الإمام الصادق المحاضرة رقم 1- بمعرفة سيرتهم بلوغ القمم
الحديث عن الإمام الصادق ع سادس أئمة أهل البيت عليهم السلام وهو كما تعلمون جعفر بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي عليه السلام بن علي بن أبيطالب، وقد قلنا في كثير من المحاضرات المتعلقة بالرسول ص وأهل بيته الكرام بأنا لا نريد أن نركز على أمر كولادة متى كانت ووفاة متى حدثت أو شهادة وكم تزوج وكم له من البنين ذكورا وإناثا وما هي إسم زوجاته وما شاكل هذه الأمور كما وأنا حاولنا أن نكون بقدر ما بعيدين عن بعض الأمور التي يركز عليها الكثير من الأفاضل والأعلام وهي الأمور المرتبطة بالفضائل والكرامات والمعاجز لا للإستهانة بها بل لأنا نريد أن نحصل على ما يكون سببا ودخيلاً في واقع بناءنا الإنساني، نحن نريد أن نرى النبي الأكرم ص كيف كانت سيرته فبسيرته نعيش الكرامة ونعيش المنهج السوي وكذلك بسيرة أهل بيته عليهم السلام نتمكن أن نشهد كيف تكون الحياة إباء، كرما، علما، سيرا وسلوكا، كيف تكون الحياة أمرا بمعروف ونهيا عن منكر، كيف تكون الحياة صدقاً، كيف تكون الحياة جهادا في سبيل الله ومقاومة ضد الظلم والظالمين وكيف تكون الحياة دعوة للعدل، وهكذا إذا وقفنا عند آية مفسرة أو رواية مفسرة من النبي الأكرم أو أهل بيته الكرام وكنا واقعاً نريد أن نفهم لا لغايات أنفسنا دنياً بل لكي نعيش السعادة والفهم والسير والسلوك إلى ربنا رحنا لنتأمل في كل كلمة كلمة ترد منهم عليهم السلام، ولذا أقول وقلت ذلك كراراً إنا حينما نتعرض ونريد أن نتكلم عن هؤلاء العظماء نريد أن نستفيد منهجا للحياة علما وعملا وقد عُرف الإمام عليه السلام بلقب مشهور بين الناس جميعا خاصة كشيعة وعامة كأبناء السنة والجماعة بأنه ملقب بالصادق ولكل نبي أو إمام لقب أو كنية تكون له يكون مشهورا بها بين الناس، نحن مما لا نتردد فيه على أن هؤلاء العظماء ومن تقدمهم من الأنبياء الكرام جميعاً هم مظاهر العقل، هم مظاهر عدل الله هم مظاهر كل خير في مقابل كل شر وهذا مما لا نتردد فيه لكن هناك القاب معينة قد يشتهر بها الشخص قد تكون معروفة لدى الجميع فحينما يقول المسلم مثلاً الصادق الأمين ينتقل ذهنه إلى رسول الله ص وإلا فموسى صادق أمين عليه السلام وإبراهيم صادق أمين وكل الأنبياء من الصادقين الأمناء وهكذا كل الأئمة من علي ع حتى المهدي عج كلهم موصوفون بهذه الصفات، لكن تجلي صفة ولقب يحكي واقعاً قد إشتهر به ذلك الشخص لأنه كان بذلك المجال يراد منه أن يقوم بأمر ففي فترة يراد شيء وفي فترة يراد شيء آخر، فرسول الله ص الذي اشتهر بالصادق الأمين حتى عند أعداءه لو لا المخالفات والصراع بعد ذلك، فقد اشتهر بالأمانة لأنه حمل أمانة السماوات والأرض التي عرضت على الكائنات طراً فكان أهلاً لتلك الأمانة العظمى التي هي أمانة مظاهر أسماء الله تعالى فكان أمينا أن يكون مظهرا لكل الأسماء والصفات وكان أمينا لكي يكون بيان صدقٍ وكان أمينا لكي يكون واقع عدلٍ مجسد على وجه الأرض فلقبان عرف بهما النبي ص الأمانة والصدق وهي الأمانة الكبرى هي من خصائص رسول الله ص وكل من كان بها فهو بقدر لكن من بعد ما دخل المسلمون في نفق الظلمات واستسلموا للحكام وسموا الظالمين بإسم خلفاء الرسل ووجدوا مظاهرعدل الله ومظاهر علمه ومظاهر الحق طراً في وجوه بني العباس وفي وجوه بني أمية أرادت الروايات أن تلفت أنظار المؤمنين حقاً أن صدقا وأمانة قد دثرت فها هي اليوم مرة ثانية عند صراع الباطل على الدنيا راحت لتتجسد وتأتي مرة ثانية حينما وقع الصراع بين بني العباس وبني أمية على الدنيا بإسم الدين فهاهو الصادق الذي جاء ليعيد واقعاً قد إندرس و بقي قالباً خدع المسلم به نفسه، فالمسلم الذي وصل أمره أن يسمي مظاهر الجبابرة والفراعنة ومظاهر الدجالين ومظاهر المرائين ومظاهر الظلمات بأوصياء الرسل ويقول قد أمر الله بطاعتهم هذا المسلم لم تبق له باقية، فإذن مسألة الصدق هاهنا هي في واقع أمر كانت ولا يكون اللقب هاهنا الذي يأتي من إمام أو يأتي من الله تعالى لأولياءه إلا واقع قدر كوني لكن وراء ذلك إشتهار أيضا بواقع الأمر فالإمام الصادق عليه السلام سمي بالصادق أي أنه صدق بإعادة دين محمد ص بعد الإندراس نفاقا.
في بعض الأحيان تندرس الأمور، لم تندرس بأطرها الظاهرة وبمعالمها الظاهرة بل تندرس ببواطنها، هكذا تندرس حقائق الأديان على أيدي المنافقين، فإذن الصادق ع أي أنه صدق بإحياء دين جده محمد ص بعد الإندراس على أيدي طواغيت المسلمين هذا من جملة ما وُصف به الإمام الصادق ع حتى كاد أن يكون المذهب الشيعي مسمّى بالمذهب الجعفري فهو الذي كان سبباً لإحياءه مرة ثانية حينما تصارع المتصارعون على الدنيا فإذن نحن في هذا الخضم العظيم وما نريد الكلام عنه وهو الإمام الصادق ع الذي يحتاج في بيان سيرته إلى عشرات المحاضرات بلا شك ولا ريب ،نحن بدأنا بسيرة الرسول ص وأخذنا جانبا منه وإن بقي في الحياة سنعود إليها وأخذنا وتكلمنا عن سيرة الإمام الحسين ع ونحن في بداياتها وقد تجاوزنا العشرات وكذلك نحن لو أردنا أن نبحث عن سيرة الإمام الصادق ع وما قدّم للإنسانية لكنها هي محاضرات قليلة هاهنا وإذا وصلنا إلى الإمام الصادق بعد الحسين عليه السلام وبعد بقية الأئمة سنتكلم هاهنا إن كنا أحياء و وفقنا الله تعالى لذلك.
فإذن هنا نكتة مهمة وهي أن الألقاب يجب أن نلتفت إليها بدلاً من أن نتأمل في أمور قد لا تكون دخيلة في واقع كوننا الإنساني متى ولد ومتى توفي وكم تزوج وما هي أسماء زوجاته وحين وفاته كنّ جميعا على ذمته أو ما كنّ هذا لا يدخل في أمر يعود إليّ لكي أبني نفسي بناء إنسانياً.
والإمام الصادق عليه السلام بإتفاق الجميع يعتبر إمام الأئمة بلا شك ولا ريب ولا ينازع في ذلك إلا جاهل من أبناء العامة، لماذا؟ لأن بعد وفاة الرسول ص بقي أبناء العامة بلا إمامة يرجعون إليها وهذا لا ندعيه نحن ولذا إمامتهم بدأت من زمان أبي حنيفة بعد قرنين من الزمن، فبعد وفاة رسول الله ص إلتجأ الشيعة إلى إمام الأئمة علي ع فما ضاعوا و الذي بقي لا يدري ماذا يفعل ومن يصدق من أتباع الحكام أو غيرهم هم أبناء العامة .
بنو أمية إندفعوا إندفاعة شديدة قبلية عربية في مقابل الأعاجم واشتغلوا بأمور كثيرة ولعل الإستهتار الذي كان في بعض بني أمية وصل إلى مرحلة عدم المبالاة بالدين حتى راح بعضهم ليجعل القرآن المجيد غرضاً له ويرميه ويتجاوز في طغيانه، ويقول أنا الذي أفعل كذا وقل لربك يوم الحساب ومنهم يزيد بن معاوية وغيرهم.
فلما وجد بنو العباس على أن الأمر في هذه الفترة وصل إلى مرحلة أن الإمام الصادق ع كاد أن يكون إماما لجميع المسلمين وخافوا من ذلك خوفاً شديدا فراحوا ليصنعوا أئمة حتى يقابلوا الإمام الصادق ع ولذا ورد في بعض الأحاديث إذا وردت عليكم الأخبار المعارضة فأنظروا أي الخبرين يخالف العامة، لماذا يخالف العامة؟ لأنهم جعلوا مقالة الإمام الصادق ع محط أنظارهم وراح فقهاءهم من أجل إرضاء الحكام أن يتبعوا الإمام الصادق ع في كل موطن ليقولوا بما يخالفه حتى يكون مذهبا ودينا بما يخالفه وإن أيدوه صاروا تبعاً وهذا ما صنعه بنو العباس وصار مسلكا ومذهبا بعد ذلك ونحن قلنا لا نريد أن نتعمق في مثل هذه الأمور لأنا نريد كنبذ نذكرها من حياة الإمام الصادق ع وقد كان الإمام الصادق ع يعيش في فترة زمنية هي الطيبة وغير الطيبة، في فترة الصراع وما وصل إليه المسلمون في تكالبهم على الدنيا والصراع بين بني أمية و بني العباس جعل الأمة تعيش في نفق الظلمات، جعل الأمة تعيش في واقع المذلة والمهانة، جعل الأمة ضائعة لكن هذه كانت فرصة لكي يتمكن بعض علماء الأمة بعض الأحرار أن يعبروا عن آرائهم ولذا استغل الإمام الصادق والإمام الباقر من قبله عليهما السلام هذه الفترة الزمنية لبيان معالم التوحيد، لبيان شرع الله سبحانه وتعالى وراح الإمام الصادق ع ليتجاوز الحجاز والمدينة المنورة إلى العراق ليبني فيها أسساً بقيت آثارها ليومنا هذا فبقيت آثارها مع كل مطارق بني أمية وكل مطارق بني العباس ومن جاء من بعدهم من يحمل الأحقاد على التشيع كالعثمانيين بقيت مع كل مطارقهم راية حب آل البيت والتشيع قائمة في العراق إلى يومنا هذا، وقد كتب المؤرخون وكادوا جميعا أن يتفقوا بأن الإمام الصادق ع لم ينقل عنه أنه تعرض في كل حياته يوما من الأيام للرئاسة والزعامة والحكم بل كان يحاول بشتى الطرق أن يُفهم الحكام من بني أمية وبني العباس على أنه بعيد عن ما يتصارعون عليه ويتكالبون عليه من حطام الدنيا، هاهنا مثل هذه الأمور أوقعت البعض في أخطاء فظن أن مثل هذا يدلل على أن الأئمة عليهم السلام كانوا بعيدين عن ما يرتبط بالمجتمع، نعم كانوا بعيدين عن الزعامة والرئاسة لا بعيدين عن واقع حياة المجتمع ،فمن ظن أن مسلك الأئمة وسيرهم كان عزلة وكان صمتا وكان عدم عيش مع واقع المجتمع بمشاهدة مأساته وواقع بلاءه كان خاطئا ومن عاش من العلماء في زماننا هذا وقبل ذلك عزلة تركت الأمة تعيش جهلها وتركت الأمة تعيش مأساتها، عاش الكثير من العلماء عزلة عن كل واقع الأمة علماً وعدلا ، فضاعت الأمة بهذا الفهم الخاطئ أو بهذا الواقع الذي يدفع من البواطن إلى التخلي عن المسؤوليات فلذا نقول إن هناك منهجا واحدا منذ بعث الله آدم عليه السلام وإلى قيام الساعة، وكذلك سنن الله في عباده وخلقه واحدة لا تتغير فلا يمكن أن يتعقل إنسان عاش بعض التوحيد حياتا أن يتصور أن هناك منهجا لرسول الله ص يختلف عن الصادق ع أو أن هناك منهجا للحسن عليه السلام وهو منهج السلام والصلح وأن هناك منهجا آخر للحسين ع وهو منهج الثورة ضد الطواغيت ليست هناك من مناهج، منهج الكل هو ما رسمه الله لهؤلاء العظماء منذ خلق آدم ع ، ما هو المنهج؟ المنهج هو أن على كل مؤمن نبيا كان، وصي نبي كان، رجلاً كان، إمرأة كان، على كل مؤمن ومؤمنة على طول التأريخ أن يكون مشعل نور من أجل إخراج الآخرين من الظلمات هذا أولاً، ثانيا: أن يعيش حياة الأمة ليعرف أين البلية وكيف تعالج وأن يكون سببا ووسيلة للدعوة إلى العدل فلا كرامة إلا بالعدل، هذه هي الحقيقة لا أن يكون رجل الدين يعيش التدبير والتنظيم من أجل أن يقبض أزمة الأمور، ها هنا أخطاءنا، أزمة الأمور حق الناس، حق الأمة، حق البشرية، كيف تريد أن يكون الحكم ولا إكراه في الدين فالله سبحانه وتعالى أراد من المؤمنين والمؤمنات أن يبينوا سبل النور في مقابل الظلمة لتختار البشر لا أن تحمّل البشر لواء الحق، فلو كان المراد أن يحمّل البشر ولو بالسيف كما فعل من جاء بعد الرسل وبالأخص من جاء بعد محمد ص فأعطوا عنوان الإسلام عنوان سيف ودم، لو كان الله يريد ذلك لحققه بأنبياءه المعصومين ولم يترك الأمر ليتحقق بزيد وعمرو وخالد بن الوليد، ولو أراد ذلك فهو أقدر القادرين ولو يجعل ملكا ليصيح بين السماء والأرض لإستسلمت البشرية كلها طرا ولو أنه يوما من الأيام أو بين فترة وأخرى يجعل النيران تشاهد ويجعل الجنان تشاهد لإستسلم الناس للمحسوس وهو أراد منهم أن يستسلموا لعقولهم بعد الجهاد الأكبر زكاة للنفس وسيرا وسلوكا وطلبا للعلم.
فإذن نقول علينا أن لا نمزج ونخلط في الأمور ونتصور جهلاً أن هناك سننا ومناهج تختلف كما ظنها الكثير بين حسن وحسين عليهما السلام، الحسين ع يقول إنما الحياة جهاد مثلاً والإمام الحسن ع يقول إنما الحياة صلح! مثل هذه لا يقول بها قائل فإذن ما المراد؟
أرجو التوجه إلى أمر حتى به تحل عقد الأمور، كل ظالم وكل حاكم وكل طاغوت على وجه الأرض مطلقا شرقها وغربها يريد الناس بعيدين عن حقائق الأمور ولذا نحن نجد حتى في الغرب الذي يدعي ما يدعي بالمائة ثمانين من مجتمعات الغرب يعيشون بعيدين وغافلين عن حقائق الأمور ومجاريها، هي تدور بين أحزاب وهي تدور بين رجالات معينة وتنظيمات معينة والمجتمع لو سألناه عن بديهيات الأمور وعقلياتها وواضحاتها بما تسمى سياسة أو عقل، لوجدناه لا يدري بأي شيء منها ولو في الدول التي تدعي ما تدعي من المعلومات هذه هي مناهج كل حاكم يريد الأمة أن تعيش بمعزل عن واقع أمر حتى يكون صراعا بين شخصين أو صراعا بالسيف كما هو بين المسلمين، البشر حكامها وغير حكامها وعلماءها أيضا يريدون إلا ما ندر، إلا من كان قد خلص لرب العالمين، حتى العلماء سنة ، شيعة، يهود، نصارى، صابئة وأي أحد يدعي إرتباطا وإنتسابا إلى رسل الله الكرام ماذا يريد؟ يريد حياةً دينية تجلب له تقبيل يد، لا تجلب له ضرباً بالسيف والأعناق، يريد حياة بكل إحترام وتقدير إن دخل قيل هذا هو الرجل العظيم وهلل وكبر وصلى له الناس، يريد حياة لا مسؤولية فيها إلا بمقدار وقدر وهكذا هي رجالات اكثر الأديان ولا أعمم ففي كل الأديان هناك رجال لا أتردد في واقع إرتباطهم بربهم وصدقهم وواقع ضميرهم الحي أنا لا أريد أن أعمم لكن أقول إن ضياع الأمة إجتمعت عليه الأيادي والغايات، حاكم يريد أن يقول فيطاع وعالم يريد أن يوجه للتخلص من المسؤولية ويصدّق ولذا أغلب المراكز الدينية ليس فيها قاعدتين أساسيتين هما القاعدتان لكل الأديان: الحق في مقابل الباطل والحق نور في مقابل الظلمات ولا يرضى به حاكم أبدا والعالم يعلم أنه إن تحرك تحركا حقيقيا بأن جعل القرآن وسيلة لإحياء المجتمع وجعل السنة الحقيقية وسيلة لإحياء المجتمع وجعل الدعوة إلى سيرة الأنبياء وسيلة لإحياء المجتمع فإن مثل هذا لا يرضي الحكام ويحمله ما لا يحمله من الأمور، فلذا نقول إن صراع الحق والباطل سواء على صعيد المعارف علما لإخراج الناس من الظلمات إلى النور أو الدعوة لإقامة العدل بطبيعة الحال يدفع هذا إلى صراع رجالات الحق والباطل، نور وظلمة وبطبيعة الحال من عاش النور ودعا إليه ومن عاش الظلمة ومن دعا إليها شاء أو أبى لابد وأن يتصارع لابد وأن يقع بينهما ما يقع وهذا ما دفع بالرسل الكرام أن يقابلوا الطواغيت وهذا ما دفع بأوصياء الرسل دائما أن يكونوا وجها لوجه مع الطواغيت وهذا ما دفع بالعظماء من الخلق كأبي ذر وغيره ومن كانوا ويكونون على وجه الأرض إلى قيام الساعة، ما الذي يدفع إلى المقابلة؟ الحق والباطل لا يتصالحان، الحق والباطل سيف قائم بينهما صراع قائم بينهما لا يمكن يوماً من الأيام أن نتصور مهادنة وصلحاً وأي شيء بين الحق والباطل فكيف يجمع الوجود والنور مع الظلمة والعدم لا يجتمعان.
إن الإمام الصادق عليه السلام حقاً ما يقول التأريخ من المستحيل أنه يوما من الأيام خطط وحزّب ودبر بليل لكي يلزم أزمة الأمور، أزمة الأمور حق للأمة إن شاءت أن تعيش حياتها وكرامتها أما ما هو وظيفة الأنبياء وما هو وظيفة الأئمة وما هو وظيفة العلماء والمؤمنين والمؤمنات إلى قيام الساعة أن يبينوا الحق بكل أبعاده علما وعملا كتابا وسنة وسيرة للأنبياء والمعصومين، هذا البيان مع الروح الثانية وهي روح الدجل والنفاق لا يجتمعان فلابد وأن يتصارعا فما سار عليه الإمام الصادق ع أصاب القوم مقالة وأخطئوا في أخرى، أصابوا حينما قالوا ما وجد له التأريخ يوماً من الأيام أنه دبر بليل وحزّب لقبض أزمة الأمور وهم صادقون وكذلك كان رسول الله ص، رسول الله ص ما جاء ليطلب الناس بدنيا جاء ليقول الحق لكن الحق مع الباطل لا يجتمعان فقامت عليه الدنيا، فلما كان الحق مطلقا قامت عليه الدنيا مطلقا، قامت عليه فارس وقام عليه الرومان وقام عليه مشركوا العرب وقام عليه من ينتسب إلى اليهودية والنصرانية ثم قام عليه المنافقون من الداخل، الدنيا قامت على محمد ص وما حرم أحدا مأكلا ولا مشربا لكنه الحق والحق مع الباطل لا يجتمعان فإذن نعود ونقول إن السيرة التي قام بها الإمام الصادق ع هي سيرة رسول الله ص وسيرة جميع الأنبياء والمرسلين هي الدعوة إلى الحق بنوره والنور مع الظلمة لا يجتمعان فصراعهما قائم إلى يوم الساعة وسنتم ذلك إن شاء الله والحمد لله رب العالمين.
الحديث عن الإمام الصادق ع سادس أئمة أهل البيت عليهم السلام وهو كما تعلمون جعفر بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي عليه السلام بن علي بن أبيطالب، وقد قلنا في كثير من المحاضرات المتعلقة بالرسول ص وأهل بيته الكرام بأنا لا نريد أن نركز على أمر كولادة متى كانت ووفاة متى حدثت أو شهادة وكم تزوج وكم له من البنين ذكورا وإناثا وما هي إسم زوجاته وما شاكل هذه الأمور كما وأنا حاولنا أن نكون بقدر ما بعيدين عن بعض الأمور التي يركز عليها الكثير من الأفاضل والأعلام وهي الأمور المرتبطة بالفضائل والكرامات والمعاجز لا للإستهانة بها بل لأنا نريد أن نحصل على ما يكون سببا ودخيلاً في واقع بناءنا الإنساني، نحن نريد أن نرى النبي الأكرم ص كيف كانت سيرته فبسيرته نعيش الكرامة ونعيش المنهج السوي وكذلك بسيرة أهل بيته عليهم السلام نتمكن أن نشهد كيف تكون الحياة إباء، كرما، علما، سيرا وسلوكا، كيف تكون الحياة أمرا بمعروف ونهيا عن منكر، كيف تكون الحياة صدقاً، كيف تكون الحياة جهادا في سبيل الله ومقاومة ضد الظلم والظالمين وكيف تكون الحياة دعوة للعدل، وهكذا إذا وقفنا عند آية مفسرة أو رواية مفسرة من النبي الأكرم أو أهل بيته الكرام وكنا واقعاً نريد أن نفهم لا لغايات أنفسنا دنياً بل لكي نعيش السعادة والفهم والسير والسلوك إلى ربنا رحنا لنتأمل في كل كلمة كلمة ترد منهم عليهم السلام، ولذا أقول وقلت ذلك كراراً إنا حينما نتعرض ونريد أن نتكلم عن هؤلاء العظماء نريد أن نستفيد منهجا للحياة علما وعملا وقد عُرف الإمام عليه السلام بلقب مشهور بين الناس جميعا خاصة كشيعة وعامة كأبناء السنة والجماعة بأنه ملقب بالصادق ولكل نبي أو إمام لقب أو كنية تكون له يكون مشهورا بها بين الناس، نحن مما لا نتردد فيه على أن هؤلاء العظماء ومن تقدمهم من الأنبياء الكرام جميعاً هم مظاهر العقل، هم مظاهر عدل الله هم مظاهر كل خير في مقابل كل شر وهذا مما لا نتردد فيه لكن هناك القاب معينة قد يشتهر بها الشخص قد تكون معروفة لدى الجميع فحينما يقول المسلم مثلاً الصادق الأمين ينتقل ذهنه إلى رسول الله ص وإلا فموسى صادق أمين عليه السلام وإبراهيم صادق أمين وكل الأنبياء من الصادقين الأمناء وهكذا كل الأئمة من علي ع حتى المهدي عج كلهم موصوفون بهذه الصفات، لكن تجلي صفة ولقب يحكي واقعاً قد إشتهر به ذلك الشخص لأنه كان بذلك المجال يراد منه أن يقوم بأمر ففي فترة يراد شيء وفي فترة يراد شيء آخر، فرسول الله ص الذي اشتهر بالصادق الأمين حتى عند أعداءه لو لا المخالفات والصراع بعد ذلك، فقد اشتهر بالأمانة لأنه حمل أمانة السماوات والأرض التي عرضت على الكائنات طراً فكان أهلاً لتلك الأمانة العظمى التي هي أمانة مظاهر أسماء الله تعالى فكان أمينا أن يكون مظهرا لكل الأسماء والصفات وكان أمينا لكي يكون بيان صدقٍ وكان أمينا لكي يكون واقع عدلٍ مجسد على وجه الأرض فلقبان عرف بهما النبي ص الأمانة والصدق وهي الأمانة الكبرى هي من خصائص رسول الله ص وكل من كان بها فهو بقدر لكن من بعد ما دخل المسلمون في نفق الظلمات واستسلموا للحكام وسموا الظالمين بإسم خلفاء الرسل ووجدوا مظاهرعدل الله ومظاهر علمه ومظاهر الحق طراً في وجوه بني العباس وفي وجوه بني أمية أرادت الروايات أن تلفت أنظار المؤمنين حقاً أن صدقا وأمانة قد دثرت فها هي اليوم مرة ثانية عند صراع الباطل على الدنيا راحت لتتجسد وتأتي مرة ثانية حينما وقع الصراع بين بني العباس وبني أمية على الدنيا بإسم الدين فهاهو الصادق الذي جاء ليعيد واقعاً قد إندرس و بقي قالباً خدع المسلم به نفسه، فالمسلم الذي وصل أمره أن يسمي مظاهر الجبابرة والفراعنة ومظاهر الدجالين ومظاهر المرائين ومظاهر الظلمات بأوصياء الرسل ويقول قد أمر الله بطاعتهم هذا المسلم لم تبق له باقية، فإذن مسألة الصدق هاهنا هي في واقع أمر كانت ولا يكون اللقب هاهنا الذي يأتي من إمام أو يأتي من الله تعالى لأولياءه إلا واقع قدر كوني لكن وراء ذلك إشتهار أيضا بواقع الأمر فالإمام الصادق عليه السلام سمي بالصادق أي أنه صدق بإعادة دين محمد ص بعد الإندراس نفاقا.
في بعض الأحيان تندرس الأمور، لم تندرس بأطرها الظاهرة وبمعالمها الظاهرة بل تندرس ببواطنها، هكذا تندرس حقائق الأديان على أيدي المنافقين، فإذن الصادق ع أي أنه صدق بإحياء دين جده محمد ص بعد الإندراس على أيدي طواغيت المسلمين هذا من جملة ما وُصف به الإمام الصادق ع حتى كاد أن يكون المذهب الشيعي مسمّى بالمذهب الجعفري فهو الذي كان سبباً لإحياءه مرة ثانية حينما تصارع المتصارعون على الدنيا فإذن نحن في هذا الخضم العظيم وما نريد الكلام عنه وهو الإمام الصادق ع الذي يحتاج في بيان سيرته إلى عشرات المحاضرات بلا شك ولا ريب ،نحن بدأنا بسيرة الرسول ص وأخذنا جانبا منه وإن بقي في الحياة سنعود إليها وأخذنا وتكلمنا عن سيرة الإمام الحسين ع ونحن في بداياتها وقد تجاوزنا العشرات وكذلك نحن لو أردنا أن نبحث عن سيرة الإمام الصادق ع وما قدّم للإنسانية لكنها هي محاضرات قليلة هاهنا وإذا وصلنا إلى الإمام الصادق بعد الحسين عليه السلام وبعد بقية الأئمة سنتكلم هاهنا إن كنا أحياء و وفقنا الله تعالى لذلك.
فإذن هنا نكتة مهمة وهي أن الألقاب يجب أن نلتفت إليها بدلاً من أن نتأمل في أمور قد لا تكون دخيلة في واقع كوننا الإنساني متى ولد ومتى توفي وكم تزوج وما هي أسماء زوجاته وحين وفاته كنّ جميعا على ذمته أو ما كنّ هذا لا يدخل في أمر يعود إليّ لكي أبني نفسي بناء إنسانياً.
والإمام الصادق عليه السلام بإتفاق الجميع يعتبر إمام الأئمة بلا شك ولا ريب ولا ينازع في ذلك إلا جاهل من أبناء العامة، لماذا؟ لأن بعد وفاة الرسول ص بقي أبناء العامة بلا إمامة يرجعون إليها وهذا لا ندعيه نحن ولذا إمامتهم بدأت من زمان أبي حنيفة بعد قرنين من الزمن، فبعد وفاة رسول الله ص إلتجأ الشيعة إلى إمام الأئمة علي ع فما ضاعوا و الذي بقي لا يدري ماذا يفعل ومن يصدق من أتباع الحكام أو غيرهم هم أبناء العامة .
بنو أمية إندفعوا إندفاعة شديدة قبلية عربية في مقابل الأعاجم واشتغلوا بأمور كثيرة ولعل الإستهتار الذي كان في بعض بني أمية وصل إلى مرحلة عدم المبالاة بالدين حتى راح بعضهم ليجعل القرآن المجيد غرضاً له ويرميه ويتجاوز في طغيانه، ويقول أنا الذي أفعل كذا وقل لربك يوم الحساب ومنهم يزيد بن معاوية وغيرهم.
فلما وجد بنو العباس على أن الأمر في هذه الفترة وصل إلى مرحلة أن الإمام الصادق ع كاد أن يكون إماما لجميع المسلمين وخافوا من ذلك خوفاً شديدا فراحوا ليصنعوا أئمة حتى يقابلوا الإمام الصادق ع ولذا ورد في بعض الأحاديث إذا وردت عليكم الأخبار المعارضة فأنظروا أي الخبرين يخالف العامة، لماذا يخالف العامة؟ لأنهم جعلوا مقالة الإمام الصادق ع محط أنظارهم وراح فقهاءهم من أجل إرضاء الحكام أن يتبعوا الإمام الصادق ع في كل موطن ليقولوا بما يخالفه حتى يكون مذهبا ودينا بما يخالفه وإن أيدوه صاروا تبعاً وهذا ما صنعه بنو العباس وصار مسلكا ومذهبا بعد ذلك ونحن قلنا لا نريد أن نتعمق في مثل هذه الأمور لأنا نريد كنبذ نذكرها من حياة الإمام الصادق ع وقد كان الإمام الصادق ع يعيش في فترة زمنية هي الطيبة وغير الطيبة، في فترة الصراع وما وصل إليه المسلمون في تكالبهم على الدنيا والصراع بين بني أمية و بني العباس جعل الأمة تعيش في نفق الظلمات، جعل الأمة تعيش في واقع المذلة والمهانة، جعل الأمة ضائعة لكن هذه كانت فرصة لكي يتمكن بعض علماء الأمة بعض الأحرار أن يعبروا عن آرائهم ولذا استغل الإمام الصادق والإمام الباقر من قبله عليهما السلام هذه الفترة الزمنية لبيان معالم التوحيد، لبيان شرع الله سبحانه وتعالى وراح الإمام الصادق ع ليتجاوز الحجاز والمدينة المنورة إلى العراق ليبني فيها أسساً بقيت آثارها ليومنا هذا فبقيت آثارها مع كل مطارق بني أمية وكل مطارق بني العباس ومن جاء من بعدهم من يحمل الأحقاد على التشيع كالعثمانيين بقيت مع كل مطارقهم راية حب آل البيت والتشيع قائمة في العراق إلى يومنا هذا، وقد كتب المؤرخون وكادوا جميعا أن يتفقوا بأن الإمام الصادق ع لم ينقل عنه أنه تعرض في كل حياته يوما من الأيام للرئاسة والزعامة والحكم بل كان يحاول بشتى الطرق أن يُفهم الحكام من بني أمية وبني العباس على أنه بعيد عن ما يتصارعون عليه ويتكالبون عليه من حطام الدنيا، هاهنا مثل هذه الأمور أوقعت البعض في أخطاء فظن أن مثل هذا يدلل على أن الأئمة عليهم السلام كانوا بعيدين عن ما يرتبط بالمجتمع، نعم كانوا بعيدين عن الزعامة والرئاسة لا بعيدين عن واقع حياة المجتمع ،فمن ظن أن مسلك الأئمة وسيرهم كان عزلة وكان صمتا وكان عدم عيش مع واقع المجتمع بمشاهدة مأساته وواقع بلاءه كان خاطئا ومن عاش من العلماء في زماننا هذا وقبل ذلك عزلة تركت الأمة تعيش جهلها وتركت الأمة تعيش مأساتها، عاش الكثير من العلماء عزلة عن كل واقع الأمة علماً وعدلا ، فضاعت الأمة بهذا الفهم الخاطئ أو بهذا الواقع الذي يدفع من البواطن إلى التخلي عن المسؤوليات فلذا نقول إن هناك منهجا واحدا منذ بعث الله آدم عليه السلام وإلى قيام الساعة، وكذلك سنن الله في عباده وخلقه واحدة لا تتغير فلا يمكن أن يتعقل إنسان عاش بعض التوحيد حياتا أن يتصور أن هناك منهجا لرسول الله ص يختلف عن الصادق ع أو أن هناك منهجا للحسن عليه السلام وهو منهج السلام والصلح وأن هناك منهجا آخر للحسين ع وهو منهج الثورة ضد الطواغيت ليست هناك من مناهج، منهج الكل هو ما رسمه الله لهؤلاء العظماء منذ خلق آدم ع ، ما هو المنهج؟ المنهج هو أن على كل مؤمن نبيا كان، وصي نبي كان، رجلاً كان، إمرأة كان، على كل مؤمن ومؤمنة على طول التأريخ أن يكون مشعل نور من أجل إخراج الآخرين من الظلمات هذا أولاً، ثانيا: أن يعيش حياة الأمة ليعرف أين البلية وكيف تعالج وأن يكون سببا ووسيلة للدعوة إلى العدل فلا كرامة إلا بالعدل، هذه هي الحقيقة لا أن يكون رجل الدين يعيش التدبير والتنظيم من أجل أن يقبض أزمة الأمور، ها هنا أخطاءنا، أزمة الأمور حق الناس، حق الأمة، حق البشرية، كيف تريد أن يكون الحكم ولا إكراه في الدين فالله سبحانه وتعالى أراد من المؤمنين والمؤمنات أن يبينوا سبل النور في مقابل الظلمة لتختار البشر لا أن تحمّل البشر لواء الحق، فلو كان المراد أن يحمّل البشر ولو بالسيف كما فعل من جاء بعد الرسل وبالأخص من جاء بعد محمد ص فأعطوا عنوان الإسلام عنوان سيف ودم، لو كان الله يريد ذلك لحققه بأنبياءه المعصومين ولم يترك الأمر ليتحقق بزيد وعمرو وخالد بن الوليد، ولو أراد ذلك فهو أقدر القادرين ولو يجعل ملكا ليصيح بين السماء والأرض لإستسلمت البشرية كلها طرا ولو أنه يوما من الأيام أو بين فترة وأخرى يجعل النيران تشاهد ويجعل الجنان تشاهد لإستسلم الناس للمحسوس وهو أراد منهم أن يستسلموا لعقولهم بعد الجهاد الأكبر زكاة للنفس وسيرا وسلوكا وطلبا للعلم.
فإذن نقول علينا أن لا نمزج ونخلط في الأمور ونتصور جهلاً أن هناك سننا ومناهج تختلف كما ظنها الكثير بين حسن وحسين عليهما السلام، الحسين ع يقول إنما الحياة جهاد مثلاً والإمام الحسن ع يقول إنما الحياة صلح! مثل هذه لا يقول بها قائل فإذن ما المراد؟
أرجو التوجه إلى أمر حتى به تحل عقد الأمور، كل ظالم وكل حاكم وكل طاغوت على وجه الأرض مطلقا شرقها وغربها يريد الناس بعيدين عن حقائق الأمور ولذا نحن نجد حتى في الغرب الذي يدعي ما يدعي بالمائة ثمانين من مجتمعات الغرب يعيشون بعيدين وغافلين عن حقائق الأمور ومجاريها، هي تدور بين أحزاب وهي تدور بين رجالات معينة وتنظيمات معينة والمجتمع لو سألناه عن بديهيات الأمور وعقلياتها وواضحاتها بما تسمى سياسة أو عقل، لوجدناه لا يدري بأي شيء منها ولو في الدول التي تدعي ما تدعي من المعلومات هذه هي مناهج كل حاكم يريد الأمة أن تعيش بمعزل عن واقع أمر حتى يكون صراعا بين شخصين أو صراعا بالسيف كما هو بين المسلمين، البشر حكامها وغير حكامها وعلماءها أيضا يريدون إلا ما ندر، إلا من كان قد خلص لرب العالمين، حتى العلماء سنة ، شيعة، يهود، نصارى، صابئة وأي أحد يدعي إرتباطا وإنتسابا إلى رسل الله الكرام ماذا يريد؟ يريد حياةً دينية تجلب له تقبيل يد، لا تجلب له ضرباً بالسيف والأعناق، يريد حياة بكل إحترام وتقدير إن دخل قيل هذا هو الرجل العظيم وهلل وكبر وصلى له الناس، يريد حياة لا مسؤولية فيها إلا بمقدار وقدر وهكذا هي رجالات اكثر الأديان ولا أعمم ففي كل الأديان هناك رجال لا أتردد في واقع إرتباطهم بربهم وصدقهم وواقع ضميرهم الحي أنا لا أريد أن أعمم لكن أقول إن ضياع الأمة إجتمعت عليه الأيادي والغايات، حاكم يريد أن يقول فيطاع وعالم يريد أن يوجه للتخلص من المسؤولية ويصدّق ولذا أغلب المراكز الدينية ليس فيها قاعدتين أساسيتين هما القاعدتان لكل الأديان: الحق في مقابل الباطل والحق نور في مقابل الظلمات ولا يرضى به حاكم أبدا والعالم يعلم أنه إن تحرك تحركا حقيقيا بأن جعل القرآن وسيلة لإحياء المجتمع وجعل السنة الحقيقية وسيلة لإحياء المجتمع وجعل الدعوة إلى سيرة الأنبياء وسيلة لإحياء المجتمع فإن مثل هذا لا يرضي الحكام ويحمله ما لا يحمله من الأمور، فلذا نقول إن صراع الحق والباطل سواء على صعيد المعارف علما لإخراج الناس من الظلمات إلى النور أو الدعوة لإقامة العدل بطبيعة الحال يدفع هذا إلى صراع رجالات الحق والباطل، نور وظلمة وبطبيعة الحال من عاش النور ودعا إليه ومن عاش الظلمة ومن دعا إليها شاء أو أبى لابد وأن يتصارع لابد وأن يقع بينهما ما يقع وهذا ما دفع بالرسل الكرام أن يقابلوا الطواغيت وهذا ما دفع بأوصياء الرسل دائما أن يكونوا وجها لوجه مع الطواغيت وهذا ما دفع بالعظماء من الخلق كأبي ذر وغيره ومن كانوا ويكونون على وجه الأرض إلى قيام الساعة، ما الذي يدفع إلى المقابلة؟ الحق والباطل لا يتصالحان، الحق والباطل سيف قائم بينهما صراع قائم بينهما لا يمكن يوماً من الأيام أن نتصور مهادنة وصلحاً وأي شيء بين الحق والباطل فكيف يجمع الوجود والنور مع الظلمة والعدم لا يجتمعان.
إن الإمام الصادق عليه السلام حقاً ما يقول التأريخ من المستحيل أنه يوما من الأيام خطط وحزّب ودبر بليل لكي يلزم أزمة الأمور، أزمة الأمور حق للأمة إن شاءت أن تعيش حياتها وكرامتها أما ما هو وظيفة الأنبياء وما هو وظيفة الأئمة وما هو وظيفة العلماء والمؤمنين والمؤمنات إلى قيام الساعة أن يبينوا الحق بكل أبعاده علما وعملا كتابا وسنة وسيرة للأنبياء والمعصومين، هذا البيان مع الروح الثانية وهي روح الدجل والنفاق لا يجتمعان فلابد وأن يتصارعا فما سار عليه الإمام الصادق ع أصاب القوم مقالة وأخطئوا في أخرى، أصابوا حينما قالوا ما وجد له التأريخ يوماً من الأيام أنه دبر بليل وحزّب لقبض أزمة الأمور وهم صادقون وكذلك كان رسول الله ص، رسول الله ص ما جاء ليطلب الناس بدنيا جاء ليقول الحق لكن الحق مع الباطل لا يجتمعان فقامت عليه الدنيا، فلما كان الحق مطلقا قامت عليه الدنيا مطلقا، قامت عليه فارس وقام عليه الرومان وقام عليه مشركوا العرب وقام عليه من ينتسب إلى اليهودية والنصرانية ثم قام عليه المنافقون من الداخل، الدنيا قامت على محمد ص وما حرم أحدا مأكلا ولا مشربا لكنه الحق والحق مع الباطل لا يجتمعان فإذن نعود ونقول إن السيرة التي قام بها الإمام الصادق ع هي سيرة رسول الله ص وسيرة جميع الأنبياء والمرسلين هي الدعوة إلى الحق بنوره والنور مع الظلمة لا يجتمعان فصراعهما قائم إلى يوم الساعة وسنتم ذلك إن شاء الله والحمد لله رب العالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق