح ليتضايق أمثال هارون الرشيد الطاغية الجبار من وجود شخص كالامام الكاظم عليهم السلام ويدعه في السجون وانه كيف راح ليتضايق من كان قبله من الجبارين كالمنصور الدوانيقي من الامام الصادق عليه السلام حتى اصبح بيت الامام عليه السلام محلا لهجمة بني العباس كرارا وهكذا لماذا راح ليعيش بعض الائمة عليهم السلام في الثكنات العسكرية وتحت اعين الجبارين كالامامين العسكرين عليهما السلام فان المتببع سيجد وبكل وضوح ان هؤلاء العظماء لو كانوا فقط يصومون ويصلون ويشرحون للناس شكوك الصلاة ومعاني البراءة والاستصحاب لما تضايق منهم الجبارون كما وانهم لو كانوا يخططون للزعامات والرئاسات وقبض ازمة الامور لما تقدم عليهم أبناء الدنيا وهم اوسع من غيرهم عقلا  واكثر علما واربط جنانا واشد عزيمة فلو كانوا يرون قبض ازمة الامور وظيفة شرعية لاقامة نظام اسلامي لما تقدم عليهم ابناء الدنيا .

فبعد هذه المقدمة التمهيدية اقول ان هناك مسلكا وسطا بين التطرف الذي يسوق صاحبه للتخطيط لقبض ازمة الامور باسم الدين وبين من راحوا ليسمون الانزواء وعدم القيام بالتكليف زهدا ورهبنة فهناك سبيل وسط هو بين الامرين وهو سبيل الله الذي اراده لعباده المؤمنين وعلى كل مؤمن ومؤمنة ان يقرأ هذه السيرة العطرة حتى لا يرسم لهما مسالك الحق زيد او عمرو لان الانسان مسؤول عن الحق ولا تفيد المعذرة احدا يوم الحساب لأن الله تعالى لم يفرض التقليد في اصول الدين ولا في ما يوصل الى المعرفة من السير والسلوك السليم الذي يجعل الانسان حقا من شيعة محمد وآله الطاهرين لأنه لا تقليد الا في فروع الفروع كبعض خصوصيات الصوم او الصلاة او الحج مثلا التي تحتاج الى استنباط احكامها الشرعية من قبل اصحاب الاختصاص وهم المعبر عنهم بمصطلحنا اليوم بالفقهاء ومن عرف ان على عاتقه تكليفا لمعرفة الحق وسيرة الانبياء واوصيائهم الكرام لا يصغي لمثل قول القائل (اجعلها في رقبة عالم واخرج منها سالما) ظانا من نفسه أنه قد اتى لنفسه بعظيم المبررات ليوم الحساب ولذا اشرح ما يجب عليّ بيانه والامر راجع للمتتبع ومدى اهتمامه بأمر يتعلق بسيره وسلوكه الى الله سبحانه وتعالى .

فأقول قد سارت الامة الاسلامية بعد وفاة رسول الله (ص) بثلاثة مسلالك وقد حشّد كل ذي مسلك العديد من المبررات من الكتاب والسنة والاجماع والعقل لاعطاء مسلكه شرعية وما سنشير اليه يعود الى مذهب اهل البيت بغض الطرف عن مسالك ابناء العامة حيث انهم بذلوا قصارى جهدهم لتلقين المجتمع انه تجب اطاعة الحكام وجعلوا طاعة الحكّام كطاعة الله ورسوله حينما قال قائلهم على مدى القرون ان المراد من قوله تعالى (اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم) ان المراد من اولي الامر وجوب إطاعة الحكام ثم ادعوا ان الاجماع قائم على انه لا يجوز القيام عليهم وان جاروا وظلموا العباد ولذا لست بصدد بيان ما اتوا به من ادلة وبراهين وما يمكن ان يقام من الادلة على ردها وكيف نجادل قوما راح ليقول قائلهم قال رسول الله (ص) من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية أي من مات ولم يعرف الحكّام ومقامهم الرفيع وما هو اللازم عليه من اطاعتهم ولو كانوا فسقة مجرمين مات ميتة جاهلية فنحن لا كلام لنا مع امثال هؤلاء القوم فهم وربهم وما اعدوه لانفسهم ليوم الفزع الاكبر .

اما المسلك الاول……………….

توضيح المسلك الاول سيكون في المقالة القادمة انشاءالله تعالى


--


كما يمكنكم متابعتنا على كل من 

الثلاثاء، 25 يونيو 2013

@ أخية دار الخلد خيرٌ من الدنا


أخيةُ دار الخلد خيرٌ من الدّنا
نظمها سماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني
في أربعين أخته أم بهاء الخاقاني
**********************
فهل بعد ليل الهجر موعدنا الحشر---- أخية أم نلقاك إن بزغ الفجر
أخية إن طال الفراق لغربة ---- فقد نلتقي يوماً إذا انهزم القهر
أخية صبراً رغم كل رزية ---- فإن الليالي السود يعقبها البُشر
كذا جاء في التنزيل في كل موطنٍ ---- توالت به الأحزان واستحكم الضر
ألا ليت قيد الأسر في موطن الشقا ---- تقطعه الأيام أو يبله الصبر
فيسعد بعد الهجر والبعد والجفا ---- بقربٍ به تهدى البلابل والزّهر
أمَ أنًّ الذي نرجوه وهمٌ لواهمٍ ---- وكأس صبابات طوى سفرها الدّهر
وكيف وأنّى للوصال وقد رمى ---- ربوع الهنا ليلاً بأسهمه الغدر
وهل يأمل الولهان جمعاً لفرقةٍ ---- طوى صرحها من بعد قارعةٍ قبر
فأصبح وهماً قد يمرّ بخاطرٍ ---- وطيف خيال قد يردده الذكر
وتمثال ودٍ فوق رمشٍ لأعينٍ ---- مسهّدة ليلاً يؤرقها الفكر
تعيش خيالاً بات يرسم للهوى ---- معالم أحبابٍ همُ في الدجى بدر
فيا دهر مهلاً قد أذبت لنا الحشا ---- وقد قلّ للهجران والمحن الصبر
فكم من عزيزٍ قد خطفت لشقوةٍ ---- وكم من ديارٍ قد هدمت أيا قهر
فإن صدى الأنغام في كل لحظةٍ ---- يجدد أحزاناً بها يوقد الجمر
كأني بأهلي نصب عينّيَ شخصهم ---- لأنهم الأنفاس والحسن والعمر
أباً كان في يوم الكريهةٍ ملجأً ---- وحصناً به قد لاذ في الحمم السّمر
رأيت به للعزم آفاق عزةٍ ---- تساقط في أعتابها للعلا الذعر
وراح ليبقى للمكارم معلَماً ---- يرفرف في الآفاق لم يبله الدهر
ولم أنسَ أياماً قضيتُ كأنها ---- براكينُ قد أرسى بمرفأها الشر
بها ينعق الغربان في كل موطنٍ ---- ويمطرنا موتاً بأحقاده الغدر
فذا هي للأهوال من بعد عزّها ---- مرابع أحبابٍ بها يقطن النّكر
وليس لها من بعد علياء صرحها ---- سوى سكنٍ للبوم أورثه الفقر
أخية دار الخلد خيرٌ من الدنا ---- وإن جوار الصالحين هو الفخر
وليس بدنيا القهر ما يأمل الفتى ---- وقد راح في أصقاعها يحكم المكر
مطيّة أوهامٍ بليلِ متاهةٍ ---- إذا ما هوى زيدٌ علا متنها عمرو
تبدّل أسماءٌ والقاب قادةٍ ---- ولكن حادي الضعن في ركبها زجر
رضينا بحكم الله في كل كربةٍ ---- وإن طال ليلٌ واستهان بنا شمر
فإن قضاء الله لابدّ واقعٌ ---- وإن سبيل المتقين هو البشر
فبشرى لمن قد عاش للخلد رافعاً ---- أكفاً بمحراب به يُنشد الذّكر
وإنّا كمن قد مرّ في نفق الدنا ---- سنصبح أخباراً يلفلفها الدّهر
فكم قد طوى من أمّةٍ كان ذكرها ---- على الأفْق خفّاقاً يغازله الثغر
فذا هي من بعد العلوّ كأنها ---- أحاديث وهمٍ قد طوى سفرها ستر
فأضحت خيالاً قد يمرّ بخاطرٍ ---- إذا ما تجلّى للسرى طللٌ قفر
***************************
 
مع تحيات ادارة موقع سماحة الاستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني


كما يمكنكم متابعتنا على كل من 

الأربعاء، 19 يونيو 2013

سيرة سيد الكائنات محمد (ص) سيرة وخلقاً ومقاما

ترقبوا في رمضان المبارك سلسلة من المحاضرات في سيرة سيد الكائنات محمد صلى الله عليه وآله وسلم سيرة وخلقا ومقاما لسماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني وسوف يتم تنزيلها بشكل يومي على موقعه الشخصي وجميع الصفحات الأخرى بإذن الله تعالى.





------------------------------------------

مع تحيات ادارة موقع سماحة الاستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني
كما يمكنكم متابعتنا على كل من 
للتواصل معنا:
kazemalkhaghani@gmail.com