أذكى
النسيم
قصيدة
نظمها سماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني
أذكى
النسيم لكم في القلب نيرانا--- وأسبل الدمع لما صار بركانا
فمن
لأشواق صبٍ في ديار أسىً --- أضحى يعانق بعد الوصل أحزانا
فهل
لنا بعد هجر من ربوع هوىً--- نحيي بها رغم طيش الدهر ألحانا
كم
بت أرعى لكم طيفاً بأفق علاً--- فهل رعيتم لنا في النفس مجلانا
آنستُ
في غربتي ذكراكمُ ولهاً--- حتى كأن لكم في العين إنسانا
إن
أسدل الليل أثواباً على قمم--- جعلت عرش خيال الشوق تبيانا
وإن
تعذّر عن آفاقكم قلمٌ--- أنشأت من نزف جرح القلب قرآنا
وإن
عصتني القوافي سرت منطلقاً--- في رحب نثرٍ لأن الحب مسرانا
إنّا
على العهد ما زلنا نعيش جوىً--- والوجد ما زال في الأحشاء طوفانا
والدمع
أضحى كسيلٍ فوق أوديةٍ--- والليل أمسى لجمر البعد أشجانا
فهل
لنا في سما أحلامكم نغمٌ---ما زال يروي بليل الهجر ذكرانا
أم
أن طول الليالي في ربوع دجىً--- قد أورث القلب بعد الذكر نسيانا
وصار
إخلاصه صرماً ومنزلهُ--- قد بات للهجر بعد الودّ أوطانا
كلا
وأنىّ لأهل الوجد من شططٍ--- يكون بعد سماء الحب خسرانا
وأنتمُ
والهوى الخفاق في لجج--- كانت صبابات أنغام وإحسانا
بربعكم
قد عرفنا للهوى سبلاً--- ما كان يبلغها للجهل مسعانا
وفي
لياليكم بالدمع قد رسمت--- لنا العيون من الأشواق ألوانا
وكان
في جريها فوق الخدود لنا --- ما يسمع القلب رغم الصمت ألحانا
إنا
عرفناكمُ في ليلكم سهراً--- وكيف يطبق أهل الوجد أجفانا
إنا
عرفناكمُ بحراً منضدةً--- أمواجه فوق نفسٍ كان وجدانا
إنا
عرفناكمُ همساً بأذن هوىً--- فكيف يصبح همس الوصل نكرانا
فأنتمُ
نغم الألحان من فننٍ--- يسقى بعذب فرات كان إيمانا
لولا
مخافة عذالٍ ذكرتكمُ--- بالإسم يا من همُ للنفس ربّانا
تحيى
النفوس لآمالٍ على مضضٍ--- لولا مناها لكان العمر أشجانا
فأنتم
في ليالينا وإن بعدت--- منّا المنازل أطياف لممسانا
وأنتمُ
من علا في النفس منزلةً--- فكيف يمسي ربيع العمر نسيانا
وأنتم
الحب والأشواق قاطبةً--- والحسنُ حيث يكون الحسنُ عنوانا
والصدق
إن بات يعلو في منار تقىً--- لتصبح النفس للإيمان إيقانا
إنّا
عرفناكمُ منذ الصبا نغماً--- وفي ليال الهوى عطراً وريحانا
إنا
رأيناكمُ منذ الصبا حلماً--- لغاية النفس نرعاها وترعانا
وقد
وجدناكمُ للنفس أنديةً--- أضحى سناها عن الأغيار سلوانا
لا
نبتغي بدلاً عن وصلكم أبداً--- وإن سقتنا كؤوسَ الصبر دنيانا
ولا
نريد عن أوطان الهوى بدلاً --- حتى نعانق عشاقاً منايانا
من
مُبلغُ الأنجم العلياء أنّ لها--- في النفس من لهب الأشواق أوطانا
آنستُ
في غربتي ذكراكمُ ولهاً--- ليوم وصلٍ عن الأغيار ألهانا
فسوف
نشرب من كأسٍ معطرةٍ--- بالورد من كوثرٍ صفواً وملآنا
إنا
علقناكم منذ الصبا نسماً--- نعيش في رحبه دهراً وأزمانا
يا
قُبلةً بجبين الكون ساطعةً ---ما زلتُ من شهدكِ الفيّاح سكرانا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق