إذا كان لكل شيء علة فما هي علة وجود الله
تعالى
المحاضرة رقم 1
هناك سؤال يطرح نفسه كثيرا ما وإن كان يحاول
الكثير من الناس أن يغمض الطرف عنه تخوفا من تأنيب ضمير أو هجمة مجتمع لكن الواقع
بما هو واقع يطرح نفسه وهو أنه إذا كان الله تعالى خلق العالم فمن ذا الذي خلق
الله تعالى؟ ربما كان الكبير الموحد لتقليد أو حضارة أو تخوف يكتم مثل هذا التساؤل
لكن الكثير من الشباب ربما راحوا ليطرحوا مثل هذا التساؤل وحينما يطرح مثل هذا على
الكبار ربما الكثير منهم يتألم ويتصور بأن ولده يمشي مع أي شخص؟ وآخر ربما يجد
نفسه ضعيفا في مقابل هذه الأسئلة، فيجد نفسه محرجا كيف يجيب هذا الشاب على مثل هذه
التساؤلات فإذن نقول سؤال ربما يتردد على أذهان كثير من الناس ولو كانوا موحدين
مؤمنين، أنه إذا كان كل شيء وكل وجود لابد له من علة فما هي علة وجود الله تعالى
وإن تحاشا الكثير من الكبار من طرح مثل هذا السؤال لكن ماذا نصنع ونحن في زمان
يختلف عن السابق، فإن وجد الشاب جوابا اقتنع به والا اخفى ذلك الأمر، وقد يرد
الكبار هذا الكلام و التساؤل بأنه قد ورد النهي عن التفكر في ذات الله تعالى،
فعلينا من باب التعبد والقبول والطاعة أن نغض الطرف عن مثل هذه الأسئلة لكن العاقل
اليوم يتردد في مثل هذه الأمور، هل الشريعة تريد غمض الطرف عما هو واقع يعرض على
الذهن وهل من المعقول أن يردع الشارع عما هو عقلي؟ ما هي علة وجود الله تعالى؟
فكيف يعقل أن يأتي الشارع وهو الآمر
بالتدبر والتعقل و يمنع من مثل هذه التساؤلات العقلية؟
نقول كما سيأتي إن هناك خطأ شايعا في المقام،
فالشارع أعظم شأنا من أن يردع عن مثل ذلك فهو لا يأتي ليقول لمؤمن لا تتفكر.
أجل النهي
ورد عن التفكر في ذات الله لا عما نحن بصدد بيانه، والنهي كما نعلم على
نحوين: نهي مولوي ونهي ارشادي، فإذا جاء النهي من الشارع وقال لا تترك الصلاة نقول
هنا النهي مولوي يعني من المحرم عليك شرب الخمر أو ترك الصلاة لأن هناك مفسدة في
المقام لو شربت الخمر لوقعت فيها ونحن بعد معرفة الله والتصديق بأنه لا أمر ولا
نهي إلا بتبع مصلحة ومفسدة لأن الله أعلم بكل شيءنقول يقينا ما نهى الشارع إلا
لمفسدة، لكن إذا جاء من قبل الشارع مثلا (اطيعوا الله وأطيعوا الرسول) فمثل هذا
ارشاد وليس أمرا مولويا وإنما هو بيان لواقع على أن العاقل يجب عليه أن يعرف ربه
والأنبياء والصالحين الداعين إلى الكمال ليسير سبل ربه نحو الكمال وكذلك هنا إذا
ورد النهي في التفكر في ذات الله فإنه لا يحمل على التحريم بل المراد مخاطبة
الإنسان المؤمن العارف لربه من باب الإرشاد الى واقع أمر بأن عليه أن يعلم بأن
المحدود لا يحيط باللامحدود، ومعناه أنه لو تفكر في اللانهايات و الكنه الإلهي
لكان يدخل في جهل وهو يريد الوصول به الوصول إلى علم فمهما كنت أيها الإنسان
المؤمن من بعد ما عرفت ربك بأدلة مختلفة بشهود ومعرفة وبداهة وفطرة لا تذهب متبعا
وساوس الشيطان لأنه جهل وخطأ فالله لا كيفية ولا كم له وليس في مكان ولا زمان فمثل
هذه النواهي ترشد العاقل على أن الحق تعالى الذي هو لانهاية تحقق لا يمكن أن يأتي
في المدارك العقلية لأنه لو جئت وأردت الوصول إليه من هذا الطريق لكان صورة ذهنية
مخلوقة لك وكلما يكون مخلوقا لك هو ممكن، فكل تصور لله هي اوهامك وتصوراتك حيث
تقول الروايات ما تصورتموه بأدق معانيه هو مخلوق لكم مردود عليكم لان صرف الوجود
لا يكيف ولا يأتي في المدارك المحدوده فالنهي لردع الإنسان ليلتفت على أنه ليس
قادرا أن يحيط باللامحدود، فالنهي عن التفكر في ذات الله ليس في مورد سؤالنا لأن
سؤالنا أمر عقلي ،كأن قائلا يقول إن كنتم كما تزعمون على أن العقلي لا يخصص، فإذا
قال القائل مثلا النقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان فهذه قاعدة عقلية سارية المفعول
في كل شيء فلو قال قائل إلا الشيء الفلاني لكان كلاما غير صحيح فالأستثناء في
الأحكام يمكن جريانها فيقال يجب الصيام إلا إذا كان الشخص مريضا لكن لا يمكن لعاقل
أن يقول اجتماع النقيضين محال الا في النقيضين الكذائيين، لأنها مسئلة عقلية، و إذا
كان لكل مخلوق خالق إذا كانت هذه قاعدة عقلية فالإستثناء في القواعد العقلية غير ممكن، كلامنا
في مسألة لا تفكروا في كنه الله تقول المحدود لا يحيط باللامحدود فلا تدخل أيها
الإنسان في وهم و جهل بأن تريد أن تفهم اللامحدود فهاهنا النهي ارشادي بأن المحدود
لا يمكن أن يحيط باللامحدود ولكن في موقرد سؤالنا وهو كل ممكن له علة يقول القائل كيف
بعد هذه القاعدة المسلمة العامة تريدون أيها الموحدون الإستثناء فيها ولا استثناء
في القواعد العقلية فها هنا تقولون كل شيء له علة إلا الله و هذا استثناء في
القواعد العقلية و هو باطل، ولكن سيأتي ونقول عدم فهم محل الخطاب و القواعد
العقلية جعل بعض الأمور تختلط مع بعضها الآخر، فالقاعدة هي كل ممكن لابد له من علة
وليست كل موجود لابد له من علة، فالخلط في المفاهيم بين ما نحن فيه من القاعدة وهي
بأن الممكن لابد له من علة هذا هو الذي ساق البعض إلى أخطاء، و هذه مقدمة أردناها للدخول
في بحثنا لكن مقدمة أيضا نقول لابد من الإشارة الى أمور في المقام حتى ندخل في
الموضوع دخولا علمياً.
فقد راح البعض ليستند إلى بعض الروايات
المنسوبة إلى النبي (ص) من أنه اعتبر ذلك من وساوس الشيطان فقد ورد عن أبناء
العامة والجماعة أن مثل هذا التساؤل فاسد أي إن كان لكل شيء علة فما هي علة وجود
الله و قالوا ذلك من وساوس الشياطين أي أن التفكر فيمن أوجد الله تعالى أمر شيطاني
وبمجرد أن يعرض الشيطان على الذهن علينا أن نستعيذ بالله من الشيطان، حيث روي عن
أبي هريرة أنه قال : قال رسول الله (ص): لا يزال الناس يتساؤلون هذا الله خلق
الخلق فمن خلق الله ثم يقولون فمن وجد من ذلك شيء أي طرء على ذهنه مثل هذا
التساؤول يكفي أن يقول آمنت بالله.
أرجو التوجه: نحن في الأمور المولوية يمكن ان
نقول مثل هذا الكلام كالأمر بكون صلاة الصبح ركعتين، و اما في مواطن الشبه العقلية
فإنه لابد و أن تحل بعقل ولا يجيز لي أن أخيف شابا أو اتهم احدا بكفر والحاد، فإذا
قال لي شاب إذا كان لكل شيء علة فما هي علة الله ؟ هل يقبل مني الشاب في عصرنا هذا أن أقول له قل أمنت بالله
ولا تفكر في مثل هذه الأمور فكي أريد منه بمثل هذه الكلمات أن يخرج من شكه الى
اليقين ؟ ثم اقول له قد أخرج ذلك الشيخان أي صاحب البخاري ومسلم و أن ذلك حديث
صحيح.
وكما قالوا في لفظ آخر فإذا بلغ ذلك فليستعذ
بالله وينتهي فعليه ان يسد هذا الباب، نقول رسول الله (ص) ليس بهذا الضعف حتى يفر
من مثل هذا التساؤل فكيف يجعل الكلام بمثل هذه البساطة أي أن النبي(ص) أمر أن
ينتهي الإنسان عن هذه الوسوسة، بأن نقول الوساوس أوهام وخرافات في أنه هاهنا تساؤل
عقلائي يحتاج إلى جواب، فهل كلمة استعذ بالله تفيد الإنسان الذي لا يؤمن بالله أو
تفيد ملحدا أو مؤمنا ضعيف الإيمان و تخرجه من شكه الى اليقين, فلا يمكن أن نسوق
المجتمع بمساق واحد ونقول قد وجدنا الحلول لهذا الموضوع و هذا التساؤل الذي قد
يطرو على ذهن موحد وغير موحد بكلمة استعيذوا بالله.
أو نقول كما قالوا عن النبي (ص) آمنت بالله،
هكذا مع الأسف أجاب الكثير من أبناء العامة لحل مثل هذه الشبهة وأراحوا أنفسهم
واستدلوا بهذه الآية الشريفة: (يا أيها الذين آمنوا لا
تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم)، نقول هذه الآية لا تفيد الكافر والملحد
بل ولا تفيد مؤمنا ربما عرض عليه مثل هذا التساؤل لأن الشك إنما يزول باليقين
والعلم فكيف يمكن أن نقنع أنفسنا بما أجاب اكثر أبناء العامة بأن نقول علينا أن لا
نفتح باب هذه الشبه لأن النبي نهى عن مثل ذلك ،في حين إننا نحتاج إلى واقع أمر يخرج
الناس من الشك إلى اليقين، ونحتاج إلى برهان للملحد والمعترض.
وأجاب بعض العلماء الطبيعين الذين لا يعتقدون
بالمبدأ واراحوا أنفسهم قائلين إن الطبيعة قد وجدت قديما بلا موجد فهي تحمل علة
وجود نفسها،فهؤلاء الملحدون يشكلون علينا كموحدين على أنكم تفرون بالنتيجة والمئآل
إلى المبدأ و هو الله على زعم منكم حيث تقولون أن علة العلل هو الله و أنه ليس هناك
من شيء يكون علة للمبدأ ثم اعتبرتم هذا
الكلام منطقا سليما، فنحن نقول كملحدين نقول لكم ايضا إن الطبيعة هي التي أوجدت
نفسها كما زعمتم أن المبدأ لا يحتاج الى علة بمعنى أن السببية في كنه واقع الطبيعة متحقق كما تقولون أنتم
ان ذلك في كون الله و أنه لا يحتاج الى علة فهذا التساؤل الذي يمكن أن يرد على
المسلم يرد على الملحد أيضا وهويجيب بهذا النحو من الجواب قائلا، إن كان هكذا أنتم
تجيبون عن علة الله فليكن الوجود الإلهي قديما وهو الطبيعة.
و بعبارة أخرى قد يقول الطبيعيون بانكم ان
أقررتم ان كل شيء محتاج الى العلة لكن الله لا يحتاج الى علة لأنه المبدأ فنحن
نقول كذلك كل الاشياء الجزئية تحتاج الى العلة و لكن الاصل و هي الطبيعة لا تحتاج
الى علة لأنها المبدأ.
وقال أخرون منهم وجدت الأشياء صدفة و سنتكلم
عن المراد من الصدفة، وقال ثالث تحققت الأشياء من ذلك الإنفجار الأول الذي حدث في
الكون، فالكون كله وجد من صدفة تحققت لانفجار كبير أول في الكون، ونفس السؤال يأتي
لو سلمنا لكم أن الصدفة تعطي قانونا لكن الوجود الذي نشأ بواسطته من خلقه قبل
الإنفجار الكبير، ما هي علة وجود ذلك الشيء او ما هي علة تلك الحقيقة قبل ذلك
الإنفجار الاول.
لكن
المؤمن يقول لا يمكن أن يوجد شيء من العدم فإذن ما هو الذي أوجد ذلك الشيء او تلك
الحقيقة قبل الإنفجار الكبير الاول ثم يشكل الطبيعيون على انه إذا سأل السائل
الموحدين قالو إن الله هو الموجد لذلك الشي و هو فوق منطق الوجوديين، لكن لعل
تساؤلا هاهنا يرد ايضا على انكم قد تقولون أن الإنفجار الكبير ماذا كان قبله ومن
هو الذي أوجده ، فأنتم اذا ضايقكم المنكر للصانع تقولون أن الله هو الذي اوجد كل
شي فهو فوق منطق الوجود و نحن كملحدين يمكن ان نقول أن الإنفجار الكبير أيضا هو فوق
منطق الوجود فيصبح الكلام بيننا كملحدين و بينكم كموحدين دعوى في مقابل دعوى حيث
نقول ان أصل الحقيقة هي الطبيعة فهي الوجود الذي لا يحتاج الى علة و أنتم تقولون
ان اصل الوجود هو الله و هو الذي لا يحتاج الى علة و ان كان كل وجود آخر لابد و أن
يكون محكوما لقانون العلية و عند التأمل لا هذه المقالة ولا تلك تحل مشكلة لأنها
تصبح إدعاءا في مقابل إدعاء ولا تفيد كلا من الفريقين لكن يمكن أن نتوصل إلى رابط
بين الطرفين وهو أن الإنفجار الكبير الاول ما هو منشأه ولا يمكن أن ينشأ من العدم
كما وأنه لا يمكن ان يكون الشيء علة لنفسه و بناءا على هذه المقالة يرى الطبيعيون
على أنهم ما يرد عليهم بالنسبة الى الطبيعة و موجودها يرد على القائلين بالصانع و
المبدأ أيضا.
وقال بعض المنكرين لوجود الله في كل مرة
تناقش مؤمنا يسألك من أين أتيت؟ هل من الممكن أن تأتي صدفة؟ اكيدا لا، إذن هنالك
خالق قد خلقك وبناء على هذا المنطق راح ليتهم
الكثير من الملحدين على أن استدلال الموحدين هو هكذا، ثم يقول الملحدون منتقدين
الموحدين قائلين ولهذا ينفش المؤمن ريشه ويبدي علامات النصر ويخبر جميع أصدقائه
أنه انتصر على الملحد، ثم ينسحب المؤمن دون أن يسأله السائل نفس الإشكال الذي
يورده على الطبيعة من أنه من أين أتى الله أيضا ولماذا يكون مبدأ و لا تكون
الطبيعة هي المبدأ للكون؟ ثم يدعي هؤلاء الملحدون على أن الموحدين إن تضايقوا
لورود مثل هذه الشبهة ايضا عليهم يفرون ولا يجدون جوابا ثم يقول قائل الملحدين إن
الحوار مع المؤمنين في وجود الله هو دوران في حلقة مفرغة لا جدوى فيها، كإنسان قد
يحاول أن لايجيب على الأسئلة فهم ليسوا أهل نقاش ولا جدال .
وقال بعض الموحدين كثيرا ما أسأل نفسي محاولا
إجابة نفسي إذا كان لكل سبب مسبب ولكل فعل فاعل إذن كيف وجد الله تعالى؟ فهل هناك
من يجيب بما يشفي الغليل؟
هناك شبه قد تطرو على الإنسان حيث بقال أنه لا
يمكن أن نقبل مقالة تنسب إلى رسول الله (ص) عن طريق أبي هريرة وهذا هو واقع النفس،
من انه كيف يمكن أن نقول لمؤمن لا تشرب الخمر لكن لا يمكن أن نقول لشاب صير نفسك
متيقنا، وهل يكفي الجواب بأن الأمور جميعا لابد لها من بداية والموجد ما كان فوق
الزمان والمكان فهو الأول بلا بداية والآخر بلا نهاية؟! هذا الكلام سنأتي إليه
ونوضحه إن شاء الله تعالى حتى يكون كلاما قابلا للتوجيه، ومن التساؤلات في المقام
أيضا أنه إذا كان لكل شيء علة فهل للقواعد
العقلية من تخصيص في حين أنه يقال القواعد العقلية لا تخصص لكن نحن نقول في الجواب
ان ما نحن فيه ليس من هذه القواعد العقلية و أنتم قد اخطأتم فهم المراد لأن
القاعدة هي إنما تجري في كل ممكن حيث يقال لابد لكل ممكن من علة لأن الممكن بحسب
ماهيته لا اقتضاء الذات متساوي النسبة إلى كل من الوجود والعدم ولا يخرج من العدم
إلا بعلة، وهؤلاء خطأ جاؤوا ليعطوا القاعدة العقلية التي هي في الممكنات عمومية في
الوجود كله وما هذا إلا عدم فهم للحقائق او هو من المغالطات حينما يجد المغالط أن
الناس تعيش عدم الفهم للحقائق العلمية فيستفيد من جهل او غفلة أمرا.
وبالجملة القاعدة العقلية وهي أن كل ممكن
محتاج الى علة قاعدة لا يمكن الاستثناء فيها كأي قاعدة عقلية أخرى لكن لا يجوز
لعاقل ان قول ان كل وجود و موجود لابد له من علة وها هنا وقعت المغالطات حيث نقول
في الجواب أولا إن القاعدة العقلية لا تخصص لكن القاعدة إنما هي في الممكنات وكل
ممكن يحتاج إلى علة ولكن ليست القاعدة أن كل شيء وكل وجود يحتاج إلى علة فلما وقع
الخلط بين هذه القاعدة وبين كون الوجود يحتاج الى علة وقعت الشبهات وسيأتي أن طرح
مثل هذا السؤال من أصله خطأ في نفسه لان معناه أنه لا يتحقق أي شيء في العالم، و معناه
أنه لا يوجد شيء إلا من العدم في حين أن العدم نقيض الوجود ولا يكون مصدرا له.
و ثانيا: النهي المولوي يكون في مورد يمكن مثلا
أن نشرب الخمر فيأتي النهي، أما في مثل ما نحن فيه وهو عدم التفكر في كنه الله فإنما
هو ارشاد لعدم المعرفة لأنك لو دخلت لمعرفة الله كُنها و ذاتا لكنت قد اعطيت
المفهوم كما وكيفا و صرف الوجود وهو الله فوق الجواهر و الأعراض و الماهيات وكيف
تكون الماهيات معرفة لأصل و حقيقة الوجود.
وثالثا: للدخول في البحث لابد من فهم مفردات
ومن جملة هذه المقدمات والمفردات هو مفهوم الوجود والعدم، و مفهوم الوجود مفهوم
بديهي ومفهوم العدم أيضا مفهوم بديهي وأنهما لا يجتمعان ولا يرتفعان، و أنه لا
يجوز أن يكون الشيء معدوما وموجودا معا أو لا يكون موجودا ولا معدوماً، وهناك لابد
من الإلتفات إلى أن هناك أمورا ممتنعة والممتنع على قسمين : الممتنع ذاتا كاجتماع
النقيضين وهناك ما يمتنع بامتناع غيره وهي الممكنات التي لم تتحقق علتها، حيث نقول
إن هذا تحقق سببه فأوجد والآخر ما تحقق سببه فهو معدوم وعدم تحقق الممكن لعدم
مصلحة في إيجاده.
و المفهوم الثالث: و هو أن هناك معقولات
كثيرة مثل شجر وبقر وزيد، هذه المدركات تعطي حدا وإطارا لواقع وجودي فنقول الإنسان
موجود والشجر موجود والحجر موجود، مثل هذه المعقولات تسمى بحسب الإصطلاح بالماهيات
أي بالوجودات ذات الإطار المعين، هذه المعقولات لأنها محدودة والوجود صفة لها لا
يمكن أن ندعي على أن العنقاء موجودة، الإنسان موجود لأن علته تحققت فإذن هناك من
الأمور أي من المعقولات الوجود يكون صفة لها اي هي بنفسها كالشجر والبقر معقول من
المعقولات و يمكن أن تكون موجودة ويمكن أن لا تكون موجودة و ذلك لانها تابعة
لعللها و عدم عللها و نقول هذه ماهيات أي ممكنات فهي لا تقتضي الوجود بنفسها ولا
العدم كذلك. وسنبين على أن ما ندعيه من وجود الحق وأنه لا يحتاج إلى علة ليس ادعاء
بل يبتني على أسس عقلية وسنبين أن الرسول (ص)
حاشاه أن ينهى عن أمر عقلي وجده الوجدان البشري شكا او ظنا فراح ليقول أيها
الظان او الشاك إعتبر نفسك متيقنا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق