ما هي وظيفة المؤمن بأزاء ربه
بقلم سماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني
يا إلهي كم شُوّهت الحقائق وانحرفت السبل عن مجاريها لجهل تارة وتارة أخرى للتخلي عن المسؤوليات حينما وجد المتلاعبون الامة تعيش الغفلة عن مناهج رب العالمين وسيرة أولياءه الصالحين محمد وآله الطاهرين حتى اصبحت شريعة السلام والكرامة التي جاء بها رسول السلام محمد (ص) لا تحيي امة ولا تجلب عزا ولا تدفع باطلا ولا تحقق عدلا ولا ترد ظالما ولا تقطع يدا تمد على هذه الأمة وتراثها .
ولذا وجدت من اللازم التنبيه على أمور لابد منها لعلها تكون للسالكين سبل ربهم وسيلة ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون .
فمن جملة هذه الامور التي لابد من ذكرها للتوجه الى مناهج الحق الدعوة لكل مؤمن ومؤمنة بأن يعيش سيرة الرسول (ص) وآله الكرام (ع) وسيرة سلاك طريقهم كأبي ذر وعمار ومالك الاشتر وحجر بن عدي الكندي وغيرهم من الابرار حتى يلمس بنفسه بدون توجيه الموجهين وتفسير المفسرين مناهج السلوك الى الله تعالى التي هي الصراط المستقيم الشارح بواقعه العملي للكتاب والسنة وهو السبيل الوسط بين ابناء الدنيا الساعين اليها ولو تحت الوية الدين وبين التاركين لكل قيم الشرع تحت غطاء الزهد وعدم الاعتناء بالدنيا حيث انه بتتبع هذه السيرة العطرة سيصبح جليا لكل مؤمن ومؤمنة عاش حياة هؤلاء العظماء أن الحق لا بهذا ولا بذاك .
ولتقريب المطلب لمن شاء قراءة هذه السير على اختلاف زمانها ومكانها المتوحدة في واقع شرح رسالة السماء عملا اقول :
لو كان قبض ازمة الامور لتحقيق الحق واقامة العدل واجبا لما ترك الامام علي عليه السلام القوم يتنازعون على الدنيا في سقيفة بني ساعدة ولما تركهم بعد ذلك يدبرون للامر ليلا حتى اتموا ما كانوا يريدونه من قبض مقاليد الامور , كما وانه لو كان الامر كما يظن البعض من ان وظيفة المؤمن انما هي خصوصيات فردية بان يصلي ويصوم وان تجاوز الامر ذلك بأن يجلس فقط في المدارس والحوزات ليبين للناس حكم صلاة او صوم او طهارة ونجاسة وان يشرح معاني البراءة والاستصحاب لما عاش الائمة الكرام وسلّاك طريقهم كأبي ذر حياة الحرمان والاضطهاد والسجون والقتل والتشريد بل اقول اكثر من ذلك لو كانت حياة الائمة عليهم السلام كما راح يصوّرها البعض للشيعة بأنها كحياة بعض رجالات الدين لفخر بهم بنو أمية وبنو العباس ولقال قائلهم هؤلاء الزهاد ابناء عمومتنا .
فعلى الانسان أيها الاخوة والاخوات ان يتأمل وبكل دقة وامعان في حياة الانبياء والأئمة والاولياء الصالحين وأنهم لماذا عاشوا اشد الحياة صعوبة وأنه لماذا راح ليتضايق أمثال هارون الرشيد الطاغية الجبار من وجود شخص كالامام الكاظم عليهم السلام ويدعه في السجون وانه كيف راح ليتضايق من كان قبله من الجبارين كالمنصور الدوانيقي من الامام الصادق عليه السلام حتى اصبح بيت الامام عليه السلام محلا لهجمة بني العباس كرارا وهكذا لماذا راح ليعيش بعض الائمة عليهم السلام في الثكنات العسكرية وتحت اعين الجبارين كالامامين العسكرين عليهما السلام فان المتببع سيجد وبكل وضوح ان هؤلاء العظماء لو كانوا فقط يصومون ويصلون ويشرحون للناس شكوك الصلاة ومعاني البراءة والاستصحاب لما تضايق منهم الجبارون كما وانهم لو كانوا يخططون للزعامات والرئاسات وقبض ازمة الامور لما تقدم عليهم أبناء الدنيا وهم اوسع من غيرهم عقلا واكثر علما واربط جنانا واشد عزيمة فلو كانوا يرون قبض ازمة الامور وظيفة شرعية لاقامة نظام اسلامي لما تقدم عليهم ابناء الدنيا .
فبعد هذه المقدمة التمهيدية اقول ان هناك مسلكا وسطا بين التطرف الذي يسوق صاحبه للتخطيط لقبض ازمة الامور باسم الدين وبين من راحوا ليسمون الانزواء وعدم القيام بالتكليف زهدا ورهبنة فهناك سبيل وسط هو بين الامرين وهو سبيل الله الذي اراده لعباده المؤمنين وعلى كل مؤمن ومؤمنة ان يقرأ هذه السيرة العطرة حتى لا يرسم لهما مسالك الحق زيد او عمرو لان الانسان مسؤول عن الحق ولا تفيد المعذرة احدا يوم الحساب لأن الله تعالى لم يفرض التقليد في اصول الدين ولا في ما يوصل الى المعرفة من السير والسلوك السليم الذي يجعل الانسان حقا من شيعة محمد وآله الطاهرين لأنه لا تقليد الا في فروع الفروع كبعض خصوصيات الصوم او الصلاة او الحج مثلا التي تحتاج الى استنباط احكامها الشرعية من قبل اصحاب الاختصاص وهم المعبر عنهم بمصطلحنا اليوم بالفقهاء ومن عرف ان على عاتقه تكليفا لمعرفة الحق وسيرة الانبياء واوصيائهم الكرام لا يصغي لمثل قول القائل (اجعلها في رقبة عالم واخرج منها سالما) ظانا من نفسه أنه قد اتى لنفسه بعظيم المبررات ليوم الحساب ولذا اشرح ما يجب عليّ بيانه والامر راجع للمتتبع ومدى اهتمامه بأمر يتعلق بسيره وسلوكه الى الله سبحانه وتعالى .
فأقول قد سارت الامة الاسلامية بعد وفاة رسول الله (ص) بثلاثة مسلالك وقد حشّد كل ذي مسلك العديد من المبررات من الكتاب والسنة والاجماع والعقل لاعطاء مسلكه شرعية وما سنشير اليه يعود الى مذهب اهل البيت بغض الطرف عن مسالك ابناء العامة حيث انهم بذلوا قصارى جهدهم لتلقين المجتمع انه تجب اطاعة الحكام وجعلوا طاعة الحكّام كطاعة الله ورسوله حينما قال قائلهم على مدى القرون ان المراد من قوله تعالى (اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم) ان المراد من اولي الامر وجوب إطاعة الحكام ثم ادعوا ان الاجماع قائم على انه لا يجوز القيام عليهم وان جاروا وظلموا العباد ولذا لست بصدد بيان ما اتوا به من ادلة وبراهين وما يمكن ان يقام من الادلة على ردها وكيف نجادل قوما راح ليقول قائلهم قال رسول الله (ص) من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية أي من مات ولم يعرف الحكّام ومقامهم الرفيع وما هو اللازم عليه من اطاعتهم ولو كانوا فسقة مجرمين مات ميتة جاهلية فنحن لا كلام لنا مع امثال هؤلاء القوم فهم وربهم وما اعدوه لانفسهم ليوم الفزع الاكبر .
اما المسلك الاول……………….
توضيح المسلك الاول سيكون في المقالة القادمة انشاءالله تعالى
--
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق