الأربعاء، 29 مايو 2013

@ المناهج العقلية للوصول الى الحكم الشرعي

إسم السائل: أحد الزوار

السؤال:

سماحة العلامة الشيخ محمد كاظم الخاقاني السلام عليكم ورحمة الله وبركاته المناهج العقلية المتبعة في القضايا الفلسفية مثل أقيسة المنطق الأرسطي هل هي مناهج مناسبة ومألوفة للتعرف على الأحكام الإلهية وإذا توصلنا الى حكم شرعي عبر هذه الأقيسة او غيرها كالجفر والرمل والسبل غير المتعارفة فهل يجب شرعا التعبد بها فيما إذا وصلت قناعتنا به الى درجة القطع ؟

الجواب:

 

أيها الأخ الفاضل الكريم كما تعلمون إنه لا ريب بأن كل ما يورث اليقين والقطع يكون حجة على صاحبه لأن حجيّة القطع ذاتية بحكم العقل لأن القاطع يرى نفسه يشاهد الواقع ولا يمكن أن يقال للقاطع صيّر نفسك لست قاطعا فسلب الإرائة والكشف عن القاطع بالنسبة الى ما قطع به محال فهي أمور ترجع الى النفس سواءاً كان الإعتقاد بالشيء بنحو القطع واليقين أو بنحو الظن او الشك او الوهم ولكن يجب الإلتفات إلى أنه ليس معنى كون الإنسان قاطعا يوجب له براءة الذمة والأمان يوم الحساب وذلك واضح وإلا لكان القطع موجبا لذلك بالنسبة الى بقية الأمم على إختلاف معتقداتها في حين أن الغالب من الناس بالنسبة الى أي معتقد حتى ولو كان الإعتقاد بالشيء من الأمور الواهية كالإعتقاد بعبادة صنم أو بقر ولو كانت العقيدة ناشئة عن التقليد والموروث فإن صاحبها يعتقد بتلك الأمور بنحو الجزم ويرى نفسه مصيبا.

 

أجل هكذا هي الأمم بالنسبة الى معتقداتها في الغالب سواء كان الشخص يهوديا اونصرانيا او صابئيا او مسلما على اختلاف مذاهب المسلمين او كان غير موحد , نعم يمكن ان نردد القاطع في مناشيء قطعه كأن نقيم له الأدلة والبراهين على أن ما عليه الآباء قد لا يكون دليلا بما هو موروث عن الماضين وكذا نقول لآخر أنه لا دليل على أن الحق مع ما عليه الأكثرية لأن الكثرة ليست من ملاكات الحق.

 

وبالجملة القطع بالشيء ليس دليلا على الصحة وليس من المبررات الشرعية يوم الحساب بل على كل مؤمن أن يرى هل ان السبيل الموصل الى الشيء كان سبيلا معتبرا بنحو القطع واليقين او ليس كذلك فالله تعالى يسأل الناس يوم القيامة عن مناشيء اعتقادهم وكما تعلمون أن أغلب المعتقدات للأمم ناشئة عن قاعدة إنا وجدنا آبائنا أو ناشئة عن متابعة الأكثرية والقوة وغير هذه السبل غير السليمة ولربما راح البعض لحضارة ليرتب آثار الواقع على رؤية رآها فقطع بصحتها ظانا نفسه يوسف عليه السلام في معرفته للمنامات فلم يقبل لنفسه فيما يرى من المنامات أن تعطى صفة الظن والرجحان بل يعطيها صفة القطع واليقين في حين أنه لا حجّية لما يشاهد في المنام لترتيب أي أثر عليه من الآثار فالقطع حاصل في مثل هذه الأمثلة ولكن الطريق الموصل الى القطع لا حجّية له شرعا بل ولا عقلا وغاية ما يمكن ان يفيد الظن او التفاؤل او التشاؤم والطيرة.

 

إذن لابد من أن يقوم الدليل القطعي على السبب والعلة الموجبة لحصول ذلك اليقين ولا أظن أن احدا يتمكن أن يدعي قطعيّة ما يتوصل إليه لو كانت السببية من طريق ما يظنه من معرفة لعلم الجفر والرمل وغيرهما من السبل غير المتعارفة والقطع الحاصل عن سببية غير قطعية لا قيمة لها وعلى صاحبه ان يعيد النظر في موجبات اعتقاده وجزمه وسبل معارفه وكون بعض هذه العلوم حقّة في واقعها وعند أهلها فإنه ليس معناه أن ما بأيدينا وما توصلنا إليه هو كذلك.

 

واما  المناهج العقلية المتبعة في القضايا الفلسفية والأقيسة المنطقية ففي مواطن العقليات يمكن ان نستعين بها للوصول الى نتائجها العقلية كأن يقال العالم حادث _أي مسبوق بالعدم والعلّة _ وكل حادث محتاج الى محدث فالعالم محتاج الى محدث ومحدث العالم إما أن يكون قديما أو حادثا فإن كان حادثا دار او تسلسل إذاً لابد ان يكون قديما والقديم لو إفترضنا تعدده للزم من ذلك الحد والماهية وما يلزمه الحد يكون ممكنا والممكن لا يكون واجبا بالذات بل واجبا بالغير فإذا لابد وأن يكون المحدث القديم واجبا بالذات ومحض وجود لا ماهية له لأن كل ذي ماهية معلل و المعلل لا يكون قديما بل يكون تابعا لعلته ونقول في مقام آخر هذا خبر آحاد معتبر للأدلة القطعية الشرعية على إعتبار بعض أخبار الآحاد وكل خبر معتبر حجة فهذا حجة وهكذا نقول هذا ظاهر وكل ظاهر حجة فهذا حجة فإن كان الوصول الى الحكم الشرعي بمثل ما أشرنا وللعقل بما تقدم ذكره فلا مانع من ذلك لكن التوصل الى حكم شرعي بنحو مستقل من الأدلة الفلسفية والأقيسة المنطقية قد يمكن إفتراضه كبرويّا ولكن الحصول عليه على أرض الواقع صغرويا قد يكون دون الوصول اليه خرط القتاد ولا أظن ان هناك حكما شرعيا توصل إليه أحد من طرق محض الأدلة المنطقية , نعم قد تكون جزء علة وقد يكون العقل من مشخصات المصاديق كأن يتوصل الى كون الشيء محرما لانه من مصاديق الضرر الذي يجب اجتنابه او انه من مصاديق بعض الواجبات او المحرمات الأخرى والله المستعان وهو المسدد للصواب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 -------------------------------------------------------------------------------

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق