البحث أيها الإخوة والأخوات في بعض المقدمات المرتبطة
بالمنقذ البشري أو المهدي المنتظر وقد قلنا في المطلب الخامس أنه كيف تريد الشعوب
تحقيق عدل إنساني أو إلهي وهي لا تعرف العدل إلا على صعيد الوهم والخيال ولعل
الكثير من الناس رسم في مخيلته عدلاً لو وجد ذلك العدل الإلهي أو الإنساني متحققا
في الخارج لما كان مرغوباً فيه بحسب ما يتطلع إليه من العدل لأنه يريد عدلا يصل بواسطته
الى مآربه، ومن الواضح أن مثل هذا العدل هو عدل على حساب الإنسانية والقيم
الرسالية لأن مثل هذه الفكرة هي فكرة اختصاص واستئثار وثانياً إن كل من يتصور عدلا
بمخيلته ولا يكون عارفا للعدل فلابد أن يكون الذي يرسم له العدل هم الآخرون فمادام
لم يوزن العدل بميزان المعارف إنسانية كانت أو شرعية وراح ليرسم له الرجال ذلك فمن
طبيعة هذا الإنسان الذي يريد عدلا لمصالحه فإنه إذا جاء مريدا لتطبيق هذا العدل
لابد وأن يسلمه إلى الرجال, هكذا هي الأمم ترسم في مخيلتها عدلا وهميا ثم تريد
لجهلها أن يطبق هذا العدل زيد أو عمرو فتسلمه شيء تطبيق العدل، فإذا كان هكذا يرسم
العدل وهي لا تعرف العدل لا بقيم إنسانية ولا رسالية فمن طبيعتها سوف تقدس رجالا ولا
تقبل في حقهم نقدا ولا شورى فإذا جاءت هذه الأمم إلى هؤلاء الرجال وكأنها تتعايش
مع معصومين لا بشر عاديين فهاهنا لابد من التوقف لنتأمل في أمر حيث أنا ما وجدنا
على طول التأريخ نبيا أو وصيا مع العصمة يريد من الناس أن لا يفكروا ويسلموا
شؤونهم بيده يفعل ما يشاء، نحن وجدنا محمدا (ص) يشاور في كل شؤونه حربا وسلما
المسلمين وهكذا هم الأنبياء والصالحون لم يتأثر الواحد منهم من نقد أو نصيحة لكن
هل وجد احد منا هؤلاء الذين تقدسمهم الشعوب وتصل بتقديسهم أن تقدسهم حتى في الأعمال
الخارجية فضلا عن تقديس آرئهم و أفكارهم حيث أنه ما قُدس حتى الأنبياء هكذا تقديس،
مثل هؤلاء الذين تقدسهم الشعوب لو أشار إليهم أحد بمقال أو انتقدهم في موردهم من
الموارد فإنه سيجد الشعوب متهمة إياه بالخيانة او الغباء, فهذا الذي نحن نشاهده
على طول التأريخ، بهذا الجهل والتشدد كيف يمكن لأمة أن تأمل بعد ذلك عدلاً أجل
هكذا هي حضاراتنا حينما نبتعد عن المعارف سواء كانت دينية او إجتماعية يصبح من
يرسم لنا حقائق الأمور عدلا و علما هم اؤلئك الرجال الذين نقدسهم ثم نصنمهم بعد
ذلك فهكذا عاشت الشعوب وهكذا نحن شاهدناها في مقطع ثلاثين أو اربعين سنة عشاناها
هذا الواقع المرير، فنحن من ضيع السبيلين دينا ودنيا بإستسلامنا علما وعلملا الى
الرجال، حيث أنا لسنا برجال معارف لنعرف شرائع السماء وما هي حدود المتابعة ولو
لنبي ولسنا أيضا ابناء دنيا حتى لا نصنع أبطالا فكيف ثم نقدسهم ثم نُصنمهم, فكيف يمكن
أن نريد عدلا ترسمه لنا الرجال ونحن لا نشك ولا نتردد لو كنا عقلاء بأن الرجال إذا
تسلطوا جاءت الرغبات والشهوات وبالأخص اذا وجدوا الشعوب لا تراقب خطواتهم و ما
يملينه على الشعوب من وراء كبرهم و خُيلائهم، وقد نهانا الرسول (ص) وهو القائل : (إعرفوا
الحق تعرفوا أهله) وقد نهانا أيضا عن الوقوع في مثل هذه المزالق علي (ع) حينما قال
(إن الحق لا يعرف بالرجال اعرفوا الحق تعرفوا اهله) ونحن مع الأسف ما عرفنا الحق
ولو جئنا لنعرفه صنعنا كما هو الحال على طول التأريخ حضارة أبطالا ثم قدسناهم ثم
رحنا لنسميهم مثلا بأمير المؤمنين و خلفاء المسلمين او أصحاب السمو و الجلالة و ما
شاكل هذه الألقاب التي راحت هذه الأمة الإسلامية لتعطيها للرجال الذين تسلطوا على
الرقاب سواءا كانت هذه الأمة تسمي نفسها مسلمة سنية او شيعية ومن المؤسف أن أقول
على أن أبناء العامة والجماعة قدسوا الصحابة وبعد مقطع من الزمان تقديسا للصحابة
راحوا ليقدسوا الحكام ليسصبح المتسلط هو الحاكم المطلق في كل شيء يحكم في الأعراض
والأموال ويقتل من شاء ويعفو عمن شاء هكذا وجدنا السنة على طول التأريخ كمجتمع عام
ولا نتكلم عن الفرد ثم جئنا لنفخر عليهم ورحنا بعدلا من تقديس الصحابة لنقدس رجالا
آخرين ولا نقبل في حقهم أي نقد ولا اي كلام في ما يرونه للأمة على صعيد الفهم او
على صعيد التطبيق حيث راح هؤلاء ليرسموا للأمة أيضا تحت اسم الولاية المطلقة شرع
الله و العدل و كل الحقائق بمعزل عن عقل
الأمة و مشاركتها لهؤلاء في تقرير مصير الإنسانية و الكرامة و أصبح من يقول ما هذا
أول الأمر بمنظار هذه الأمة أنه خائن اوعميل وأنه يريد النيل من العلماء في حين أن
رسول الله (ص) كان يشاور المسلمين صلحا وحربا ورجال الدين يرسمون للشعب مسالك
الحروب سنوات عدة ثم ليذهب الواحد منهم ليشرب السم في يوم من الأيام موقفا حربا أكلت
الأخضر، هكذا نحن نرسم شرع الله في مخيلتنا ثم نسلمه علما و عملا بأيدي رجال ثم
نتبعهم بلا اي تحقيق ولا تأمل ولا تعقل لكن قد يقول قائل كيف يمكن أن يدعي أحد أن
الأمم على طول التاريخ كرارا وتكرارا أرادت أن تعيش عدلا لأنه هو المبتغى
للإنسانية لكن قد استغل ذلك الماكرون فجعلوا إرادة الشعوب الساعية إلى العدل جسرا
للوصول إلى مآربهم حيث أنه لقائل ان يقول أي إنسان فرضناه قد يخدع لكن لا يمكن أن
يخدع المرة والمرتين والعشرة فكيف يمكن أن ينسب أن الإنسانية أنها سعت سعيها من
أجل تحقيق العدالة لكن الماكرين خدعوها فجعلوا غاية الأمم وهي العدالة جسرا
لمآربهم فلو فرضنا أن الأمم خدعت لكن لا يمكن أن نفترض خداعا مستمرا فإذن ما يُدعى
من كونه مرادا للإنسانية وهي العدالة و أن الأمم سعت سعيها من أجل الوصول إلى هذه
العدالة ثم استغل رجال هذا المسعى البشري فوصلوا الى الزعامات و الكراسى لا يمكن
إدعاؤه لأن الوقوع في الأخطاء لا يمكن ان يتكرر إنا نقول مادام الجهل حاكما فتكرر
الأخطاء ليس بغريب من الأمر و قد راح قوم آخرون ولو بإرشاد ديني لينتظروا منقذا
يهودا كانوا اونصارى اومسلمون وهؤلاء جميعا أيضا ما توصلوا لتلك العدالة التي تحلم
بها البشرية او يحلم بها من ينسبون أنفسهم الى الأديان فكيف بعد هذا كله يمكن
التخلص من هذه الشبهة وهي أن العدالة لو كانت هي المبتغى للإنسانية او لأتباع
الديانات لتحققت ولو بين آونة و أخرى على طول التأريخ البشري ونحن ما وجدناها
متحققة لا على صعيد إنساني ولا على صعيد ديني يوما من الأيام حيث نقول أولاً إن من
شرط كون الإنسان لا يخدع أن يعيش عقلا وعلما ونحن لو تأملنا لما وجدنا أنفسنا نعيش
موازين عقل ولا علم ولو عشنا عقلا لجعلنا واقع الشورى سبيلا للوصول إلى العدالة
ولجُعلت الشورى جميلة بالعلم حتى لا يخدع الشخص بإدعاء من قبل الحكام بأن الشعوب
تعيش واقع المشورة فيما بينها في حين أن من يرسم لها معالم العدالة او الشورى او
قيم الإنسانية هم الحكام و أصحاب المصالح ونحن عشنا حياتا طويلة شاهدنا فيها أن كل
ما تريده الشعوب تريده من الحكام حيث أن الواحد منا لا يُعمل عقلا ولا يسعى سعيا
لمعرفة بل يريد كل شيء متحققا بواسطة الحكام فكيف تأمل أمة أن تخرج من الجهل
بواسطة أصحاب الغايات وأن تصل إلى المراد
من واقع العدالة الإنسانية او الدينية.
فكيف يمكن بواسطة مثل هذا الموت وهو موت العقل أن نأمل
أن يحقق لنا ماكر او سياسي العدالة التي هي الحلم الإنساني في حين أنه لو كانت
شعوبنا تعيش حياة الكرامة لوجدنا هذا ينتقد أمرا و الثاني يتابع ما ترتكبه الحكام
وما كنا كما نحن اليوم نعتبر أن ما يفعله الحكام هو حياة الأمم وليس سياسية ولا
خروجا عن المنهج لو طلبت الشعوب أن تعيش واقع حياتها لا حياة ترسمه على جميع
الأصعدة الحكام للشعوب.
وثانيا لو كان استغلال الماكرين العدالة
للوصول إلى مآربهم لم يعد بالنفع الى كثير من أناس آخرين لثارت عليهم الشعوب حيث
أنه لم يغب عن أذهاننا أن الكثير من الناس حينما يتبدل النظام القائم الى نظام
جديد ولو لم يكن هو على رأس ذلك الحكم او من المقربين منه لكن أبوابا للسرقات تُفتح
له لتكون سببا مرضاة كثير كمنهجية يقوم بها الكثير من الحكام لإرضاء كثير من
الطبقات إشراكا لهم في النهب و العدوان و لذا نقول ليست دائما كل الشعوب ليست
مستفادة .
وثالثا نقول إن بعض الناس ولو لم يكن مستفيدا
من النظام القائم فإنه يحاول أن لا يتحمل المسؤولية بأزاء الله تعالى و لا بأزاء
الشعب على الرغم من عرفانه للحقائق ولذا يدخل في أبواب النفاق ليتخلص من مسؤولية
ولو لم يكن جزءا من النظام او ممن فُتحت له أبواب السرقات ككثير ممن هم من أصحاب
المكانة إجتماعيا حيث يفهم الواحد منهم على إن الشعب إن وعى يريد منه أمرا ثقيلا وهو
يعيش أمنا على حساب الإنسانية و الدين فيحاول بشتى المحاولات أن يجد أعذارا للتخلص
من المسؤولية حتى يرتاح من ثقل المسؤولية وهذه أيضا مما تساعد على كثير من الضياع لهذه
الشعوب، حاكم يستفيد لسطانه وآخرون هم في سلكه و أعوانه مستفيدون أيضا و ثالث تفتح
له أبواب السرقات ورابع يذل أمة بتوجيهاته حتى يستريح من مسؤولية مادامت الأمة
تعيش جهلا.
فإذن نقول العدالة ليست وهما حتى تفسر بما
يخدم مصالح الشخص على حساب الدين أو الإنسانية وهي ليست وهما لكي نسلمها بأيدي
الآخرين لكي يحققوها ما لم يعِ الشعب كيف راحت لتسرق الأموال و كيف راحت لتُكبت
الحريات و تُكبل العقول و تُسحق الكرامات فالشعب الذي لا يعرف معنى الكرامة وما هي
ثرواته وما هو واقع دينه كيف يمكن بآمال وأماني جهل أن يتوصل إلى مبتغاه وهي
الحقيقة أي العدالة الواقعية فإذن نقول هذه امور وشبه قد يطرحها البعض فإنه يجب علينا
أن نتأمل فيها حتى لا نقع في أخطاء و مزالق.
وقد تطرح الشبهة بكيفية أخرى فقد يقول القائل
أوليس هناك على طول التاريخ من دعا ربه بكل صدق للخلاص من البؤس والحرمان وقد وعد
الله تعالى السائل بالإجابة حيث أن الآيات الكثير منها دال على أن الله تعالى اراد
من الإنسان أن يدعو ربه وهو تعالى المجيب للدعواة لكن ما وجدنا أن الله تعالى قد
أجاب دعوة الداعين في حين أنه أن يجيب الدعواة وهناك الكثير من المظلومين
والمضطهدين من يعيشون صفاء النفوس كأيتام وأرامل حيث لا يمكن ان نتصور في حقهم
مكرا و كذبا فلماذا لم يستجب الله دعوة هؤلاء او دعوة عاقل لعقله و يتيم؟
نقول إن الله تعالى إن وعد أنه يجيب دعوة
الداعي فإنه ما وعد بذلك لتغيير حياة أمة بل إستجابة على قدر ما يكون للشخص نفسه و
إلا فتغير حياة أمة يحتاج إلى تحقيق أسباب وجهد أما يتيما يدعو ربه أو صادقا يدعو
ربه فإن ذلك لا يكون مدعاة لتغيير حياة الأمم ونحن لا ننكر أيضا على أنه على طول
التاريخ مرت البشرية بأناس أتقياء لو تسلطوا لعدلوا ولكن هؤلاء أفراد والبشرية مرت
بأنبياء كذلك لكن ارادة عدد لا يشكلون خمسة بالمائة من المجتمع في حين أن المجتمع
يعيش مكرا اوجهلا فالله تعالى لا يغير حال أمة لوجود نبي ولا لوجود يتيم ولا أرملة
فلابد أن تكون هناك عوامل يدا بيد حتى تتحقق العدالة للإنسانية.
هنا لا بأس بوقفة تأمل نشير إليها إشارة وندع
تفصيلها في بحث آخر حيث أن الكثير منا كمؤمنين بالله تعالى ربما نقول ولو في
أنفسنا لماذا لم يحسم الله تعالى النزاع بين الموحدين وغيرهم في حين انه راح مسلم
ليقول إن الحق و العدل في مناهج الإسلام و ذاك راح ليقول هو في النصرانية و ثالث
راح ليقول لماذا حُسم النزاع بعد الرسول (ص) حتى تعيش البشرية واقع العلم و العدل وآخر
ربما راح ليقول يا إلهي من (ع) إلى الخاتم (ص) عاش الناس حياة الأنبياء فلماذا
حرمتنا يارب من الانبياء او أوصياء الرسول محمد (ص) ونحن نعيش حياة أناس نحكم على
ظواهرهم لا نعرف الباطن وكان من عاش زمن الأنبياء او اوصيائهم الكرام عليهم السلام
يعيش ظاهرا هو الباطن صدقا و عدلا و علما و نحن نعيش حياة علماء لربما يكون الوجه
الناصع أحيانا يحمل باطنا هو النفاق او الرياء او الجهل و لو بقدر فلماذا ما تلطفت
علينا يا رب في مثل هذه الأزمنة برجال هم واقع العلم و العدل كما كان لطفك متحققا
بالنسبة الى كثير من الناس في القرون الماضية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق