الإمام المهدي عج 10
ما المقصود من العدل ومن المؤهل لتطبيقه؟
ونحن أيها الإخوة والأخوات نعيش بصدد بيان
المنقذ أو المهدي المنتظر وقد وصل بنا البحث إلى هاهنا وهو أن هذا العدل الذي هو
المبتغى للبشرية كيف يمكن أن نفترض تحقيقه، هل بعقل بشري سليم يصل في آخر المطاف
إلى كمال وإلى معارف وزكاة يتمكن بواسطتها أن يحقق هذا الحلم الإنساني قلنا من
المستبعد أن تصل البشرية بعقلها إلى مرحلة تريد بكل واقعها تحقيق هذا العدل وأن
تعيش عقولا حرة بعيدة عن حجب الظلمات في مرتبة الفهم والدراية ثم تنزه النفس زكاة كي
تعمل بالعدل بلا شهوات ولا رغبات ولا سلطة تدعو إلى الظلم هذا من البعيد و ان كان
من المحتمل و المفترض عقلا.
الإحتمال الثاني: أنه لا يكون إلا بمشيئة
إلهية حتى تقام الحجة وتظهر معالم الأسماء الربوبية وأما سائر الناس فهم وإن كان
العدل حلما لهم لكن قد يكون ما بين الحلم والأماني وما بين الواقع والتحقيق
كالفاصلة ما بين الوهم واليقين وكالفاصلة ما بين النور والظلمة أو ما بين السماء
والأرض فلا يمكن أن يتحقق هذا الحلم بهذه الأماني و الرؤى فكم وكم قد تمنى الإنسان
كأمنية إنسانية أن يكون عالماً لكن لو جئنا إلى الواقع الخارجي لوجدنا بين الأماني
والوصول إلى العلم ما بين السماء والأرض، النصراني يحب أن يعيش زهدا مثل الحواريين
وكذلك كل من اتبع نبياً بما هم يحبون ذلك كمسلمين أو نصارى أو يهود فإنه جميعا
يحبون أن يكونوا من الصالحين لكن هذا شيء والواقع الخارجي شيء آخر وعليه فنقول
الرغبة بما هي رغبة أو التمييز بين الحق والباطل لا يكون سببا حقيقيا لتحقيق هذا
الواقع و هذا الحلم ولذا نقول ليس الصادق من عرف أن الصدق خير من الكذب بل ولا
الصادق من أحب الصدق والصادقين وبغض الكذب والكاذبين بل من حقق نفسه بواقع الصدق
علما وعملاً فإنا كمؤمنين بالله وبرسوله بلا شك ولا ريب نحب الأنبياء ونحب من
كانوا من المخلصين التابعين لهم ونبغض الطواغيت والمفسدين فليس هناك من يحب فرعون
والنمرود والحجاج لكن هل يكفي هذا لنحشر يوم الحساب مع محمد (ص) وأهل بيته عليهم
السلام.
ولا يكون العدل الإلهي متحققا ما لم يكن
الإنسان ساعيا بكل جهده لمعرفة كتاب الله وسيرة الصالحين ثم متحققا بها سالكا
مسالكها ولذا نقول إن هذه الأمور بما هي هي لا يمكن أن تكون عدلاً، أجل هكذا يجب
على الإنسان أن يرى نفسه حتى لا يتصور أن يوم الظهور ما كان يتمنى هي هذه
التصورات، ولذا نقول اللهم طهرنا من الجهل وخذ بنا مسالك الأبرار قبل ظهور وليك
الأعظم المهدي (عج) حتى لا نتفاجأ مع واقع عدل ظنناه في مخيلتنا فكان وهما أو نجد
أنفسنا لا ربط لنا بشرائع السماء يوم الظهور ونجد أنفسنا تضيق من ذلك العدل.
والآن بعد هذه المقدمات نقول نحن حينما جئنا
لنتكلم عن العدل أو المهدي المنتظر (عج) عرفنا على أن العدل له أهميته على صعيد
البشرية وعلى صعيد رسالات السماء مطلقا إذا عرفنا هذا وجزمنا به الآن نقول: لابد
أولا من معرفة المراد من العدل وإن كان عرفاً الكل يعرف مفهوم العدل، فقد نقول إذن
كما أن مفهوم الوجود والعدم من المفاهيم البديهية التي لا تحتاج إلى تعريف كذلك
مفهوم العدل والجور لكن لأنا نريد أن ندخل بحثاً لابد أن نعرفه:
نقول بحسب اللغة المراد من العدل هو
الإستقامة إن أرجعنا الإستقامة إلى كل شيء فهي استقامة بين الإفراط والتفريط لو
رجعنا إلى الخلق فليس بالتهور ولا الجبن بل بالشجاعة فكما وأن الفطريات لها
استقامة كذلك في العقليات هناك استقامة لابد وأن يستقيم العدل بأدلته حتى لا نعيش
افراطا او تفريطا وقد نقول العدل هو الاستقامة على طريق الحق في كافة الأمور لكن
قد يقال على أن العدل كمصطلح وكمفهوم يعرفه كل أحد هو إعطاء كل ذي حق حقه لكن نحن
لا نريد أن نتكلم عن العدل كمفهوم لغوي وربما توسع البعض في تعريف العدل فقال هو
وضع الشيء في محله كما وضع الله تعالى كل شيء في الكون في محله فكان عدلاً كذلك من
وضع كل شيء في موضعه كان عادلاً وقال آخرون ليس معنى العدل هو التسوية بين الناس
لأنه في بعض الأحيان عرف العدل بالتسوية فجاء البعض ليقول لا يمكن أن نقول أن
العدل هو التسوية لأن المعلم العادل ليس من يعامل الطلاب بمعاملة واحدة لأن هذا
ليس عدلاً، وهكذا لو أن قاضيا عامل الناس معاملة واحدة لعله لا يكون عادلا و لكن
ربما نقول إن التسوية ليس معناها هذا فهذا نحو من التسامح في التعبير لأن التسوية
بين المجد والكسول ليست تسوية بل هذا ظلم إن عاملنا الطالب المجد والكسول معاملة
واحدة فهو ظلم فللعدل معناه أن نسوي بين المجدين وأن نسوي بين الكسولين هذا هو
العدل، أي أن العدل هو أن يكون المعلم العادل من سوى وأنصف بين مجدين وسوى وأنصف
بين كسولين لا لأن هذا لقرابة يعامله معاملة وذاك يعامله معاملة أخرى وهكذا, فإذن
قد نقول التسوية والعدالة يمكن أن تكون بمجرى واحد وهي التسوية بين المتشابهين في
واقع أمر كمجدين او كسولين لا التسوية بين كل شيء او كل احد ونحن لا نريد أن نتوغل
في العدل لكن من باب الإشارة والمقدمة لابد من بيان العدل الإلهي والمراد منه فيقال
عدل القاضي بين المتخاصمين أي أنصف بينهما وهو يعود إلى اعطاء كل ذي حق حقه فهو
الحق والتسوية بين المتساويين ولذا نقول ليس العدل أن يخلق الله الممكنات بصورة
متساوية بل كما قالوا أن يحققها بما يناسب كل وجود بما له من قابلية للأخذ بالعالم
طرا إلى الكمال، إن نظرنا إلى العدل بمنظار آخر فهو جعل الكائنات في مواطنها للسير
نحو الكمال وليس أن يحققها شكلا واحدا واما شرعا فقد قال تعالى إن الله يأمر
بالعدل والإحسان، وقال ايضا وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل يعني أن العدل
ليس خاصا بالمسلمين بل هو للبشرية وقال أيضا يا أيها الذين آمنوا كونوا قواميين
لله شهداء بالقسط وقال تعالى لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب
والميزان ليقوم الناس بالقسط، فإذن إن نظرنا إلى الأديان السماوية لوجدنا العدل له
من الأهمية ما لا يقاس بغيره هكذا هي الآيات الواردة وقد قيل المراد بالقسط هو
العدل البين الظاهر ومنه سمي المكيال والميزان قسطا لأنه يصور للإنسان الوزن
ظاهراً هكذا يريد الله كما أن الميزان الخارجي واضحا يريد أن يكون المسلم هكذا
عدلا ظاهرا بيناً وقد جاء في الحديث النبوي بالعدل قامت السماوات والأرض وجاء على
لسان الإمام علي (ع) العدل أساس به قوام العالم، بعد هذه المقدمات الآن نريد أن
نقول إن العدل إن نظرنا إليه بمنظار عام بشري فلا شك أن الكل يريد العدل لكن نحن
كمسلمين نريد أن نرى مكانة العدل قالوا إن العدل اختلف المسلمون في المراد منه أما
الشيعة فإنهم تبعاً لأئمتهم عليهم السلام اعتبروا العدل من أصول الدين والسنة
اعتبروه من فروع الدين هكذا هي أهمية العدل عند الشيعة.
ومما لا شك فيه أن العدل من صفات الحق تعالى
أنه عدل وهي مبالغة في العدالة وعدله أي ايجاده للأشياء كلا بحسبه بذلك العدل الذي
حققها أما عند العامة نريد أن نرى كيف ينظرون إلى عدل الله متحققا في الخارج من
بعد الرسول( ص) قالوا عدل الله كتاباً وسنة وسيرة وسلوكا كحكومة إسلامية يحققها من
يخلف الرسول (ص) كحاكم سياسي هذه هي الرؤى السنية لتحقيق العدل.
أما الرؤى الشيعية: فإنهم قالوا عدل الله لا
يتحقق إلا بعلم قطعي لا شك ولا ريب فيه ليس اجتهادا ولا ظناً فلا يمكن أن يتحقق
بإجتهاد المجتهدين لأن بذلك قد يفسر خطأ ثم قالوا هو لا يكون متجسدا إلابإنسان
معصوم يبين واقع العدل علما وكذلك لا يمكن أن يطبق هذا العدل بظنون فلابد أن يحقق
بمعصوم كحكومة إسلامية تكون واقع عدل الله لا مظنونة ومحتملة هكذا اختلف المسلمون
بعد وفاة رسول الله (ص).
إن تركنا هذه المرحلة في رؤى المسلمين نأتي
إلى المرحلة الثانية ونقول كيف يتجسد هذا العدل الإلهي؟ حيث أنه لا يختلف إثنان
إلا من كان من الشواذ أن الدنيا لا يطوى سجلها إلا أن يحقق الله عدله وهناك روايات
متفق عليها سنة وشيعة، السنة بهذا المضمون حيث أن السنة يقولون نحن لا نتردد
بروايات متواترة عن الرسول (ص) على أن الله أبى أن تطوى الأرض إلا أن يظهر فيها من
يقيم العدل، لكن نحن نتسائل هذا الذي يقيم العدل أهو نبي أو وصي نبي قالوا كلا،
إنما هو عالم من المسلمين، فمرة ثانية أصبح البيان والتطبيق ظنا واجتهادا، بأنه
يقوم به رجل عدل مؤمن من المؤمنين، هذا المؤمن أهو مرتبط بالوحي أو بواقع أمر
كعصمة؟ قالوا كلا هو إنسان عادي، هل هناك نبي معه في زمن الظهور كعيسى عليه السلام
ليكون هذا الذي يريد تحقيق العدل من المسلمين يعمل تحت إشراف ذلك النبي كجندي في
ركابه الذي هو عيسى عليه السلام حيث أنه من أنبياء أولي العزم لكن التساؤل أنه مع
وجود نبي لا يكون الشخص وحدة هو الذي يحقق العدل الإلهي بل يكون تابعا لذلك النبي
, فهو فرد يكون في زمان نبي و يكون تابعا له ولا يكون هو المهدي الموعود او
المنتظر وعليه فتكون الأمة الإسلايمة تابعة لعيسى عليه السلام ويصبح الذي يحقق
العدل هو النبي عيسى عليه السلام لا احد الأفراد من المسلمين وعليه فنقول ورود
الروايات عن الرسول بالنسبة الى شخص من أمته يكون لا معنى له من الإعراب.
الذي يقوله الشيعة هو: أن من المستحيل أن
يطبق عدل الله تعالى كما هوشخص من المسلمين بإجتهادات و ظنون قد يصيب وقد يخطئ
فإذن على مسلك الشيعة الذي هو مسلك واضح من وفاة رسول الله (ص) على أن هذا العدل الذي
هو عدل حقيقي وهو واقع العلم يقينا وواقع كتاب الله بيانا وواقع سنة رسول الله (ص)
تطبيقا لا السنة الروائية التي يدعيها أبناء العامة، فإن هكذا رجل كما يزعم أبناء
العامة و الجماعة يأتي ليأخذ بكتاب الله الموجود ويفسره على ذوقه و ذهنه بتبع
إجتهادته وهكذا هو يأخذ بالروايات الموجودة التي أعتبر سندها بتبع أسانيد السنة
المعتبرة ويعمل بها لا أنه يعمل بحسب واقع شرع الله كتابا و سنة لكننا نعلم أن
الروايات فيها صحيح وفيها خطأ، فهل العدل المنتظر الإلهي الذي وعدت به الأنبياء
طراً هو هذا؟! كل هذه الهالة من البشارة بهذا الإنسان هو هذا القدر من العدل
الإلهي؟ فعلى أبناء العامة أن يفسروا لنا مثل هذه الكلمات التي لا يقبلها عاقل.
أما نحن فنقول إن هذا الرجل هو رجل معصوم وهو
الإمام الثاني عشر فلا يأخذ بالكتاب من باب الظن و الإجتهاد ولا يأخذ بالروايات بتبع
ما اعتبرت سندا بل يأتي وهو العالم بالقرآن والسيرة النبوية علما قطعيا فيعمل بهما
لا برغبة ولا شهوة ولا بدوافع قبلية ولا بأحقاد طائفية بل هو واقع العدل الإلهي
المتجسد على وجه الأرض حتى يكون تحقيقا لواقع شرائع السماء علما وعدلا ويكون واقع
تطبيق للكتاب المجيد وسيرة رسول الله (ص) يجسدهما لنا بسيرة وسلوك الرسول (ص) وما
كان عليه الأنبياء المتقدمين فهل يعقل ان يكون عدل الله الحقيقي يطبق بواسطة انسان
عادي مع وجود نبي من أولي العزم أمن هو مرتبط بالله تعالى ليكون مبينا لواقع
التوراة و الإنجيل و جميع الرسالات السماوية و القرآن المجيد و السنة الحقيقة
النبوية و جميع ما جاء به الرسل الكرام و سنبين ذلك اكثر إن شاء الله والحمد لله
رب العالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق