الإمام المهدي عج 9
هل فكرة المهدي المنتظر تتعارض مع ختم النبوة
لمحمد (ص)؟
ونحن أيها الإخوة والأخوات في صدد التعرض
لمسألة المنقذ أو المهدي المنتظر (عج) قد وصلنا إلى هاهنا بأن منكري فكرة المهدي
الذين ادعوا على أنها تتنافى مع العقل والشرع معاً حتى راح قائلهم ليقول انها
سخرية وعلى أن مثل هذه الفكرة إضافة على أنها من الخيال والأوهام تتعارض مع القرآن
المجيد لأنها تتعارض مع فكرة ختم النبوة بمحمد (ص) حيث أن السائل هاهنا قد يسأل بأنه
أي معنى لإفتراض منقذ أو مهدي يأتي بعد كون رسالة الرسول (ص) هي إنتهاء رسالات
السماء وقد تمت بكل ما تحتاجه هذه الرسالة فلا داعي بعد ذلك إلى وهم ومقالة قائل
على أن البشرية تحتاج إلى مهدي ومنقذ ونحن قلنا لسنا الان بصدد النقاش مع أحد و
إنما ننقل فقط هذه الأفكار والنظريات ونقول قد يبحث العالم عن امر ويعتبره افتراضا
وظنا و هؤلاء القوم ما جعلوا هذه الفكرة التي قلنا هي مقسم إنساني حتى على صعيد
النقاش افتراضا و إمكانا فنأتي و نقول على أنهم مع الأسف ما تأملوا حتى في تراثهم
السني وإلا لوجدوا الكثير من الروايات تتكلم عن مهدي آخر الزمان وأنه من ولد فاطمة
عليها السلام لكن وصل بهم الأمر بتبع عقولهم أن قال قائلهم ان هذه الفكرة لا تستحق
أن تكون حتى افتراضا ولا تستحق أن تجعل في سلة الإمكان في حين أن جميع العقلاء في
العالم يقولون كلما قرع سمعك فدعه في بقعة الإمكان حتى يذودك عنه قائم البرهان.
فادعى الواحد منهم فقال العلم القطعي قائم
على بطلان هذه الفكرة عقلا وشرعاً لكن نقول مثل هذه الكلمات تتنافى مع التراث
السني لو ذهبنا لنبحث تراثا على أن هناك التراث السني مملوء حتى راح ليقول الكثير
من أبناء السنة على أن هذه الروايات من الضروريات ومن انكرها كان كافراً إلا أن
يأتوا بمنهج جديد لا ربط له بالسنة والشيعة معا.
فهناك من الناس في العالم من لو سألهم سائل
ماذا تقولون وماذا تعتقدون هل هناك من صانع فكثير من الناس يقول هذا لا يهمنا أوجد
صانع أو لم يوجد، بدون أن يدخل مدخلا عقائديا ايجابا أو سلبا ولعل الضائعين في
العالم من هذا القبيل وهناك من يقول فكرة الوعد والجنة والرب كلها خراف في خراف
وجهل في جهل ثم راح ليقول وراء ذلك ان البرهان القاطع قائم على عدم الصانع وأنه
يجب على الإنسان أن يكون عاقلا فهي الطبيعة بما هي كونت هذا الكون ونظمته هكذا قد
يصل الإنسان بجهل مركب وتطرف إذا وقع النزاع بين الطرفين من باب التقابل حيث لا
يتوقف أحد الأطراف على الاعتدال فهذا يقول بمقالة وذاك يخالفه بتطرف آخرهكذا
العناد يسوق في بعض الأحيان في حين أن غاية ما يمكن ان يدعي من لا يعتقد إلا
بالمحسوس أنا لا أعتبر إلا ما يثبته الحس فكل ما أمكن أن ينزل إلى التجربة أقبله
وكلما كان وراء ذلك فهو من المحتملات عندي، كما أن من المحتملات أن تكون هناك مجرات
اخرى لم نصل إليها لكن إذا راح وراء ذلك ليعتبر نفسه محيطا بالكون معرفة ليحكم على
الكون بعدم الصانع فهذا هو الاستعلاء الكامل والجهل المركب بنفسه فهؤلاء أيضا
وصلوا بالعناد إلى مثل هذه المزالق التي اوصلت المعاندين المنكرين للصانع بتصور
العلم بالعالم طرا والاحاطة بجميع الامور حيث راح الواحد منهم مندفعا حتى قبل أن
يرجع إلى علماء السنة وتراثهم ليقول جازما بأن القول بمجيء مهدي لتحقيق العدالة
الإلهية هو خرافة لا معنى لها فهذه هي المشكلة حينما يجلس الإنسان مجلس الكبر.
وهناك من أنكر مسألة المهدي وهو من المسلمين لكنه
لم ينكر اصل الروايات الواردة في هذا الباب و إنما راح ليفسرها بتبع ذوقه و هواه
حتى قال قائهم المراد من هذه الروايات إنما هو تنبيه الإنسان إلى أمر وهو أن ذلك
المنقذ الذي تصورتموه أنه الرسول (ص) قال به وأنه يأتي في آخر الزمان فالرسول (ص)
فقط أراد أن يقول لنا أن المنقذ هو العقل وليس المنقذ إنسانا خارجياً يخرج البشرية
من بؤسها، فانكم ان تأملتم ستجدون الرسول (ص) يقصد من تلك الروايات هداية العقل
لتطبيق العدل فقوم اذن من ابناء العامة لما وجدوا أن انكار هذه الروايات قد يخرجهم
من دين الله راحوا ليتلاعبوا بها بكيفية أخرى.
هذه خلاصة قول القائل بالمهدي إيجابا وسلباً
في مقابل هؤلاء المنكرين للمهدي وقد ذهب قوم ولا اختصاص لهؤلاء بالشيعة والسنة على
طول التاريخ ليستغلوا بساطة المجتمع فادعى الواحد منهم بأنه هو المهدي، كما حدث
ذلك في زمن بني العباس فادعوا أن المهدي منهم وكذلك على صعيد الفرد كم من إنسان
راح ليستغل جهل أمة و يدعي أنه المهدي وقد وجدنا هذا الأمر اليوم يدعيه الكثير
علنا في زماننا هذا ، فلا نستغرب اذن إدعاء المهدوية في الأزمنة الماضية وراح آخر
ليقول أنا لست المهدي لكن أنا سفير المهدي والواسطة بينه وبين الناس وهذا الإدعاء
قد تحقق على طول التاريخ سواء ممن ينسب نفسه إلى التشيع أو التسنن.
وراح ثالث على طول التاريخ من الذين ينسبون
أنفسهم إلى التشيع ليقول قائلهم على أنه رأى المهدي وجلس معه و الكثير من هذه
الإدعاءات ما وجدناها في كتب علماء الشيعة لكن خادما لعالم راح ليدعي أن العالم
الفلاني قد شاهده وهو يجلس مع المهدي وآخر راح ليدعي أنني كنت أرى فلانا من
الأعلام كيف جلس مع المهدي حتى راحت مثل هذه الاحاديث لتؤلف منها الكتب وسوف أتكلم
عن هذا الموضوع بما اعتقد أعجب كلامي الناس أو لم يعجب، لكني أتحدى أحدا أن يثبت أن
عالما سويا من أكابر علماء الشيعة راح ليدعى بأنه رأى المهدي (عج) بل هي جميعا
راحت لترجع الى ادعاء خادم لعالم او ادعاء من فلان و فلان وفي ختام هذه المقدمات
نقول مادام البشر لم يعش واقع العقل وعاش القيود دينية او قيود الحضارات وغيرها من
الأمور ومادام الإنسان لم يعش واقع الدين وعاش حجب الظلمات لا يتمكن من شهود العدل
شهودا سليما على الرغم من كون العدالة لا يتردد احد في الكون على انها واقع حسن في
مقابل الظلم لكن على صعيد التطبيق والرؤى هناك اختلاف بين الناس في فهمهم لتطبيق
العدالة و كيفيتها، كما و أن هناك الكثير من الإختلاف في هم الحرية سعة و ضيقا على
الرغم من اتفاق الجميع على كون الحرية لابد منها في مقابل الإستبداد هذا بغض النظر عن أن الكثير من الناس من بعد ما يصبح
متسلطا يطبق جميع القيم الانسانية حرية و عدالة بتبع رغباته و شهواته حتى تصل حالة
بعض الناس كبرا عند التسط على رقاب الناس بأن يقول أنا الشعب وأنا الوطن وأنه الكل
في الكل ثم يذهب ليدعي على ان هذا مراد الشعب و الوطن.
و الخلاص من المأساة هو بأحد أمرين إما بعقل
نزيه يعيش حراً ليشاهد مكارم الإنسانية بكل واقعها بعيدا عن ظلمات الجاهلية أو
دينية تكون واقع ما جاء به الأنبياء لا بتبع اجتهادات و تفسير المفسرين و إلا فلو
جئنا الى المنتسبين الى الأديان لوجدنا كل واحد يفسر الدين على طبق مذاقه و رآه
فمثلا نحن نجد المسلمين على اختلاف مذاهبهم من التكفيريين القتلة والمتحجرين يرون
أنفسهم أنهم من عرف الشرع و ان غيرهم لم يفهم من الشرع شيئا ولا يمكن الخلاص إلا
من كل هذه الاختلافات إلا بأحد أمرين إما أن يعش البشر عقلا ومن المعلوم أن من عاش
عقلا لا يمكن أن يعيش قومية تدعو إلى العدوان لأن العاقل و صاحب الضمير الحي يريد
العدالة و الخير للإنسانية لا خيرا يكون هو المبتغى فيه.
أو نقول إن وصول الإنسانية الى عقل سليم بعيد
عن القيود و النزعات إنما هو حلم و أماني يستبعد ان تحقق على وجه الأرض و ان يصبح
الناس جميعا عقلاء يعيشون ضميرا حيا ليتحقق بواسطة هذا الحلم واقع العدالة على وجه
الأرض و أما كون بعض الناس يعيش عقلا سليما فهو لا يكون ن سببا لخلاص الإنسانية من
الظلم و العدوان حيث أنه مما لا ريب فيه أن الإنسانية مرت بأنبياء كثر ما تحقق على
أيديهم هذا العدل العالمي.
الإحتمال الثاني: ان يتحقق هذا العدل بواسطة
رجال هم ميزان عدل لم يختارهم الناس بتبع أذواقهم و مبلغ علمهم فهل أنا و أمثالي
مسلما أو نصرانيا أو يهوديا أتمكن من تشخيص هؤلاء الرجال و أنا أعيش الكثير من ضيق
الرؤى و دوافع العصبيات فالذي هو عارف بضمائر الناس من يعرف هؤلاء الرجال الذين
بهم يتحقق واقع العدل حيث بهم تقام الحجة على الماضين ومن يأتي من البشر حتى تتحق
بهذا العدل الإلهي الغاية من خلق هذا الانسان على وجه الأرض ليقول تعالى للناس يوم
الحساب بأن ما جائت به الرسل عليهم السلام هو الحق و به كانت السعادة لكن الناس ما
كانوا حقا يريدون عدلا وأن المشكلة كانت لغايات النفوس وجهلها واستبدادها، ليكون ذلك
العدل الإلهي واقعا متجسدا في الخارجوليس من احد قادر على تحقيقه إلا الله سبحانه
وتعالى والحمد لله رب العالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق