قصيدة في مولد الإمام علي عليه السلام
نظمها سماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني
--------------------------------------------------------------
يا مولد الفجر قد هبت تناغينا---لذكر مجدك أطياف وتعلينا
نبيت من طرب نصبو إلى قمم--- لولا سناءك ما كانت تدانينا
نغرد اليوم من ذكراك يا علماً--- عم البرية أنغاما براهينا
لولا ولاءك أضحت دارنا ضنكا---صفرا من الحق أوهاما عناوينا
فأنت يا كعبة الأبرار معجزة---تهدي إلى الرشد إن غامت ليالينا
في كفك المجد يا رمز العلى قدما--- وفي سناءك ما يعشي الشياطينا
إنا سنبقى على عهد الولاء وإن--- طال الزمان وبات الجور يفنينا
لم نخش يوما دعاة المكر قاطبة--- وإن توالت سهام الغدر ترمينا
إنا عجنّا بحب المرتضاء ومن--- يرقى إلى المجد لايبغي المضلينا
يا ساقيا أمما يوم الرشاد غداً--- اعطف على سفط العشاق واروينا
يا ساقيا كأس خلد لايباح به--- إلا لمغترب عاش النوى دينا
فذاق من ولهٍ طعم الصبا ألماً--- يعالج النفس بالآهات تسكينا
يخاله المرء من وجدٍ ألمّ به--- من عصبة للهوى باتوا مجانينا
قد جن من حب طود لا يقاس به--- في العالمين نبي غير هادينا
إنا علقنا بسوح الغيب منعطفا---للشمس ينشرنا طورا ويطوينا
وراح في نغم العشاق يجمعنا---وجد الصبابة عشاقا لساقينا
فكيف ينكر من لولاه ما كملت---للحق آيٌ وما كانت موازينا
يا كعبة طافت الألباب حائرة--- تسعى لتسجد في أعتابها حينا
نالت لقربٍ من الأعتاب منزلة--- صارت لمجد العلا فيها سلاطينا
فأنقذت أمما من تيه مهزلة--- حيكت لتصبح أبوابا دكاكينا
*************************************************
يا مولد الفجر قد أرست مراسينا--- في قرب من إن عفو كانوا شياطينا
عشنا نردد مجداً في ظلام دجى---وهل سيسعد من رجواه تنينا
لم ندر ماذا جرى أو بات منحدرا--- في مربع الحيّ يالله ما فينا
إنا أناس أضعنا سر منهجنا--- فبات فينا الهوى يروي أمانينا
قسنا بدينك حتى قال قائلنا--- إن لم تجد فقياس الصحب يكفينا
وراح يعبد أربابا مقدسةً--- من الرجال عديد من مضلينا
لا نعرف الحق إلا عن سماسرة---باعوا الحقيقة زهادا وباكينا
كأنما الحق لا آي تبوح به--- ولا هداة له من آل ياسينا
إن القداسة في حقٍ وفي سور---لا في مقالة وعاظٍ ومغوينا
قد بات دينك يا خير الورى غرضا---للطامعين بغاةً أو مداجينا
*******************************************
يا مولد الفجر قد دامت ليالينا--- وجف دمع تجارى من مآقينا
بتنا نحدث عن مجد نصول به--- في مربع الوهم أبطالا ميامينا
في كل يوم لنا من دهرنا خطر--- يصارع النفس من حينٍ إلى حينا
نخادع النفس فيما كان منقصة---بأنه قد توالى من أعادينا
مشتتين كأن الجهل مسلكنا--- والنقد مطعمنا والتيه يروينا
أزرى بنا الدهر أم ضاعت لنا قيم---بكف طاغية قد بات يهدينا
فراح طيش الهوى والبغي يحكمنا---ونحن في دارنا بتنا مساكينا
**********************************************
يا مولد الفجر قد طاشت مرامينا--- وبات يحكم فينا من
يعادينا
سالت على سفح الأعتاب أنفسنا---من بعد ما هجرت ما كان يؤوينا
مثل الجراد إذا ما طار طائرنا--- يحطّ بالصين طوراً أو بصفينا
لم ندر ماذا يحاك اليوم من شرر--- ندنوا إليه لجهلٍ أو يدانينا
عودي أيا أمة الهادي إلى رشد--- قد ضاع في وجه جهالٍ مصلينا
أو ضيعته أناشيد لمرتزق---في أعين الناس أسفارا براهينا
واستخلصي الدين من أيدٍ تعوث به--- ترعى المصالح لا ترعى
الموازينا
قد فسرت لهوى ما كان من حكم--- تبغي الضلالة في حالٍ وماضينا
أضحت على مهج الأوطان تخلفنا---كواسرٌ للردى تهدي القرابينا
هم للأباعد رقٌ في مساكنهم--- وعند أهليهمُ باتوا سراحينا
إني تركت ديارا أصبحت وطنا--- للبؤس من بعد ما كانت تحيينا
تركت فيها الأيامى عند مقبرة---تحن باكية فقد المحبينا
*********************************************
يا مولد الفجر قد طابت قوافينا---في مدح خائنة كذبا تغنينا
تبدي مظاهر حسن في مضاجعها--- حتى إذا ما طربنا السمّ تسقينا
وإن تحدّر فوق الخد مدمعنا---راحت تشاطرنا دمعا لتغوينا
يا دمعة قد جرت من عين ماكرة---كفي عن الغدر قد جفت مراعينا
كفي أيا دمعة التمساح من دنس--- أباد من أمة الهادي ملايينا
كفي فما بات في داري ولا وطني--- نجمٌ يؤانسني من بعد أهلينا
كم قد سحقتي بنار الحقد من عمدٍ--- كانت محافله أمناً وتسكينا
كنا إذا ما قضينا الليل في سهرٍ---أنغام ودٍ له تطفي براكينا
كنا نعيش غرام الوجد في كنفٍ---رشت مقاعده عطرا رياحينا
كفي أيا نفس من عتبٍ على زمنٍ---أعلامه صحف في كفٍ هاوينا
يسعون من أجل أن ترضى جبابرة--- نحو الدنية ركبانا وماشينا
إن قال ذو الكرم المأمول قولته--- قالوا له قلت حقاً في نوادينا
وإن صغى لحديثٍ عندهم طربا---صاغوا له من عظيم القول تلحينا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق